شارك  الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في فعاليات قمة رؤساء الدول والحكومات في "الدورة الـ٢٨ لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المُتحدة الإطارية لتغير المناخ" في مدينة دبي، والتي بدأت بالجلسة الافتتاحية الخاصة بإلقاء البيانات الوطنية، وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها السيد الرئيس:

"أخي صاحب السمو الشيخ مُحمَّد بِن زايِد آل نهيان، 
                         رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة؛
السادة رؤساء الدول والحكومات، 
أصحاب المعالي الوزراء، 
السيدات والسادة،

يُسعدني أن استهل كلمتي.

. بتهنئة دولة الإمارات الشقيقة.. على توليها رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.. لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ..  "كوب 28".. مشيداً بحسن التنظيم.. ومؤكداً ثقتي الكاملة في قدرات دولة الإمارات.. على الإسهام الفاعل.. في تحقيق أهداف هذه الدورة.

إن مؤتمرنا اليوم ينعقد.. وعلى غرار مؤتمر شرم الشيخ العام الماضي.. وسط تحديات سياسية ودولية خطيرة.. لا تقل أهمية عن تداعيات التغيرات المناخية.. وهو ما يتطلب منا.. كقيادات سياسية مسئولة أمام شعوبها.. العمل المخلص.. على خروج مؤتمرنا هذا.. بنتائج طموحة.. وتنفيذٍ متسارع للتعهدات السابقة.

وتُدرك مصر.. في ضوء رئاستها للمؤتمر الماضي بشرم الشيخ.. وتأثرها المباشر بالتغيرات المناخية.. ضرورة تعزيز العمل الجماعي والعاجل.. للتعامل مع تحدي تغير المناخ.. بما يعزز قدرتنا.. على ضمان التنمية المتوافقة مع البيئة.. التي تحفظ كوكب الأرض للأجيال المستقبلية.. وتتعامل مع ما تشهده الأجيال الحالية.. من آثار مناخية شديدة.. وكوارث تتجاوز قدرة الدول.. خاصة النامية منها.. على التكيف معها.. أو احتواء آثارها.. على مختلف قطاعات التنمية.

السادة الحضور،
إن مسئوليتنا كقادة مجتمعين اليوم.. هي تأكيد الرسالة الواضحة.. بأننا ملتزمون.. بل وطموحون في اجراءاتنا وفي تنفيذها.. بما يتفق مع ما توافقنا عليه في باريس.. سواء ما يتعلق بالتجاوب مع التوصيات العلمية.. أو الالتزام بالمسئوليات والتعهدات.. وفقاً لقدرات كل دولة.. وحجم مسئولياتها التاريخية والحالية.. عن التحديات المناخية الجارية.. لذا.. فمن المهم.. تأكيد مبادئ الإنصاف.. والانتقال العادل.. والمسئوليات المشتركة متباينة الأعباء.. باعتبارها مبادئ أساسية.. في الإطار متعدد الأطراف.

ولقد حرصنا في شرم الشيخ.. على إطلاق العديد من المسارات.. التي تُسهم في تحقيق تطلعاتنا في هذا الصدد.. وعلى رأسها.. إنشاء صندوق تمويل الدول النامية.. لمواجهة الخسائر والأضرار المناخية.. وبرنامج العمل حول الانتقال العادل.. 
وبرنامج عمل لخفض الانبعاثات.. كما مهدنا الطريق.. أمام التوصل إلى هدف عالمي.. للتكيف مع التغيرات المناخية.

في هذا الإطار.. اسمحوا لي أن أُعرب عن تقديري لكم جميعاً.. في ضوء ما شهدناه خلال هذا العام من نتائج.. سواء ما يتعلق بالنقاشات حول الانتقال العادل.. أو تفعيل برنامج عمل.. خفض الانبعاثات في قطاعي الطاقة والنقل.. فضلاً عن التوصل الي توصيات.. لتفعيل ترتيبات تمويل الدول النامية.. في مواجهة الخسائر والأضرار المناخية.. وتفعيل صندوق التمويل ذي الصلة.

