المُقاومة لقّنتهم درسًا.. عدوان جنين لم يُعِد الردع وليس أكثر من مهدئٍ وما كان سيكون… الاختبار بالعمليات المُستقبليّة.. إسرائيل بقدراتها العسكريّة الهائلة أوهن من تصفية المقاومة بأسلحتها البدائيّة
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس: ما كان سيكون، والعملية العسكريّة الإسرائيليّة في مخيّم اللاجئين في جنين لم تتمكّن من إعادة الردع لجيش الاحتلال، وهي ليست أكثر من حبة مهدئ للمستوطنين، كما وصفها المُستشرِق تسفي بارئيل في صحيفة (هآرتس) العبريّة، فيما أكّدت المحافل الأمنيّة بالكيان لصحيفة (إسرائيل اليوم) أنّ “الاختبار ليس في العملية التي انتهت بالأمس، ولكن في العملية التي ستنفذ غدًا”.
أمّا مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، فقد أوضح أنّ جيش الاحتلال أعاد لنفسه بعد العملية ما أسماها بـ “حرية العمل”، ولكنّ سفك الدماء سيستمّر، كما قال، هذا وعقب انسحاب جيش الاحتلال فجر الأربعاء، بعد 48 ساعة من عدوان جوي وبري على مدينة جنين ومخيمها، أكّدت صحيفة عبرية، أنّه لا يمكن للكيان الذي يمتلك القدرات العسكرية الكبيرة أنْ يقضي على المقاومة الفلسطينية التي تتمتع بقدراتٍ وأسلحةٍ بدائيةٍ.
وأوضحت “إسرائيل اليوم“ في خبرها الرئيس أنّ انسحاب جيش الاحتلال من جنين، جاء نتيجة “تخوف من أنّ استمرار التواجد في مخيم اللاجئين سيجر تورطًا غير مرغوب فيه، من مصابين في أوساط القوات الإسرائيلية“.
وذكرت، نقلاً عن مصادر رفيعةٍ في تل أبيب، أنّ “إنجازات العدوان على جنين تنقسم إلى قسمين، مادية ومعنوية. في الجانب المادي، عثر على مئات العبوات الناسفة (صناعة محلية) ودمرها، حيث تم زرع بعضها في طرق الوصول إلى مخيم اللاجئين وفجرت استنادًا إلى معلومات دقيقة من (الشاباك)، وتم العثور على ست مختبرات لإنتاج العبوات، وخنادق تحت أرضية وغرف اختباء ومخازن سلاح“.
بالمقابل، فإنّ “المس بالمطلوبين (المقاومين) كان أقل ممّا كان مخططًا، وجرى اعتقال أكثر من 100 فلسطيني والتحقيق ميدانيًا مع نحو 800 مواطن فلسطيني، وبقي في جنين غير قليل من نشطاء المقاومة ممن شكلوا صداعًا غير قليل للقوات الإسرائيلية“.
أما في الجانب المعنوي، فإنه “كان يفترض بالعدوان العسكري أنْ ينزع عن مخيم اللاجئين صورة مدينة اللجوء، أوْ كما وصفها أمس مصدر أمني كبير بـ(القلعة)، لافتةً إلى أنّ “الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة استصعب جدًا العمل في جنين، وكل حملة تطلبت إعدادًا دقيقًا وترافقت مع قتال شديد، في ظل الوعد من قبل المقاومة بأن جنود الجيش الإسرائيلي سيعودون من جنين في التوابيت”.
وأكّدت أنّه في حال لم يقم الجيش الإسرائيلي بالعودة مرة أخرى في عدوان جديد على جنين ومخيمها، فمن المرجح أنْ تتمكن المدنية ومخيمها من أنْ يكونوا أهدافًا محصنةً، على حدّ وصفها.ومضت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ “مسيرة كهذه اجتازها مخيم اللاجئين بعد فك الارتباط، فالحملات الأولى تطلبت في حينه كمية قوات ومركبات مدرعة، لكن بمرور 7– 8 أشهر وصل الجيش الإسرائيلي إلى وضع كان يمكنه فيه العمل حتى بقوات صغيرة وأكثر خفة بكثير. وكي يحصل هذا الآن؛ مطلوب تصميم أمني وإلى جانبه حكمة سياسية واقتصادية“.
