لجريدة عمان:
2025-05-16@11:14:22 GMT

نوافذ :«دس السم...».. محنة دائمة

تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT

[email protected]

ينتصر جميعنا للكلمة التي نحسبها آمنة، وصادقة، نطمئن إليها باطمئناننا إلى أمانة قائلها، ولا تحتمل أن تتلوى بين دهاليز النفس الأمارة بالسوء، ومع أن ذلك نحتاج إلى معادلة معيارية، نعيش حقيقتها على واقع التعاملات اليومية التي تجمعنا بالآخرين، وإلا كيف يمكننا الاطمئنان إلى كثير من هذا الحجم من الكلمات واللغو الذي يحوم على رؤوسنا من كل حدب وصوب، فأيهما نُصوِّب نحو الاطمئنان، وأيهما نُصنّف نحو الخيانة والبهتان، أليس في ذلك محنة؟ لا تزال الكملة «سهم» مصوب إلى مقتول لا محالة، إن هي خرجت عن سياقها الطبيعي، وحدة هذا السهم بما يختلج في نفس قائلها، فإن صدق في مقولته حلت الكلمة رخاء سخاء على متلقيها، وإن جاوز الصدق الخفي، واستبدله بالصدق المغالط في حقيقته؛ فإن الكملة ذاتها سوف تعبر عن حقيقتها عندما تحل على الطرف الآخر، سهم قاتل يتجرعه في ضعف، ويقلق راحته في استسلام لضعف المواجهة.

وبقدر هذه المحنة التي تعيشها الكلمة مع حاملها، إلا أنه حتى مفارقات الأفعال والسلوكيات قائمة في كثير من ممارساتها على نفس الشاكلة التي تعيشها الكلمة، حيث تفرز مجموعة التفاعلات القائمة بين الأفراد في المجتمع كثيرا من السلوكيات المناقضة لما قد يبديه الفرد من مودة ظاهرية في مواقف معينة، فإذا بسلوكيات أخرى، قد تشهدها بنفسك، وقد تأتيك أخبارها من هنا أو هناك، تمثل لك صدمة قاسية، وتقلب قناعاتك عن فرد ما، رأسا على عقب، وتود أن لو لم تعرف عنه شيئا، أو لا تعرفه على الإطلاق، وبالتالي فمجموعة الممارسات التي يقوم بها الأفراد، سواء التي بالكلمة، أو بالفعل تعيش محنتها الخانقة للعلاقات، والمؤزمة للتواصل مع الآخر، وعلى الرغم من التجربة الإنسانية في تقاربها، وتباعدها مع الآخر، لم تستطع أن تصل إلى نقطة فاصلة لإقامة علاقة آمنة وسليمة، تخلو من المنغصات، ومن المثالب، ومن التناقضات بين مختلف الأطراف، فهل هو قدر تعيشه الإنسانية؛ حيث لا مفر من القدر؟ السؤال الآخر أيضا: متى نستطيع أن نهزم مجمل المنغصات التي نعيشها مع أنفسنا، ومع الآخر من حولنا؟ لأنه كلما حققنا شيئا من الإنجاز في اتجاه التصالح سواء مع الذات أو مع الآخر، فإذا بنتوءة تظهر؛ فتعيدنا إلى مربعنا الأول من جديد، وكأن هذا هو قدرنا، قد ينظر البعض إلى تعاليم الدين، وإلى القيم الإنسانية التي ينادي بها البعض على أن لها دورا في الحد من العودة إلى مربعنا الأول في كل مرة، ولكن الواقع يشير إلى أن حتى هذه المعززات للسلوك ليس لها تأثير مباشر على ترجيح السلوك الإيجابي، وتنحية السلوك السلبي، وإنما المسألة متوقفة على مستوى القناعات التي يؤمن بها الفرد، من ناحية، وعلى مستوى «العَرَضْ» أي الشيء المقبوض من ناحية ثانية، وحتى هذه الأخيرة مرتهن على تأثيرها لفترة محددة فقط، ولا يمكن أن تبقى على طول خط سير الرحلة الإنسانية؛ حتى يمكن الاطمئنان عليها، واعتبارها منهجا آمنا؛ لأنه متى ما انتهى «العَرَضْ» استنفرت النفس مرة أخرى.

وبالتالي لن يكون «دس السم في العسل» أمرا عارضا، أو فعلا غير متعمد أبدا، وإنما هو فعل يقوم على «مع سبق الإصرار والترصد» حيث تبيت نيته، والعزم على تنفيذه، وهذا ما يعكس الجانب الآخر «النقيض» للمعنى الإنساني الذي نحمله بين جوانحنا، ونفاخر به، ونقول في كثير من المواقف: «هذا ما إنسان»؛ لأنه أتى بفعل لا تستسيغه إنسانيتنا كما نعتقد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مع الآخر

إقرأ أيضاً:

دعم الإمارات للسودان.. نموذج للدبلوماسية الإنسانية الفاعلة

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة خدمات رقمية لدعم التحاق المجندين بالجامعات تعاون بين «محمد بن زايد للماء» و«معهد تحلية مياه البحر» في الصين

