مخاوف من أزمة عالمية بسبب زيادة المقاومة للمضادات الحيوية
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
يتراجع عدد الشركات الدوائية الكبرى التي تعمل في مجال أبحاث تطوير المضادات الحيوية بشكل كبير، وذلك لارتفاع تكاليف الاستثمار في البحث والتسويق، كما أن الأدوية أصبحت لا تدر سوى القليل من الأرباح.
وتؤدي مقاومة المضادات الحيوية إلى صعوبة علاج العديد من الأمراض المعدية، مما قد يؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات والإصابات، كما تؤدي إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية، حيث تتطلب علاجات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية أدوية أكثر تكلفة وفترة علاج أطول.
وتسعى مؤسسة "الوصول إلى الدواء" إلى ضمان توفر الأدوية المناسبة للمرضى المتضررين في جميع أنحاء العالم. وترى المنظمة المستقلة غير الربحية التي يقع مقرها في هولندا أن هناك تهديدا كبيرا لحياة الملايين بسبب تصاعد مقاومة الميكروبات الممرضة للأدوية، وطالبت ببذل جهود أكبر داخل مجال صناعة الأدوية وإجراء أبحاث أكثر كثافة على المضادات الحيوية الجديدة.
ووفقًا للاتحاد الألماني لشركات الأدوية العاملة في الأبحاث، فإنه يوجد حاليًا 68 مادة فعالة فقط قيد التجارب السريرية على مستوى العالم، و292 مشروعًا في المرحلة ما قبل السريرية. وهذا لا يكفي بأي حال من الأحوال.
زيادة الوفيات بسبب مقاومة المضادات الحيوية
وتعد أكبر مشكلة تواجه المجال الدوائي حالياً هي زيادة مقاومة المضادات الحيوية، الأمر الذي يتتسبب في العديد من الوفيات. ونشرت مجلة "ذا لانسيت" المتخصصة في عام 2022 دراسة تلخص نتائج بعض الدراسات حول الوفيات والأمراض المرتبطة بهذه المقاومة الميكروبية للمضادات الحيوية (AMR).
وكان من بين هذه النتائج أنه تم تقدير عدد الوفيات المرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية بنحو خمسة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم. ولا يُعرف بعد ما إذا كان السبب هو العامل الأصلي المسبب للمرض أم المقاومة. وتعد منطقة غرب إفريقيا جنوب الصحراء الأكثر تضررًا من هذا الأمر.
لكن الأمر لا يشمل فقط البلدان النامية والناشئة التي تعاني من مقاومة المضادات الحيوية ونقص الأدوية الجديدة، إذ تعاني البلدان الصناعية أيضًا من ذلك. ولذلك، طالبت مؤسسة "الوصول إلى الدواء" بإلحاح بتطوير مضادات حيوية ولقاحات جديدة. لكن العديد من الشركات الكبرى لم تعد تُجري أبحاثًا على أدوية جديدة حيث ترى أن الأمر لا يستحق كل هذا العناء من الناحية الاقتصادية.
تعاني البلدان النامية والناشئة من مقاومة المضادات الحيوية ونقص الأدوية الجديدة وانضمت إليها حتى عدة بلدن صناعية
تراجع عدد الشركات المنتجة للمضادات الحيوية
ولا تقتصر مشكلة نقص المضادات الحيوية الجديدة على البحث والتطوير فقط، بل تمتد أيضًا إلى الإنتاج. فوفقًا لمؤسسة الوصول إلى الدواء، فإن غالبية الشركات التي تنتج المضادات الحيوية هي شركات كبرى، غالبًا ما تكون مسؤولة عن أكثر من 200 منتج، وتوزعها على مستوى العالم.
وتشير المؤسسة إلى أنه إذا ما غيرت هذه الشركات من استراتيجيتها ولم تعد تُنتج المضادات الحيوية، فلن يكون لدى الناس في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض إمكانية الوصول إليها. ونتيجة لذلك، سيموت المزيد من الناس حول العالم لأنهم لا يحصلون على الدواء المناسب وليس بسبب الجراثيم نفسها.
الجدير بالذكر أنه لا يتم تسجيل العديد من المواد الفعالة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وقد حددت مؤسسة الوصول إلى الدواء أكثر من 100 دولة في جميع أنحاء العالم على أنها بلدان ذات مشاكل صحية، حيث تواجه حاجة ماسة إلى تحسين الوصول إلى الأدوية.
ووفقًا للمؤسسة، فإن عددًا قليلاً فقط من المضادات الحيوية الجديدة متوفرة في حوالي 10 من هذه البلدان. لذلك، فإن فرص وصول المضادات الحيوية الجديدة إلى من يحتاجونها ضئيلة.
ما الموقف في العالم العربي؟
تعد مقاومة المضادات الحيوية مشكلة خطيرة في العالم العربي، حيث تنتشر بشكل متزايد في جميع أنحاء المنطقة. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن مقاومة المضادات الحيوية في العالم العربي هي من أعلى المعدلات في العالم.