ورأت المصادر أنّه “كلما استمر الضرب للمقاومين وتعمق، كان أسهل على أجهزة الأمن العودة والعمل في المنطقة“.
ولفتت إلى أن “الحرث العميق الواجب مواصلته ووجوده (قص العشب) باللغة العسكرية الإسرائيلية – ساري المفعول بالطبع في باقي أجزاء الضفة الغربية، ومن يعتقد أنّ المقاومة تم اجتثاثها إلى الأبد في يومين، فإنّ عليه أنْ يُشفى من الإنصات إلى السياسيين“.
وتابعت: “طبيعة مثل هذه الحملات، أنها في المدى القصير بالذات تشجع المقاومين على الخروج للعمل مثلما حصل أمس الأوّل في تل أبيب، هذه العملية ترفع إلى السطح مرة أخرى ظاهرة الماكثين غير القانونيين، والتي وإنْ كانت تقلصت في السنة الأخيرة، فإنّها لا تزال قائمة على خلفية الحاجة الاقتصادية وتستوجب جوابًا بإنفاذ متصلب أكثر بكثير على مشغلي الماكثين غير القانونيين“.
وخلُصت إلى القول إنّه “لم يحسم أي شيء في اليومين الأخيرين في جنين، شبكات المقاومة تلقت ضربة غير قاضية، ولأجل تعميقها مطلوب التواصل، إلى جانبها مطلوب تقديم جواب للارتفاع المقلق للمقاومة في باقي أجزاء الضفة أيضًا لأجل تعزيز الردع والسماح للسلطة الفلسطينية بالعودة للعمل“، مُشيرةً إلى أنّ “اختبار كل هذا سيكون مع مرور الوقت، ستكون هناك لحظات صعبة، كما هو الحال دائمًا في العمل ضد المقاومة، الاختبار ليس في العملية التي انتهت بالأمس، ولكن في العملية التي ستنفذ غدًا“، كما قالت.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
وثائق سرية كشفت المستور .. إسرائيل وسعت تعاونها العسكري مع 6 دول عربية بحرب غزة
ووفقاً للوثائق الأمريكية المسربة التي حصلت عليها الصحيفة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، فإن ست دول عربية على الأقل — هي السعودية ومصر والأردن والإمارات والبحرين وقطر — شاركت في إطار يُعرف باسم “الهيكل الأمني الإقليمي” (Regional Security Construct)، في حين أُدرجت الكويت وسلطنة عمان كمرشحتين للانضمام مستقبلاً.
وبحسب التقرير، أُنشئ هذا الهيكل الأمني تحت إشراف القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) ليكون بمثابة شبكة سرية لتبادل المعلومات وتنظيم المناورات والتنسيق العملياتي، بمزاعم مواجهة ما يسمى "النفوذ الإيراني" وتعزيز الروابط العسكرية مع “إسرائيل”.
جميع الاجتماعات صُنّفت على أنها “سرّية ومحمية بالرعاية الأمريكية”، مع تعليمات صارمة تحظر التصوير أو التواصل مع وسائل الإعلام.
وتشير الوثائق إلى أن المذكرات الداخلية تناولت حتى تفاصيل “الطعام الكوشر” المخصص للمشاركين الإسرائيليين، بما في ذلك حظر لحم الخنزير والمأكولات البحرية في اللقاءات المشتركة. خلال السنوات الثلاث الماضية، نظّم هذا الإطار سلسلة من القمم الأمنية والتدريبات العسكرية في دول عربية وغربية، من البحرين والأردن إلى قاعدة العديد في قطر، وصولاً إلى قاعدة فورت كامبل في ولاية كنتاكي الأميركية.
