د. حامد أبو العز بعد أكثر من 500 يوم على بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أعلنت واشنطن أنها سوف تقوم بتسليم قنابل عنقودية إلى أوكرانيا لاستخدامها في هجماتها ضد روسيا. منذ بداية الحرب زودت واشنطن الأوكرانيين بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية وغير العسكرية وها هي اليوم تتخذ أخطر القرارات وأكثرها تعقيداً وذلك لإن القنابل العنقودية محضورة دولياً.
والسؤال الرئيسي الذي سنبحث فيه هو ما هي دلالات هذا القرار الجريء والخطير ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟؟ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية هو “قرار صعب” وأكد على أن قناعته تشكلت في إرسال القنابل المثيرة للأجل لإن كييف بحاجة إليها في الهجوم المضاد ضد روسيا!! في الواقع إذا ما أردنا أن نبحث في المبررات الحقيقية وراء هذا القرار فيمكننا القول بأنه جاء نتيجة فشل الهجوم الأوكراني المضاد ضد روسيا. لطالما حاولت القوى الغربية والأمريكية دفع أوكرانيا نحو الهاوية من خلال الترويج إلى أن روسيا فقدت جميع قدراتها العسكرية وبأن الوقت قد حان لاستعادة جميع الأراضي وبأن هجوماً مضاداً أوكرانياً (بتجهيزات عسكرية واسعة) سوف يدفع روسيا إلى الانهيار والتراجع إلى ما قبل الحدود الروسية ذاتها. ولكن الواقع الميداني كشف حقيقة مرّة ومعاكسة للرغبات الأمريكية-الأوربية-الأوكرانية، فقد قامت القوات الروسية بتحصين مواقعها بشكل كبير للغاية واستخدمت في ذلك خبراتها القتالية وزرعت الأراضي بالألغام التي لم تعق التقدم الأوكراني فحسب بل كبدتهم خسائر بشرية وعسكرية فادحة للغاية. منذ البدء سعت الولايات
المتحدة إلى إدخال جميع الدول الأوربية في هذه الحرب وتذرعت أمريكا بأن عدم الانخراط الألماني في هذه الحرب هو السبب في تراجع القوات الأوكرانية على الأرض، ليأتي القرار الألماني غير المدروس ويقرر الانخراط في هذه الحرب وقدّم للأوكرانيين الدبابات المتطورة من طراز ليوبارد 2. كل مرة تفشل القوات الأوكرانية في تحقيق أهدافها أو التقدم على ساحات المواجهة تطالب الغرب بتزويدها بأسلحة جديدة. من منا ينسى كيف ركزت الخطابات الغربية والأمريكية على الترويج إلى أن تسليم الدبابات الألمانية إلى أوكرانيا سيكون “Game Changer” أي ستكون دبابات ليوبارد 2 عاملاً حاسما في تغيير قواعد الاشتباك، ولكن وبعد التسليم خسرت أوكرانيا معظم هذه الدبابات نتيجة الألغام التي زرعها الروس أو نتيجة الهجمات الجوية القوية التي شنتها القوات الجوية الروسية المتمرسة بمثل هذه الحروب. ومرة أخرى كذب الغربيون وقالوا بأن ما يعيق الهجوم المضاد هو عدم امتلاكهم لطائرات متطورة قادرة على شن هجمات جوية ضد القوات الروسية. وهنا تظهر وبشكل جلي الأجندات الأوربية-الأمريكية، حيث تعلم جيدا هذه الدول بأنّ الأوكرانيين غير قادرين على مواجهة روسيا وبأن المطالب الأوكرانية ما هي إلا حجج في سبيل تبرير حالة الفشل المستشرية ولذلك فهم رفضوا تسليم هذه الطائرات المكلفة للغاية وعوضاً عن ذلك اتخذوا قراراً بتسليمهم أسلحة قذرة مثل القنابل العنقودية. الولايات المتحدة هي من استخدمت هذه الأسلحة القذرة في العراق وأفغانستان وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة والواضحة من قبل جميع منظمات حقوق الإنسان إلا أنهم ماضون قدما في تسليم هذه الأسلحة إلى أوكرانيا. إذا ما أردنا فهم المقاربات الأمريكية في دفع سياساتها حول العالم لا يجب أن يقتصر تحليلنا على الحالة الروسية-الأوكرانية بل علينا العودة مرة أخرى إلى الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي تدعو فيه الولايات المتحدة الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل وترسل مبعوثيها (مثل جاك سيلوفان ودبورا ليبستاد وغيرهم من المسؤولين الأمريكيين) إلى دول المنطقة (خصوصاً الإمارات) للتأكيد على التسامح الديني وضرورة توسيع نطاق المعاهدات الإبراهيمية والتأكيد على أن التطبيع مع إسرائيل يأتي من بوابة التسامح والتعاطف بين الأديان وغير ذلك من الأكاذيب، تتجاهل الولايات المتحدة وعن عمد كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ويصبح التسامح الديني هنا “مكافحة للإرهاب” بحسب وصفهم. نعم عزيزي القارئ وحدها الولايات المتحدة وإسرائيل من يستخدمان القنابل العنقودية. فإسرائيل استخدمت هذه القنابل في اجتياح لبنان وحرب تموز 2006 ولم تنظم إلى معاهدة حظر انتشار القنابل العنقودية التي دخلت حيز التنفيذ في 2010، وعادت كذلك لاستخدام هذه القنابل القذرة في أغلب مواجهاتها مع المقاومة الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني المحاصر والأعزل في الذات واستخدمت صواريخ “الرعد القوي” الذي يحتوي على عشرات القنابل العنقودية والتي تخلف دماراً هائلاً وتنشر آلاف الشظايا في كل ضربة وعلى نطاق جغرافي واسع. عزيزي القارئ، امتنعت روسيا منذ بداية الحرب وإلى هذه اللحظة من استخدام أي أسلحة محرّمة دولياً كما امتنعت عن استخدام أسلحتها النووية ولو تلك التي توصف بالأسلحة التكتيكية، ولكن على الجانب الأخر تظهر الولايات المتحدة وحلفائها الذين يحاولون تغطية الخسائر الفادحة سواء في ميدان المعركة أو في المجال الاستخباراتي من خلال فشل انقلاب فاغنر. تغطية هذه الخسائر تتم اليوم عبر تسليم أوكرانيا أسلحة قذرة لا تستخدم إلا من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضد الشعوب المسالمة والمحاصرة من قبلهم. فهل تكون هذه الخطوة مقدمة لحرب نووية مدمرة؟ باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
القنابل العنقودیة
الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين
رفضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين مؤتمر الأمم المتحدة الذي شارك فيه عدد كبير من الدول للعمل على تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، ووصفته بأنه "خدعة دعائية".

