قال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، خلال القمة الدولية للمناخ المنعقدة في دبي، إن الدول ينبغي أن تنفق الأموال لحل المشكلات البيئية، بدلا من إنفاقها لتمويل الحروب.

قال لوكاشينكو في الكلمة التي ألقاها أمام المؤتمر الجمعة: جميع المتحدثين الذين تحدثوا في المقدمة، كانوا قلقين وتساءلوا من أين لنا أن نحصل على المال؟ في الواقع الأمر ليس صعبا حتى أن الصحفيين الجالسين هنا سيخبرونك من أين تحصل على المال.

.. لتدمير العراق وأفغانستان وجلب "الخير" لشعوب هذه الدول (الديمقراطية الغربية)، تشير التقديرات إلى أن حجم الإنفاق تراوح ما بين 1.5 - 2.0 تريليون دولار.

وأضاف، هذا يعني أن الحملة العسكرية في العراق وأفغانستان كلفت المعتدي قرابة تريليوني دولار، وكم كان عدد القتلى؟ هذا لا يمكن حسابه بالدولار.

وتابع قائلا: هناك اليوم حرب دائرة في أوكرانيا، تكلفة هذه الحرب لن تتوقف عند حد تريليوني دولار، وإنما ستتعداها إلى خمسة تريليونات دولار، هذا في حال تم الاتفاق مع أوكرانيا على حل سلمي قريبا.

إقرأ المزيد لوكاشينكو في قمة دبي: الأجندة الخضراء عديمة المعنى في ظروف المواجهة

وأشار لوكاشينكو بشكل خاص على أولئك الذين تحدثوا في المقدمة عن ضرورة إرساء السلام، والحفاظ على الكوكب نظيفا، والاهتمام بمستقبل الأحفاد، وفي الوقت نفسه هم أنفسهم يطلقون العنان لاندلاع أفظع الحروب على هذا الكوكب.

وأضاف، كم ستكلف المذبحة في الشرق الأوسط؟ وماذا لو اندلعت حرب في المحيط الهادئ؟ حينها الكلفة ستكون الكثير من تريليونات الدولارات. داعيا لاستخدام هذه الأموال لتنظيف الكوكب.

وقال لوكاشينكو: لقد اجتمعنا هنا للتعبير مرة أخرى عن قلقنا. في الواقع أولئك الذين تحدثوا هنا في المقدمة، "القلقون على أحفادهم"، هم الذين يشنون هذه الحروب، والحروب مصدر تلوث رهيب للكوكب.. دعونا نوقف هذا".

وشدد على أن الشيء الأكثر أهمية هو أن نتعلم أن نتحدث قليلا، ونعمل كثيرا". "أنا أفهم: إذا اعتمدنا ثمة بيان ختامي، كما نفعل دائما، فهذا يعني أننا لم نحقق شيئا. موضحا أن بعض المتحدثين ذكروا أن 80٪ من التلوث على هذا الكوكب صادر عن الدول العشرين الرائدة.  

وأضاف دعونا في البيان الختامي، بدلا من التعبير عن القلق، أن نكتب لهؤلاء ونطالبهم بتخفيض انبعاثاتهم في الغلاف الجوي بمقدار النصف على الأقل. لن نفعل هذا. إذا لماذا أنتم مجتمعون؟ أنظروا أين هي الأموال التي تبحثون عنها، إنها أموال حقيقية. عشرة تريليونات دولار، يمكننا توجيهها لتنظيف  الكوكب، إذا أوقفنا الحروب.

وتستضيف دبي مؤتمر ""COP28 ــ النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ.

المؤتمر الذي تشارك فيه وفود من من 200 دولة، سوف يستمر حتى 12 ديسمبر.

ويركز المؤتمر على تنفيذ اتفاقية باريس لتغير المناخ، وتحديد حلول عالمية للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتقديم مساهمات وطنية محددة وطموحة بحلول عام 2025 بحيث تسهم في حل مشكلة المناخ، بالإضافة لبحث تسريع الانتقال الأخضر.

المصدر: ريا نوفوستي

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر لوكاشينكو التغيرات المناخية المناخ دبي

إقرأ أيضاً:

اليمن.. وطن أكلته الحروب وأنهكته الصراعات

 

خالد بن سالم الغساني

 

اليمن عند مفترق تاريخي يزداد تشعبًا وقتامة مع مرور الوقت، حيث تتشابك أنواع المعاناة، وتتقاطع مسارات الصراع لتخلق واقعًا مركبًا أصبح من الصعب لأي جهة داخلية أو خارجية احتواؤه. وعلى الرغم من أن جذور الأزمة تعود إلى عقود من الاختلالات والتركيبات البنيوية، فإن السنوات الأخيرة دفعت بالبلاد وإنسانها نحو حافة الانهيار، وجعلت مواطنيها يعيشون في دائرة مغلقة من الجوع والضيق والقلق وانعدام الأمن والاستقرار.

الإنسان اليمني، المعروف بصبره وصلابته، والمتمسك بالأمل مهما اشتدت عليه الظروف وازدادت المحن والمعاناة، أصبح اليوم محاصرًا بثلاثية ثقيلة: الفقر الممتد، وانهيار الخدمات على اختلافها، والاصطفاف والاقتتال الذي يعني غياب الأمن والاستقرار. ملايين يعيشون بلا كهرباء، ولا مياه نظيفة، ولا منظومة صحية قادرة على التعامل مع أبسط الأزمات، فيما ترتفع أسعار الغذاء والدواء إلى مستويات غير مسبوقة حتى بالمقاييس اليمنية. المدارس تتراجع إمكاناتها، والمستشفيات شبه خالية من التجهيزات، والطرقات باتت شاهدًا على اتساع رقعة الاضطراب، بين مناطق تتبدل فيها السيطرة أو تتقلص فيها سلطة الدولة، والمطارات والموانئ مغلقة.

