9 مليارات دولار .. الاتحاد الأوروبي يكشف مفاجآت جديدة عن ديون مصر
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
يشكل التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي أولوية قصوى، حيث قدم الاتحاد الأوروبي خلال الـ15 عاماً الماضية منحًا تزيد على 600 مليون يورو لمساعدة مصر في التغلب على مشكلات المياه.
ويعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لمصر، حيث يشكل حجم تجارة مصر مع دول الاتحاد حوالي 30% من إجمالي حجم تجارتها السلعية مع العالم، كما تقوم مصر بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي حول العديد من الموضوعات الإقليمية والدولية من ضمنها قضايا الهجرة واللاجئين ومكافحة الإرهاب.
وفي هذا الإطار، كشف السفير كريستيان برجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد متفق مع مصر منذ عامين على خطة قيمتها 9 مليارات دولار، و هذا من أجل دعم خطة التنمية، وهم على علم بالضغوط التي تقع تحتها مصر، وذلك ليس له علاقة بتداعيات الحرب في غزة.
وأوضح كريستيان برجر، خلال لقاء تليفزيوني، أن الاتحاد يناقش مع مصر كيفية تطوير العلاقة الاستراتيجية فيما بينهم و هذا الأمر تمت مناقشته منذ أسبوعين.
ونوه، إلى أن هناك أمرين أحدهما التمويل الذي أشار إليه، والآخر منحة من الاتحاد لتدعيم بعض البرامج والشراكات في مصر والتي قد تصل إلى 9 مليارات يورو، لافتا إلى أنهم سيقومون بمناقشة مُفصلة مع الحكومة المصرية حول كيفية زيادة علاقتهما وتوسيعها في قطاعات محددة مثل: التعليم، الاقتصاد والاستثمار وغيره من القطاعات.
وبشأن جدولة ديون مصر لدى الاتحاد الأوروبي، فأكد أنهم على وعي كامل بالعبء التي تتعرض له مصر، و بالفعل تتم مناقشات لإيجاد طرق فعالة لتقليل أثارها وتداعيتها، و هذا ما قاموا به في المقابلة الأخيرة مع الرئيس السيسي منذ أسبوعين للاتفاق على الخطوات اللازمة، معقبا: "هناك مناقشات تتم بشأن جدولة ديون مصر وإعادة النظر في أعباء الديون التي لدى الاتحاد الأوروبي من مصر، ومن الممكن أن تكتمل هذه المناقشات قريبًا".
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور على الإدريسي، إن الاتحاد الأوروبي يعد من أهم الشركاء التجاريين في مصر، حيث أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي أصبحت ممتدة خلال الفترة الأخيرة، وخاصة في ظل الأزمة الحالية التي ساعدت على تقوية العلاقات بين الطرفين في العديد من القطاعات.
وأضاف الإدريسي خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هناك العديد من الاتفاقيات التي تمت بين الدولة وبعض دول الاتحاد الأوروبي مؤخرا في ملف القمح، إضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي يستفاد من مصر في ملف الطاقة، وبالتالي هناك العديد من أوجه الاستفادة المشتركة بين الجانبين.
وأشار الإدريسي إلى أن تلك العلاقات تساعد الدولة المصرية في الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة والواعدة لديها، إضافة إلى ترويجها للنجاحات التي استطاعت أن تحققها خلال الفترة الماضية من إصلاحات اقتصادية عديدة، فزيارة جيلسومينا فيجليوتي، نائبة رئيس بنك الاستثمار الأوروبي هامة جدا، متمنيا أن "تجلب بعدها المزيد من الاستثمارات الأوروبية على أرض مصر".
ويحاول الاتحاد الأوروبي تسريع الجهود الرامية إلى تعميق علاقته مع مصر ومساعدة البلاد على معالجة التداعيات المتزايدة الناجمة عن الصراع بين إسرائيل وحماس على حدودها.
وخططت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تخطط لزيارة القاهرة قريباً لتعزيز الجهود المبذولة لدعم التنمية الاقتصادية في مصر وتخفيف تأثير الأزمة المستمرة، وكان الاتحاد الأوروبي يستكشف بالفعل الشراكة لكنه يريد الآن تسريع هذه الجهود نظرا لأهمية القاهرة الاستراتيجية والمخاوف بشأن زيادة تدفقات اللاجئين، بما في ذلك من الدول الأفريقية مثل السودان.
