صدر للشاعر والسارد والناشط الثقافي الجزائري عبدالرزاق بوكبّة، (1977) كتاب أدبي بعنوان "دم سريع الالتهاب" بعنوان فرعي هو "كتابة من المسافة صفر عن غزة". وضم الكتاب اثنتين وستين قصة قصيرة جدا، رصدت كل واحدة منها حالة صمود أو خوف أو حلم أو وجع أو رقي إنساني أو مقاومة في قطاع غزة، خلال الشهر الأول من الحرب الجوية والبرية، ذلك أن الكاتب المعروف بأدب السيرة واليوميات شرع في الكتابة منذ يوم 10 أكتوبر وقدم الكتاب لدار "خيال" للنشر والترجمة والتوزيع يوم 10 نوفمبر الماضي.

 
وقال عبدالرزاق بوكبّة، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، إنه لم يستطع أن يبقى مكتوف الأيدي، أمام هول ما تعرض له الإنسان والمكان في غزة، فشرع في الكتابة مباشرةً، "حيث كان رهانه جماليا ونضاليا في الوقت نفسه، بمعنى أنه كتب تجربة أدبية بشروط الأدب، ينتجها التفاعل لا الانفعال، لتوثق بعض اللحظات الإنسانية العميقة والمتميزة والدالة على روح المقاومة والتشبث بالأرض والحق فيها، في ظل آلة كبيرة وعابرة للقارات من الكذب والتظليل والتشويه". 
وأضاف صاحب رواية "رقصة اليعسوب" التي ستصدر طبعتها العربية قريبًا في مصر: أؤمن بأن للكلمة قدرةً كبيرة على مرافقة الملاحم الإنسانية، رغم سرعتها. مع مراعاة طبيعة كل جنس أدبي في قابلية سرعة المواكبة، فقادني وعيي بذلك إلى اختيار القصة القصيرة جدا، لاستيعاب التجربة بأبعادها الأدبية والإنسانية والوجودية. 
وأكد "بوكبة"، أن نصوص الكتاب الذي هو بصدد تحويله لعمل مسرحي من إخراج المُخرج الجزائري الهادي بوكرش، هو ثمرة لتأمل الواقع والتخييل معا، قائلًا: "كنت أتلقى بعض الأخبار، فأستلهم منها قصصا قصيرة، فيما كنت أتخيل أخرى انطلاقا من معرفتي بطبيعة اللحظة الغزاوية. وهذا ما برر العنوان الفرعي للكتاب "كتابة من المسافة صفر عن غزة"، بل إن بعض القصص كُتبت، ثم تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لاحقا حدوثها في الواقع".
ونقرأ في أقصوصة "حسد خاص" عن بشاعة العدوان الإسرائيلي: "أصابت شظيّة صغيرة الزجاجةَ اليمنى لنظّارته الطبّيّة، فباتت عينُه اليمنى تحسد عينَه اليسرى على صفاء الرّؤية. قَصَدَ مستشفى العيون في حيّ النّصر، فوجد بعضَ ضحايا القصف يحملون عيونهم في أيديهم! حسدت عينُه اليسرى عينَه اليمنى على ضبابيّة الرّؤية".

وتناولت بعض نصوص الكتاب يوميات الفنانين في غزة، من ذلك أقصوصة "مكتبة خاصة" التي نقرأ منها: "كانت مكتبته ممّا أصاب القصف، فتطايرت أشلاء ابن خلدون ومحمود درويش ومعين بسيسو وابن حزم وفيكتور هوجو ومحمّد إقبال وغادة السمّان وشكسبير وأمين معلوف بين الرّكام. كان يُعاينهم ينزفون ويحترقون، فلم يدرِ هل يهرع إليهم أم إلى أطفاله!! ثمّ أغمي عليه تمامًا. في مستشفى الشّفاء، كان يصيح: أدركوا ابن خلدون ومحمود درويش. وإدوارد سعيد. إنّهم يحترقون. تجدونهم عند مدخل شارع الشّجاعيّة على اليسار. تأسّف الطّبيب: تبًّا. أين سنضع المسكين؟ لقد فجّروا مأوى المجانين أيضًا!
ونقرأ في أقصوصة "مسرحيّة خاصّة": "تعب على تكوين فرقته المسرحيّة، على مدار سنواتٍ، ثمّ تعب بتلقّيه أنباء استشهاد أعضائها يومًا بعد يوم، حتّى لم تبقَ له إلّا أحذيتهم. صمّم بالأحذية عرضًا في مسرح الشارع، ثمّ ألغاه لاكتشافه أن واقع غزّة أقوى من كلّ الفنون. تموقع قريبًا من دبّابة الميركافا، وراح يقذفها بالأحذية. فَرَّ ركّابها الأربعة!".

