البوابة نيوز:
2025-07-30@23:54:11 GMT

شيرين بكر تكتب.. روح الروح

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

لا يخفى على أحد الآن بعد مرور أكثر من شهرين متتاليين للقصف الجنوني والغارات المتلاحقة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، أن المستهدف الحقيقي هم الأطفال، فلم يسلم الرضع ولا حتى الأجنة في بطون أمهاتهم من رصاصهم الغادر، ويوميًا يدفع هؤلاء الأبرياء ثمنًا باهظًا من أرواحهم وبراءتهم جراء جنون المحتل وغاراته التي يشنها على البيوت السكنية من دون أي اعتبارات للقوانين الدولية، وكأن العالم أجمع تحالف ضد هؤلاء الأبرياء لإزهاق أرواحهم بدم بارد.

الطفلة الشهيدة "ريم" التي لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات فهي كما وصفها جدها في أحد مقاطع الفيديو المؤثرة التي انتشرت مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنها "روح الروح" فارقت الحياة إثر غارة إسرائيلية على منزلهم ورحلت الطفلة الفلسطينية كما رحل الآلاف من الأطفال الأبرياء في غزة دون أن يقترفوا أي ذنب في حرب غير متكافئة بين جيش غاشم، ومدنيين عزل ليس لديهم أي سلاح للدفاع عن أنفسهم أو وسيلة للاحتماء.

لن ننسى مشهد اختلاط الدم، بالوجه البريء ريم "روح الروح" التي خطفت أرواحنا وجدها يحتضنها ويحدثها وكأنها نائمة وليست جثة بين يديه، كاد أن يمزق قلوبنا جميعا، كان هذا الجد الحنون "خالد" لا ينفصل عن حفيدته فهي عالمه الجميل الضاحك، وهو عالمها الآمن، فكانت لعبتها المفضلة سحب لحية جدها، بينما هو يسحب شعرها لتقول له "سأتركك إذا تركت شعري"، الآن يبحث هذا الجد عن ذكرياته مع حفيدته وسط أنقاض منزلهم، حيث كانت الأسرة نائمة عندما دمرت غارة جوية قريبة من منزلهم بجنوب غزة، لتصبح ريم هي "روح الروح" للعالم كله وليس جدها فقط، وهنا استثني أصحاب القلوب الميتة عديمي الرحمة والإنسانية من يتراقصون يوميًا على أنقاض وجثث هؤلاء الأبرياء في غزة، فكل طفل ارتقت روحه إلى بارئها هو "روح الروح" لعائلته وأحبابه.

نقف جميعا مكتوفي الأيدي أمام المشاهد المروعة التي تتناقلها شاشات التلفاز يوميًا لقتل الأطفال الفلسطينيين برصاص وغارات الاحتلال والتي تجاوزت كل الأعراف والمواثيق، نتساءل في ذهول أين المتشدقون لحقوق الأطفال؟! فبحسب اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة فهي تنص على أن "لكل طفل الحق في الحياة، وعلى الحكومات أن تتأكد من بقاء الطفل على قيد الحياة كي يكبر بأفضل طريقة ممكنة"، و"أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملاءمة لحماية الطفل من آفة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال"، وهي اتفاقية تمت بين البلدان التي وعدت بحماية حقوق الأطفال، لكن ما يحدث في غزة كشف زيف هذه الادعاءات ودماء الأطفال شاهدة.

وأخيرًا يا كل "روح الروح" في غزة سامحينا على تقصيرنا فلا نملك سوى الدعاء، ‎اللهُم إنا نستودعك غزة وأهلها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: روح الروح فی غزة

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: ما وراء البريق الخادع للشهرة السريعة

في زمنٍ أصبحت فيه الشهرة تُقاس بعدد المشاهدات، وتصنعها الخوارزميات لا الجدارة، لم يعد مستغربًا أن نرى بثًا مباشرًا يتجاوز دخله مئات الآلاف من الجنيهات خلال دقائق، دون أن يحمل أي مضمون حقيقي أو قيمة معرفية.

تنتشر مشاهد لفتيات وشباب يحتفلون بما يُسمى "النجاح الرقمي"، وهم يتلقون سيلًا من الهدايا الافتراضية: ورود، نجمات، وأيقونات رقمية تبلغ قيمة بعضها عشرات الآلاف من العملات داخل التطبيق. عند هذا الحد، تبدأ الأسئلة:
من أين تأتي هذه الأموال؟ ولماذا تُمنح بهذا السخاء لمحتوى سطحي؟

خلف الستار: صناعة الترند

ما يبدو للمتابعين كنجاح عفوي، تقف خلفه منظومة منظمة تديرها ما يُعرف بـ"الوكالات الرقمية"، وهي جهات تمثل بعض صانعي المحتوى وتتحكم في ظهورهم، ومسارهم، وحجم أرباحهم.

تقوم هذه الوكالات باختيار أشخاص بعينهم ممن يمكن دفعهم إلى مقدمة المشهد، بغض النظر عن نوعية المحتوى الذي يقدمونه، وتعقد معهم اتفاقات يُقتطَع بموجبها جزء كبير من العوائد، مقابل الترويج والدعم المستمر.

