القدس.. قضية العرب والمسلمين
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
القدس قضية كل العرب، ومواقف العرب نحو فلسطين واضحة وثابتة ولن تتغير، وستظل فى ضمير المجتمع العربى، كجنين لم يحن وقت ولادته، وستظل حية راسخة ماثلة فى قلب كل عربى ومسلم، لأن القدس الشريف يعد ركنا أساسيا من أركان الهوية العربية والإسلامية.
وتتكاتف الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر، لإنهاء الحرب على غزة، وإنقاذ الشعب الفلسطينى من بطش الكيان الصهيونى الغاشم، الذى يضرب بكل القرارات العربية والدولية والإنسانية عرض الحائط، ليستكمل حرب الإبادة الذى ينفذها ضد شعب غزة فى سبيل مشروعات الاستيطان.
ويؤمن الوطن العربى، إيمانا كاملا لا يقبل الشك أو المزايدة، أن فلسطين هى «قضية كل العرب» والمسلمين.
وقد أعرب الشارع العربى، منذ يوم السابع من أكتوبر الماضى، عن غضبه ضد ممارسات العدوان الإسرائيلى الوحشى ضد الأشقاء فى فلسطين، فخرج الملايين من كل البلاد العربية، ترفع اللافتات، وتعالت الهتافات تندد بإسرائيل وجرائمها الوحشية ضد المدنيين والأطفال والنساء فى قطاع غزة، ولعل أبرزها مشاهد المصريين فى الميادين، والتظاهرات الحاشدة فى الأردن والعراق والجزائر وتونس، وموقف اليمن، الذى نفذ ضربات ضد العدو الصهيونى، ودعوات ليبيا إلى سفراء الدول الداعمة لإسرائيل بمغادرة البلاد، والبحرين التى طردت السفير الإسرائيلى من المنامة، وقطعت العلاقات الاقتصادية نهائيا.
من جانبه قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن دعوات عقد قمة عربية أفريقية فى 11 نوفمبر الجارى، تأخر كثيرا، وكان يجب على الدول العربية عقد هذه القمة فور قيام إسرائيل بشن حربها على غزة، ويجب أن يكون القرار العربى أكثر صرامة وحسما ضد انتهاكات العدو الصهيونى فى قطاع غزة.
وأشار إلى أن الدول العربية تشعر أنها مقيدة، ولن تستطع أن تفعل الكثير، وهناك محاولات لإنهاء حركة حماس، فضلاً عن أن هناك بعض الدول تنظر إلى حماس على أنها حركة إرهابية أجرمت فى حق إسرائيل، وهذا مؤشر خطير.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الشعب الفلسطينى يتعرض لمحنة، والمشكلة الآن ليست مشكلة حماس، وإنما مشكلة شعب يناضل من أجل الحصول حقوقه وأرضه.
وأضاف أن انتظار أيام أخرى لعقد قمة عربية أفريقية، ستكون الأمور قد حُسمت إلى حد كبير، ولن يكون هناك ضرورة لانعقادها، إلا فى حال هزيمة الحركة، وهنا ستهتم القمة بدراسة من سيحكم غزة بعد هزيمة حماس، وكيف سيعاد بناء قطاع غزة، وبالتالى هل يمكن طرح تصور لتسوية القضية الفلسطينية حال التخلص من حماس أم لا، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تنجح فى التخلص من حركة حماس، وستطول الحرب كثيرا على حساب المدنيين فى القطاع.
وقال: «الشعب الفلسطينى الباسل لم يحمل حماس المسئولية رغم خسائره البشرية والمادية الفادحة، وملتف حول المقاومة الفلسطينية وليس له ملاذ آخر، ولن يهاجر أرضه، ويرفض تمامًا أفكار التهجير لأى دولة»، لافتاً إلى أن فلسطين قضية كل مسلم عربى، وقضية كل الشعوب الحرة التى تقاوم، ولعل مشاهد التظاهرات فى الدول العربية والغربية، وضع القضية على جدول أعمال النظام الدولى، الذى لا يمكنه التغاضى عن القضية، وعليه أن يشرع فورا فى تسويتها.
