التداعيات العسكرية لطوفان الأقصى على العراق!
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
يبدو أنّ تداعيات معركة "طوفان الأقصى" الغزّاوية لها أوّل وليس لها آخر، وهي حرب أدخلت المنطقة والعالم في دوّامة من القلق السياسي، والإنذار العسكري، والترقُّب الدولي.
وآخر تلك التداعيات القمّة العربية الإسلامية الاستثنائية في الرياض، يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ومع ذلك فإنّ تداعيات "الطوفان" على المستوى الميداني العسكري ظهرت بشكل واضح في العراق ولبنان واليمن.
والفصائل التي تستهدف القوّات الأمريكية في العراق تُسَمّي نفسها "المقاومة الإسلامية"، وهي فصائل "شيعية" ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، ومرتبطة رسميا بمكتب القائد العامّ للقوّات المسلّحة ورئيس الوزراء، محمد شياع السوداني!
وبخصوص الحالة العراقية فإنّ الثابت بين العراقيين:
- أنّهم مع الفلسطينيين في صراعهم التاريخي ضدّ الاحتلال.
- وهم مقتنعون تماما بأنّ أمريكا وإسرائيل وجهان لحالة واحدة.
- وهنالك قبول شعبي عراقي، وبدرجات متفاوتة، للضربات الموجّهة للقواعد الأمريكية بالعراق!
ولاحظنا خلال العقدين الماضيين تنامي الاستهداف المسلّح للقوات الأجنبية المحتلّة في العراق، وهذا الاستهداف يُمكن تقسيمه إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى كانت قبل الانسحاب الأمريكي الرسمي من العراق نهاية العام 2011، وتحديدا خلال مرحلة (2003-2011) ولم يكن لفصائل "المقاومة" الحاليّة أيّ أثر!
والمرحلة الثانية بعد العام 2013، حيث شُكِّلَت بعض الفصائل "الشيعية" للقتال بجانب النظام السوري خلال الثورة السورية!
ولكنّ ظهور الغالبيّة العظمى من هذه الفصائل التي تقول اليوم بأنّها تستهدف التواجد الأمريكي كان بعد العام 2014، لأنّها شُكِّلَت بعد فتوى الجهاد الكفائي للمرجع "الشيعي" علي السيستاني، في حزيران/ يونيو 2014، نتيجة لسيطرة "داعش" على ثُلث العراق، ولاحقا شُكِّل الحشد الشعبي الذي يضمّ هذه الفصائل!
ويمكن تحديد بداية هجمات فصائل المرحلة الثانية على القوّات الأمريكية بعد اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، بداية العام 2020 بطائرة أمريكية ببغداد.
وبعد "طوفان الأقصى" ازدادت الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة الملغّمة المُسْتَهْدِفة لقاعدتي "عين الأسد" في الأنبار الغربيّة، والحرير في أربيل بإقليم كردستان العراق!
وأكّد المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الجنرال باتريك رايدر، في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أنّ القوّات الأمريكية في العراق وسوريا تَعرّضت لـ38 هجوما باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة منذ منتصف تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، ممّا أسفر عن إصابة 45 جنديّا أمريكيا، من بين أكثر من 2500 عسكري أمريكي داخل العراق!
وغالبيّة هجمات "المقاومة" لم تصل لأهدافها بسبب قوّة أنظمة الدفاع المرتبطة بالقواعد الأمريكية، إلا أنّ واشنطن، ورغم منظومتها الدقيقة، قلقة من تزايد تلك الهجمات، ولهذا كانت الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، لبغداد في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الحاليّ، ومباحثاته المطوّلة مع رئيس حكومة بغداد!
وصرّح بلينكن بعد الزيارة للصحفيين: "لا نُريد أيّ مواجهة مع إيران، ولكن سنتّخذ كلّ الإجراءات لحماية قوّاتنا ومواطنينا. ونبذل جهودنا لضمان عدم توسّع الصراع أبعد من غزّة"!
ونفّذت "فصائل المقاومة"، بعد ساعات من مغادرة بلينكن، ثلاث عمليّات منفصلة بطائرات مُسيّرة على قاعدتي عين الأسد والحرير!
وتوجه واشنطن بين حين وآخر ضربات جوّيّة موجعة لتلك الفصائل داخل العراق وسوريا!
وبعد ساعات من لقائه بوزير الخارجية الأمريكي، غادر رئيس الوزراء العراقي لطهران، والتقى بالمرشد الأعلى علي الخامنئي.
ولا شكّ بأنّ زيارة السوداني مرتبطة بزيارة بلينكن، وربّما محاولة عراقية، وبضغوط أمريكية، لإدخال طهران على خطّ الضغط على الفصائل المسلحة العراقية المرتبطة بإيران أو التي تواليها للكفّ عن مهاجمة القوّات الأمريكية!
والضربات الجوّيّة والصاروخية أحرجت السوداني، وهو اليوم لا يمكنه إدارة الملفّ الأمني في مباحثاته مع الأمريكيين!
ورغم أنّ إيران تَبرّأت من علاقتها بهجمات "المقاومة"، وأنّ الفصائل "تحظى بقرار مستقلّ"، إلا أنّ بيانات وتصريحات زعماء تلك الفصائل تؤكّد الولاء الواضح والعلني لطهران!
