الهجرة الدولية: الصراع في السودان يؤدي إلى نزوح حوالي 3 ملايين شخص
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
أخبار متعلقة
تكثيف الجهود بمعابر أرقين وقسطل وموقف كركر لتقديم الخدمات للقادمين من السودان
رئيس «الإسعاف» يتوجه إلى معبر أرقين وميناء قسطل لقيادة الجهود الإغاثية للنازحين
رئيس هيئة الموانئ : لم يحدث تسلل لأي عناصر خطرة بمعبر أرقين
نزح حوالي 3 ملايين شخص داخليًا وعبر الحدود بسبب الصراع في السودان، في أقل من ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى أكثر من 2.
فر معظم النازحين في السودان من ولاية الخرطوم (67٪) ودارفور (33٪) نحو الولاية الشمالية (16٪) ونهر النيل (14٪) وغرب دارفور (7٪) والنيل الأبيض. ولا يزال يوجد نقص الشديد في الوصول إلى الغذاء والخدمات الصحية ومواد الإغاثة الأساسية. وبينما يعيش معظم النازحين داخليًا مع المجتمعات المضيفة، يعيش أكثر من 280،000 منهم حاليًا في ملاجئ الملاذ الأخير مثل المخيمات والمباني العامة والملاجئ، لا سيما في ولاية النيل الأبيض بحسب مصفوفة تتبع النزوح.
وقد تم ملاحظة تحركات نزوح عبر الحدود إلى مصر (40٪) وتشاد (28٪) وجنوب السودان (21٪) وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى. من بين ال 697،000 شخص الذين عبروا الحدود إلى الدول المجاورة، 65٪ سودانيون و35٪ يقدرون بأنهم عائدون ومواطنون من دول ثالثة، معظمهم في ظروف شديدة الخطورة.
يؤدي التصعيد المستمر للعنف إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي في البلاد والمنطقة. فما لا يقل عن 24.7 مليون شخص- أي حوالي نصف سكان السودان- بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، ثلثهم في دارفور، حيث يتدهور الوضع بشكل كبير.
وقال عثمان البلبيسي، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «تجدد المنظمة الدولية للهجرة دعواتها إلى وقف دائم لإطلاق النار وإزالة العوائق البيروقراطية، لضمان ممرات إنسانية آمنة ومضمونة وتمكين إيصال المساعدات إلى الأشخاص في المناطق التي يصعب الوصول إليها».
وفي إطار «الاستجابة للأزمة السودانية وفي الدول المجاورة»، توسعت العمليات في جميع أنحاء السودان وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا ومصر وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى. في السودان، وصل عدد كبير من الحاويات مع مواد الإغاثة إلى بورتسودان، ليتم توزيعها من خلال الشركاء والخط الإنساني المشترك. في تشاد، تم الوصول بالمساعدات إلى أكثر من 22400 شخص.
في جنوب السودان، تم الوصول إلى أكثر من 37900 شخص من خلال المساعدة في النقل؛ في إثيوبيا، تم الوصول إلى أكثر من 48500 شخص بمساعدات في قطاعات متعددة؛ في مصر، تم الوصول إلى أكثر من 20800 شخص من خلال المساعدة المباشرة وتوزيع مواد الإغاثة، وفي ليبيا، تستعد المنظمة الدولية للهجرة لتوزيع المواد غير الغذائية ومستلزمات النظافة الموضوعة مسبقًا في الكفرة للوافدين الجدد.
لتلبية الاحتياجات المتزايدة عبر مناطق العمليات المختلفة في ضوء استمرار الصراع وارتفاع معدل النزوح الجديد، هناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي لتمكين المنظمة الدولية للهجرة من الحفاظ على العمليات وتوسيع نطاقها في جميع أنحاء السودان.
الأزمة السودانية ازمة السودان نزوح السودانينالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: الأزمة السودانية إلى أکثر من فی السودان
إقرأ أيضاً:
صورة من غزة.. نزوح بعد إخلاء
تساقطت علينا في حي الدرج أوراق قيل لنا إنها مناشير مكتوبة باللغة العربية موقعة من رئيس أركان جيش الاحتلال، ويطلب فيها من سكان الحي إخلاء بيوتهم والخروج منها إلى أي مكان باتجاه الجنوب حرصا على سلامتهم.
قلت لابنة عمي وفي يدها ورقة يقال لها منشور:
يا سلام! يقتلوننا من جهة ويحرصون على سلامتنا من جهة أخرى.