وأوضح «نافعة» أن العرب فى أيديهم أدوات ضغط كثيرة يستطيعون من خلالها حقن الدماء فى غزة، من خلال طرد السفراء واستدعاء السفراء العرب، وقطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، ومقاطعة المنتجات الأمريكية والغربية، ومنعها من الأسواق العربية، والمقاطعة النفطية ستكون قاتلة وفيصلية فى السيطرة على الأزمة إلى حد كبير، فهناك أدوات ضغط كثيرة يمكن للعرب القيام بها.
وقالت داليا فكرى، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن مصر مع أى جهد عربى أو أممى تقوم به أى دولة لإيقاف إطلاق النار فى غزة، وحقن دماء الإخوة الفلسطينيين، مع التأكيد أن فلسطين للفلسطينيين دون أى شرط.
وأشارت «فكرى» إلى أن الحديث حول تهجير الفلسطينيين إلى صحراء الأردن وجزء إلى سيناء، أمر مرفوض نهائيا، مؤكدة أن الشعب الفلسطينى أولى بأرضه، لذلك يصمد ويقاوم ويساند المقاومة، ويتحمل البطش الصهيونى ببسالة، وكل الوطن العربى ضد تهجير الفلسطينيين من على أرضهم.
وأكدت أن إسرائيل لم ولن تحترم أى توصيات تخرج من القمم العربية أو الأممية، وهى ماضية فى خطط الإبادة الجماعية لشعب غزة، ومعظم قرارات القمم الداعمة لفلسطين سواء العربية أو الأممية غير ملزمة بوقف إطلاق النار، لأن القوى العالمية الداعمة لإسرائيل، لا ترغب فى وقف الحرب على غزة، والحل الوحيد لديهم، هو إرضاء الكيان الصهيونى، لحماية مصالحهم فى المنطقة العربية.
وأضافت أننا فى حاجة إلى قرار عربى ملزم، لوقف إطلاق النار فى غزة، عبر اتحاد وتضامن عربى موحد وجاد، لإيقاف نزيف دماء أطفال ونساء غزة، مشيرة إلى أن الأزمة الحالية أكدت أن القضية الفلسطينية فى قلب كل عربى ولن تسقط بالتقادم، والاحتلال ليس أمرا واقعا، ومصيره إلى زوال، والجماهير العربية تقف جنبا إلى جنب لدعم القضية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القدس قضية كل العرب فلسطين المجتمع العربى الشعب الفلسطيني حرب الشعب الفلسطینى الدول العربیة قضیة کل إلى أن
إقرأ أيضاً:
80 عامًا من تاريخ هزائم الجيوش العربية أمام كيان العدوّ.. اليمن يصنعُ تاريخًا جديدًا [الحقيقة لا غير]
يمانيون../
يستعرضُ هذا التقريرُ جانبًا مختصَرًا من أرشيف الحروب التي شنها العدوُّ الإسرائيلي على الدول العربية خلال العقود الماضية، والتي تعودُ إلى تاريخ قريب، وليس بعيدًا أَو مضى عليها زمن طويل، حَيثُ لا يزال في الدول العربية أفرادٌ على قيد الحياة كانوا شهودًا وجُزءًا من تلك الحروب والهزائم التي تجرّعها العرب على أيدي اليهود الصهاينة، ودفعت الشعوبُ العربية ضريبةَ هزائم الجيوش والأنظمة العربية أثمانًا باهظة جِـدًّا.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8%20%D9%85%D9%86%20%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A.mp4
لكي ندركَ اليومَ مدى قيمة وأهميّة وحجم التحول التاريخي الذي يحقّقه اليمن في مواجهة مشروع العدوّ الإسرائيلي، من الضروري العودة قليلًا إلى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حَيثُ نعود إلى ماضٍ حافل بالقهر والظلم والقتل والتهجير والأَسْر وغيرها من أشكال التنكيل والإبادة التي مارسها العدوّ الإسرائيلي بحق الشعوب العربية، وبالأخص أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك بحق البلدان العربية المجاورة لفلسطين المحتلّة.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89%20%D8%B9%D8%A7%D9%85%201948.mp4
تاريخ العرب -للأسف الشديد- مليءٌ بالهزائم والنكبات أمام اليهود الصهاينة الذين قَدِموا من شتى أنحاء العالم لاحتلال الأراضي الفلسطينية العربية وتهجير سكانها، وإقامة كَيانٍ لهم تحت اسم “إسرائيل”.
