غزة غيرت المزاج العالمي تجاه عقيدة “مونرو” في السياسة الأمريكية
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
الجديد برس:
تحدث تقرير في موقع “شيربوست” الأمريكي، عن “مزاج عالمي جديد” في الجنوب العالمي، ينعكس على ملايين في دول الشمال، لم يعودوا يأخذون مواقف قادة الولايات المتحدة وحلفائهم الغربيين على محمل الجد بشأن السياسة العالمية.
وبحسب الموقع، فإنّ “كل يوم منذ 7 أكتوبر بدا كأنه يوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، مؤكداً أن “من المستحيل مواكبة حجم الاحتجاجات ووتيرتها، والتي بدورها تدفع الأحزاب السياسية والحكومات إلى توضيح مواقفها بشأن الهجوم الإسرائيلي على فلسطين”.
وأسفرت هذه التظاهرات الحاشدة، بحسب “شيربوست”، عن ثلاثة أنواع من النتائج:
أولاً، اجتذبت هذه التحركات جيلاً جديداً، مؤيداً لفلسطين، ومناهضاً للحرب، ومناهضاً أيضاً للإمبريالية.
كذلك، اجتذبت قطاعاً جديداً من الناشطين، وخصوصاً النقابيين، الذين ألهمتهم حملة لوقف شحن البضائع من “إسرائيل” وإليها، بما في ذلك في أماكن مثل أوروبا والهند، حيث دعمت الحكومات الهجمات الإسرائيلية.
وأخيراً، ولدت هذه التحركات الجماهيرية عملية سياسية لتحدي نفاق “النظام الدولي القائم على القواعد”، والذي يقوده الغرب، لمطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتوجيه الاتهام إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وغيره من كبار المسؤولين في حكومة الاحتلال.
وأشار الموقع إلى أن “أي حرب في الأعوام الأخيرة، وحتى حملة “الصدمة والرعب” التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد العراق في عام 2003، لم تكن تتسم بالقدر نفسه من القسوة في استخدامها للقوة”، بحيث “تُظهر الصور من غزة الطبيعة غير المتلائمة وغير المتكافئة للعنف الإسرائيلي على مدى الأعوام الخمسة والسبعين الماضية”.
وأكدت دراسة جديدة أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن “قسماً كبيراً من سائر دول العالم يريد أن تتوقف الحرب في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن، حتى لو كان ذلك يعني خسارة كييف للأراضي”.
وأشارت هذه الدراسة إلى أن “قلة قليلة من الناس، حتى في أوروبا، قد تقف إلى جانب واشنطن إذا اندلعت حرب بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان”.
ويشير الموقع إلى أن هذا يرجع إلى “فقدان الثقة بالغرب بشأن تنظيم العالم، وبتعبير أكثر دقة، لم تعد أغلبية دول العالم راغبة في الخضوع للترهيب من جانب الغرب، على حد تعبير وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور”، مشيراً إلى أنه “على مدار 200 عام مضت، كان مبدأ مونرو الذي أقرته حكومة الولايات المتحدة فعالاً في تبرير هذا النوع من التنمر”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: الولایات المتحدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
“الحج بين السياسة والربح : كيف تحوّل الركن الخامس إلى ورقة نفوذ سعودي ومصدر دخل استراتيجي ؟”
يمانيون / تقرير
تُعد فريضة الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، حيث يتوافد ملايين المسلمين من كل بقاع الأرض إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج. إلا أن موسم الحج، الذي يفترض أن يكون مناسبة روحانية خالصة، أصبح يشهد استغلالًا كبيرًا من قبل المملكة العربية السعودية، التي تحوّل الفريضة إلى مصدر ضخم لتحقيق مكاسب اقتصادية، فضلاً عن توظيفها في أجندات سياسية أثارت انتقادات واسعة.
ارتفاع ممنهج في تكلفة الخدمات
تشير دراسة صادرة عن موقع “الاستقلال” إلى أن متوسط تكلفة الحج يتجاوز 8,300 ريال سعودي للحاج الأجنبي، بينما تصل إلى 4,500 ريال للحاج المحلي، حيث تتركز النفقات في الإقامة والنقل والخدمات وترتفع الأسعار بشكل ملحوظ في الفنادق القريبة من الحرمين والتي تسيطر عليها شركات خاصة مقربة من دوائر النفوذ السعودي.