إلا أن نجاح هذه الجهود.. يرتكن إلى توافر التمويل المناسب.. سواء من حيث أدواته وآلياته.. أو مصادره وحجمه وتيسير النفاذ إليه.. ويقودنا هذا إلى ضرورة صياغة رؤية مشتركة.. تتضمن توصيات متفق عليها.. حول تطوير كافة عناصر المنظومة.. من مؤسسات وسياسات تمويل.. أو مؤسسات تقييم.. أو قطاع خاص.


السيدات والسادة،
إننا نؤمن بأن تحقيق هذه الأهداف هو أمر ممكن.. إذا عملنا معاً بروح التعاون والمشاركة.. ولذلك.. ندعو المجتمع الدولي.. إلى اتخاذ خطوات أكثر طموحاً في مؤتمر دبي.. إضافةً إلى توسيع نطاق المشاركة المجتمعية.. مع تفادي الأفعال الأحادية.. التي لا تراعي سوى المصالح الضيقة.. وإنني أتطلع.. لأن نخرج من مؤتمرنا هذا.. بإطار دولي مُعزز.. لتطوير التعاون.. وتوجيه الدعم المالي والتقني المطلوب.. للدول النامية.

وفي الختام.. أجدد تأكيد التزام مصر.. بمواجهة تحدي تغير المناخ.. وأوجه نداءً عالمياً لجميع الأطراف.. بتقديم الدعم الكامل والمخلص.. لدولة الإمارات.. لضمان خروج مؤتمر دبي بنتائج تاريخية.. تؤكد لجميع شعوب العالم.. أننا عازمون.. بل وقادرون بإذن الله.. على إنقاذ وحماية كوكب الأرض.. موطن حياتنا.. ومستقبل أبنائنا وأحفادنا.. جيلاً بعد جيل.

شكراً جزيلاً".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السيسي دبي كوب 28 الامارات دولة الإمارات

إقرأ أيضاً:

شَـعرَة معاوية بين السُّـودان والإمـارات

(1)
يعجب المتابعون لمجمل تطورات الحرب الدائرة في السودان، من حيرة أطرافه المتصارعة في التعامل الدبلوماسيّ الحصيف، أكثر من جهلهم بالخيارات السياسية المتاحة للوصول إلى حلولٍ تعيد السلم والأمن لذلك البلد المنكوب.
إنّ عجز المتصارعين قي السودان، عسكريين أو سياسيين مدنيين ، يعكس أمراً بديهيا، يناقض مسلمات المجتمع الدولي ، قيّمه ومبادئه التي تديرها منظماته وتكويناته الحريصة على الأمن والسلم الدوليين والإقليميين. تلك قـيَـمٌ تنحو لاعتماد أنظمة لحكمٍ مدنيٍّ تختاره شعوبها بإرادتها الحُرّة، لا بإرادة القسـر وطغيان البندقية. لم يعد المجتمع الدولي يقبل لأنظمة غير دستورية أن تتحكّم في شعوبها، إلا أنْ يُجيز ذلك ضيق نظر بعض قوى كبرى سعياً وراء مصالح وأطماع.
لعلّ ذلك التنافس وفي مظاهره غير السّوية، هو ما أفضى إلى ما نرى من ضعف في آليات الحفاظ على سلامة المجتمع الدولي، وبالتالي ضعف الدبلوماسية المتعددة الأطراف. زعماء شعبويون مثل الرئيس الأمريكي ترامب، هم من يبادرون لسلب صلاحيات تلك الآليات وينازعونها صلاحياتها وقدراتها في إيقاف الحروب وإقرار السلام.