ومن يتأمل في مجريات الحروب السابقة ويراجع تفاصيل ما قام به اليهود الصهاينة في معاركهم التي حقّقوا خلالها انتصارات على الجيوش العربية وأنظمتها، لا بد أن يشعر بالحزن الشديد والأسى أمام حجم الجرائم والاستباحة التي مارسها الأعداء اليهود عند أَسْرِهم للجنود العرب أَو احتلالهم للأراضي العربية، حَيثُ استباحوا سكان تلك المناطق وتعاملوا مع المدنيين والأسرى بأساليبَ إجرامية لا توصف، من إبادة وتعذيب وقهر، وهذه الأساليب التي يمارسُها الأعداء وَفْقَ ما تَنُصُّ عليه كتبُهم المحرَّفة “عبادة”.
https://www.masirahtv.net/static/uploads/files/%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%201948.mp4
هذا جانبٌ من المجازر والإبادة التي ارتكبها اليهود بحق عدة مجتمعات عربية في عام 1956م، وفي الواقع عندما نرجع قليلًا إلى الخلف، نجد سلسلة طويلة من الهزائم والنكبات التي مُنيت بها الجيوش العربية أمام العدوّ الإسرائيلي، وهناك تاريخ يُظهِرُ جزءًا من الكراهية والجرائم الصهيونية اليهودية ضد العرب، وهذا يجعل فكرة السلام والتعايش بين العرب والصهاينة مُجَـرَّدَ وَهْمٍ وخدعة كبيرة جِـدًّا؛ فمن يرغب في فهم اليهود وطبيعتهم وأهدافهم وتاريخهم ونظرتهم تجاه العرب والمسلمين، عليه أن يعود 50 إلى 60 عامًا فقط ليشاهد ما فعلوه بحق الشعوب العربية في فلسطين، ولبنان، ومصر، والأردن، وسوريا؛ هذه الدول المجاورة لفلسطين والتي شاركت جيوشُها في الحروب، لكنها خسرت أمامَ كيان العدوّ الصهيوني المجرم.
هذه هي أهمُّ نتائج الهزيمة العربية أمام اليهود الصهاينة عام 1948، والتي تُعرَفُ بـ “النكسة الكبرى” أَو “النكبة”، وهي حقًا كارثةٌ عظيمة لا تزال آثارها المدمّـرة مُستمرّة حتى يومنا هذا، ولولا التخاذُلُ والضعف والخيانة التي تميزت بها بعضُ الأنظمة العربية في تلك المرحلة، لما استطاع العدوّ الإسرائيلي أن يتحولَ إلى غدة سرطانية إجرامية مدمّـرة، يواصل إجرامَه منذ العام 48 وحتى اليوم.
ما نشهده هذه الأيّام من عمليّات عسكرية يمنية ضد العدوّ الإسرائيلي، سواءٌ من خلال الحصار البحري أَو الضربات الصاروخية والمسيَّرات الجوية، وما أسفرت عنه هذه العمليّات من تأثير متصاعِدٍ على الجبهة الداخلية للعدو، كلها مؤشراتٌ على تغيُّرٍ جذري في مسار الصراع العربي الإسرائيلي؛ فقد كان العرب طوال هذه السنوات دائمًا في موقع المهزومين والمستهدَفين من قبَلِ اليهود منذ 48م، ليس في فلسطين فقط بل في الدول العربية المجاورة لها أَيْـضًا، ولا يكاد يوجدُ استثناءٌ في التاريخ العربي إلا ما حقّقه حزبُ الله منذ عام 2000م وحتى معركة “طوفان الأقصى”.