رسوم إضافية وتأشيرات باهظة
أظهرت تقارير إعلامية، منها “الجزيرة نت”، أن السعودية فرضت رسومًا إضافية على تكرار العمرة، بالإضافة إلى رسوم تأشيرات وخدمات إجبارية، مثل التأمين الطبي والتنقلات، مما يضيف عبئًا ماليًا على الحجاج من الدول الفقيرة
احتكار الأسواق والخدمات
بحسب دراسة منشورة في صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن الجهات المنظمة في السعودية تحتكر عبر شركات مختارة كل ما يتعلق بخدمات الحج، من النقل إلى الإعاشة إلى الإرشاد، بما يحرم الشركات الإسلامية المستقلة في الخارج من المشاركة المباشرة في خدمة حجاجها
مشروعات ضخمة تمولها أموال الحجاج
ضمن رؤية السعودية 2030، تهدف الحكومة إلى رفع عدد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليونًا سنويًا، من خلال مشروعات ضخمة في الحرمين والمرافق المجاورة. وتقدر استثمارات هذه المشروعات بما يتجاوز 150 مليار دولار، بتمويل جزئي من عوائد الحج والعمرة (الجزيرة، 2022)
تشويه للرسالة الدينية
وفقًا لتقارير اقتصادية نُشرت في “سي إن إن بالعربية”، فإن السعودية تحقق من الحج والعمرة نحو 12 مليار دولار سنويًا، ما يعادل 20% من إجمالي الدخل غير النفطي، مما يثير تساؤلات عن مدى توازن التكاليف مع الخدمة المقدمة
ويشير تقرير لـ”هيئة علماء المسلمين” في العراق إلى أن تكثيف الجانب التجاري على حساب الجانب الروحي للحج يسهم في تهميش مقاصد الفريضة، ويحولها إلى تجربة منهكة ماليًا ونفسيًا، خصوصًا للحجاج من البلدان الفقيرة.
التكسب الاقتصادي من موسم الحج
تشير تقارير اقتصادية متعددة إلى أن موسم الحج يولد عوائد مالية ضخمة للسعودية، تصل إلى عشرات المليارات سنويًا عبر رسوم التأشيرات، الإقامة، النقل، والخدمات الأخرى. بحسب دراسة لـ”الاقتصاد الإسلامي”، تقدر عوائد الحج والعمرة بنحو 12 مليار دولار ،مع توجه لزيادة هذه العوائد ضمن رؤية السعودية 2030 المشار اليها
مع ذلك، يشير مراقبون إلى أن ارتفاع الرسوم والتكاليف، خاصة في السكن والنقل، يُثقل كاهل الحجاج، خصوصًا القادمين من دول ذات دخل محدود، ما يثير تساؤلات حول مدى مراعاة الجانب الإنساني والروحي في تنظيم الحج.
طالبت منظمات حقوق الإنسان، مثل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بإجراء تحقيقات دولية في هذه الممارسات، مع التأكيد على ضرورة احترام حقوق الحجاج وعدم تسييس الشعائر الدينية
كما دعت دول إسلامية كبرى، في مؤتمرات متعددة، إلى إعادة النظر في نظام توزيع الحصص، وتحسين الشفافية، وضمان تكافؤ الفرص بين المسلمين كافة دون تمييز بحسب الجزيرة نت
توزيع الحصص وتأثيره على الحجاج
في الجزائر، أثير جدل حول منح حصص أقل من المتوقع بينما تُعطى دول أخرى حصصًا أكبر رغم اختلافات عدد السكان وخلال الأزمة الخليجية، حرمت السعودية آلاف القطريين من أداء الحج، وفرضت شروطًا معقدة للسفر عبر خطوط جوية معينة، مما أدى إلى شكاوى من التعقيدات وتأجيل أداء الفريضة
هذه الإجراءات اعتبرها مراقبون استغلالًا سياسيًا للحج، وخرقًا لمبادئ حرية العبادة التي كفلها الإسلام.