وبسبب التداخل في الأحداث تريد واشنطن مَسْك العصا من المنتصف، فهي تقف مع إسرائيل في حربها بغزة، وتحاول أيضا أن تُؤمِّن مصالحها، وتحمي جنودها في المنطقة. وهذه معادلة صعبة للغاية، ولا يمكن تطبيقها بسهولة بسبب التداعيات الكبرى لطوفان الأقصى!
وتحاول الفصائل العراقية ضرب العديد من "العصافير/ الأهداف" بطائرة مسيّرة واحدة، ومنها الضغط العسكري على واشنطن لقطع دابر أيّ "تفكير" بتوجيه ضربات جوّيّة أو صاروخية للداخل الإيراني، وأنّ مصالح واشنطن في العراق، وربّما في المنطقة، ليست بمَأمَن من هجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ!
ومن الرسائل الأخرى إظهار "التضامن مع غزة"، وإحراج حكومة بغداد، وزيادة نفوذ الفصائل الداخلي، الأمني والسياسي!
ويبدو أنّ تداعيات طوفان الأقصى مستمرّة داخل العراق وخارجه وآخرها بثّ "الفصائل"، الاثنين الماضي (13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، لاعترافات "إليزابيث تسوركوف"، الجاسوسة "الإسرائيلية/ الروسية" التي يقال بأنّها محتجزة لدى كتائب حزب الله العراقي، واختفت أواخر آذار/ مارس 2023. وهذه رسالة "مُبْهمة" لإسرائيل وواشنطن، وربّما ورقة ضغط لصالح طهران!
ورغم الحقائق الواضحة بخصوص الصراع مع "إسرائيل"، لكنّ الحقيقة أنّ العراقيين يعلمون بأنّ هجمات "فصائل المقاومة" ضدّ المصالح الأمريكية تُنفّذ بأجندات خارجية ولا علاقة لها بالعراق أو فلسطين، وهذه هي الحقيقة الراسخة بلا أدنى شكّ!
twitter.com/dr_jasemj67
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق الفلسطينيين هجمات الإيراني العراق إيران امريكا فلسطين هجمات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الثانی فی العراق
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض والبنتاجون ينفيان مشاركة الطائرات الأمريكية في ضرب إيران.. تقارير القناة الإسرائيلية "كاذبة"
في ظل التصعيد المتزايد بين إسرائيل وإيران، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى نفي الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية بشأن مشاركة طائرات أمريكية في الهجمات الجوية التي استهدفت الأراضي الإيرانية مؤخرًا.
البيت الأبيض يرد على القناة 14: لا نشارك في أي ضربات ضد إيرانوقال مسؤول في البيت الأبيض فجر الثلاثاء 17 يونيو 2025، إن التقارير التي بثّتها القناة 14 الإسرائيلية، بشأن مشاركة الولايات المتحدة في ضربات جوية على إيران، هي "أخبار كاذبة ولا أساس لها من الصحة".
إيران تمدد إغلاق أجوائها الجوية حتى الثانية ظهرًا بسبب تصعيد عسكري مع إسرائيل عاجل- مقتل رئيس الأركان الإيراني علي شادماني في غارة إسرائيلية دقيقة وسط طهرانوشدد المسؤول الأمريكي على أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عمليات عسكرية ضد إيران في هذا التوقيت، مشيرًا إلى أن واشنطن تتابع تطورات الوضع الأمني في الشرق الأوسط عن كثب، وتؤكد على أهمية تجنب التصعيد.
البنتاجون: لم تشارك أي طائرات أمريكية في الضرباتمن جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، أن ما ورد من تقارير حول مشاركة طائرات أمريكية في الهجمات الجوية ضد إيران غير دقيق تمامًا.
وقال متحدث رسمي باسم البنتاجون في تصريح مقتضب لوسائل الإعلام: "لم تنفذ أي طائرات تابعة للجيش الأمريكي ضربات على أهداف في إيران، وما تم تداوله بهذا الشأن غير صحيح".
نفي أمريكي وسط تصعيد إيراني إسرائيلي غير مسبوقويأتي هذا النفي الأمريكي الحاسم وسط تصاعد غير مسبوق في العمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل، بعد أن شنت الأخيرة ضربات جوية على مواقع داخل العمق الإيراني، وردت طهران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية ضمن عملية "الوعد الصادق 3".
وأثار الحديث عن احتمال مشاركة الولايات المتحدة في العمليات العسكرية موجة واسعة من القلق، نظرًا لاحتمال توسيع رقعة الصراع إلى مواجهة إقليمية أوسع تشمل قوى دولية، وهو ما دفع واشنطن إلى المسارعة بالتوضيح.
خلفية التوتر: واشنطن تفضل "الردع وليس التصعيد"تؤكد الإدارة الأمريكية منذ بدء التصعيد الأخير بين طهران وتل أبيب، أنها تحرص على استقرار المنطقة وتسعى لتفادي اندلاع حرب واسعة النطاق.
وعلى الرغم من تأكيد واشنطن التزامها بأمن إسرائيل، إلا أن البيت الأبيض يكرر دائمًا أن الردع يجب أن يتم ضمن أطر دبلوماسية وتنسيق أمني لا يتجاوز الخطوط الحمراء.
مراقبة مستمرة وتأكيد على التنسيق مع الحلفاءوفي السياق نفسه، أكد مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة تتابع تطورات الموقف الأمني لحظة بلحظة، وتواصل التنسيق مع حلفائها في المنطقة، لكنها لا تتبنى أي نهج هجومي مباشر ضد إيران في الوقت الحالي.