جذب "معرض الثقافة السعودية"، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في باريس، الزوّار الفرنسيين والأوربيين على وجه العموم من خلال أركان المعرض المتنوعة.

وتضم تجربة الزائر معرضاً فوتوغرافياً خاصاً بالمصوّر الفوتوغرافي الفرنسي تيري موجيه، يشتمل على عرضٍ لأبرز أعماله في جنوب المملكة، وكتبه المصوّرة، وجناح خاص لمخطوطات نادرة، ومستنسخات أثرية.


واشتمل المعرض على تعريفٍ بمبادرة "ترجم"، ومؤتمر الفلسفة، ومهرجان "الكُتّاب والقُراء"، وسط حضور مجموعة من الأسماء الثقافية السعودية، إلى جانب عرضٍ لعدد من الأزياء المحلية؛ لتعزيز التبادل الثقافي بين المجتمعين السعودي والفرنسي، كأحد الأهداف الإستراتيجية لوزارة الثقافة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، فضلاً عن إظهار صورة عن المملكة بوصفِها وجهةً ثقافيةً متنوعة ومبتكرة.

وتؤكّد فعاليات الأسبوع الأول على نوعية البرنامج الثقافي الذي أعدته هيئة الأدب والنشر والترجمة بالمشاركة مع هيئة التراث، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، بالإضافة إلى مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي.

وشهد الأسبوع الأول من المعرض الذي يمتد لأسبوعين متتالين، إقامة أربع ندوات حوارية، كانت أولها لهيئة الأدب والنشر والترجمة حول الرواية السعودية في المشهد الثقافي الفرنسي، والتي شارك فيها كل من أميمة الخميس، ويحيى أمقاسم، وأدارتها الدكتورة بدور الفصّام، وأخرى عن الرواية السعودية، وصورة الآخر شارك فيها الدكتور علي بن زعلة، وعزيز محمد، كما قدمت ندوة حول بناء الاقتصاد الإبداعي، ومستقبل صناعة الأزياء المحلية، أثراها الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء بوراك شاكماك، ومحمد باجبع، والمصممة نورة سليمان.

وشاركت بدورها أكاديمية الشعر بأمسيتين شعريتين لعلي الحازمي، وحليمة مظفر كتتويج للقوافل الشعرية الفرنسية، بالإضافة إلى عرض سبعة أفلام قصيرة من مسابقة ضوء لدعم الأفلام.

واختتمت الندوات الحوارية بندوة "شخصيات الرواية بين الأدب السعودي والفرنسي"، والتي شاركت فيها الدكتورة بدرية البشر، وعوّاض العصيمي، وأدارتها الدكتورة بدور الفصّام.

وسجلت الأمسيات الشعرية حضوراً مميزاً في فعاليات الأسبوع الأول لـ "معرض الثقافة السعودية" في باريس، وسط مشاركة الشاعرين ماهر الرحيلي، وعبدالله ثابت.

وحظيت الأفلام القصيرة المنتجة عبر مسابقة ضوء لدعم الأفلام عبر هيئة الأفلام بنصيبٍ تفاعلي من الحضور، ومن هذه الأفلام: "المدرسة القديمة" لعلاء فادان، والفيلم القصير "شارع 105" لعبدالرحمن الجندل، و"حوض" لريما الماجد، والفيلم القصير "شريط فيديو تبدل" لمها ساعاتي، و"سليق" لأفنان باويان، وآخر الأفلام لمريم خياط بعنوان: "وحش من السماء".

ومن الوثائقيات التي استعرضها المعرض، "وثائقي طروق السعودية"، من إنتاج هيئة الموسيقى، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، والذي يسرد الجولات الميدانية المُشتركة بين الهيئتين في صَوْن الموروث الموسيقي والأدائي بالمملكة، ولحصر الألوان التراثية الموسيقية والأدائية عبر توثيق تلك الفنون بمعايير إنتاجية عالية، من خلال مواد مرئية وصوتية متخصصة شكّلت في مجموعها التنوع الموسيقي والحركي في المناطق المُستهدفة؛ لتقديم الموروث العريق لعامة الجمهور بصورة إبداعية، وإتاحتها للباحثين والفنانين للاستفادة منها في دراساتهم وأعمالهم الموسيقية والمسرحية والأدائية الفنية عموماً.