قالت لبنى وهي جالسة على طرف الشباك المفتوح:
هل سمعت بقصة الذئب الذي ألقى بخطبة في أكل اللحوم وأن يصبح نباتيا مثل الخراف؟
قلت: لا، لم أسمع.. لا بد أنها حكاية طريفة، وهل صدّقت الخراف؟
قالت لبنى: نعم صدّقته الخراف الحمقاء الساذجة وصفقت له.
قلت: وبعدها ماذا حصل؟
قالت لبنى: شعر الذئب بالسعادة وهو يسمع تصفيق الخراف بيديها ورجليها وهي منبطحة على الأرض باطمئنان، ثم نزل عن منصة الخطابة، وصافح كبير الخراف وهو يحلم بوجبة طازجة من لحم الخراف المخدوعة.
وقلت معلقا: وهكذا انطلت الخدعة على الخراف المسكينة فغدر الذئب بعدها، وبوجبة يومية من لحم الخراف ظفر.
دخل عمي غرفة ابنته لبنى وعلامة الغضب والحيرة على وجهه وقال لنا باستغراب ودهشة: تتحدثان بهدوء وبرودة أعصاب والناس يخلون بيوتهم لينجوا من قصف لعين قادم.
قالت ابنة عمي لبنى لأبيها وهي تنزل عن الشباك نخلي بيتنا بسهولة دون أن نعرف إلى أين نذهب.
قالت ساخرة: نذهب إلى لا مكان.
قال عمي: إلى جنوب القطاع.. إلى مكان أكثر أمنا.. سأتصل بصديقي سائق سيارة النقل الكبيرة ليحضر.
كان السائق مشغولا بإخلاء بيته ونقل عائلته وعائلة جاره الذي استشهد وهو يقاوم المحتلين الصهاينة.
خرج عمي مرتبكا وحائرا لا يدري ماذا يفعل، ولم يلبث أن عاد وهو يطمئننا: حصلت على عربة يجرها حصان وبأجرة معقولة.
إعلانالوقت يمر بسرعة، علينا أن نعد كل شيء يلزمنا قبل أن تحضر العربة.
كأنه حلم، وجدنا أنفسنا نمشي وراء العربة في شارع الرشيد المحاذي لبحر غزة، لا أستطيع أن أصف الناس الماشين جماعات وفرادى وهم لا يعرفون إلى أين يذهبون، تذكرت معلمة التربية الإسلامية وهي تتحدث لنا في درس الدين عن يوم القيامة، "يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى".
كنا نمشي في الشارع الذي يمتد بنا إلى منطقة أسمع بها لأول مرة منطقة المواصي التي زعم جيش المحتلين القتلة أنها آمنة، وأنها مخصصة للنازحين من الشمال.
حين وصلنا بعد تعب شديد وعذاب أشد رأيت مجموعة من الخيام البيضاء منصوبة على الرمال، لا أدري لماذا رأيتها تميل إلى اللون الأسود، وحين تخيلت أن العدو الذي اعتاد على الغدر بنا سيقصفنا ونحن في الخيام رأيتها تميل إلى اللون الأحمر.
فوجئنا بصديق لعمي جلال يعمل -كما عرفنا فيما بعد- مع وكالة الأونروا لإغاثة اللاجئين ينادي عليه: جلال، صديقي جلال، تعال.
سارع عمي إليه فقال له: توقعت أن تجيئوا إلى هنا، وكنت أعرف أن عائلة أخيك معك فأعددت لكم خيمتين، تعال معي.
أخذنا ننقل الأمتعة والأغراض من العربة الكبيرة إلى داخل الخيمتين، وما إن انتهينا ونحن نشعر بتعب أضيف إلى تعب دفع عمي إلى سائق العربة أجرته، فانطلق الشاب صاحب العربة وهو يحث حصانه إلى المشي بسرعة لعله يجد عائلة نازحة تحتاج إلى نقل ومساعدة.
احتضنت أمي أخي حازم وهي تواسيه "تعبت يا حبيبي، كلنا تعبنا، لكن تعب الرّجْلين يهون عن تعب البال، حسبي الله ونعم الوكيل".
مد أخي الصغير حازم يده ليمسح دمعة تسللت إلى خد أمي وهو يطيّب خاطرها بكلامه البريء "لا تحزني يا ماما ولا تخافي، بابا حكى لي إذا اشتد القصف علينا يا حازم وأصر الأعداء على هدم بيوتنا وقتلنا سيأتي العرب حتى ينقذونا، العرب يا حازم أهلنا وأقاربنا ولا يمكن ينسونا يا بابا..".
ضمت أمي حازم الصغير إلى صدرها وهي تقول له: إن شاء الله يا حازم كلام بابا يتحقق حتى ينقذونا يا حبيب بابا وماما.. الله كريم يا ماما.