ردود الفعل الدولية والمطالبات بمراجعة النظام
دعت دول مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا السعودية إلى تحسين نظام توزيع الحصص، وتوفير فرص متساوية لجميع المسلمين
الحجاج اليمنيون: قيود ومعاملة تمييزية
تواجه اليمن، التي تتعرض لعدوان وحصار مستمر منذ العام 2015، صعوبات متزايدة في إرسال حجاجها إلى مكة. ووفقًا لتقرير نشرته هيومن رايتس ووتش في يوليو 2023، تُفرض قيود استثنائية على الحجاج اليمنيين لا تُطبَّق على حجاج دول أخرى، من بينها:
إجراءات تأشيرات مشددة: تُصدر تأشيرات الحج لليمنيين فقط عبر لجنة عليا للحج مرتبطة بحكومة المرتزقة التابعة لها ، وهي جهة تخضع للتنسيق المباشر مع السلطات السعودية، مما يحصر تمثيل الحجاج في مناطق دون أخرى، وفق تقرير المركز اليمني لحقوق الإنسان (2022).
رسوم إضافية وتكاليف نقل إلزامية: أفادت تقارير محلية نشرتها وكالة الصحافة اليمنية بأن الحجاج اليمنيين مجبرون على استخدام خطوط طيران معينة، بأسعار مضاعفة، ومنعوا من السفر عبر مطارات أقرب لهم جغرافيًا (مثل صنعاء)، مما يضيف أعباء مالية ويزيد من معاناتهم.
تمييز ومعاملة قاسية داخل الأراضي المقدسة: نقلت شهادات لحجاج يمنيين عبر قناة بلقيس (2022) عن تعرّضهم للتفتيش المتكرر والمعاملة المتشددة من قبل السلطات السعودية، مقارنة بحجاج من جنسيات أخرى.
تخفيض حصص الحج لأسباب “أمنية”: بحسب تقرير مؤسسة صدى اليمن، فإن السعودية خفّضت حصة الحجاج اليمنيين في عدة مواسم لأسباب قيل إنها “تتعلق بالوضع الأمني”، رغم استمرار مشاركة حجاج من دول أخرى تشهد ظروفًا مشابهة.
ردود فعل تجاه تسييس الحج
في تقريرها لعام 2023، وصفت هيومن رايتس ووتش سياسات السعودية تجاه الحجاج من بعض الدول بأنها “تسييس لفريضة دينية يجب أن تكون حقًا مكفولًا لجميع المسلمين دون تمييز”، داعية إلى فصل الجوانب السياسية عن أداء الشعائر.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال الباحث في شؤون الحريات الدينية عبد الله العجمي إن “السعودية تستخدم الحج أداةً للضغط السياسي، عبر التحكم في حصص الحج لبعض الدول والتمييز في المعاملة، وهو انتهاك صريح لمبدأ المساواة بين المسلمين”.
دعوات لإشراف إسلامي مشترك
مع تزايد الانتقادات، دعت جهات أكاديمية ودينية، من بينها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى إنشاء هيئة إسلامية مشتركة تشرف على تنظيم الحج، تضمن العدالة بين الدول، وتمنع استخدام الفريضة لأغراض سياسية أو مالية.
من جهة أخرى، يُعبّر العديد من العلماء عن رفضهم لتسييس الحج. فقد أكد مفتي الجمهورية المصرية، الدكتور شوقي علام، أن استغلال موسم الحج لتحقيق أهداف سياسية أو إثارة النعرات الطائفية “لا يجوز شرعًا” ويخالف أحكام الشريعة الإسلامية .
ويرى الكاتب العربي محمود عبد اللطيف أن الحل الأمثل لحماية المقدسات الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة هو تحويلها إلى مناطق محايدة سياسيًا، غير خاضعة للسلطة السعودية، بحيث تُدار من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي أو مؤسسة بديلة تُنشأ بالتوافق بين الدول الإسلامية .
الآثار الناتجة عن هذه الإجراءات اقتصادياً وسياسياً ودينياً
ارتفاع تكلفة أداء الفريضة وتحوُّل الحج إلى “مشروع تجاري” خلق فجوة بين الهدف الديني والأداء الفعلي ألقت بآثارها أيضاً على توتر العلاقات مع بعض الدول العربية والإسلامية نتيجة إصرار المملكة على تحويل الحج إلى ميدان لتصفية الحسابات السياسية.
خاتمة:
في وقت يأمل فيه ملايين المسلمين أن يكون الحج تجربة روحانية تتجاوز الحدود والسياسات، لا تزال الحاجة قائمة لمسألة السياسات التي تمس جوهر هذه الفريضة، خاصة حين تتحول إلى أداة للربح والتمييز على حساب الشعوب الضعيفة والمحرومة.