وبالعودة إلى انضمام اليمن إلى خَطِّ الإسناد لغزة ومواجهة العدوّ الإسرائيلي، لم يكن أحد قادرًا على استيعاب أن التطورات ستأخذ هذا المنحى التصاعدي، وبثبات وقوة تأثير، مع قرار حازم بالاستمرار في هذا الموقف، أما خلال الأيّام الماضية، وبعد دخول الولايات المتحدة على خط الدعم والإسناد للعدو الإسرائيلي، وعلى الرغم من فشلها وإخفاقاتها المتكرّرة خلال إدارة بايدن السابقة، وكذلك إدارة المجرم ترامب التي تميّزت بسلوك عدائي، وفي ظل ثبات واستمرارِ العمليّات اليمنية التي تضرب العُمق الإسرائيلي بأسلحة حديثة ومتقدمة قادرة على اختراق دفاعات العدوّ الإسرائيلي والأمريكي؛ فَــإنَّنا نشهد تحوُّلًا كَبيرًا وجديدًا في مسيرة الأُمَّــة، وفي تاريخ العرب والمسلمين، وفي مسار الصراع ضد المعتدين الصهاينة القَتَلَة والمحتلّين.
بدأ الخبراءُ والمتخصصون يتابعون بعنايةٍ آفاقَ نتائج وتأثيرات الموقف اليمني في المواجهة ضد العدوّ الإسرائيلي، الذي يشهدُ نجاحًا كَبيرًا وتصاعُدًا نحو إحقاق الحق وإبطال الباطل، بإذن الله تعالى.
لقد بدأ الجميع يعترف بأن اليمن -بفضل الله تعالى- نجح حتى الآن في تضييق الخناق على العدوّ الإسرائيلي وإدخَاله في موقف حرج للغاية، وحشره في زاوية ضيقة، لا سِـيَّـما بعد استهداف مطار اللُّــد الذي يطلق عليه العدوّ تسميةَ مطار [بن غوريون]، وأصبح الموقفُ اليمني يشكِّلُ حصارًا محكمًا على هذا الكيان العدواني، سواءٌ في البحر أَو في الجو.
وبعيدًا عن تأثيرِ الحصار البحري اليمني على العدوّ الإسرائيلي، والذي تتضح نتائجه للجميع من خلال تصريحات الصهاينة أنفسهم، هناك نتائجُ جوهرية أُخرى لا تقلُّ أهميّةً، تكمُنُ في أن الشعب اليمني اليوم يمثل نموذجًا يُحتذَى به للأُمَّـة العربية الحرة، وليس لأُولئك العرب الجبناء والخونة، بل نموذجُ العربي القوي ذِي الإرادَة الراسِخة والعزيمة والثبات والتصميم؛ إذ لا مكانَ للارتداد أَو التراجع في قاموس اليمنيين.
هذا العزمُ اليمني والثباتُ في الموقف لم يؤثر على العدوّ الإسرائيلي فقط في البُعد الاقتصادي، بل أسقط هيبةَ ورمزية هذا الكيان المجرم، فأضحى كَيانًا ذليلًا يستعطف أمريكا وأُورُوبا لرفع الحصار اليمني عنه، ولكن الجميع غير قادر، كما لا يستطيعُ الكيان نفسُه لا بالتهديد ولا بالتحَرّك، أن يعمل شيئًا أمام موقف اليمن، وأصبح العدوّ واقعًا في قبضة مصيره المحتوم، وعاجزًا عن فعل أي شيء يؤثِّر على ثبات اليمن.
يتضح للمراقبين والاستراتيجيين جليًّا أن العدوَّ الإسرائيلي، في ظل معادلة الصراع الراهنة التي يفرضها اليمن مع المقاومة في غزة، يتجه نحو زاوية ضيِّقة تقودُه إلى حالة من الحصار الشديد، لا تقتصرُ تبعاتُها على المجرم نتنياهو وحكومتِه فحسب، بل تشملُ الكَيانَ بأكمله.