غير أن الخطر الحقيقي لا يكمُن فقط في الترويج للسطحية، بل في توظيف هذه المنصات كوسيلة حديثة لعمليات غسيل الأموال، وهي ظاهرة باتت تثير قلق المهتمين بالشأن الاقتصادي والأمني.

كيف تتم العملية؟

يبدأ السيناريو من طرفٍ يمتلك أموالًا نقدية يصعب إدخالها إلى النظام المصرفي نتيجة غياب مصدر قانوني واضح. يبحث هذا الطرف عن قناة تُخرج أمواله في صورة شرعية، فيلجأ إلى بعض الوكالات الرقمية التي تتولى تحويل هذه المبالغ إلى "دعم" ظاهر على المنصة.

يُقدَّم الدعم لصناع محتوى مختارين مسبقًا على هيئة هدايا رقمية، تُحتسب كأرباح رسمية تصل إلى حساباتهم المصرفية. ثم تُعاد غالبية هذه الأموال إلى المصدر الأصلي، بعد اقتطاع نسبة بسيطة منها كأرباح شكلية لصانع المحتوى، بينما تدخل الأموال إلى النظام المالي وقد تم "غسلها" رقميًا.

الخوارزميات وتفكيك الوعي الجمعي

لا يمكن فصل ما يحدث على منصات التواصل عن السياق الأوسع الذي يُعيد تشكيل وعي الشعوب وفق مخططات دقيقة وممنهجة. فالخوارزميات التي ترفع بعض الشخصيات السطحية إلى صدارة المشهد، لا تفعل ذلك اعتباطًا، بل تعمل وفق معايير تستهدف إعادة توجيه الذوق العام، وتشويه منظومة القيم، وإضعاف البناء الثقافي للأمة.

هذه الاستراتيجية تتقاطع — بشكل أو بآخر — مع ما ورد في ما يُعرف بـ"بروتوكولات حكماء صهيون"، تلك الوثائق المثيرة للجدل التي، وإن اختلف البعض حول مصدرها، فإنها تُظهر بوضوح نوايا استهداف الشعوب من خلال إغراقها في اللهو، وتشتيت وعيها، وتفريغ مفاهيم القدوة والمعرفة والعمل من معناها الحقيقي.

إن صناعة نجوم من فراغ، والترويج لمحتوى فارغ من المعنى، وتمرير الأموال عبر قنوات تبدو ترفيهية، ليست مجرد عوارض رقمية، بل جزء من منظومة أوسع تسعى — ربما بوعي أو دون وعي — إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ثقافيًا واجتماعيًا، بما يخدم مصالح القوى التي ترى في وعي الشعوب خطرًا على مشاريعها التوسعية.

أثر اجتماعي مدمِّر

تكمن الخطورة في الأثر الاجتماعي والنفسي الذي تخلّفه هذه المشاهد.
فالشباب الذين يجتهدون في دراستهم أو يعملون بكدّ لا يمكنهم إلا أن يشعروا بالخذلان حين يرون من يُحَقق مكاسب طائلة دون جهد معرفي أو إبداع حقيقي.
ويُعاد تشكيل الوعي العام ليُصدِّق أن "الظهور السهل" طريق للنجاح، وأن الجهد لم يعد شرطًا لنيل التقدير.

الثمن الحقيقي

المال الذي يُكتسب عبر طرق غير مشروعة، ولو بدا لامعًا في ظاهره، فإنه يحمل في طياته ثمنًا باهظًا:
ثمنًا أخلاقيًا، وربما قانونيًا، ناهيك عن التآكل الداخلي الذي يصيب صاحبه.
فمن يُستخدم أداةً في منظومة كهذه سرعان ما يُستغنى عنه، وقد يدفع وحده ثمن التورط.

بوصلة الوعي
في عالم يزداد ضجيجه يوماً بعد يوم، ينبغي علينا أن نُعيد الاعتبار للمعنى، لا للرقم.
أن نُعلّم أبناءنا أن الرزق لا يُقاس بالسرعة، بل بالنزاهة،
وأن المال حين يُكتسب من باطل، فلا بركة فيه ولا استقرار.

الطريقان لا ثالث لهما:
طريق الحلال، وإن طال، يمنح صاحبه الطمأنينة وكرامة النفس.
وطريق الحرام، وإن سهل، يُفضي إلى التيه والندم.

فلنختر الطريق الذي يُشبهنا، لا ذاك الذي يُغري بريقه ويُخفي خيبته.

طباعة شارك النجاح الرقمي صناعة الترند الوكالات الرقمية الوعي الجمعي

مقالات مشابهة

  • نجاة عبد الرحمن تكتب: ما وراء البريق الخادع للشهرة السريعة
  • هند عصام تكتب.. الملك أمنمحات الثالث
  • شقيق شيرين يهاجم مدير أعمالها السابق: نصاب وحرامي
  • هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟
  • "اليونيسف" تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • اليونيسف تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • شيرين رفيع تروي موقفًا طريفًا مع علي البليهي في أحد مراكز التسوق بجدة
  • السنباطي: إعداد سياسات حماية الطفل لتطبيقها بالمنشآت المتعاملة مع الأطفال
  • 10 نصائح للأمهات لحماية الأطفال قبل نزول حمام السباحة
  • أخطاء شائعة في التعامل مع نوبات غضب الأطفال