ومع تفاقم الوضع الاقتصادي، تآكلت الطبقة المتوسطة التي كانت تمثل صمام أمان اجتماعي مهم. كثير من الأسر التي كانت تعيش بكرامة أصبحت اليوم تعتمد على التحويلات من الخارج أو على مساعدات لا تكفي لتأمين أساسيات الحياة. وبدلًا من أن يكون الشباب قوة دافعة للتنمية، أصبحوا رهائن الاقتتال والبطالة والظروف المعيشية القاسية، ما يخلق بيئة مساعدة على مزيد من الانفجارات على المدى الطويل. وحتى أولئك الذين يبحثون عن الاستقرار خارج الوطن يواجهون تحديات الهجرة، والتشتت الأسري، والضياع بين المنافي.

أما الأرض اليمنية، التي كانت مزيجًا من الجبال الخصبة والسهول الساحلية والموانئ الحيوية، فأصبحت تعاني مما هو أبعد من الدمار المباشر، الطرق الزراعية تعطلت، والحقول هجرت، ومناطق كانت تغذي الأسواق المحلية والخارجية أصبحت شبه خالية من الإنتاج. تراجع الزراعة يعني تراجع الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار السلع يعني مزيدًا من الضغط على المواطن. كما أن البنية التحتية المتهالكة تزيد من صعوبة نقل البضائع، وترفع كلفة التجارة، وتغلق أبواب الرزق أمام آلاف الأسر.

وتسببت حالة عدم الاستقرار في تشكل جغرافيا سياسية جديدة، تتوزع فيها السيطرة بين مناطق وإدارات مختلفة، لكل منها رؤيتها الخاصة وطريقتها في إدارة شؤونها. هذا التوزع لا يقتصر على الخريطة العسكرية فقط، بل يتسرب إلى تفاصيل الحياة اليومية، فهناك قوانين مختلفة، خدمات متفاوتة، مستويات معيشية متباينة، وضرائب أو جبايات تختلف من منطقة لأخرى. ومع مرور الوقت، يترسخ هذا التمايز، ما يهدد بتوسع الشرخ الاجتماعي ويمهد لاحتمالات تقود إلى انفصال فعلي، حتى دون إعلان رسمي.

هذا الواقع المأساوي الداخلي لا يبقى محصورًا داخل الحدود اليمنية، بل يمتد تأثيره إلى دول الجوار التي تتابع ما يجري بقلق متزايد. فاستمرار الأزمة يعني استمرار الضغوط الأمنية على الحدود، وزيادة احتمالات التسلل غير القانوني وتجارة السلاح، وتصاعد الأخطار المتعلقة بالملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، وهي مناطق تمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا للعالم، وليس فقط للمنطقة. كما أن التوترات الاقتصادية والإنسانية في اليمن تنعكس على دول الجوار من خلال موجات النزوح والبحث عن فرص العمل.

دول الجوار تجد نفسها مضطرة للتعامل مع سيناريوهات معقدة: اليمن المُمزق جغرافيًا وسياسيًا يشكل تحديًا مباشرًا لأي رؤية للاستقرار الإقليمي؛ سواء للأمن الحدودي، أو لحركة التجارة، أو لمشاريع الربط الاقتصادي التي تعتمد على وجود دولة مستقرة وقادرة على إدارة مواردها. وفي حال استمر الاتجاه نحو التشظي، فقد يظهر في جنوب الجزيرة كيان غير مستقر، وآخر في الشمال يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، ما سيجعل المنطقة بأكملها أمام احتمالات مفتوحة، قد تزيد من الأعباء الأمنية والاقتصادية على الجميع.

ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا، وإنْ بدأ بعيدًا؛ فخيار التماسك ممكن إذا توفرت إرادة سياسية تتجاوز المصالح الضيقة، وإذا كان هناك دعم إقليمي ودولي يركز على المصالحة الشاملة والتنمية بدلًا من إدارة الأزمات فقط. الشعب اليمني، رغم معاناته، ما زال يملك القدرة على النهوض إذا حصل على فرصة عادلة للسلام، والوقت كفيل بأن يعيد تشكيل المشهد إذا اتجهت الأطراف نحو التهدئة الحقيقية والتفاهم البنّاء.

اليمن اليوم يقف بين طريقين، طريق يعيد له مكانته كجسر حضاري بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، وطريق آخر يأخذه نحو مزيد من الضياع والانقسام. لكن المؤكد أن مستقبل هذا الوطن سيحدده في النهاية صمود الإنسان اليمني وإصراره؛ فهو جوهر هذا البلد وروحه التي لا تنطفئ، والقوة التي يمكنها أن تعيد جمع ما تفرّق، ثم صدق جيرانه وحرصهم على المساعدة في بناء يمن موحد آمن مسالم وقوي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • مستشار حكومي: انهيار البنية التعليمية بسبب الحروب يعيق التحول الرقمي
  • كواليس عرض بقيمة ١ مليون يورو لإطلاق أول جائزة نوبل في المناخ وصحة الكوكب
  • 1.2 مليار دولار من أموال شركات الطيران محتجزة لدى الحكومات| ما القصة؟
  • بالأسماء… هؤلاء هم اللبنانيون الذين أُخلي سبيلهم من سوريا
  • زعيم الطائفة الدرزية يدعو واشنطن لحماية حقوق الأقليات في سوريا
  • تناسل الحروب
  • اليمن.. وطن أكلته الحروب وأنهكته الصراعات
  • من أنور السادات إلى ناديا مراد وعمر ياغي.. من هم العرب الذين فازوا بجائزة نوبل؟
  • برج الثور .. حظك اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025: تسوية المشاكل المادية