الدعوة للإبادة الجماعية لليهود مباحة في بعض الجامعات الأمريكية
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
ثلاثة رؤساء لأهم الجامعات الأمريكية أدلوا بشهادات أغضبت مجلس النواب كثيرا. فما هو مضمون تلك الشهادات، وفق أستاذة القانون والفلسفة، كلير فينكلشتاين في واشنطن بوست؟
أشار رؤساء الجامعات إلى أن الدعوات إلى الإبادة الجماعية لليهود لم تنتهك سياسات حرية التعبير في جامعاتهم. وقامت رئيسة جامعة بنسلفانيا، ليز ماجيل، بالتنحي عن منصبها، حيث تعمل كاتبة المقال.
لكن فينكلشتاين تقول أن مثل هذه التصريحات يجب أن لاتكون مفاجئة. فقد كان من الممكن أن يحصل الكونغرس على عشرين إجابة مماثلة من رؤساء جامعات أخرى. والسبب أن قيمة حرية التعبير ارتفعت إلى مستوى التقديس في الحرم الجامعي. ولذلك اضطرت الجامعات إلى التسامح مع خطاب الكراهية. لكن هل يجب أن نستسلم لهذا الخطاب السام؟
تراوحت آراء رؤساء الأقسام أمام مجلس النواب بين الالتزام بحرية التعبير والقضاء على البيئة العدائية لليهود، و بين من قال أنه ملتزم بحرية التعبير ولكن يشعر بالإهانة من معاداة السامية. وهناك من اقترح تشكيل لجان للرد على خطاب الكراهية بمزيد من التعليم.
تفنّد فنكلشتاين الرأي القائل بمزيد من الخطاب والتعليم بأنه يعني زيادة خطاب الكراهية في الحرم وبذلك لن تحل المشكلة. وتتساءل كيف يمكن لأي جهد تعليمي أن يجمع بين الجماعات المتحاربة والمنشغلة في الدعوة إلى إزالة بعضها بعضا بالعنف؟
تقترح الكاتبة أن على الجامعات الخاصة والعامة على حد سواء الالتزام بالدستور وتقييد مكا وزمان المظاهرات، وإلا ستكون جامعاتنا ساحات حرب. وتقترح تقييد الخطاب المحرّض على العنف.
وتختم فنكلشتاين بالقول إنه لابد أن هؤلاء الطلاب تعلموا في بيئة معادية للسامية ولذلك يتصرفون لهذا الشكل. فإلى أي مدى سيقدس رؤساء الجامعات حرية التعبير على حساب القيم الأخرى؟
المصدر: واشنطن بوست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الكونغرس الأمريكي حركة حماس طوفان الأقصى معاداة السامية
إقرأ أيضاً:
حرية الصحافة بين التدجين والفوضى
مايو 31, 2025آخر تحديث: مايو 31, 2025
أسماء محمد مصطفى
إذا سأل سائل: هل توجد حرية صحافة في العراق؟ يمكن القول إنّ ما تشهده الصحافة العراقية ــ في الجانب المعوَّل عليه منها ــ هو ومضات ومحاولات للحرية يقوم بها صحافيون مغامرون قلّة، في ظل واقع باهت ومتقلب للصحافة التي تحوّلت إلى صدى بدلاً من أن تكون صوتاً هادراً، بسبب أمزجة القوى المتناحرة على السلطات. فإذا كان الصحافي التابع يكتب ما تمليه عليه تلك السلطات والأحزاب ويُلمّع صورتها، متحوّلاً إلى وسيلة دعائية لها، فإن الصحافي غير التابع يتنفس تحت الماء، ويتحرّك في مساحة ضيّقة من الحرية المتذبذبة بين الخوف والرقابة والتهديد المباشر أو غير المباشر، حريصاً على اختيار القضايا التي، وإن كانت تنطوي على جرأة، إلا أنها تُبقيه في وضع آمن؛ أي إنه لا يقترب مما هو فوق الخطوط الحمر التي قد يتعرّض بسببها إلى تهديدات تؤدي إلى طرده من العمل أو تهدّد حياته. وهذا بسبب غياب الحماية القانونية له، مما دجّن الصحافة، وحرَمها من الاستقلال، وحوّلها إلى وظيفة روتينية مرهونة بالسلطات الأعلى منها، بدلاً من أن تكون مهنة البحث عن الحقائق لا عن المشاكل فحسب.
وإذا كانت هناك منصات وصحافيون ينتقدون أداء المسؤولين والمؤسسات، إلا أن المشهد ما زال غير مكتمل لنتفاءل ونقول إن صحافتنا حرّة، لا سيما أن أولئك الصحافيين غالباً ما يكونون خارج نطاق وصول السلطات والجهات المسلحة إليهم، وليسوا داخل العراق بالضرورة.
وحين نتحدث عن حرية الصحافة، فإننا نؤكد أنها لا تعني الصحافة الفوضوية التي تعتاش على التضليل، وكيل الشتائم للمسؤولين، والتشهير بحياتهم الشخصية، ونشر الإشاعات حولهم، وإثارة الفضائح لمجرد الإساءة، بل تعني الحرية المسؤولة التي تُشخّص مواضع الخلل في أداء المسؤولين والمؤسسات، وتبحث في قضايا الفساد الإداري والمالي، وتعمل على إيصال قضايا الناس الحرجة والملحّة إلى أصحاب الشأن، وتقوم على التحقّق من المعلومات بدقة، وأمانة نقلها، واحترام كرامة الأفراد، وفصل الرأي عن الخبر، والتوازن والحياد في التغطية، والعمل وفق أخلاقيات المهنة، لا وفق أجندات خفية.
إن السلطة الرابعة ليس لها وجود فعلي في العراق وسط اختلال العلاقة بين السلطات الثلاث التي تأتي بها المحاصصة، وهي: السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة العاجزة عن مواجهة الفساد بسبب التوازنات الحزبية والضغوط الخارجية، والسلطة التشريعية (البرلمان) التي تعمل من أجل مصالح كتلها السياسية التي جاءت بها، لا من أجل الشعب، والسلطة القضائية التي يتحدث البعض عن شكوك حول استقلاليتها في إصدار القرارات، لا سيما المتعلقة بالأحزاب السياسية أو أصحاب النفوذ.
إذن، الصحافة الحرة المسؤولة تحتاج إلى مناخ تنمو فيه، وسط حماية قانونية، وميثاق مهني يتضمن ضوابط العمل الصحافي الحرّ الحقيقي، ويحفظ حقوق جميع الأطراف، فتزدهر الحرية في ظله، وتتمكن من بناء وعي جماهيري بعيداً عن الفوضى والتضليل.