مع تزايد وتيرة النزاع المسلح في السودان، تواصل دولة الإمارات جهودها الدبلوماسية والإنسانية الداعمة للشعب السوداني الشقيق، ما يجعلها نموذجاً للدبلوماسية الإنسانية الفاعلة.
وتعمل الإمارات، من خلال مؤسساتها الإنسانية والإغاثية، على تقديم المساعدات الغذائية والطبية واللوجستية للمتضررين من النزاع في السودان، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، إضافة إلى جهودها السياسية والدبلوماسية الداعمة للحلول السلمية التي تطرحها القوى الإقليمية والدولية، عبر عقد حوارات ولقاءات سياسية بين الأطراف المتنازعة، من أجل التوصل إلى حل سلمي شامل ومستدام.
وكانت الإمارات قد شاركت بفاعلية في جميع المبادرات والمباحثات الإقليمية والدولية التي ناقشت مستقبل السودان، ومثلت صوتاً دبلوماسياً وإنسانياً قوياً في الدعوة إلى حماية المدنيين، ووقف التصعيد، وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية والإغاثية.
وأوضح خبراء ومحللون، تحدثوا لـ«الاتحاد»، أن دولة الإمارات تثبت يوماً بعد يوم التزامها الراسخ بالوقوف إلى جانب الشعب السوداني، عبر جهود إنسانية ودبلوماسية متواصلة تهدف إلى إنهاء الحرب وإعادة الاستقرار للسودان.
وأشار الخبراء والمحللون إلى أنه في الوقت الذي تتفاقم فيه معاناة السودانيين جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، تواصل الدولة دورها المحوري الداعم للتسوية السلمية، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين.

إنقاذ المدنيين
أوضح الباحث في الدراسات الاستراتيجية، الدكتور عماد الدين حسين بحر الدين، أن الإمارات تتعامل مع الملف السوداني بمنطق الدولة المسؤولة الحريصة على استقرار جوارها العربي والأفريقي، وهو ما جسدته سياساتها الحكيمة منذ اللحظة الأولى لاندلاع النزاع في السودان، مشيراً إلى أنها لم تتورط في تغذية الصراع، بل على العكس، وضعت كل ثقلها الدبلوماسي والإنساني لإنهاء الحرب وإنقاذ المدنيين.
وقال بحر الدين، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن من ينظر بموضوعية إلى الواقع، يرى أن الإمارات كانت من أولى الدول التي سارعت إلى دعم الشعب السوداني، عبر قوافل إنسانية وإغاثية متواصلة، وإطلاق مبادرات مهمة لدعم القطاعات الحيوية في السودان، على رأسها القطاع الطبي، رغم المخاطر الأمنية.
وأضاف أن الإمارات لا تعمل في الخفاء، ولا تدعم طرفاً على حساب الآخر، وتحرص على التنسيق مع الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين، وتسعى فقط نحو تحقيق السلام والاستقرار.

كارثة إنسانية
شدد المحلل السياسي الكويتي، خالد العجمي، على أن الإمارات لم تنظر يوماً إلى الأزمة السودانية من زاوية سياسية ضيقة، بل تعاملت معها باعتبارها كارثة إنسانية تستوجب تدخلاً عاجلاً ومحايداً، وحرصت على تقديم الدعم المتواصل، سواء من خلال تسيير الجسور الجوية والبحرية لإيصال المساعدات إلى المتضررين من النزاع، أو عبر مساهماتها الإيجابية في المؤتمرات الدولية الداعمة للسودان.
وذكر العجمي في تصريح لـ«الاتحاد» أن الإمارات سعت بجهود صادقة لإنهاء الحرب في السودان، ولم تنحز لطرف على حساب آخر، بل تقف دوماً مع الشعب السوداني وإرادته، ومع مسار الحل السلمي الذي يضمن وحدة السودان واستقراره، مؤكداً أن العديد من الأطراف الدولية تدرك اليوم أهمية الدور الإماراتي الذي يجمع بين الدعم الإنساني والعمل الدبلوماسي.

مقالات مشابهة

  • روبيو: إذا أحرزت سوريا تقدماً سنطلب من الكونغرس إلغاء العقوبات بصورة دائمة
  • عجوز فلسطينية عاصرت النكبة.. محنة غزة اليوم أشد وأبشع
  • منظمة غير حكومية جديدة تعتزم توزيع المساعدات الإنسانية في غزة
  • تقرير.. مؤشرات التجارة تكشف عن فجوة دائمة بين الجنسين عالميا
  • برنامج الغذاء العالمي يعلن عن توجه قافلة من المساعدات الإنسانية لمدينة الفاشر
  • مؤسسة غزة الإنسانية تعلن عن إطلاق عملياتها في القطاع غزة قبل نهاية مايو
  • من العمل التطوعي إلى الطمع و التهافت السياسي: الوجه الآخر لفئة كبيرة من الشباب الجمعوي في تمصلوحت”
  • جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الأوضاع الإنسانية في غزة
  • دعم الإمارات للسودان.. نموذج للدبلوماسية الإنسانية الفاعلة
  • التراث هوية..هل يمكن التملُّص منها؟