الاقتصاد نيوز-متابعة

كشفت وزارة الموارد المائية في العراق عن خططها لاحتواء أزمة الجفاف والاستفادة من مياه الأمطار والسيول المتوقع تساقطها خلال الموسم الشتوي الحالي، والمتمثلة في عمليات جمع المياه، فضلاً عن إنشاء 36 سداً ضمن خطة الوزارة لثلاث سنوات.

وقال المتحدث باسم الوزارة خالد شمال إن عملية جمع المياه من أولويات عمل وزارته لهذا الموسم، ويجرى التعامل مع هذا الإجراء وفقاً لتوقعات الطقس من قبل الأنواء الجوية ليُتعامَل معها بشكل علمي وفني.

وأضاف شمال، أن عملية جمع المياه أساسها جمع مياه الأمطار وحصرها باتجاه الأنهار وبحيرات الخزن لتخفيف الضغط عن نهري دجلة والفرات، فضلاً عن إنشاء السدود الترابية التي تعمل على خزن المياه للاستفادة منها أطول فترة ممكنة.

وأفاد أن الوزارة أنشأت عدداً من السدود الترابية واعتنت بمسارات السيول الناشئة عن مياه الأمطار، وفقاً للطبيعة الجغرافية للمناطق التي تشهد الهطول، وتسمح الظروف فيها بعمليات الجمع.

وكشف شمال أن وزارته أعدت خطة للأعوام 2023، 2024، 2025، لتنفيذ 36 سداً في مختلف المحافظات العراقية بالتعاون مع الهيئة العامة للسدود وعدد من الشركات الاستشارية العالمية. وأشار إلى أنّ وظيفة هذه السدود جمع أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار واستثمارها لتعزيز الخزين وتأمين الري الزراعي وإيقاف الضغط على المياه الجوفية والسطحية.

أهم المعوقات

وفي سياق الحديث، أكد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية أن هناك العديد من الصعوبات والمعوقات المالية والأمنية التي تواجه عمل وزارته في عمليات جمع المياه.

وأوضح خالد شمال أن هناك مشاكل مالية متعلقة بضعف التخصيصات المالية التي تعرقل عمل الوزارة في المناطق النائية، خاصة أن عمليات الجمع غالبيتها تحصل في مناطق بعيدة وأخرى صحراوية.

وأضاف أن بعض المناطق التي شهدت عمليات عسكرية ما زالت تشكل تهديداً أمنياً، ويصعب الوصول إليها لأنها غير مؤمّنة بالكامل، ما يدفع الوزارة إلى عدم إرسال الكوادر والآليات والمعدات اللازمة إلى تلك المناطق.

من جانبه، قال الباحث الجيولوجي أمجد ناظم إن هناك عوامل طبيعية تعيق الاستفادة الكاملة من مياه الجمع، والتي تتمثل بالطبيعة الجغرافية للمناطق والرواسب الطينية المتدفقة مع جريان المياه.

وبيّن ناظم، أن العوامل الطبيعية تؤثر بشكل كبير على جريان المياه عبر الوديان، وتتسبب بنقل المواد الطينية والحصى والمخلفات النباتية، ما يعرقل جريان المياه بانسيابية باتجاه سدود خزن ما يجمع من مياه.

وأضاف أن هذه العوامل تساهم في تقليل حجم الخزين في بعض السدود، لا سيما تلك الموجودة في الجانب الشرقي من البلاد، مؤكداً أهمية معالجة هذه المشكلة من خلال إنشاء حواجز تعمل على تقليل الرواسب الطينية لمنع تسربها إلى السدود.

وأوضح ناظم أن معظم السدود الترابية التي أنشأتها وزارة الموارد المائية للجمع هي سدود غير حصينة، وسريعاً ما تتعرض للهدم والتعرية بسبب الانحدار الحاد لمجاري المياه من جهة، أو عن طريق تيارات الرياح العالية.

وشدد على أهمية اتباع الوسائل الحديثة في الري الزراعي وتفعيل الجانب التعبوي والإعلامي للحد من التبذير، لديمومة الزراعة وتوفير كميات مناسبة من المياه مع التزايد السكاني الذي يشهده العراق.

موسم زراعي جيد

ألقت أزمة الجفاف التي تعرض لها العراق خلال السنوات الماضية بظلالها على الواقع الزراعي وإنتاج الثروة الحيوانية، وأضرت بمصادر عيش الفلاحين، إلى جانب خسائر مادية كبيرة تعرض لها الاقتصاد الوطني العراقي.

وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي إن المنتجين والفلاحين يدفعون ثمن الجفاف وتقليص المساحات الزراعية في العراق، ما دفعهم للبحث عن وسائل جديدة للعيش غير الزراعة.

وكشف الخزاعي، خلال حديثه للـ"العربي الجديد"، أن الموسم الزراعي الحالي يدعو إلى التفاؤل بسبب الريات المطرية التي هطلت في عموم محافظات العراق، وشملت السقية الأولى جميع المحافظات العراقية بكميات مطرية متقاربة.

وأضاف أن وزارته تعمل وفق المؤشرات المناخية على تحقيق معدل إنتاجي بواقع 6 ملاببن طن من القمح خلال هذا الموسم، لتجاوز مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة التصدير، مضيفاً أن وزارته وجهت بزراعة 8.5 ملايين دونم خلال الخطة الزراعية للموسم الحالي.

ولفت الخزاعي إلى أنّ قلة الأمطار في المواسم الماضية، وانخفاض معدل الإطلاقات المائية من دول الجوار، فضلاً عن التغير المناخي، عوامل أدت إلى اتساع الرقع الصحراوية التي دفعت وزارة الزراعة الى تقليص الخطط الزراعية. وأشار إلى أن العديد من التقارير والدراسات المناخية تؤكد أن العراق سيتجاوز حالة الجفاف، لأن الموسم الحالي هو موسم مطري، مؤكداً أن وزارته وضعت الخطط اللازمة لاستثمار مياه الأمطار ورفع مستويات الإنتاج الزراعي.

مختصون يحذرون

حذر مختصون في الشأن المائي من مأزق مائي مع احتمالية مجازفة وزارتي الزراعة والموارد المائية بتوسيع الخطة الزراعية لهذا الموسم، لأن العراق لا يزال غير مؤهل لهذا في ظل عدم توفر خزين استراتيجي مناسب.

وقال الخبير في مجال المياه تحسين الموسوي إن أمطار العراق لم تتجاوز نسبة 100 ملم، ما يدعو إلى ضرورة العمل على جمع وخزن مياه الأمطار ودفعها باتجاه السدود والبحيرات والاستفادة منها.

وشدد الموسوي على ضرورة التوجه نحو عملية جمع مياه الأمطار، التي تبدأ بالسدود الصغيرة وليست الكبيرة، مؤكداً أنه "حتى الآن يدور الكلام عن خطط وبرامج العمل على جمع المياه، لكن لم تصل إلى مرحلة التنفيذ الفعلي".

وقال إن "بناء السدود يعتمد على الجغرافيا، وأقل سد يحتاج إلى عمق 10 أمتار، وهذا غير متوفر في مناطق الوسط والجنوب، فضلاً عن أهمية تنظيم مجرى المياه بين المحافظات مثل سدة الهندية وسدة الكوت، أما شط العرب فهناك حديث لإنشاء بوابة متحركة وليس سد، كون السد يعيق الملاحة، والمطلوب هو صد اللسان الملحي وعملية الحفاظ على المياه أثناء انخفاض المنسوب.

وأشار إلى أن الأمطار الحالية بادرة جيدة للمراعي الطبيعية وللخطة الديمية، لكنّ الخطأ الكبير يقع إذا ما جازفت وزارتا الزراعة والموارد المائية في هذه المرحلة بتوسيع الخطة الزراعية، فإذا لم تكن هناك سنة رطبة، فستكون البلاد في مأزق، وحتى إذا كانت السنة رطبة، فإنّ البلاد غير مؤهلة لتوسيع الخطط الزراعية لعدم توفر خزين استراتيجي.

وبحسب الخبير في مجال المياه، فإن العراق بحاجة إلى تعويض المياه الجوفية التي فقدت، مبيناً أن "خزين المياه الجوفية لا يتعدى 5 مليارات متر مكعب، واستنزف منه الكثير خلال مواسم الجفاف، والمشكلة بالمياه الجوفية ليست في المخزون، وإنما في المياه غير المتجددة". وشدد على أهمية الحفاظ على المياه المتجددة من خلال عدم التوسع بالري الزراعي عن طريق الآبار التي سوف تُكلّف الكثير، بخاصة أن البلاد تستخدم الطرق البدائية".