وتشير دراسة "تقييم مقاومة مضادات الميكروبات في مصر" والتي أجريت في عام 2021 ودراسة أخرى أجريت في السعودية عام 2020 وأخرى في المغرب عام 2022 إلى أن أهم أسباب انتشار مقاومة المضادات الحيوية في العالم العربي هي:
1- الاستخدام المفرط والخاطئ للمضادات الحيوية: حيث يتم وصف المضادات الحيوية بشكل غير دقيق في كثير من الأحيان، أو يتم استخدامها بشكل غير كامل بمعنى عدم تناول العلاج للنهاية.
2- انتشار الأمراض الحيوانية التي تنتقل إلى الإنسان: حيث تنتقل بعض الأمراض الحيوانية إلى الإنسان، مثل السل والالتهاب الرئوي، والتي يمكن أن تصبح مقاومة للمضادات الحيوية.
3- ضعف الأنظمة الصحية: حيث تفتقر العديد من البلدان العربية إلى البنية التحتية والتمويل الكافيين لمراقبة ومكافحة مقاومة المضادات الحيوية، وفق ما ذكرت منظمة الصحة العالمية.
قيود ذاتية في التسويق
ولا تقل أهمية تطوير مضادات حيوية جديدة عن أهمية إقناع الأطباء بعدم استخدام المضادات الحيوية التقليدية بشكل مفرط، لأن الهدف هو تجنب تكوين المقاومة من البداية.
وتشارك مؤسسة الوصول إلى الدواء أيضًا في هذا المجال وتحاول الضغط على الشركات للوفاء بمسؤوليتها في تسويق وتوزيع الأدوية، في محاولة منها لإقناع الشركات بعدم دفع الأطباء على سبيل المثال إلى وصف المضادات الحيوية بشكل مفرط وكبير. لأن مثل هذا الإجراء يزيد بشدة من احتمالات تكوين مقاومة للمضادات الحيوية لتصبح في النهاية بلا فائدة.
مزيد من الشفافية
بدأ بعض الشركات في مشاركة معلومات حول مقاومة المضادات الحيوية مع المستشفيات والباحثين. على سبيل المثال، نشرت شركة الأدوية الأمريكية العملاقة "فايزر" بيانات تم جمعها من برنامج خاص بها وأتاحته في سجل مفتوح للجميع الأمر الذي عده البعض خطوة أولية مشجعة.
أيضاً طورت بعض شركات الأدوية التي تجري الأبحاث وتنتج الأدوية استراتيجية سوقية للأدوية التي تم اختبارها بالفعل، بحيث يمكن توزيعها واستخدامها بسرعة أكبر نسبياً.
وعلى الرغم من هذه الخطوات الصغيرة المشجعة، إلا أن المشكلة لم تحل بعد، فالواقع هو أن مقاومة المضادات الحيوية تتزايد بشكل أسرع من ظهور مضادات حيوية جديدة. وحتى لو كانت تكاليف البحث والتطوير والإنتاج مرتفعة، فإن عالمًا من دون مضادات حيوية فعالة سيكلف سكان العالم الكثير من الخسائر.
فابيان شميدت/عماد حسن
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: مقاومة المضادات الحیویة مقاومة للمضادات الحیویة فی العالم العربی فی جمیع أنحاء مضادات حیویة العدید من
إقرأ أيضاً:
تخفيض كبير لأسعار تذاكر مونديال الأندية وسط مخاوف من مدرجات فارغة
اضطر الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" للمرة الثانية، لتخفيض أسعار التذاكر لمباراة افتتاح بطولة كأس العالم للأندية، التي تقام في الولايات المتحدة، وسط مخاوف متزايدة من عزوف الجماهير عن حضور المواجهات.
وتنطلق البطولة في 14 يونيو/حزيران الجاري وتستمر حتى 13 يوليو/تموز 2025، وتقام بنظام جديد بمشاركة 32 فريقا للمرة الأولى، ويواجه إنتر ميامي بقيادة ليونيل ميسي فريق الأهلي المصري في المباراة الافتتاحية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد.. التركي غولر يسجل أغرب هدف في مسيرتهlist 2 of 2الملاعب المستضيفة لكأس العالم للأندية 2025 ومواعيد المبارياتend of listوبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة، لا تزال عشرات الآلاف من المقاعد غير مبيعة للمباراة بين إنتر ميامي والأهلي المقررة يوم السبت المقبل على ملعب "هارد روك" في ميامي والذي يتسع لـ65 ألفا و326 متفرجا.
وأضافت أن "الفيفا كان قلقا في الأسابيع الأخيرة من أن المباراة الافتتاحية للبطولة لن تشهد حضور أكثر من 20 ألف متفرج"، لكن الاتحاد الدولي أصر على أن هذا غير صحيح، قائلا إن "الرقم أعلى بكثير"، لكن دون تحديد للعدد.
وأوضح الفيفا في بيان "نُقدّم العديد من الأندية الجديدة والناجحة من جميع القارات إلى العالم من خلال هذه البطولة التي تُقام في 11 مدينة بالولايات المتحدة. بشكل عام، نتوقع حضورا جماهيريا كبيرا طوال فترة البطولة في هذه النسخة الأولى على الإطلاق، وهي بطولة نعتقد أنها ستنمو باستمرار".
