باحث مغربي: القمة الصينية الأمريكية أعادت تشكيل العالم.. ما علاقة الحرب على غزة؟
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
رأى باحث مغربي أن القمة الأمريكية ـ الصينية التي جرت أمس الجمعة في سان فرانسيسكو بين الرئيس الأمريكي جو بايدن عقب لقائه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، أنهت عمليا تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم، وجعلت القوة العظمى الدولية مناصفة بين أمريكا والصين.
وأوضح الباحث المغربي عبد الحميد العوني في تسجيل مصور نشره على صفحته الرسمية على منصة فايسبوك، أن السبب في تراجع الإدارة الأمريكية وتنازلها لصالح الصين هو الحرب الدائرة في غزة، ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية في حماية إسرائيل.
وقال العوني: "لقد أصبح العالم بعد قمة سان فرانسيسكو بنسخة أخرى أنهت وضعا متأرجحا وربما متذبذبا وفي كل الأحوال فإن هناك اليوم وضوح للرؤية.. الولايات المتحدة الأمريكية أنهت مشكلة تايوان بشكل كامل، وهو الأمر الذي دفع جين بينغ إلى الحديث مباشرة وبوضوح حول هذه القضية لأن الصين لا ترغب تحت أي ظرف فيما سماه الرئيس الصيني بالبعد الكولونيالي أو أي مواجهة أيديولوجية أو تصدير أي أيديولوجيا".
وأضاف: "هذه هي في نظره هي المبادئ الرئيسة بالنسبة لإرساء القوة الصينية التي تدعو مباشرة وبوضوح وفي هذه القمة بمشاركة مسؤولية القوة العظمى ما بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني إبعادا كاملا لأهم خصمين حاولا أن يضعا لنفسيهما إطارا للمواجهة أقصد بريطانيا بالنسبة لأمريكا وحاولت أن تعمل كل ثقلها من أجل استعادة إدارة الوضع على أساس الانطلاق من الغرب، وأيضا بالنسبة للصين فقد أبعدت جزئيا أي قوة ثانية وأخذت موقع القوة الأولى، بل إن القوة العظمى هي واحدة.. صلاحيات القوة العظمى مشتركة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية، وما بين الصين".
وأكد العوني أن سان فرانسيسكو قمة حسمت في أمور كثيرة"، وقال: "بوضوح شديد أمريكا تتخلى عن أوكرانيا وتايوان من أجل ربح إسرائيل والشرق الأوسط.. هذا هو الوضع الذي منحه أساسا الرهان على القوة الأمريكية".
وأضاف: "القوة الأمريكية لم تستطع أن تواكب في تزويد زيلنسكي بالسلاح وفي نفس الوقت إدارة حرب في شرق المتوسط.. هذا معناه أن مسألة تايوان أصبحت من قبيل خبر كان.. فلا يمكن أن تربح الولايات المتحدة ضد الصين، لقد أصبح هذا معطى فتفاوضت من أجل اقتسام صلاحيات ومسؤوليات القوة العظمى مع الصين".
وأكد العوني أن "سان فرانسيسكو تعد هي الأهم في تاريخ العالم الآن،، فقد انتهت إلى بناء عالم تتقاسمه بيجين وواشنطن".
والأهم، من كل ذلك، وفق الباحث المغربي، بناء العالم الجديد على أساس ثلاثة معايير: الاحترام المتبادل، التعايش السلمي، شراكة رابح رابح.. حيث أنه ومنذ قمة بالي أصبح أمام أمريكا ثلاث لاءات: لا تغيير للنظام الصيني لا دخول، لا دخول في حرب باردة جديدة، لا مواجهة".
وقال: "إذن أمامنا وضوح بالنسبة لهذه المعايير.. ليكرس الرئيس الصيني بوضوح وأمام الإعلام أن سان فرانسيسكو تعتمد على خمسة معايير: أولا الاعتراف المتبادل الصحيح، أو الاعتراف اللصحيح المتبادل بين الصين وأمريكا، ثانيا تدبير الخلافات، ثالثا العمل على تعاون ثنائي مربح، رابعا تحمل المسؤولية المشتركة للقوة العظمى بين بيكين وواشنطن، خامسا التعاون الثقافي".
وتابع: "الأهم من كل هذا فإنه تم تأسيس ثلاث قيم: الاحترام المتبادل والتعايش السلمي وشراكة رابح رابح.. ومهم جدا أن الصين فرضت وبشكل لا يقبل الجدل، اللاء الأولى لا دعم لاستقلال تايوان، واللاء الثانية لا تسليح لتايوان، والثالثة دعم التوحيد السلمي لتايوان بالصين.. وهذا الذي وافق عليه الرئيس الأمريكي".
وأكد العوني أن صفقة القرن القرن الحقيقية هي ثمرة نتائج القمة الأمريكية الصينية في سان فرانسيسكو، حيث خسرت أمريكا منذ اللحظة التي لم يكن فيها وصول في الشرق الأوسط إلى حلول.
وقال: "هذه الضربة الموجعة التبي أبعدت الولايات المتحدة عن أهدافها.. عدم احتلال غزة لأن الصين منعت من احتلال كييف من طرف روسيا.. وبعد أن وصلت الجيوش إلى قلب كييف تراجعت نتيجة الضغط الصيني، والآن أيضا الصين تضغط على أمريكا من أجل إبعاد خيار الاحتلال، أي احتلال غزة.. رغم أن ميناء غزة هو في خارطة سانت كوم، ويجب أن تتنازل عليه أمريكا الآن وفورا.. لأن حيفا أصبحت جزءا من قناة بن غوريون وأيضا من الشراكة الهندية الأوروبية.. هذا الذي تم بوضوح شديد في لحظة حاسمة بعد إقرار بالمرور في الطريق الاقتصادي ما بين كل من نيودلهي إلى أوروبا عبر دول الشرق الأوسط".
وتابع: "الطريق والحزام الهندي الأوروبي في مقابل الحزام والطريق الآخر الصيني، وواضح جدا اليوم أن هناك إقصاء كامل لروسيا، وإبعاد بشكل كامل لتركيا عبر الأمريكيين، وبالنسبة للصين فهي ترى أن أهم عنصر هما إيران وباكستان، في اللحظة التي كانت فيها القمة كانت هناك مناورات بحرية باكستانية صينية تؤكد هذا المسار، وتؤكد من جهة أخرى أن سلطنة عمان وباكستان خطوط حمر في هذه الاستراتيجية".
وحول الوضع المستقبلي في غزة بناء على ذلك يقول العوني: "الأمر يتعلق بالحماية الدولية عن طريق نشر قوات دولية على إسرائيل قبول هذا الخيار، كما رضخت مصر لهذا الخيار.. لذلك بالنسبة للقوات الدولية هذا قرار صيني للذهاب بعيدا تجاه فرض وصاية مباشرة على مسلسل السلام القادم في الشرق الأوسط انطلاقا من هذه القوة.. قوات دولية".
وجوابا على سؤال: لماذا تحديدا الولايات المتحدة الأمريكية والصين لأول مرة؟ قال العوني: "قد يكون هناك ميكانيزم لنشر قوات صينية أمريكية في الشرق الأوسط لحماية غزة، وهذا الذي سينتقل مباشرة إلى الضفة، ومثل هذا الحصار لا يرغب فيه الأمريكي ويريد الآن غزة لأنها نقطة ملتهبة دون جر الوضع إلى حل الوضع الإشكالي الفلسطيني عبر الدولة.. لكن الصين تصر أن هذه الخطوة الأولى باتجاه خطوات أخرى".
وتابع: "أهم حل بالنسبة لنظام سان فرانسيسكو العالمي فيبدأ من الأقصى والضفة وغزة، وهذا هو التطور الاستثنائي.. وهو أن نظام سان فرانسيسكو الصيني ـ الأمريكي يضع أول خطوة نشر قوات ورفض احتلال إسرائيل لغزة، ونشر قوات دولية، وتمكين هذه القوات من الحل على الحدود الفلسطينية، ما دامت منزوعة السلاح.. ومنزوعة السلاح أصبحت ضد إسرائيل لأنها تستدعي قوات دولية وصينية تحديدا ترفضها الآن إسرائيل.. وهذا ما يشكل عائقا حقيقيا".