(2)
إنَّ الأزمة السودانية في جوهرها ، تتمثّل في فشل النُّخبِ المدنية والعسكرية في إدارة أحوال البلاد، عبر تغييبِ إرادة الشعب بحجج الجهل والفقر والمرض ، أو بما يشار إليه بلغة أخرى: واقع ضعف الاستنارة من جهة، ونقص التنمية في مجتمع متنوّع من جهة أخرى. هو فشل أسبابه داخلية وإفشال مصدره أسباب خارجية، وبين الفشل والإفشال تعددت أنظمة الحكم في السودان منذ استقلاله اعام 1956 ، وحتى اللحظة الماثلة، أنظمة حكم ديمقراطية وأخرى عسكرية. غير أن أكثرها غلوَاً وغشماً، هي حقبة حكم الإسلامويين للسودان والتي امتدت لثلاثين عاما، على خلفيات داخلية وخارجية معقّدة، تركتْ الشعب السّوداني يتجرّع سموم فشل نخبِـهِ المدنية والعسكرية حتى السّاعة. في الحقبة التاريخية الماثلة، شهد المجتمع الدولي جنوحاً نحو إقرار حقوق الشعوب في إدارة شؤونها وأحوالها ، لا الرّكون إلى مصادرة تلك الحقوق، واهدارها، عنوة واقتداراً وغصبا. لكنّنا نرى في السّودان كيفْ هبّت شعوبه وأنهتْ حكم الاسلامويين، ثم سقطتْ إرادة شعوبه في أيدي عسكريين ومليشيات، جميعها مُسـلّحة إلى أسنانها بالمُسيّرات بسندٍ من أطرافٍ داخلية وخارجية ، فيتردَّى حالُ البلاد إلى انهيار ودمار وفوضى، ويكاد أن يتناساه المجتمع الدّولي والإقليمي تمام النسيان. لا نعجب أن نرى زعيم الدولة الأقوى في العالم، الشّعبوي ترامب، يعتمد النسيانَ خياراً ضمن أجندات مزاعمه الرّامية لاستتباب السلم والأمن الدوليين، ويتّجه لحلِّ حرب أوكرانيا وحرب غزة، ويترك ملفَّ حربِ السودان تكرُّماً منهُ للأمم المتحدة ومثيلاتها من المنظمات الدولية والإقليمية الفاشلة في نظره.


(3)
تتضاعف تجلياتُ العجب الذي أشرنا إليه أوّل مقالنا ، حين تتردَّد مزاعمُ المتصارعين في السودان عن انتصاراتٍ وعن هزائم ، فيما تمضي البلاد إلى دمارِ بناها وانهيار هياكل دولتها وأيلولتها إلى تفتتٍ وانشطاراتٍ قادمة.
حتى في معالجات أوجه علاقاتها الخارجية، تفشل النُّخبُ السودانية، بمدنييها وعسكرييها، في التعامل السياسي والدبلوماسيّ الجاد والرشيد ، فلا يسمع المتابعون صوتاً يعبِّر برصانة عن المواقف، ولا رأياً مبادراً نحو حل لوقف الحرب، ولا قدرات تذكر في مخاطبة المجتمع الدولي والإقليمي، بما يليق لدولة كانت من أوائل البلدان الأفريقية التي نالت استقلالها في أفريقيا جنوب الصحراء، بل ومن ضمن الدول التي أعطت لجامعة الدول العربية والمنظمة الأفريقية مصداقيتها وفعاليتها. من المؤسف أن لا نجد لدبلوماسية السودان الرصينة دورا في التصدي للأزمة الماثلة. يأتي النظام القائم بوزير خارجية كل شهر أو شهرين ليأتي ببديل ، في لعبة عكست ارتباكا مخجلا ، لا رصانة ولا مصداقية. حتى في التعبير عن الخلاف لا نرى وجها رصينا في معالجة الخلافات . من بديهيات العلاقات بين الدول ، هو تناول ترتيب علاقاتها وفق مواثيق واتفاقيات دولية وإقليمية ، ويكون لوزارة الدبلوماسية صلاحيات إدارة تلك العلاقات. غير أن المراقب يرى جهلاً فاضحا بمقررات تلك المواثيق والاتفاقيات التي تضبط العلاقات بين الدول ، القريبة والبعيدة.