وستتضمن الخطة 6 أولويات تتراوح بين الاقتصاد، والاستثمارات، والهجرة، والأمن. وعلى الصعيد الاقتصادي، يرغب الاتحاد الأوروبي في استكشاف الخيارات مع الدول الأعضاء لمساعدة مصر على معالجة عبء ديونها الثقيل.
إضافة إلى ذلك، سيقترح الاتحاد الأوروبي خطة استثمارية تهدف إلى تعبئة 9 مليار يورو (9.8 مليار دولار) في القطاعات؛ الرقمية والطاقة والزراعة والنقل، والتي يتخللها منتدى استثماري مخطط له في الربيع المقبل.
وتسعى الخطة أيضاً إلى الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من خلال مساعدة مصر في إدارة الحدود وإجراءات مكافحة التهريب والعودة الطوعية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي برجر كريستيان برجر دولار مصر مصر والاتحاد الأوروبي بنك الاستثمار الأوروبي دول الاتحاد الاتحاد الأوروبی ملیارات دولار دول الاتحاد العدید من دیون مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
مصدرو الصين يتجهون إلى مصر| فرصة تاريخية للاقتصاد.. وإجمالي الاستثمارات يصل لـ8 مليارات دولار
وسط التصعيدات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، لم يعد البحث عن حلول بديلة رفاهية أمام المصدرين الصينيين، بل أصبح ضرورة اقتصادية ووجودية. وعندما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية خانقة على الواردات الصينية، وُضعت مئات الشركات في موقف لا تُحسد عليه. وبينما كانت بعض المصانع تغلق أبوابها أو تقلّص نشاطها، اختارت شركات أخرى التفكير خارج الصندوق، ومن بين هذه الشركات كانت “بيفا” إحدى كبرى شركات تصنيع الأقلام والقرطاسية في الصين.
لكن "بيفا" لم تبحث فقط عن طريق بديل لتجاوز العاصفة، بل وجدت في مصر بوابة جديدة نحو المستقبل، ليس فقط هرباً من التعريفات الأمريكية، بل كجزء من تحول استراتيجي في خريطة التجارة العالمية.
ضربة تجارية تهز "بيفا"شركة "بيفا"، التي تعتمد على السوق الأمريكية في ما يقرب من 40% من إجمالي مبيعاتها السنوية، وجدت نفسها مجبرة على إلغاء عدد من صفقاتها التجارية في أبريل، بعد أن رفع ترامب الرسوم الجمركية إلى مستويات غير مسبوقة. وبلغ حجم مبيعات الشركة في الولايات المتحدة نحو 60 مليون دولار سنويًا، وهو رقم يضع مئات الوظائف على المحك.
ورغم الجهود التي بذلها مؤسس الشركة، وهو رجل تجاوز الستين من عمره، في البحث عن أسواق بديلة من بينها مصر، فإن المهمة لم تكن سهلة. فكما يقول ابنه ونائب رئيس الشركة، تشيو بو جينغ، فإن "انعدام الوضوح حول الرسوم الجمركية جعلنا وشركاءنا الأمريكيين نتردد في زيادة الشحنات".
لماذا لم تكن جنوب شرق آسيا كافية؟على الرغم من اعتماد "بيفا" على قواعد إنتاج في فيتنام كحل سريع، فإنها أدركت أن جنوب شرق آسيا لم تعد كافية لتجاوز الأزمة. فحتى فيتنام لم تسلم من قبضة الرسوم الأمريكية، حيث فُرضت عليها رسوم بنسبة 46%. لذا، بدأت "بيفا" بالتفكير في خيارات أكثر جرأة.. وهنا دخلت مصر على الخط.
عندما سُئل نائب رئيس "بيفا" عن سبب اختيار مصر، كانت إجابته بسيطة وعميقة في آن: "لأنها تُعاني من عجز تجاري مع الولايات المتحدة، وبالتالي من غير المرجح أن تُفرض عليها رسوم إضافية". وأضاف أن معدل الرسوم المفروضة على السلع المصرية لم يتجاوز 10%، مقارنة بـ 145% على نظيراتها الصينية.
لكن الأسباب لم تقتصر على الجوانب التجارية فقط. إذ أشار تشيو إلى أن مصنعاً في مصر قد لا يخدم السوق الأمريكية فقط، بل قد يُستخدم كبوابة إلى أوروبا وأفريقيا، ما يفتح آفاقاً جديدة للشركة.