وانتهى الباحث المغربي إلى القول: "القوة العظمى ليست دولة، القوة العظمة لديها ثقل أخلاقي وثقل قانوني وثقل الحفاظ على نظام 1945، ولكن بقيمه وأيضا بخارطة حلول جيوسياسية.. فمشاركة الصين لأمريكا في القوة العظمى.. أي أن القوة العظمى ليست الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من الدول العظمى.. الأمر يتعلق بالقوة العظمى النافذة للقانون ولمسؤوليات وصلاحيات.. وبالتالي القوة العظمى لم تعد أمريكا أو الصين.. القوة العظمى مقولة مجردة لقوتين تتحاوران في كل مشاكل العالم وترتيباته، وهذا الذي يعطي أفقا آخر لمفهوم القوة العظمى.. هيمسؤوليات وصلاحيات تشارك فيها الصين وأمريكا".
وأضاف: "غزة قلبت التوازنات ودفعت الولايات المتحدة إلى التنازل عن كل ما تعتبره امتيازات في بحر الصيبن الجنوبي وقبول لاءات ومعايير نقلت ووقع عليها بايدون.. فهل يعترف بايدن الآن بأنه ليس له الحق في القوة العظمى إلا بنصف قوة عظمى؟ اليوم أمريكا أصبحت نصف قوة عظمى، لأنها تشارك النصف الآخر مع بيكين، هذا هو التطور الخطير في قمة سان فرانسيسكو"، وفق تعبيره.
واتفق الرئيسان الصيني شي جين بينغ، ونظيره الأمريكي جو بايدن، على استئناف المحادثات العسكرية بين البلدين على "مستوى رفيع"، وذلك خلال القمة التي جمعتهما أمس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، أن رئيسي أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم "اتفقا على استئناف المحادثات العسكرية رفيعة المستوى على أساس المساواة والاحترام".
وكانت التوترات بين البلدين تصاعدت بحدة بعدما أسقطت الطائرات المقاتلة الأمريكية مطلع العام الجاري، بتوجيه من بايدن، منطادا صينيا بالقرب من ساحل ولاية كارولينا الجنوبية بعد أن حلق فوق ألاسكا والبر الرئيسي للبلاد.
واعتبرت واشنطن حينها المنطاد أداة صينية للتجسس على منشآت عسكرية حساسة، فيما نفت بكين تلك الاتهامات.
إقرأ أيضا: خلال لقائه نظيره الأمريكي.. الرئيس الصيني يؤكد عدم سعي بلاده لتجاوز واشنطن
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية القمة الصينية نتائج امريكا الصين قمة نتائج سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمریکیة الرئیس الصینی سان فرانسیسکو الشرق الأوسط قوات دولیة هذا الذی ما بین من أجل
إقرأ أيضاً:
أستاذة قانون: ضربات ترامب على إيران كانت غير قانونية.. لهذه الأسباب
نفذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية استهدفت منشآت نووية إيرانية دون الحصول على تفويض من الكونغرس أو مجلس الأمن الدولي، ما يسلط الضوء على الثغرات القانونية التي تسمح لرئيس أقوى دولة في العالم باستخدام القوة خارج الأطر الشرعية.
ففي غياب تهديد وشيك على الأراضي الأمريكية، جاءت الضربة خارج نطاق أي تفويض قانوني قائم، سواء داخليا أو دوليا.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لأستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة بيل، أونا هاثاواي، قالت فيه إن الجيش الأمريكي نفذ ضربة في وقت مبكر من صباح الأحد ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية بناء على أوامر الرئيس ترامب. لم يكن يعلم بهذه الضربات مسبقا سوى القليل. لم يطلب ترامب موافقة مسبقة من الكونغرس أو مجلس الأمن الدولي، كما يقتضي القانون. وهكذا، كشفت الضربات غير القانونية عن الغياب الخطير لأي قيود قانونية فعالة - سواء محلية أو دولية - على قرار الرئيس الأمريكي باستخدام القوة المميتة في أي مكان في العالم.
