منظمة الأغذية: النزاع المتصاعد والتدهور الاقتصادي المستمر يؤديان إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي في السودان
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
12 ديسمبر/كانون الأول 2023، القاهرة/الخرطوم – في ظل تفاقم أزمة الأمن الغذائي في السودان، تدق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ناقوس الخطر وتحث جميع الأطراف المعنية على اتخاذ إجراءات جماعية فورية لتجنب وقوع كارثة إنسانية وشيكة.
وفقاً لتوقعات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الصادر حديثاً، يواجه 17.
ويؤدي النزاع المستمر وتصاعد العنف إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة حالة الأمن الغذائي سوءاً للسكان في العديد من المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية. ويتضاعف حجم هذه المشكلة نتيجة انخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار المواد الغذائية والصدمات المناخية والنزوح، وذلك وفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة الأخير بشأن الأداء الزراعي للسودان في موسم الصيف بعنوان "السودان: تقييم سريع للأداء الزراعي للموسم الصيفي".
وأدى اتساع رقعة العنف إلى نزوح 6.3 مليون شخص، بما في ذلك حوالي 5.1 مليون نازح داخلياً و1.2 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة. وتأتي غالبية النازحين داخلياً من ثماني ولايات، وتستحوذ ولاية الخرطوم على الحصة الأكبر بنسبة 67 في المائة. وينتشر السكان النازحون في جميع ولايات السودان الثماني عشرة ويمتد نزوحهم إلى ما وراء حدود البلاد، خاصة إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
كما تسبب النزاع في إلحاق أضرار جسيمة ودمار هائل بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك مرافق الرعاية الصحية والمدارس والطرق ومصادر الطاقة والمياه بالإضافة إلى أصول الاتصالات. وأدت عمليات النهب واسعة النطاق للأسواق والبنوك والصناعات والمباني العامة إلى زيادة النقص في الخدمات الأساسية والمواد الغذائية وغير الغذائية في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي الهشة وسوء التغذية.
وفي الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2023، قبل موسم الزراعة المهم، أعانت المنظمة أكثر من مليون أسرة زراعية - أو 5 ملايين شخص - لدعم إنتاج الغذاء المحلي والحفاظ على سبل العيش الريفية. ولكن على الرغم من كل تلك الجهود، فإن عدم الاستقرار وتحديات الوصول لا تزال تهدد الأمن الغذائي.
وقال هونغجي يانغ، ممثل منظمة الأغذية والزراعة في السودان: "في مواجهة تحديات الأمن الغذائي المثيرة للقلق، تؤكد منظمة الأغذية والزراعة على التزامها الراسخ بدعم المجتمعات الريفية السودانية. إن الحاجة الملحة واضحة وتفانينا صادق، لكن الطريق إلى الأمام يتطلب المزيد من التمويل للحفاظ على دعمنا الحيوي".
تحتاج منظمة الأغذية والزراعة بشكل عاجل إلى 75.4 مليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل حوالي 80 في المائة من التمويل المطلوب بموجب خطة الاستجابة الإنسانية المنقحة للسودان للفترة من مايو/أيار إلى ديسمبر/كانون الأول 2023. وهذه الأموال ضرورية لتلبية الاحتياجات المتصاعدة، وتعزيز الإنتاج الغذائي المحلي، وتحسين إمكانية الوصول إليه في جميع أنحاء البلاد.
جهة الاتصال
محمد العيدروس
(+2) 0101 501 2892
mohamed.alaidaroos@fao.org
مريم حسنين
(+2) 01007335492
mariam.hassanien@fao.org
للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع
السودان: تحليل التصنيف المتكامل للأمن الغذائي الحاد (أكتوبر/تشرين الأول 2023 – فبراير/شباط 2024)
مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود التابع للمنظمة: السودان
السودان: خطة الاستجابة الإنسانية المنقحة 2023
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: منظمة الأغذیة والزراعة الأمن الغذائی الأول 2023 فی جمیع
إقرأ أيضاً:
ثروت إمبابي يكتب: الزراعة دون تربة.. مستقبل الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية
هل تخيلت يومًا أن تنمو نبتة دون أن تلمس حبة تراب؟ أو أن تزهر شجرة في الهواء دون أن تُغرس في أرض؟ قد يبدو الأمر ضربًا من الخيال، لكنه واقعٌ بدأ يفرض نفسه على عالم الزراعة، ذلك العالم الذي كان لقرونٍ أسير التربة والماء والمناخ.