ويشهد الأسبوع الثاني من "معرض الثقافة السعودية" إقامة 8 ندوات، وثلاث أمسيات شعرية، وعرض خمسة أفلام قصيرة إلى جانب عرض الفيلم الوثائقي "طروق"، وجلسة حوارية عن ميثاق الملك سلمان العمراني، وثلاثة عروض حول الحِرف اليدوية بوجهها الجديد، واللغة العامية للعمارة، بالإضافة إلى بناء القدرات والتقنيات في التراث، وغيرها.

وستقيم دار أسولين الفرنسية حفلاً لتدشين كتاب "مكة: مدينة الإسلام المقدسة"، وهو من تأليف المؤرخ والجغرافي في جامعة أم القرى، الدكتور معراج بن نواب مرزا، وجاءت الصور من تجميع المصور الفرنسي المشهور لعزيز هاماني. وأما الكتاب الثاني فيأتي بعنوان: "المدينة: مدينة النبي" من تأليف المؤرخ والباحث المتخصص في تاريخ المدينة المنورة الدكتور تنيضب الفايدي، والصور ملتقطة بعدسة المصور السعودي أمين قيصران.

مما يذكر أن المنظومة الثقافية تسعى من خلال هذه المشاركة، إلى إبراز ما تتميز به الثقافة السعودية بجميع مكوناتها من تفرُّدٍ وإبداع متأصلٍ في تاريخها الممتد لمئات السنين، وذلك عبر تقديم ندوات حوارية حول الأدب السعودي، وجهود الترجمة بين البلدين، والتلاقح الثقافي الموسيقي، وحفظ إرث فنون الطهي عبر الكتب المتخصصة، والتعريف بمواقع التراث العالمي في المملكة، بمشاركة عددٍ من الأدباء والروائيين السعوديين.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: معرض الثقافة السعودية الثقافة السعودیة

إقرأ أيضاً:

وداعاً نغوجي واثيونغو

وداعاً نغوجي واثيونغو

عمر الدقير

عمر الدقير

أعلنت عائلة الأديب الكيني نغوجي واثيونغو وفاته، أول أمس الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥، بعد معاناة مع مشاكل صحية في الكلى.

لم يكن نغوجي واثيونغو مجرد روائي بارع ظل اسمه يتردد خلال مواسم الترشيح لجائزة نوبل للأدب، بل كان صوتاً قوياً في بريّة الهيمنة الثقافية واللغوية، مُشهِراً قلمه سيفاً في مواجهة هذه الهيمنة، ومعتصماً بالمسرح خندقاً لمقاومتها.

هو الذي أعلن المقاومة من رحم الأدب، معتبراً اللغة ساحة المعركة الأولى للتحرر ومؤكداً أن “اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل وسيلة تفكير وتصوّر للعالم. حين نُقصَى عن لغتنا، نُقصَى عن ذواتنا”، فكان أنْ هجر الكتابة باللغة الإنجليزية وكتب بلغته الأم “الكيكويو” معتزاً بها، ومبرهناً على قدرتها على حمل الأفكار والرؤى، ومُصرّاً على أن تُترجم أعماله منها لا إليها.. كما ألّف العديد من المسرحيات وأنشأ مسرح “كمريثو” وسط القرى الكينية النائية ليشعل شموع الوعي في مناطق التهميش والنسيان، لكن ذلك لم يكن بلا ثمن؛ ففي عام ١٩٧٧ اعتُقِل على إثر مشاركته، مع عمالٍ ومزارعين من قريته، في عرض مسرحية “سأتزوج عندما أريد” التي كانت دفاعاً عن حقوق المزارعين والعمال والنساء في مواجهة السلطة والكنيسة.. وفي داخل المعتقل – حيث ينعدم الورق – استخدم لفافات مناديل الحمّام لكتابة رواية “الشيطان على الصليب” بلغة “الكيكويو”.

