صحيفة التغيير السودانية:
2025-07-31@03:12:20 GMT

وداعاً نغوجي واثيونغو

تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT

وداعاً نغوجي واثيونغو

وداعاً نغوجي واثيونغو

عمر الدقير

عمر الدقير

أعلنت عائلة الأديب الكيني نغوجي واثيونغو وفاته، أول أمس الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥، بعد معاناة مع مشاكل صحية في الكلى.

لم يكن نغوجي واثيونغو مجرد روائي بارع ظل اسمه يتردد خلال مواسم الترشيح لجائزة نوبل للأدب، بل كان صوتاً قوياً في بريّة الهيمنة الثقافية واللغوية، مُشهِراً قلمه سيفاً في مواجهة هذه الهيمنة، ومعتصماً بالمسرح خندقاً لمقاومتها.

هو الذي أعلن المقاومة من رحم الأدب، معتبراً اللغة ساحة المعركة الأولى للتحرر ومؤكداً أن “اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل وسيلة تفكير وتصوّر للعالم. حين نُقصَى عن لغتنا، نُقصَى عن ذواتنا”، فكان أنْ هجر الكتابة باللغة الإنجليزية وكتب بلغته الأم “الكيكويو” معتزاً بها، ومبرهناً على قدرتها على حمل الأفكار والرؤى، ومُصرّاً على أن تُترجم أعماله منها لا إليها.. كما ألّف العديد من المسرحيات وأنشأ مسرح “كمريثو” وسط القرى الكينية النائية ليشعل شموع الوعي في مناطق التهميش والنسيان، لكن ذلك لم يكن بلا ثمن؛ ففي عام ١٩٧٧ اعتُقِل على إثر مشاركته، مع عمالٍ ومزارعين من قريته، في عرض مسرحية “سأتزوج عندما أريد” التي كانت دفاعاً عن حقوق المزارعين والعمال والنساء في مواجهة السلطة والكنيسة.. وفي داخل المعتقل – حيث ينعدم الورق – استخدم لفافات مناديل الحمّام لكتابة رواية “الشيطان على الصليب” بلغة “الكيكويو”.

لم تكن قضية نغوجي محلية كينية، بل كان من أنصار الأفروعمومية (Pan-Africanism)، داعياً إلى إحياء اللغات والثقافات الإفريقية وربطها برؤية مشتركة، وموقناً بأن نهضة أفريقيا يجب أن تكون على أساس قاري جماعي.

منذ أن نشر روايته الأولى “لا تبكِ أيها الطفل”، مروراً بـ “حبة قمح” و”بتلات الدم” وكتاب “تصفية استعمار العقل” – الذي يمثل زبدة مشروعه الثقافي، والذي ترجمه للعربية الشاعر العراقي سعدي يوسف – سَخّر نغوجي قلمه لمقاومة “الاستعمار الجديد” بكل تجلياته. جسّد بأعماله العديدة والمتنوعة النسخة الأكثر نضجاً من أدب الهوية الأفريقية، متخذاً من اللغة أداةً للتحرر، ومن الأدب منصةً للكرامة.

رغم أن نغوجي لم يقتفِ آثار تيار “الزنوجة” في الأدب الفرنكفوني الذي أطلقه ليوبولد سنغور وإيمي سيزير وليون داماس في ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أن مشروعه الأدبي والثقافي تلاقى مع هذا التيار في صرخة الاعتراف بالذات والاعتزاز بالهوية الأفريقية. لكنه سرعان ما تجاوز ذلك، مؤمناً بأن التحرر لا يكتمل بمجرد الاعتزاز بالذات، بل أيضاً بلغة الذات ومعارفها وثقافتها وبيئتها، دون أن يعني ذلك الانغلاق والقطيعة مع المعارف والثقافات الإنسانية الأخرى.. لم يتحمّس نغوجي لميل تيار “الزنوجة” للرمزية، وانحاز إلى أدب شعبي ثوري مباشر يخاطب الناس بلغتهم ويحرض على التحرر.