 

المصدر / موقع العربي الجديد

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المیاه الجوفیة میاه الأمطار من میاه إلى أن

إقرأ أيضاً:

سلاح المياه: لماذا يعتبر تعليق الهند لمعاهدة مياه السند تهديدا خطيرا؟

تجد معاهدة مياه السند (IWT)، وهي اتفاقية مرنة بشكل ملحوظ نجت من الحروب والتوترات الثنائية المستمرة بين الهند وباكستان لأكثر من ستة عقود، نفسها مرة أخرى تحت التدقيق. ففكرة تعليق هذه المعاهدة المصاغة بعناية أو إلغاؤها من جانب واحد، والتي غالبا ما يتم طرحها في لحظات الاحتكاك السياسي المتزايد، تمثل إغراء خطيرا. وفي حين أن الدافع إلى الاستفادة من المياه كأداة استراتيجية قد يبدو جذابا في الأمد القريب، فإن التحليل غير المتحيز يكشف أن استخدام معاهدة مياه نهر السند كسلاح ليس غير عملي فحسب، بل إنه يحمل عواقب دبلوماسية وسياسية طويلة الأجل وعميقة وضارة لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

وتنظم المعاهدة، التي تم التوصل إليها بوساطة البنك الدولي ووُقعت في عام 1960، تقاسم مياه نظام نهر السند، الذي يشمل أنهار السند، وجيلوم، وتشيناب. وقد خصصت الاتفاقية مياه الأنهار الشرقية (رافي، وبياس، وسوتليج) بالكامل تقريبا للهند، في حين حصلت باكستان على حقوق حصرية في الأنهار الغربية (إندوس، وجيلوم، وتشيناب). كما أنشأت المعاهدة لجنة دائمة لنهر السند لمعالجة أي نزاعات وتوفير آليات لحل الخلافات من خلال المفاوضات الثنائية والمصالحة، وفي نهاية المطاف التحكيم من قبل البنك الدولي.

ويكمن النجاح الدائم لمعاهدة مياه السند في نهجها العملي تجاه مورد حيوي ومثير للجدل في كثير من الأحيان، وقد أدركت هذه المعاهدة الحقائق الجغرافية والاعتماد التاريخي لكلا البلدين على حوض نهر السند. فمن خلال تحديد تقاسم المياه بوضوح وإنشاء آلية قوية لتسوية النزاعات وفّرت المعاهدة إطارا للتعاون، حتى في خضم فترات من العداء السياسي الشديد. وبالتالي، فإن تعليق هذه المعاهدة لن يؤدي إلى كشف هذا الإطار الذي تم إنشاؤه بعناية فحسب، بل سيطلق أيضا سلسلة من التداعيات السلبية.

إن إحدى الحجج الأساسية ضد تعليق معاهدة مياه نهر السند ترتكز على عدم جدواها كأداة للإكراه، فتدفقات المياه تخضع للجغرافيا والمناخ، وليس للإملاءات السياسية. وفي حين أن الهند لديها القدرة على بناء البنية التحتية لزيادة تخزينها واستخدامها للأنهار الغربية، فإن أي محاولة لإعاقة التدفق الطبيعي لهذه الأنهار إلى باكستان بشكل كبير ستكون مهمة معقدة للغاية ومكلفة وتستغرق وقتا طويلا، فتصميم البنية التحتية الحالية إلى حد كبير لتوليد الطاقة والري المحدود، وليس للتحويل على نطاق واسع. وعلاوة على ذلك، فإن أي إجراء أحادي الجانب من هذا القبيل من المرجح أن يواجه إدانة دولية شديدة وعواقب محتملة.

وعلاوة على ذلك، فإن التبعات القانونية المترتبة على تعليق المعاهدة كبيرة، فمعاهدة مياه نهر السند هي اتفاقية دولية ملزمة قانونا، ويضمنها البنك الدولي، وإلغاء أو تعليق المعاهدة من جانب واحد سيكون انتهاكا للقانون الدولي، وسيضر بمكانة الهند كجهة فاعلة عالمية مسؤولة، ويشكل سابقة خطيرة للمعاهدات الدولية الأخرى. ومن شأن أيضا ذلك أن يؤدي إلى تآكل الثقة وتقويض مصداقية الهند الدبلوماسية، مما يجعل من الصعب تأمين التعاون بشأن قضايا حاسمة أخرى.