أصبح من الغريب تقريبا الإشارة إلى أن الدستور يمنح الكونغرس، وليس الرئيس، سلطة إعلان الحرب. صحيح أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنه ملزم بطلب إذن الكونغرس قبل بدء الحرب. ولا يغير قرار صلاحيات الحرب لعام 1973 هذا. سُنّ هذا التشريع ردا على حملة القصف السرية التي شنّها الرئيس ريتشارد نيكسون في كمبوديا، ويهدف إلى منع الرئيس من شنّ حروب غير مشروعة من خلال إلزامه قانونا بطلب موافقة الكونغرس قبل إشراك القوات المسلحة الأمريكية "في أعمال عدائية أو في مواقف تشير فيها الظروف بوضوح إلى تورط وشيك في أعمال عدائية". الحالة الوحيدة التي لا يُطلب فيها من الرئيس طلب موافقة الكونغرس المسبقة هي عندما تتعرض الولايات المتحدة لهجوم، ويتعيّن عليه التصرف بسرعة لحماية البلاد.
لم يكن هذا صحيحا عندما تعلق الأمر بإيران. بل على العكس تماما. في خطاب ألقاه بعد الهجمات، أشار ترامب إلى أن إيران كانت تُوجّه تهديدات ضد الولايات المتحدة منذ "40 عاما". لا شيء في ما قاله هو أو وزير الدفاع بيت هيغسيث لاحقا يشير إلى تهديد مُلحّ لأمريكا منع الرئيس من طلب موافقة الكونغرس قبل إطلاق العنان للقوة القاتلة التي قد تُثير ردا انتقاميا ضد الولايات المتحدة والقوات الأمريكية في المنطقة. (وبالفعل، يبدو أن هذا الرد الانتقامي قد وقع للتو، حيث أطلقت إيران صواريخ على قاعدة أمريكية في قطر). كما لا يمكن دمج هذه الضربات ضمن تفويضات الكونغرس الحالية لاستخدام القوة - إحداها في عام 2001 ضد المسؤولين عن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، والأخرى في عام 2002 ضد العراق في عهد صدام حسين. وهكذا، ادّعى الرئيس لنفسه السلطة التي يمنحها الدستور صراحة للكونغرس.
وكما أن الرئيس ملزم قانونا بطلب إذن من الكونغرس قبل شن حرب، فإنه ملزم أيضا بطلب إذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في أعقاب الحرب العالمية الثانية، صممت الولايات المتحدة ودافعت عن نظام عالمي يخضع فيه استخدام أي دولة للسلطة القسرية ضد دولة أخرى لضوابط جماعية. ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن الدول الموقعة يجب أن "تمتنع في علاقاتها الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة".
هذا الحظر على اللجوء الأحادي إلى القوة هو المبدأ الأساسي للنظام القانوني لما بعد الحرب. لا يجوز لدولة صادقت على ميثاق الأمم المتحدة أن تلجأ إلى استخدام القوة ضد دولة أخرى إلا إذا صوّت مجلس الأمن على تفويض الحرب - أو عندما تكون الدولة موضوع "هجوم مسلح". نعم، يُعدّ شرط الحصول على دعم مجلس الأمن عقبة، ولكنه عقبة أمام روسيا والصين بقدر ما هو عقبة أمام الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فإن شرط السعي للحصول على تفويض مجلس الأمن قبل استخدام القوة يمنح الولايات المتحدة سلطة استثنائية: فالولايات المتحدة تشغل أحد المقاعد الخمسة الدائمة في مجلس الأمن، وتمتلك حق النقض (الفيتو) على أي قرار يجيز استخدام القوة. وبينما لا يوجد نظام قانوني مثالي - وهذا النظام ليس استثناء، كما تُظهر الصراعات العالمية اليوم - فقد ساعد ميثاق الأمم المتحدة مع ذلك في إنتاج أكثر العصور سلما وازدهارا شهدها العالم على الإطلاق.
لقد تبنى دونالد ترامب الآن بشكل كامل ما يسمى بمبدأ بوش، وهو موقف في السياسة الخارجية ينص على أن الولايات المتحدة يمكنها استخدام القوة استباقيا ضد أي تهديد محتمل - سواء لنفسها أو للآخرين. كان هذا هو الأساس القانوني الرئيسي لحرب العراق الكارثية عام 2003، والتي تم رفعها باعتبارها ضرورية لمنع استخدام أسلحة الدمار الشامل - وهي أسلحة اتضح أنها لم تكن موجودة. وحتى في ذلك الوقت، تعامل الرئيس جورج بوش الإبن على الأقل مع مجلس الأمن وسعى وحصل على تفويض من الكونغرس قبل شن تلك الحرب.
وقد نأى معظم الرؤساء منذ ذلك الحين بأنفسهم عن مبدأ بوش. لكن رؤساء كلا الحزبين اعتمدوا على تفسيرات موسعة لحق الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة لاستخدام القوة في الشرق الأوسط ضد ما وصف بـ"الجماعات الإرهابية". كما اعتمدوا أيضا على تفسيرات موسعة لتفويض الكونغرس لعام 2001 باستخدام القوة العسكرية بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. لقد تجاوز ترامب الآن هذه التفسيرات المُبالغ فيها، مُطلقا حربا تفتقر إلى أي سند قانوني محلي أو دولي معقول.
يبدو أن بعض مؤيدي الرئيس، مثل السيناتور ليندسي غراهام، غير مُبالين بالضربة الخارجة عن القانون، مُستنتجين أن "النظام الإيراني يستحق ذلك". هذه حجة خطيرة، مهما كان رأي المرء في جدوى الضربات. وبينما يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها، فإن هذا لا يمنحها - أو الولايات المتحدة - شيكا مفتوحا لمهاجمة إيران كما تشاء، بحسب تعبيرها.
إن غياب أي قيود قانونية فعّالة على الرئيس لا يُمثل مُشكلة لتوازن القوى والأمن القومي للولايات المتحدة فحسب، بل يُمثل الآن مُشكلة للعالم أجمع. إن الصعود الظاهري للاستبداد في الداخل يُعجّل بنوع من الاستبداد الدولي، حيث يُمكن للرئيس الأمريكي إطلاق العنان لأقوى جيش عرفه العالم على الإطلاق بمُجرد نزوة. في هذه الحالة، وبعد فشله في الفوز بـ"الصفقات" السهلة التي وعد بها، أظهر ترامب الآن أنه سيتخلى عن الدبلوماسية والتفاوض مُفضّلا القوة. قد تُشجع أفعاله الحكام المستبدين حول العالم على فعل الشيء نفسه، مُرسخة مثالا على الفوضى القادرة على إعادة تشكيل النظام القانوني العالمي، وتحويله من نظام يحكمه القانون إلى نظام تحكمه القوة.
يتطلب وقف هذا التحول تحركا - من جانب الدول الأخرى والكونغرس. يجب على الدول أن تتكاتف للتنديد بالإجراء الأمريكي غير القانوني، والدعوة إلى الدبلوماسية، لا القوة، لحل النزاع بين إيران وإسرائيل. على المدى البعيد، يجب على الدول إيجاد سبل للعمل معا لدعم القانون، وربما حتى التكاتف كمجموعة رسمية لتبني عقوبات جماعية ضد الولايات المتحدة إذا ثبت عزمها على انتهاكه مرة أخرى.
أدان العديد من أعضاء الكونغرس قرار ترامب غير القانوني باستخدام القوة. هذا لا يكفي. لقد حان الوقت منذ زمن لإصلاح طريقة اتخاذ الولايات المتحدة قرارات خوض الحرب. كبداية، يجب على الكونغرس أن يحظر فورا استخدام الأموال الفيدرالية لأي استخدام للقوة يتجاوز السلطة القانونية للرئيس. لفترة طويلة جدا، رضخ مشرّعونا للاستنزاف التدريجي لسلطتهم الدستورية. ويجب عليهم أن يتحركوا الآن لاستعادة تلك السلطة قبل أن تذهب إلى الأبد ويدفع العالم ثمن أخطائنا.