مرت أيام النزوح بسرعة عجيبة مع أني كنت أتوقع أن تكون بطيئة المرور ثقيلة الساعات "ياه.. صار لنا هنا شهرين ودخلنا في الثالث والحرب بدلا من تهدأ حولنا تشتد وتصبح أكثر وحشية وخطورة، بدأت المواد الغذائية التي حملناها معنا تقل حتى إن العلب الفارغة أصبحت أكثر بكثير من العلب المليئة، لم نعد نملك في الخيمة التي أخذت تشفق علينا سوى كمية من الطحين تكفي لخبزة واحدة على الصاج والنار".
والأرز بقي منه بقية لا تكفي لطبخة تشبعنا، أما السكّر فقد نفد تماما ورأيت أمي البارحة تحمل كيسه الفارغ وتلقي به على تلة من النفايات المتراكمة أمام خيمتنا.
كل هذا يهون عن المياه العادمة ذات الرائحة الكريهة التي أخذت تشكل بركة من الماء الملوث الذي أصبحنا نخاف منه على صحة أجسامنا المهددة بالقذائف والرصاص الأعمى الذي لا يميز بين صغير وكبير.
إعلانأشعلت أمي كومة صغيرة من الحطب في موقد خارج الخيمة صنعته من 3 أحجار متقابلة، ثم وضعت الصاج على نار الموقد وأخذت تخبز العجنة الأخيرة من الطحين الذي تبقى لنا في الكيس.
جلسنا أنا وأخي أمام الموقد وأمي تقول: ابتعدوا عن النار، وكأننا لم نسمع ونحن نقترب أكثر من الموقد لا لنستدفئ وإنما للهفتنا في انتظار أول رغيف نتحدى به الجوع.
فرغت أمي من إعداد الخبز لنا، أطفأت نار الموقد بالماء، واصطحبتنا إلى داخل الخيمة وهي تبشرنا بوجبة لذيذة من الزيت والزعتر والخبز الساخن أخذنا نغمس الخبز بالزيت والزعتر متلذذين بكل لقمة وكأننا نذوقها لأول مرة.
بينما كنا منهمكين في الأكل سمعنا في الخيمة المجاورة أصوات صغار يتصايحون، تخلت أمي عن اللقمة التي كانت بيدها وذهبت تستطلع الأمر، ولم تلبث أن رجعت لتقول لنا: يا حرام، يصيحون من ألم الجوع وأمهم لا تدري ماذا تفعل، ما رأيكم أن تتنازلوا عن رغيف واحد سأقسّمه عليهم، إنهم ثلاثة.
حمل أخي حازم الرغيف، وقال لأمي: أنا سأقدم الرغيف لهم وهم يقسمونه بينهم.. أنا أعرفهم يا أمي وألعب معهم دائما.
قبّلت أمي صغيرها وهو يحمل الرغيف وهي تقول: عظيم وكريم أنت يا حازم، النبي عليه الصلاة والسلام وصانا على سابع جار.
قلت وأخي حازم يخرج بالرغيف: وكيف إن كان هذا الجار في خيمة للنازحين الفارين من الجوع والموت؟!
وإن من أقل الواجب الوطني والقومي والإنساني على كل صاحب قلم حر أن يرسم صورة دامية على الأقل لأبشع وأقذر حرب إبادة وحشية تجري في قطاع غزة صدمت التاريخ المعاصر وأذهلت البشريّة جمعاء.
وعلى كل صاحب قلم شريف وحر أن يرسم بقلمه صورة حية وناطقة مثل هذه الصورة المؤلمة والصارخة في وجه الموت المبرمج والجوع الممنهج والتهجير المتكرر من مكان غير آمن إلى مكان غير آمن، وربما يكون أشد خطورة، ولا بد لهذه الصورة المؤلمة التي سيتم رسمها أن تكون فتاة من جباليا أو من حي الزيتون قد رسمتها ودونتها في مفكرتها الثقافية أو في دفتر مدرسي قصفت مدرسته ولم يحترق وبقيت تضمه إلى صدرها وتنزح به من بيت مهدم إلى مخيم.
ما رأي حملة الأقلام العرب وغير العرب في هذه الدعوة المفتوحة للرسم بالكلمات مئات الصور الدامية والمؤثرة لعلنا نقيم معرضا دوليا للوحات أدبية وصحفية ندعو لزيارته سكان الكرة الأرضية ليشاهدوا بشاعة وقذارة هذه الحرب التي ألقت بأطنان قنابلها على رؤوس أهلنا في قطاع غزة المنكوب؟!