خطوة نحو التصنيع داخل الولايات المتحدةفي خطوة تعكس مرونة في التفكير، أعلن تشيو عن اجتماع مرتقب مع شركاء أمريكيين لمناقشة إمكانية إنشاء خطوط إنتاج داخل الولايات المتحدة نفسها. رغم أن تنفيذ هذا المشروع لا يزال بعيدًا، فإن مجرد التفكير فيه يعكس إدراكًا جديدًا لدى الشركات الصينية.
وسلط الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، الضوء على ما يمكن اعتباره "فرصة تاريخية" للاقتصاد المصري.
استراتيجية ذكية واستثمار ضخم
يرى الدكتور معن أن قيام بعض المُصنّعين والمُصدّرين الصينيين بنقل مصانعهم إلى مصر ليس مجرد تحرك مؤقت لتفادي الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، بل هو خطوة استراتيجية ذات أبعاد طويلة الأمد. فقد بلغ عدد الشركات الصينية العاملة في مصر حتى الآن نحو 2066 شركة، بإجمالي استثمارات وصلت إلى 8 مليارات دولار، وهو رقم مرشح للزيادة مع استمرار تدفق الاستثمارات.
مصر كمركز صناعي إقليمي
وأكد الدكتور معن أن مصر تمتلك فرصة لتعزيز مكانتها كمركز صناعي إقليمي بفضل موقعها الفريد الذي يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. ويضيف أن جذب المصانع الصينية إلى الأراضي المصرية لا يعني فقط دخول رؤوس أموال جديدة، بل أيضاً تدفق عملات أجنبية، وتعزيز قدرات البلاد في التصنيع، مما ينعكس إيجاباً على الميزان التجاري والاقتصاد المحلي.
فرص عمل ونقل تكنولوجيا
من أبرز النتائج المتوقعة لهذا التوسع الصناعي الصيني في مصر هو توفير آلاف فرص العمل، خاصة في المجالات الصناعية التي تحتاج إلى عمالة مدربة. ويشير الدكتور معن إلى أن وجود شركات صناعية كبرى في مصر سيساهم كذلك في نقل تكنولوجيا متطورة وخبرات إدارية وفنية إلى العمالة المحلية، ما يُسهم في تطوير رأس المال البشري المصري.
دعم للجنيه وزيادة الاحتياطي النقدي
ومن زاوية اقتصادية أعمق، يلفت الدكتور معن إلى أن زيادة الصادرات الناتجة عن هذه المصانع ستعني طلبًا أكبر على الجنيه المصري، لتحويل عائدات التصدير، مما يعزز من قيمته أمام العملات الأجنبية. كما أن تدفق الاستثمارات الأجنبية يُسهم في رفع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وهو عامل مهم في دعم استقرار الجنيه والاقتصاد بشكل عام.
في هذا السياق، بحث نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، مع مجموعة "ديلي" الصينية خطتها لإنشاء مجمع صناعي متكامل بالمنطقة الصناعية في مدينة العاشر من رمضان.
يهدف المشروع إلى إنتاج مجموعة واسعة من الأدوات المكتبية والمدرسية، وماكينات الطباعة، والمعدات الرياضية، والعِدد اليدوية والكهربائية، بالإضافة إلى الأثاث المكتبي. وتعتزم المجموعة تنفيذ المجمع على مساحة 160 ألف متر مربع، باستثمارات تُقدّر بنحو 200 مليون دولار، ما سيوفر حوالي 2200 فرصة عمل جديدة. ويأتي هذا المشروع على غرار مصانع "ديلي" المنتشرة في الصين وعدد من الدول، والتي تنتج أكثر من 12 ألف منتج، مما يعكس مكانة المجموعة كإحدى أبرز العلامات التجارية الصينية في هذا المجال.
في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، تأتي الفرص أحيانًا متنكرة في شكل تحديات. ونقل المصانع الصينية إلى مصر هو أحد هذه الفرص التي يجب اغتنامها بحكمة وإدارة فعالة. فالأمر لا يقتصر على مجرد استثمار أجنبي، بل هو تحول استراتيجي يمكن أن يصنع فارقًا حقيقيًا في مستقبل الاقتصاد المصري إذا تمت إدارته برؤية وطنية طويلة المدى.