الرئيس الفلسطيني يثمن دعوة الرئيس السيسي لترامب من أجل وقف
الحرب في غزة

مصر وكندا تبحثان تعزيز العلاقات ودعم جهود وقف إطلاق النار في غزة
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، في بيان: "هذه خدعة دعائية تأتي في خضم جهود دبلوماسية دقيقة لإنهاء الصراع وبعيدًا عن تعزيز السلام، سيُطيل المؤتمر أمد الحرب، ويُشجع حماس، ويُكافئ عرقلتها، ويُقوض الجهود الحقيقية لتحقيق السلام".
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 عضوًا، في سبتمبر من العام الماضي عقد هذا المؤتمر في عام 2025.
وقد أُجّل المؤتمر، الذي استضافته فرنسا والسعودية، في يونيو بعد هجوم إسرائيلي على إيران.

مصر وباكستان تؤكدان تعزيز التعاون ودعم القضية الفلسطينية

مصر تواصل دعمها الأمني للفلسطينيين: تدريب قوات السلطة لتمهيد إقامة الدولة المستقلة
في كلمته أمام المؤتمر، حث وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، جميع الدول على دعم هدف المؤتمر المتمثل في وضع خارطة طريق تحدد معالم الدولة الفلسطينية مع ضمان أمن إسرائيل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمته الافتتاحية: "يجب أن نضمن ألا يصبح هذا المؤتمر مجرد خطاب حسن النية".
وأضاف: "يمكنه، بل يجب، أن يكون نقطة تحول حاسمة - نقطة تُحفّز تقدمًا لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق طموحنا المشترك في حل الدولتين القابل للتطبيق".

مصر تؤكد دعمها لفلسطين وتحذر من المساس بأمنها المائي

وزير خارجية فرنسا: اعترافنا بالدولة الفلسطينية سيحدث رسميا في سبتمبر المقبل
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أمام المؤتمر: "يجب أن نعمل على إيجاد السبل والوسائل للانتقال من نهاية الحرب في غزة إلى نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تُهدد فيه هذه الحرب استقرار وأمن المنطقة بأسرها".

طباعة شارك الولايات المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة حل الدولتين وزارة الخارجية الأمريكية وزير الخارجية الفرنسي