وإلى جانب التحديات العملية والقانونية، فإن العواقب الدبلوماسية والسياسية المترتبة على استخدام معاهدة مياه السند كسلاح بعيدة المدى ومحفوفة بالمخاطر:

أولا، من شأنه أن تلحق ضررا كارثيا بالعلاقات الثنائية بين الهند وباكستان، وتدفعهما إلى مسار انعدام الثقة والعداء. فحوض نهر السند يعد شريان الحياة للاقتصاد الزراعي في باكستان ومصدرا حيويا للمياه لسكانها، وأي تهديد متصور لهذا الأمن المائي سوف يُنظر إليه باعتباره تهديدا وجوديا، مما يؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية للهند مع احتمال خطير لتأجيج الاضطرابات الداخلية. وقد يؤدي هذا إلى تقويض أي احتمالات للحوار والتعاون في المستقبل بشأن قضايا ملحة أخرى، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي.

ثانيا، فإن تعليق معاهدة مياه نهر السند من شأنه أن يخلف عواقب إقليمية خطيرة. فأفغانستان، وهي دولة أخرى على ضفاف في حوض السند، لديها مخاوف خاصة بها بشأن حقوق المياه. إن الخطوة الأحادية التي تتخذها الهند لتجاهل معاهدة المياه طويلة الأمد من شأنها أن تشجع الدول الأخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار ترتيبات تقاسم المياه في جميع أنحاء المنطقة وخلق نقاط اشتعال جديدة، وهذا من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي ويعيق الجهود الرامية إلى زيادة الترابط والتكامل الاقتصادي.

ثالثا، من المرجح أن ينظر المجتمع الدولي إلى مثل هذه الخطوة بقلق بالغ، فكثيرا ما يشار إلى معاهدة مياه نهر السند باعتبارها نموذجا للتعاون الناجح في مجال المياه في ظل مشهد جيوسياسي معقد، وسينظر إلى تعليقها على أنها انتكاسة للقانون الدولي للمياه وسابقة خطيرة لحل النزاعات المائية العابرة للحدود. ومن المرجح أن تعرب القوى العالمية الكبرى والمؤسسات الدولية، بما في ذلك البنك الدولي، عن رفضها الشديد، مما قد يؤدي إلى عزلة دبلوماسية وضغوط اقتصادية.

رابعا، إن استخدام المياه كسلاح قد يؤدي إلى عواقب داخلية غير مقصودة ومزعزعة للاستقرار في كلا البلدين. ففي الهند، قد يؤدي أي تلاعب محتمل بتدفقات المياه إلى إثارة المخاوف والاستياء في الولايات الشرقية التي تعتمد على الأنهار المخصصة. وفي باكستان، قد تؤدي ندرة المياه، التي تتفاقم بسبب أي عمل هندي متصور، إلى اضطرابات اجتماعية، وصعوبات اقتصادية، وعدم استقرار سياسي داخلي، مما يزيد من تعقيد الأمن الإقليمي.

أخيرا، من الأهمية بمكان أن ندرك أن المياه مورد مشترك يتطلب إدارة تعاونية، وليس سيطرة أحادية الجانب. إن تحديات تغير المناخ والنمو السكاني وزيادة الطلب على المياه تتطلب تعاونا أكبر بين الهند وباكستان في مجال إدارة المياه، وتعليق معاهدة مياه نهر السند لن يحل هذه التحديات؛ بل إنه بدلا من ذلك من شأنه أن يقوض الإطار الذي يسمح بالحوار وتبادل البيانات والجهود المشتركة لمعالجة هذه القضايا الملحة.

مقالات مشابهة

  • المجلس الاقتصادي: ضعف التأطير والإرشاد الفلاحي من أهم الاكراهات التي تواجه الفلاحة العائلية
  • سلاح المياه: لماذا يعتبر تعليق الهند لمعاهدة مياه السند تهديدا خطيرا؟
  • وزير "البيئة" يبحث آفاق التعاون المثمر في مجالات المياه والزراعة مع الصين
  • بورنيسك: الأمن الغذائي يعد أحد التحديات الأساسية التي تواجه دول الخليج
  • وزير البيئة يبحث آفاق التعاون المثمر في مجالات المياه والزراعة مع الصين
  • وزير “البيئة” يبحث آفاق التعاون المثمر في مجالات المياه والزراعة مع الصين
  • مناقشة الصعوبات التي تواجه أداء الوحدة التنفيذية للمشاريع بمحافظة صنعاء
  • محمد السعدي يكشف عن أبرز التحديات التي تواجه الإعلانات ومستقبل التليفزيون
  • وزير “البيئة” يبحث مع نظيريه في الصين آفاق التعاون المثمر في مجالات المياه والزراعة
  • «دومة» بناقش مشاريع المياه والصرف الصحي بتراغن وزويلة