برحيل نغوجي واثيونغو تفقد أفريقيا أحد أعظم المدافعين عن ذاتها الثقافية وحقها المشروع في التقدّم من موقع الندية لا التبعية.. سيحتضن الأسلاف ابنهم التحرري ويحتفون به؛ أما الأحياء، فقد ترك لهم إرثه المعرفي والأدبي مساهمةً منه في السعي من أجل كرامة ونهضة أفريقيا الأم.

لروحه السلام.

 

الوسومأفريقيا الأديب الكيني نغوجي واثيونغو الأفروعمومية الكيكويو اللغة الإنجليزية جائزة نوبل للأدب عمر الدقير ليوبولد سنغور ليون داماس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أفريقيا اللغة الإنجليزية جائزة نوبل للأدب عمر الدقير ليوبولد سنغور

إقرأ أيضاً:

الشاعر البيومي عوض رئيساً لنادي الأدب المركزي بالغربية

أعلنت الإدارة العامة لثقافة الغربية، برئاسة وائل شاهين، فوز الشاعر د.البيومي محمد عوض، رئيس نادي أدب طنطا، بمقعد رئيس نادي الأدب المركزي على مستوى المحافظة، وذلك بعد إجراء تصويت لاختيار رئيس مجلس إدارة جديد للنادي، بعد اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية.

من جانبه تقدم "عوض" الرئيس الجديد للنادي بعبارات الشكر والتقدير لأعضاء المجلس السابق على ما قدموه من فعاليات وأنشطة أدبية وفنية خلال دورتهم المنقضية، مؤكدًا حرص النادي المركزي على تقديم المستوى الثقافي اللائق فيما يتعلق بالفعاليات والمؤتمرات والأنشطة الأدبية، وبما يتفق مع السياسة العامة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وضرورة التعاون بين أندية الأدب والمواقع الثقافية، والمؤسسات التعليمية، كالجامعات، والمدارس، ومراكز الشباب المنتشرة في كافة المحافظة.

يذكر أن الشاعر البيومي محمد عوض من مواليد قرية إخناواي، التابعة لمركز ومدينة طنطا بمحافظة الغربية، وهو باحث دكتوراه بجامعة الأزهر الشريف قسم الأدب والنقد، وعضو اتحاد كتاب مصر، ورئيس نادي أدب قصر ثقافة طنطا، كما وكان له عدد من المساهمات الإعلامية من خلال تقديم باقة من البرامج التلفزيونية، وسبق له التحكيم في المسابقات الأدبية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، ووزارة الشباب والرياضة، وفاز "عوض" بالعديد من الجوائز الأدبية، أهمها: جائزة المجد السورية، وجائزة النور المحمدي العراقية، وجائزة القرشي السعودية.

وصدر للشاعر عدد من الدواوين الشعرية، منها: سواحل هاربة، أبي، الصبايا والنبي، فتى أخضر يسقي حقول البرتقال، ملكوت الورد، سيرة الياقوت، سماء خمرية، تجليات الدرويش الحافي، والسفر في حنان الله.

مقالات مشابهة

  • الدقير: نرحب بتصريحات مناوي حول التواصل مع الآخرين
  • وداعا أيها الطيب
  • «وداعا صاحب البهجة».. أشرف زكي ينعى لطفي لبيب
  • وداعا صاحب البهجة.. أشرف ذكي ينعى لطفي لبيب
  • حينما كان للروايات شأن
  • الحرب كما يرويها الأدباء العرب
  • التلقي الطبيعي للأدب
  • الدقير .. تصريحات مناوي تمثل تطوراً إيجابياً في سياق البحث عن حل سياسي سلمي
  • الشاعر البيومي عوض رئيساً لنادي الأدب المركزي بالغربية
  • فلسفة الذم والشتائم في الأدب.. كيف تحوّل الذم إلى غرض شعري؟