(4)
في النظر إلى الأزمة الناشبة بين حكومة السودان الماثلة ودولة الامارات العربية المتحدة، فإنّ ما اعتراها من ارتباك وارباك، وبغض النظر عن الاتهامات المتبادلة، فإنه قد يعزى إلى تجاهل ضوابط وأدبيات تتبع في معالجة مثل هذه الخلافات. ثمة مساعٍ سياسية وجهود دبلوماسية معتادة تتبع في مثل هذه الحالات . للمراقب اللصيق أن يسأل : حين يسارع السودان للشكوى للأمم المتحدة ، أو لمحكمة العدل الدولية ، ألا يبدو ذلك تجاوزا لا مبرر له لما هو متاح لجهود علاقات أخوية قائمة بين البلدين بحكم عضويتهما في منظمتين إقليميتين أو أكثر ، فيكون العلاج أجدى داخل البيت الإقليمي قبل الدولي ؟ لماذا يفترض طرفٌ من أطراف ذلك الصراع ، عجزاً في قدرات تلك المنظمات الإقليمية، فينأى بعيداً عنها بلا مبرر؟ هنالك جامعة الدول العربية ، هنالك منظمة التعاون الإسلامي. هنالك منظمة الاتحاد الأفريقي ، فهل تجاوزها هو عن قناعة بعجزها، أم عن جهل بقدراتها ؟
ذلك سؤال يقف عنده المراقب، وهو لا يرى أو يسمع إلا أصواتاً خافتة تصدر عن مثل هذه المنظمات .


(5)
خلاصة ما نقول هنا ، أن النظم العسكرية في السودان، أو في غيره من البلدان المأزومة بحكم جنرالات جيوشها، خاصة في القارة الأفريقية، لن يكون يسيرا عليها إدارة أحوال بلدانها بالفهم المأمول لمقتضيات إدارة علاقاتها الخارجية بالصورة الفاعلة وبالمصداقية والمعرفة الرصينة بالمعاملات السياسية والدبلوماسية. ما وقع من اضطراب في إدارة العلاقات الدبلوماسية بين بلدين عربيين شقيقين، يعكس استعجالا غير مدروس ، وانفعالاً يناقض مقتضيات الدبلوماسية الهادئة حتى في أوقات الشِّدة. وإنه لمن اللافت أن نلحظ حراكا خلال الأسابيع المنصرمة وعلى مستوى الشرق الأوسط، فيقع ما وقع بين دولتين عربيتين مهمتين، فلا نرى كثير حرص أو قليله من المؤثرين بما يمكن أن يضمّد جراحا قد يتفاقم بين تينك الدولتين، وفينا من لا ينسى ما قيل عن شعرة معاوية تشدّ أو ترخى، ولكن لا تقطع. .


القاهرة – 18/5/2025




jamalim@yahoo.com

 

مقالات مشابهة

  • الإمارات تسجل أعلى درجة حرارة لشهر مايو منذ بدء تسجيل البيانات المناخية
  • النيادي: التعاون الدولي يدفع عجلة البحث العلمي في استكشاف الفضاء
  • شَـعرَة معاوية بين السُّـودان والإمـارات
  • عوض الله: دولة فلسطين العنوان العريض للمؤتمر الدولي الخاص بتنفيذ حل الدولتين
  • الإمارات تدعو إلى إتخاذ تدابير عاجلة تلزم إسرائيل بالامتثال للقانون الدولي وتضمن مساءلتها عن الانتهاكات
  • روسيا تستضيف الاجتماع الدولي الـ13 لكبار مسؤولي الأمن بمشاركة ممثلين من أكثر من 150 دولة
  • الجهود الدبلوماسية الإماراتية تثمر بإدخال أول شحنة مساعدات إنسانية إلى غزة بعد أكثر من 80 يوماً من الانقطاع
  • بالعلاء: الإمارات ملتزمة بنهج الدبلوماسية المناخية الشاملة
  • العويس: ضرورة تكاتف المجتمع العالمي لمواجهة التحديات الصحية
  • الرئيس السيسي يدعو أمير الكويت لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير