صحيفة الاتحاد:
2025-05-30@19:40:14 GMT

الأعاصير.. ثورة المحيطات

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

أحمد شعبان (القاهرة)
الأعاصير من الظواهر الطبيعية التي تجتاح مناطق محددة في العالم، وفي أوقات معينة من العام، وتؤثر على المناطق التي تقع بالقرب من المحيطات وخطوط العرض المنخفضة وشبه الاستوائية، ويعد الإعصار المداري عاصفة سريعة الدوران، تدور عكس اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وفي اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي، وتتسم بمركز ضغط منخفض عادة ما تكون بطيئة الحركة ولكنها عنيفة جداً، مع سرعة رياح تتراوح بين 120 و320 كيلو مترا في الساعة.


تتكون الأعاصير في المحيطات الواقعة في المناطق المدارية، ويقدر قطر مركز الإعصار بعدة كيلومترات تحيط بها دائرة نشاط الإعصار، وهي منطقة تمتد عشرات الكيلومترات للخارج تتلبد في سمائها غيوم كثيفة وسميكة مشبعة ببخار الماء، وتهطل منها أمطار غزيرة متواصلة قد تزيد عن 500 مليمتر وتصاحبها رياح عاتية.
رياح عاتية
تؤدي الرياح القوية إلى هيجان البحر وتلاطم الأمواج العالية، التي قد يصل ارتفاعها إلى 6 أمتار فتهدم المنازل وتدمر المنشآت وتقتلع الأشجار وأعمدة الهاتف والكهرباء وتتسبب في وفاة الأشخاص وتعطل أنشطة الحياة، وتضعف قوة التدمير للإعصار كلما ابتعدنا عن مركزه.
ويستمد الإعصار طاقته من الشمس حيث تسقط أشعتها القصيرة على سطح البحر فتسخن الماء ويتحول إلى بخار، ويرتفع إلى الأعلى فيبرد ويتكاثف محرراً الطاقة الحرارية الكامنة التي تتحول إلى طاقة حركية تدير الإعصار.
العاصفة والإعصار
يعد الإعصار والعاصفة المدارية والتيفون، ظاهرة طقس واحدة، لكن ما يضع فوارق بينها هو موقع تواجدها، حيث تسمى العواصف القوية الناشئة في المحيط الأطلسي أو شرق المحيط الهادئ بالعواصف المدارية، بينما تتشكل الأعاصير فوق جنوب المحيطين الهادئ والهندي، فيما يولد التيفون فوق شمال غرب المحيط الهادئ. العاصفة تبدأ سرعتها من 65 كيلومتراً في الساعة، وتسمى استوائية أو مدارية، فإذا تجاوزت سرعات الرياح 115 كيلومتراً، أصبحت إعصارا، والأعاصير تتكون على المسطحات المائية الواسعة وتنقسم إلى فئات من الأولى وهي أضعفها حتى الخامسة أشدها.

أسماء الأعاصير
تختلف أسماء الأعاصير حسب مكان حدوثها، في جنوب شرق آسيا والمحيط الهندي اسمها «سايكلون»، وفي شرق آسيا والمحيط الهادئ يطلق عليها «تايفون»، وفي المحيط الأطلسي، وخليج المكسيك أو البحر الكاريبي تسمى «هاريكاين». 
وكانت الأعاصير سابقاً تسمى بأسماء بعض القديسين مثل إعصار «سانتا ماريا» وبأسماء السنوات التي حدثت فيها مثل إعصار 1898 الذي ضرب ولاية جورجيا، وأثناء الحرب العالمية الثانية بدأ خبراء الأرصاد يطلقون على الأعاصير أسماء زوجاتهم وبناتهم ومن هنا جاء هذا التقليد.
وفي 1950 بدأ المركز الوطني للأعاصير بإنشاء قوائم لأسماء العواصف والأعاصير، وكان إطلاق الأسماء على الأعاصير في البداية بشكل عشوائي، ولكن خبراء الأرصاد الجوية بدأوا باستخدام نظام الحروف الأبجدية مع قائمة من الأسماء المؤنثة فقط.
التغيرات المناخية
قدم بعض العلماء والباحثين المعنيين بدراسة المناخ، منذ سنوات أمثلة كثيرة أكدوا عبرها أن ارتفاع مستوى درجات حرارة سطح مياه البحار والمحيطات ساهم في رفع حدة الأعاصير التي تنشأ في بعض المناطق منها تلك التي تنشأ في المحيطين الهندي والهادئ. 
واستدل العلماء على أن ارتفاع سطح المحيطات والبحار في العقود الأخيرة بشكل أكبر مما كان عليه من قبل، أصبح يوفر للأعاصير مصدر طاقة يجعلها أكثر عنفاً مما كانت عليه، مما يفسر الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي أصبح يلحقها بالمناطق التي يجتاحها.
أقوى الأعاصير
يصنف خبراء المناخ إعصار «ماثيو»، الذي ضرب جزر الكاريبي العام 2016، بأنه أكثر إعصار مثل تهديداً مباشراً لأميركا، حيث حملت العاصفة رياحاً شديدة الخطورة بسرعة 220 كيلومتراً في الساعة، وفي سبتمبر 2023 ضرب إعصار دانيال مدينة درنة في ليبيا مخلفاً خسائر كبيرة في الأرواح والبنية الأساسية. وفي أكتوبر 2015، ضرب المكسيك إعصار بتريشيا، بلغت سرعة الرياح المصاحبة له 325 كلم في الساعة، وفي العام 2013 اجتاح الفلبين والصين وفيتنام إعصار هايان، وبلغت سرعته نحو 314 كيلومتراً، وتسبب في مقتل نحو 12 ألف شخص وخسائر مالية قدرت بـ 686 مليون دولار، وفي العام 2005، ضرب إعصار ويلما كوبا وأجزاء من شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية وولاية فلورديا الأميركية، وبلغت سرعته 295 كليو متراً في الساعة. وفي العام 2005 ضرب إعصار كاترينا ولاية فلوريدا الأميركية، وكان من الدرجة الأولى قبل أن يشتد ويصبح من الدرجة الخامسة، ويعد الإعصار ميتش الأضخم في العام 1998، وبلغت سرعة الرياح فيه 290 كيلومترا في الساعة، ونشأ في البحر الكاريبي قبل أن يعصف بدول هندوراس وغواتيمالا ونيكاراغوا.

 

أخبار ذات صلة مسؤول بوزارة البيئة التونسية لـ«الاتحاد»: COP28 يسعى لتسريع آليات مساعدة الدول النامية «الشارقة للاستدامة الرياضية».. جائزة مجتمعية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

مقياس فوجيتا
يستخدم مقياس فوجيتا لتقدير شدة الإعصار، وهو مسؤول عن تصنيف الأعاصير، وفقاً لشدتها بناءً على الضرر الذي يمكن أن تسببه، وتم إنشاء هذا المقياس في العام 1971 من قبل عالم الأرصاد الجوية الأميركي تيتسويا تيودور فوجيتا، بالتعاون مع ألان بيرسون، ويبدأ المقياس من F0 وهو أضعفها بسرعة رياح بين 60-120 كلم، وحتى F5 وهو أقواها تدميراً بسرعة رياح من 420-510  كلم في الساعة.
فوائد الأعاصير
رغم أخطارها وخسائرها الكثيرة والواسعة والدمار الهائل الذي تسببه في الأرواح والممتلكات، فإن الأعاصير لها فوائد، وتلعب دوراً مهماً في حفظ كوكب الأرض وخلق التوازن على كوكبنا من خلال نقل الحرارة، كما تعيد توزيع الحرارة من خلال هطول الأمطار، وتترك الأعاصير القوية وراءها أثراً بارداً، إذ تكون درجات حرارة سطح البحر أكثر برودة بكثير من المياه المحيطة.
وتعزز الأعاصير أيضاً من بقاء الكائنات الحية إذ تحمل الرياح البذور التي بعيداً عن مصادرها الأصلية، مما يسهل انتشار العديد من الأنواع النباتية ونشرها حول العالم.
وتعتبر الأعاصير المدارية فعالة للغاية في إنتاج الأمطار، وبالتالي يمكن أن تكون فعالة في التغلب على الجفاف في بعض المناطق حول العالم التي تعاني شح المياه، كما تتسبب في ترسيب كميات كبيرة من قاع البحر والرواسب فيه نحو الشواطئ والمناطق الساحلية، مما يوفر بيئة للمجتمعات النباتات الساحلية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأعاصير الاستدامة كوب 28 مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ فی الساعة فی المحیط فی العام

إقرأ أيضاً:

ثورة عربية في طاقة الغاز.. مشاريع عملاقة ترفع قدرة الإسالة 47%

تتجه صناعة الغاز الطبيعي المسال في العالم العربي نحو تحوّل استراتيجي غير مسبوق، مع اقتراب دخول أربعة مشاريع ضخمة طور التشغيل، من شأنها إحداث قفزة نوعية في طاقة الإسالة الإقليمية، ورفع الحصة العربية في السوق العالمي بشكل ملموس.

وبحسب تقرير حديث صادر عن وحدة أبحاث الطاقة التي تتخذ من واشنطن مقرًا لها، من المتوقع أن ترتفع طاقة إسالة الغاز في الدول العربية بنسبة 47% بحلول عام 2030، لتصل إلى 203 ملايين طن سنويًا، مقارنة بـ138.5 مليون طن سنويًا في عام 2024.

وبحسب التقرير، يأتي هذا النمو وسط توسّع عالمي في هذا القطاع، حيث يُتوقع أن تبلغ الطاقة الإجمالية للإسالة حول العالم 515.6 مليون طن سنويًا بحلول نهاية عام 2025، بفضل مساهمات رئيسية من مشروعات عربية، على رأسها موريتانيا.

وفي هذا السياق، سلّط تقرير خاص لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، أعده خبير الغاز المهندس وائل حامد عبد المعطي، الضوء على أربعة مشاريع عربية رائدة تُعد المحرك الأساسي للنمو المتوقع:

قطر تتصدر القائمة بمشروع توسعة حقل الشمال، أضخم مشاريع الغاز في العالم،  ويُنفذ المشروع على مرحلتين: توسعة شرقية تضم أربعة خطوط إنتاج بطاقة 8 ملايين طن سنويًا لكل خط، وتوسعة جنوبية تشمل خطين إضافيين بنفس القدرة، ما يجعل قطر في موقع ريادي عالمي في تصدير الغاز المسال، مع مشاركة كبرى الشركات الدولية في المشروع مثل “إكسون موبيل”، و”توتال إنرجي”، و”شِل”.

الإمارات تدخل السباق عبر مشروع “الرويس” للغاز المسال، الذي يتميّز بكونه واحدًا من أقل منشآت الإسالة عالميًا من حيث الانبعاثات الكربونية، وتبلغ طاقته الإنتاجية 9.6 ملايين طن سنويًا، موزعة على خطين إنتاجيين بطاقة 4.8 ملايين طن سنويًا لكل خط، ما ينسجم مع استراتيجية الدولة في التحول نحو الطاقة النظيفة والتكنولوجيا منخفضة الكربون.

موريتانيا تسجّل أول دخول فعلي إلى سوق الغاز المسال عبر مشروع “تورتو أحميم” البحري المشترك مع السنغال، حيث بدأ التشغيل التجاري في أبريل 2025، ويضم المشروع وحدة إسالة عائمة بقدرة 2.3 مليون طن سنويًا، وقد نجح حتى الآن في تصدير شُحنتين إلى السوق العالمية، ما يمهد الطريق لاستغلال أوسع لاحتياطيات الغاز الموريتانية، ويضع الدولة على خارطة الطاقة الدولية.

سلطنة عُمان بدورها تخطط لتعزيز قدراتها عبر إنشاء محطة جديدة لإسالة الغاز في قلهات ضمن مجمعها الصناعي، بطاقة 3.8 ملايين طن سنويًا، مما يرفع إجمالي طاقتها إلى 15.2 مليون طن سنويًا، وتعتمد مسيرة تنفيذ المشروع على تأمين استثمارات خاصة، وسط مفاوضات تجريها السلطنة مع شركات عالمية مثل “بي بي” و”شل” و”توتال إنرجي”.

ويأتي هذا الحراك في وقت كشفت فيه بيانات وحدة أبحاث الطاقة عن تراجع طفيف في صادرات الغاز المسال من الدول العربية خلال الربع الأول من العام الجاري، لتبلغ 28.84 مليون طن، مقابل 28.92 مليون طن في الفترة نفسها من عام 2024، ما يعزز الحاجة لتوسيع الطاقة الإنتاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية.

هذه المشاريع الطموحة لا تعكس فقط الرغبة العربية في زيادة الحصة السوقية في قطاع الغاز العالمي، بل تُعبر أيضًا عن التوجه نحو تنويع الاقتصادات الوطنية، والتحول إلى مراكز إقليمية لإنتاج الطاقة، في وقت يشهد فيه العالم تحولًا جذريًا في أنماط استهلاك الطاقة والاعتماد على مصادر أكثر نظافة واستدامة.

مقالات مشابهة

  • في بيروت.. ثورة ضدّ التوك توك (فيديو)
  • إعصار مباغت يضرب غازي عثمان باشا في تركيا.. دمار هائل في دقائق ونجاة بأعجوبة
  • ثورة عربية في طاقة الغاز.. مشاريع عملاقة ترفع قدرة الإسالة 47%
  • العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!
  • الساعة التي أنقذت حياة حاج.. تدخل طبي سعودي دقيق في قلب مكة
  • إنريكي المدرب العنيد وقائد ثورة سان جرمان
  • ارتفاع مستوى المحيطات أسرع بمرتين ولا مؤشرات على إبطائه
  • لازريني: لو أن جزءا ضئيلا من التريليونات التي حصل عليها ترامب تذهب للأونروا
  • محافظ البحر الأحمر يوجه بوضع برنامج زمني للانتهاء من طلبات التقنين
  • الأمم المتحدة: مؤتمر عالمي في نيس لمواجهة طوارئ المحيطات