يشار إلى أن عبد الرزاق بوكبة الذي يرأس "شبكة كفاءة الثقافية" التي تعد من أكثر الجمعيات الأهلية حضورا وتأثيرا في المشهد الجزائري، أصدر ثمانية عشر كتابا في القصة والرواية والسيرة وأدب البيت والمقال الثقافي والشعر. وسبق اختياره من طرف مؤسسة "هاي فيستيفال" البريطانية، ضمن اهم أربعين كاتبا شابا في الوطن العربي.

IMG-20231206-WA0019 IMG-20231206-WA0020 IMG-20231206-WA0019 IMG-20231206-WA0018 IMG-20231206-WA0017

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة IMG 20231206

إقرأ أيضاً:

النهر المحترق.. ديوان شعري يصدر عن هيئة الكتاب استعدادا لمعرض فنزويلا

صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ديوان شعري بعنوان "النهر المحترق" للشاعر الفنزويلي خورخي رودريغيث غوميث، بترجمة وتقديم الدكتور خالد سالم.

وذلك ضمن استعدادات مشاركة مصر، كضيف شرف في معرض فنزويلا الدولي للكتاب في دورته المقبلة.

ويمثل الديوان تجربة إنسانية عميقة في رثاء الأب، حيث يسكب الشاعر أحزانه وألمه على صفحات القصائد، مستعينًا برمزية "النهر الذي التهمته النيران" ليعبر عن الفقد والموت والحزن، وتنعكس في قصائد الديوان مرآة لمأساة إنسانية تتجلى في موت الأب، إذ تتحول ليالي الجمعة إلى محطات ألم، وتأتي صباحات السبت باكية أمام جلال الموت وسكونه.

ويحاور الشاعر الطبيعة بكل تجلياتها، ليسقط ألمه على النهر، والطيور، والشجر، ليخلق مشاهد حية تعكس الحزن والحنين والفقد، لكنها في الوقت ذاته تحمل ومضات من الأمل، فكما ينبثق القمر من العتمة، يبعث الشاعر برسالة رجاء وسط الحزن، توازي ما تمر به فنزويلا من أزمات وصراع من أجل السيادة والاستقلال في مواجهة قوى الاستعمار.

ويحمل النص بين طياته أصداء الواقعية السحرية التي ميزت أدب أمريكا اللاتينية، حيث يبحث الابن عن والده وسط رموز الموت والحياة، في مشهد حلمي ممتد دون الحاجة إلى استرجاع زمني، على غرار ما جسده الروائي المكسيكي خوان رولفو في روايته "بدرو بارامو".

بهذا الديوان، تُبرز هيئة الكتاب عمق التبادل الثقافي بين مصر وفنزويلا، وتُسهم في تعزيز الحوار الأدبي الإنساني ضمن فعاليات معرض فنزويلا الدولي للكتاب.

الشاعر خورخي رودريغيث غوميث، شغل مناصب رفيعة، في فنزويلا من بينها، نائب رئيس الدولة ووزيرالإعلام والاتصالات، واليوم شغل منصب رئاسة الجمعية العامة، قمة السلطة التشريعية في فنزويلا، ضمن مسار الشعب والدفاع عن حقه في الحياة والسلم وتطوير بلده تحت قيادة الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، وريث خط سلفه أوغو تشابيث.



 

طباعة شارك النهر المحترق الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين مصر ثقافة

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: علينا الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة التحديات المصيرية للأمة العربية
  • الكتاب الأبيض 1939.. وعد بريطاني بالسلام أم سبب تفجير الصراع في فلسطين؟
  • إنخفاض سريع بالحرارة... إليكم كيف سيُصبح الطقس يوم غدّ
  • النهر المحترق.. ديوان شعري يصدر عن هيئة الكتاب استعدادا لمعرض فنزويلا
  • قلق إسرائيلي من اتفاق نووي "سريع" بين أميركا وإيران
  • تحارب 3 أمراض قاتلة.. هذه الفاكهة السحرية قد تنقذ حياتك
  • رفع ترامب العقوبات عن سوريا.. إجراء سريع أم مسار طويل؟
  • «يا رايحيين للنبي الغالي».. تعرف على آداب ومناسك الحج
  • هل يجوز للحاج مغادرة عرفات قبل غروب الشمس؟.. الإفتاء تفند خلاف الفقهاء
  • مجلة الدوحة.. من الورق إلى الرقمنة في جلسة نقاشية بمعرض الكتاب