لم تكن قضية نغوجي محلية كينية، بل كان من أنصار الأفروعمومية (Pan-Africanism)، داعياً إلى إحياء اللغات والثقافات الإفريقية وربطها برؤية مشتركة، وموقناً بأن نهضة أفريقيا يجب أن تكون على أساس قاري جماعي.

منذ أن نشر روايته الأولى “لا تبكِ أيها الطفل”، مروراً بـ “حبة قمح” و”بتلات الدم” وكتاب “تصفية استعمار العقل” – الذي يمثل زبدة مشروعه الثقافي، والذي ترجمه للعربية الشاعر العراقي سعدي يوسف – سَخّر نغوجي قلمه لمقاومة “الاستعمار الجديد” بكل تجلياته. جسّد بأعماله العديدة والمتنوعة النسخة الأكثر نضجاً من أدب الهوية الأفريقية، متخذاً من اللغة أداةً للتحرر، ومن الأدب منصةً للكرامة.

رغم أن نغوجي لم يقتفِ آثار تيار “الزنوجة” في الأدب الفرنكفوني الذي أطلقه ليوبولد سنغور وإيمي سيزير وليون داماس في ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أن مشروعه الأدبي والثقافي تلاقى مع هذا التيار في صرخة الاعتراف بالذات والاعتزاز بالهوية الأفريقية. لكنه سرعان ما تجاوز ذلك، مؤمناً بأن التحرر لا يكتمل بمجرد الاعتزاز بالذات، بل أيضاً بلغة الذات ومعارفها وثقافتها وبيئتها، دون أن يعني ذلك الانغلاق والقطيعة مع المعارف والثقافات الإنسانية الأخرى.. لم يتحمّس نغوجي لميل تيار “الزنوجة” للرمزية، وانحاز إلى أدب شعبي ثوري مباشر يخاطب الناس بلغتهم ويحرض على التحرر.

برحيل نغوجي واثيونغو تفقد أفريقيا أحد أعظم المدافعين عن ذاتها الثقافية وحقها المشروع في التقدّم من موقع الندية لا التبعية.. سيحتضن الأسلاف ابنهم التحرري ويحتفون به؛ أما الأحياء، فقد ترك لهم إرثه المعرفي والأدبي مساهمةً منه في السعي من أجل كرامة ونهضة أفريقيا الأم.

لروحه السلام.

 

الوسومأفريقيا الأديب الكيني نغوجي واثيونغو الأفروعمومية الكيكويو اللغة الإنجليزية جائزة نوبل للأدب عمر الدقير ليوبولد سنغور ليون داماس

مقالات مشابهة

  • هيئة قصور الثقافة تقدم أجندة حافلة بالفعاليات الثقافية والفنية والأدبية هذا الأسبوع
  • “هيئة الأفلام” تفتح نوافذ جديدة للسينما السعودية من لندن عبر مهرجان sxsw clock-icon
  • الرغبة في التاريخ
  • وداعاً نغوجي واثيونغو
  • بعد انتهاء معرض الكتاب بالرباط.. جدل ثقافي وزخم فكري
  • الداخلية تنفذ 61470 حكم قضائى متنوع خلال 24 ساعة
  • «إثراء» للتوظيف يستقطب 679 باحثاً عن عمل
  • «أبوظبي العالمي» يستقطب 10 آلاف مشارك بمعرض التوظيف الافتراضي
  • جناح الإمارات في «إكسبو أوساكا» يستقبل مليون زائر
  • الشركات السعودية حضور فعال في معرض “بيلدكس 22”