ولهذا تسعى الولايات المتحدة في الوقت الحالي للحفاظِ على بقايا ما تُسمى “إسرائيل”، من خلال مقترحات ترامب التي يبدو أنه سيفرضُها على المجرم نتنياهو، وذلك ليس من منطلق الرحمةِ أَو الحب للفلسطينيين، وإنما نتيجة الإنجازات الكبيرة والاستراتيجية التي حقّقتها المقاومة في غزة ومواقف الشعب اليمني وجبهات الدعم المختلفة، والتي ستؤدي إلى إضعاف هذا الكيان المجرم وتمهيد الطريق لانهياره وسقوطِه مستقبلًا، بإذن الله.
وهنا تتجلى المقارنةُ بين نحو ثمانين عامًا من الهزائم العربية المُستمرّة، والاستباحة المتكرّرة للأراضي والشعوب العربية من قِبَلِ العدوّ الصهيوني، وبين ما حقّقه اليمنُ مع جبهات الدعم في معادلة الردع والرد والمواجهة ضد هذا العدوّ الخبيث، الذي اعتاد على اقتلاع أبناء الأُمَّــة، وإبادة جيوشها، وقهر شعوبها، واحتلال أراضيها بدون أي رادع أَو موقف يصدر من قبل الأُمَّــة أَو حكامها أَو قادتها أَو جيوشها.
وبذلك ترسَّخت المعادلةُ القائلة بأن “إسرائيل” تتمتعُ بـ (جيش لا يُغلب ولا يُقهر)، وأنه على الدول العربية وحكوماتها الرضوخ للهيمنة الإسرائيلية والارتباط بالمشروع الصهيوني، وإلا فَــإنَّ النتيجة ستكون هزيمةً قاسيةً ومدمّـرة على يد قادة بني صهيون.
تأْريخُ الجرائم الصهيونية التي ارتُكبت بحق الشعوب العربية، للأسف، يُسعَى إلى طمسه وحذفه من كتب التاريخ وأَرشِيف الدول العربية والإسلامية؛ بهَدفِ أن تنشأ أجيالٌ لا تعرف ما قام به الكيانُ الصهيوني في حروبه ضد الدول العربية منذ عام 1948 وحتى 1967، بالإضافة إلى جولات التوسُّع الصهيوني واحتلال الأراضي العربية الفلسطينية.
لمن يرغب في فَهم مدى وحجم الهزيمة التاريخية التي عاشها ويعيشها العرب أمام اليهود، يجب عليه الاطلاع على كيفية تعامل اليهود الصهاينة مع أسرى الجيوش العربية في مختلف جولات الحروب، لا سِـيَّـما حرب 67م، حَيثُ قام الصهاينةُ بقتل مئات الآلاف من أسرى الجيوش العربية؛ نتيجةَ تخلِّي حكوماتهم عنهم، ولم يقتصر الإجرام الصهيوني بحق الأسرى العسكريين فقط، بل كانوا، في أية بلدة يحتلونها، يقومون بجمعِ الرجال وقتلِهم بشكل جماعي.
مَرَّ تاريخٌ طويل مملوء بالقهر والظلم، تاريخ مظلم وكئيب ومروِّع، وما كانت المكافأةُ على فظائعِ هذا العدوّ سوى التطبيع معه في النهاية، وبالرغم من جرائمه، تتم مكافأتُه بأن يفتحَ له حكامُ العرب الخونة أبوابَ البلدان العربية، ليواصل مهمتَه في الالتفاف عليها بذرائعِ السلام والتعايش وغيرها من الشعارات الزائفة والمضلِّلة التي تُقدَّمُ للشعوب والأجيال العربية والإسلامية؛ إذ يتم إغفالُ وتغييبُ التاريخ الحقيقي لليهود، واستبدالُه بتأريخٍ آخرَ مزوَّرٍ يتقمَّصُ فيه اليهودُ دورَ الضحايا المساكين الذين يهدّدهم ما يُسَمَّى (الإرهابَ العربي) و(الإرهابيين الإسلاميين)، وهم بالأَسَاس المقاومون المظلومون أصحابُ الأرض والحق وأبناء وأحفاد الشعوب التي تعرَّضت للإبادة والقتل على يد العدوّ الإسرائيلي على مدى العقود الماضية.