لقد تغيرت قواعد اللعبة. لم تعد الزراعة كما عرفناها، ولم تعد الأرض وحدها هي وعاء الحياة. فمع تصاعد الأزمات البيئية، وازدياد شحّ المياه، واحتضار التربة في كثير من بقاع الأرض، ظهرت تقنيات ثورية تعدنا بثورة خضراء جديدة: الزراعة المائية والهوائية.
إنها ليست مجرد بدائل، بل رؤى جذرية تعيد تعريف علاقتنا بالغذاء وبالطبيعة ذاتها. فكيف وصلت هذه التقنيات إلى الواجهة؟ ولماذا باتت خيارًا استراتيجيًا لمستقبل غذائنا؟
رغم أن الزراعة التقليدية مثّلت ركيزة الحضارات الإنسانية عبر التاريخ، فإنها تواجه اليوم أزمات تهدد استمراريتها. فالموارد المائية تنضب، والتربة تتدهور بسبب الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات، والمناخ يتغير بوتيرة متسارعة، ما يجعل الزراعة أكثر هشاشة وعرضة للفشل. كما أن النمو السكاني المتزايد يفرض ضغطًا هائلًا على سلاسل الإمداد الغذائي، في وقت تتقلص فيه الأراضي الصالحة للزراعة.
في هذا السياق، تبرز الزراعة المائية كأحد الحلول الواعدة. فهي تعتمد على زراعة النباتات دون الحاجة إلى التربة، حيث تُغمر الجذور في محاليل غذائية دقيقة التركيب. هذه الطريقة لا تقتصر على كونها بديلًا تقنيًا، بل تقدم مزايا عملية هائلة: فهي توفر ما يصل إلى 90٪ من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية، وتُنتج محاصيل أكثر كثافة في مساحات أقل، كما أنها تتيح الزراعة داخل المدن، ما يقلل من الاعتماد على نقل الأغذية من الريف إلى الحضر.
أما الزراعة الهوائية، فهي تمثل قفزة أكثر جرأة نحو المستقبل. في هذه التقنية، تُعلّق جذور النباتات في الهواء، وتُرشّ بشكل دوري بضباب يحتوي على جميع المغذيات الضرورية. هذه الطريقة لا توفر المياه فحسب، بل تمنح النباتات بيئة مثالية للنمو السريع والكثيف، وتُستخدم بالفعل في مشاريع زراعة مخصصة للفضاء وأماكن لا يمكن فيها استخدام التربة أو حتى الماء بكفاءة.
عندما نتحدث عن الاستدامة، فإننا لا نقصد مجرد الحفاظ على البيئة، بل ضمان أن نتمكن من إنتاج غذائنا دون تدمير الكوكب. وهنا تُثبت هاتان التقنيتان فعاليتهما، إذ تساهمان في خفض الانبعاثات الكربونية، تقليل استهلاك الموارد، وتقديم حلول زراعية مرنة يمكن تطبيقها في أي مكان تقريبًا.
أما على المستوى الشخصي، فأنا أرى أن هذه الحلول تمثل ضرورة وليست خيارًا. في عالمٍ تزداد فيه الكوارث المناخية وتضيق فيه المساحات القابلة للزراعة، لا يمكننا أن نتمسك بأنماط قديمة وننتظر نتائج جديدة. يجب أن نستثمر في هذه التقنيات، وندعم الأبحاث المحلية لتطويرها وتكييفها مع بيئتنا. إن الزراعة المائية والهوائية ليست مجرد رفاهية تكنولوجية، بل وسيلة لإنقاذ الأمن الغذائي العالمي، وتحقيق توازن بين الإنسان والطبيعة.
لقد دخلنا عصرًا جديدًا من الزراعة، حيث لا تُقاس الخصوبة بعمق التربة، بل بذكاء النظام. وفي زمنٍ أصبح فيه الماء أثمن من النفط، فإن من يتحكم في تقنيات الزراعة الذكية، يتحكم في مستقبل الغذاء.