أحد التقارير السرية وصف تدريبات ميدانية على تحديد وتدمير الأنفاق تحت الأرض — وهي التكنولوجيا التي استخدمتها “إسرائيل” في مواجهاتها مع حماس — فيما تحدثت وثيقة أخرى عن مناورات جرت في مصر في سبتمبر الماضي، شاركت فيها قوات من الولايات المتحدة و”إسرائيل” والسعودية والأردن ومصر واليونان والهند وبريطانيا وقطر.
الهدف المعلن من هذه المبادرة، وفق الوثائق، هو تحقيق تنسيق لحظي بين أنظمة الدفاع والرادارات والاتصالات السيبرانية ومنظومات الدفاع الصاروخي، بحيث تندمج بيانات الرادار والمستشعرات للدول المشاركة في شبكة أمريكية موحدة لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.
كما كشفت الوثائق أن دولتين عربيتين — لم يُذكر اسمهما — قدمتا معلومات استخباراتية مباشرة لسلاح الجو الأمريكي، وأن المشاركين باتوا يستخدمون منصة تشفير خاصة للتواصل الفوري مع واشنطن والعواصم الحليفة.
تجاوز التعاون البعد الإقليمي ليصل إلى تحالف “العيون الخمس” الاستخباراتي الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، في مؤشر على الطابع العالمي للمشروع.
وتشمل الخطط المستقبلية إنشاء “مركز الشرق الأوسط للأمن السيبراني” و ”مركز دمج المعلومات” لتسهيل تبادل البيانات وإجراء تدريبات رقمية مشتركة بين الخبراء "الإسرائيليين" والعرب.
وتوضح الوثائق أن السعودية لعبت دوراً محورياً داخل هذا الإطار، إذ قدمت معلومات استخباراتية لـ”إسرائيل” ولدول عربية أخرى بشأن الأوضاع في سوريا واليمن.
كما شاركت في اجتماع كبير عُقد في يناير الماضي بقاعدة فورت كامبل الأمريكية، تضمن تدريبات على كشف الأنفاق الهجومية وتحييدها — وهي تقنية تستخدمها “إسرائيل” في حربها ضد غزة.
وتضمنت اجتماعات أخرى احاطات سعودية–أمريكية عن النشاط الروسي والتركي والكردي في سوريا، إلى جانب تحديثات حول تهديدات "الحوثيين" في اليمن.
وشددت الوثائق على أن هذا التعاون “لا يشكل تحالفاً جديداً”، وأن جميع الاجتماعات يجب أن تبقى “خارج نطاق العلن”، بينما واصل القادة العرب في الوقت ذاته إصدار بيانات حادة ضد “إسرائيل”.
فقد وصف أمير قطر العملية العسكرية التي شنّها الاحتلال في غزة بأنها “حرب إبادة”، فيما اتهمت السعودية “إسرائيل” بارتكاب “تجويع وتطهير عرقي بحق الفلسطينيين”.
واعتبر محللون تحدثوا للصحيفة أن الوثائق تؤكد معادلة التناقض العربي: فالدول الخليجية تخشى “إسرائيل” المنفلتة لكنها تعتمد على المظلة الأمنية الأميركية وتخاف من تصاعد "القوة الإيرانية".
وترى واشنطن في هذه المنظومة امتداداً لاتفاقيات التطبيع، ومحاولة لبناء تطبيع أمني تدريجي بين “إسرائيل” والعالم العربي، تمهيداً لتشكيل منظومة دفاع إقليمي أوسع.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة نشرت مؤخراً 200 جندي في المنطقة للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار، بينما صرح ترامب بأن الدول المشاركة في الشبكة قد تساهم لاحقاً بقوات ضمن بعثة دولية لإدارة قطاع غزة.
ومع أن هذه الدول أعلنت تأييدها العلني لخطة ترامب لإنهاء الحرب — بما في ذلك إنشاء قوة متعددة الجنسيات وتدريب شرطة فلسطينية جديدة — إلا أنها لم تقدم حتى الآن أي التزام فعلي بإرسال قوات، مفضّلة إبقاء التطبيع الأمني في نطاق السرّ لا العلن.