هذا جزء من التاريخ؛ فالعدوّ الإسرائيلي واليهود -في تعاملهم مع الشعوب العربية، وهؤلاء كلهم ممن قتلهم اليهود بشكل وحشي وضمن مجازرَ جماعية على مر العقود الماضية- لم يكن لديهم أي تمييز بين الضحايا، سواءٌ أكانوا مصريين أَو أردنيين أَو سوريين أَو فلسطينيين، ولم يكن يهمهم أن يكونوا سُنَّةً أَو شيعةً عندما كانوا يستهدفونهم بدباباتهم.
باعتبارك عربيًّا ومسلمًا، تُعتبَرُ عدوًّا مصنَّفًا يستوجِبُ القتلَ والإبادة، كما عبّروا سابقًا بأنهم لا يعترفون بوجودٍ عربي جيِّد؛ فـ العربيُّ الجَيِّدُ هو العربي الميت فقط، فمتى ستصحو الشعوب العربية من غفلتها؟ ولماذا تسعى الأنظمة إلى طمس هذا التاريخ القريب من الصراع العربي الصهيوني؟.
وفي النهاية، وعند النظر إلى التاريخ العربي الحديث، ندرك أكثر قيمة وأهميّة المواقف التي يحقّقها الشعب اليمني، من ضربات مؤلمة لهذا الكيان الغاصب.
ما يحدث في اليمن، من مواقفَ متكاملةٍ يمثِّلُ بدايةً جديدةً لأمتنا، وحقبة نطهِّرُ فيها عار الهزائم أمام اليهود المحتلّين، الذين ضرب الله عليهم الذل والهوان، ونعمل على استعادة هُويتنا كأمة إسلامية، بما يعنيه انتماؤنا للإسلام من كرامة وعزّة واستقلال، وقوة في مواجهة الأعداء، والسعي لتحرير الأرض والإنسان والمقدَّسات.
تلخِّصُ مواقفُ السيد القائد -يحفظه الله- ونبرته الحماسية العديدَ من الدلالات المهمة، أبرزُها الثباتُ والإصرار على موقف الشعب اليمني، حتى وقفِ العدوان ورفعِ الحصار المفروضِ على غزة، وتتوقّف الحملات الصهيونية الظالمة ضد إخواننا في فلسطين وأية دولة عربية أُخرى.
لقد أصبح موقف اليمن حديثَ العالم بأسره، وفي الوقت الذي يعترف فيه الصهاينة والكيان المحتلّ بالعجز ويعبِّرون عن استيائهم وغضبهم من الفشل الأمريكي والأُورُوبي، لا تصدر عن اليمنِ سوى مواقفَ قوية وموجعة للعدو. وقد استطاع اليمن -بفضل الله تعالى، وبإرادَة شعبه المخلص وجنوده الأبطال وقائده الرباني الاستثنائي الذي يخط تاريخًا جديدًا لهذه الأُمَّــة- أن يتخطَّى حاجزَ الجغرافيا ويصبح له تأثيرٌ مباشرٌ على الداخل الصهيوني، وهو إنجازٌ عظيمٌ يُكتَبُ بتاريخ هذه الأُمَّــة العريقة.
الموقفُ كبيرٌ جِـدًّا وهو ثمر من ثمار الجهود المبكِّرة التي بذلها الشهيدُ القائد -رضوان الله عليه- منذ انطلاقة هذا المشروع القرآني، مشروعٌ تحمَّلَ المسؤوليةَ واتخَذَ موقفًا حازِمًا أمام أعداء الله، وها هي الثمرة والنتيجةُ التي باركها الله، ترتقي باليمن وشعبه ليكونَ على يدي أبنائه خَلاصُ المستضعَفين والأُمِّةِ بإذن الله سُبحانَه وتعالى.
عباس القاعدي| المسيرة