إعلان الفيفا في أزمةلكن مع ذلك تقول "نيويورك تايمز" إن انخفاض أسعار التذاكر يشير إلى معاناة الفيفا لاختراق السوق، موضحة أن سعر تذكرة مباراة إنتر ميامي والأهلي وصل إلى 55 دولارا أميركيا فقط، وهو ما يمثل نصف السعر الذي كان محددا في مايو/أيار الماضي.
وأضافت "في المقابل بلغ سعر أرخص تذكرة 230 دولارا في يناير/كانون الثاني، و349 دولارا بعد إجراء القرعة في ديسمبر/كانون الأول، ويأمل الفيفا الآن أن تجذب هذه الأسعار المخفضة الجمهور خلال حملة دعائية مكثفة في الأسبوع الأخير قبل البطولة".
ومن بين مباريات دور المجموعات الأكثر مبيعا في البطولة حتى الآن، مواجهات ريال مدريد، حيث لا تتوفر أي تذاكر بأقل من 132 دولارا لمواجهة الفريق الإسباني ضد باتشوكا المكسيكي في شارلوت.
بينما تبدأ الأسعار من 310 دولارات لمباراة الريال ضد الهلال السعودي في ميامي و253 دولارا لمباراته ضد سالزبورغ النمساوي في فيلادلفيا.
كما تشهد مباراة بوكا جونيورز الأرجنتيني ضد بايرن ميونخ الألماني رواجا كبيرا، بفضل العدد الكبير من الأرجنتينيين في ميامي، حيث يبلغ سعر أرخص تذكرة حاليًا 136 دولارا.
أسعار زهيدةفي المقابل، انخفضت أسعار التذاكر في مباريات أخرى بشكل كبير، وكانت أرخص تذكرة في مباراة ريفر بليت الأرجنتيني وأوراوا ريد دايموندز الياباني، حيث يبدأ سعرها من 24 دولارا للمباراة في ملعب "لومين" في سياتل.
وتتوفر مباريات أخرى، مثل باريس سان جيرمان الفرنسي ضد بوتافوغو البرازيلي، مقابل 33 دولارا، في حين أن هناك مخاوف أيضا بشأن مساحات شاسعة من المقاعد الفارغة لمباريات كتلك التي تجمع بنفيكا ضد أوكلاند وبالميراس ضد الأهلي وأولسان ضد صن داونز، وصن داونز ضد فلومينينسي والتي تباع جميعها الآن بأسعار تتراوح بين 26 و40 دولارا.
Eyes on the prize. ???? #TakeItToTheWorld | #FIFACWC pic.twitter.com/qqqhMrvbES
— FIFA Club World Cup (@FIFACWC) June 1, 2025
وكان السويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أصر في أبريل/نيسان الماضي على أنه "ليس قلقا على الإطلاق بشأن مبيعات التذاكر".
وقال "عندما أرى بعض الملاعب في الولايات المتحدة تمتلئ عندما تأتي بعض الفرق للعب بعض المباريات الودية والاستعراضية، فلا أشعر بالقلق على الإطلاق بشأن ملء الملعب عندما تأتي الفرق للمشاركة في كأس العالم وخوض مباريات من أجل شيء حقيقي".
إعلان غياب 3 فرق كبرىوكانت شبكة "ريليفو" الإسبانية سلطت الضوء على أحد الأسباب التي قد تسهم في بعض العزوف عن الاهتمام الجماهيري بكأس العالم للأندية، ويتعلق بغياب 3 من أبطال الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى عن البطولة.
ولن تشارك في البطولة أندية عملاقة بحجم برشلونة وليفربول ونابولي وهم أبطال بطولات الدوري في إسبانيا وإنجلترا وإيطاليا على التوالي، في الموسم المنصرم.
وذكرت "ريليفو" أن هذا الأمر يُعد غريبا للغاية، وتساءلت "كيف يمكن لثلاثة من أفضل فرق الموسم المنتهي مؤخرا في أوروبا أن تغيب عن أهم حدث كروي عالمي في السنة؟".
ووصفت هذا الغياب بأنه شبيه بعدم تأهل ألمانيا أو البرازيل أو فرنسا أو إيطاليا لنهائيات كأس العالم للمنتخبات الوطنية، مع الفارق أن المنتخبات تتأهل عبر التصفيات، بينما لا تملك الأندية مجالا كافيا للمناورة.
وفي الوقت نفسه ترى الشبكة الإسبانية أن هذه المفارقة يصعب حلّها، رغم أنها طرحت العديد من المقترحات لتجنّب هذا الأمر في المستقبل.
ومن بين هذه المقترحات توسيع فترة الاختيار ليتم احتساب السنة التي تتم فيها البطولة، وإقامتها في الشتاء بدلا من الصيف، وتوجيه دعوات خاصة لفرق معينة وإلغاء قاعدة فريقين فقط لكل بلد.