موقع أمريكي: هكذا يجند مؤثرو تيك توك محاربين للقواعد الأمريكية السرية في إسرائيل؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
نشر موقع "الإنترسبت" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن نشاط مؤثر أمريكي على "تيك توك" نال شهرة واسعة بين الجنود الأمريكيين السابقين لدوره في تجنيد قدامى المحاربين للعمل في القواعد العسكرية الأمريكية السرية في "إسرائيل".
وقال الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن توماس لاثام، جندي المشاة المخضرم في الجيش الأمريكي البالغ من العمر 26 سنة، يعد من بين عدد لا يحصى من الشباب على "تيك توك" الذي استخدم هذه المنصة لغرض مختلف عن معظم الأشخاص: وهو تجنيد قدامى المحاربين للعمل في قواعد عسكرية أمريكية سرية في "إسرائيل".
وجاء في نص منشور على "تيك توك" شاركه لاثام: "كونك جنديا متعاقدا، فهذا يجعلك تكسب في أمريكا 4 آلاف دولار شهريًا". وتظهر كاميرا هاتفه منظر مبنى شاهق في بلدة بئر السبع الإسرائيلية، بحسب التقرير.
وقال لاثام إنه ينشر بانتظام فرص عمل لمساعدة المحاربين القدامى الذين يحاولون العثور على عمل بعد انتهاء الخدمة العسكرية. في البداية، كانت منشورات تيك توك جزءا من عمله كموظف لشركة الأمن الخاصة "تريبل كانوبي". منذ أن ترك شركة تريبل كانوبي، تم تعيينه في شركات أخرى أيضا ولكن في بعض الأحيان كان ينشر مقاطع فيديو فقط، وفقا لما أورده التقرير.
وأشار الموقع الأمريكي إلى أنه بفضل قوائم الوظائف والتعليقات الأخرى، يقدم حساب "تيك توك" الخاص بلاثام لمحة نادرة عن العالم السري لتعاقدات الأمن القومي.
وأضاف أنه "في ظل كل الأحاديث في عالم التعاقدات العسكرية عن الخدمة والشرف، تبرز مصداقية لاثام، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالدافع الحقيقي للشركات: الذي يتمثل في صافي الأرباح. بالنسبة لمنتقدي الإنفاق الدفاعي الأمريكي، تكشف العقود عن ميزانية عسكرية متضخمة تستعين بمصادر خارجية لخدمة مصالحها الأمنية، مما يخلق مكاسب غير متوقعة لشركات الأمن الخاصة للقيام بمهام كانت في السابق وظيفة حكومية".
ونقل الموقع عن جوليا جليدهيل، المحللة في مركز المعلومات الدفاعية التابع لمشروع الرقابة الحكومية، أن أولويات الدفاع مصممة خصيصا للمقاولين على ما يبدو، وأضافت أن "الأمر يعكس حقًا أولوياتنا التي قام البنتاغون بإبعادها عن المهام الأساسية مثل أمن القواعد".
عمل لاثام موظف انتداب في شركة "تريبل كانوبي" حتى شهر آذار/مارس، قبل أن يوقّع عقد توظيف لشركة أصغر، رفض الكشف عن هويتها، بحسب التقرير الذي أوضح أنه على الرغم من أن لاثام لا يزال ينشر فرصا للتعاقد، إلا أنه قال إنه يعمل في الوقت الراهن في خدمة الغابات الأمريكية.
وذكر الموقع أن العديد من قوائم الوظائف من النوع الذي نشره لاثام، تتطلب الحصول على تصاريح أمنية حكومية، ما يعني أن المرشحين المحتملين سيكونون في كثير من الأحيان من المحاربين القدامى العسكريين أو أولئك الذين عملوا بالفعل في مجال الأمن الخاص. وكتب لاثام في منشور على موقع لينكد "رغم غموض صناعة الدفاع، فقد تمكنت من فتح بوابة لشركة تريبل كانوبي إلى سوق مباشر للأفراد المؤهلين".
المجندون الأصغر سنا
ذكر الموقع أنه مع حاجة الشركات للوصول إلى مجموعة من المرشحين الأصغر سنا للتعاقد على الوظائف، لعب لاثام دورا رئيسيا. وهو يستخدم تطبيق "تيك توك"، كوسيلة جديدة للاستفادة من شبكات المتقدمين المحتملين المؤهلين. يحظى تيك توك بشعبية لاسيما بين المستخدمين الشباب الذين، مثل لاثام، يتصفحون المنصة ويشاركون منشوراتهم لجذب تفاعل المستخدمين في مجالات مثل الترفيه وحتى الأخبار.
وحسب ويليام هارتونغ، خبير التعاقدات الدفاعية في معهد كوينسي، والذي تحدث إلى الموقع، فإن شركات مثل تريبل كانوبي ربما تتبع النهج الجديد لتوسيع نطاق وصولها إلى المرشحين. وأضاف: "قد يكون الأمر بسيطا مثل البحث عن منصات حيث من المرجح أن يصلوا إلى المجندين المحتملين الأصغر سنا".
وتابع الموقع أنه بعد تركه الجيش في سنة 2021، تواصلت شركة تريبل كانوبي مع لاثام بشأن وظيفة في الكويت. لقد كان متحمسا للغاية، فلجأ إلى "تيك توك" لنشر مقطع فيديو مدته 15 ثانية لإعلام الأشخاص بالراتب الذي يمكن أن يتقاضاه من العمل هناك. وسرعان ما انتشر هذا المنشور على نطاق واسع. علمت شركة تريبل كانوبي بذلك، وعرضت عليه وظيفة في مجال التوظيف. (وتجدر الإشارة إلى أن شركة كونستيليس، التي تمتلك شركة تريبل كانوبي، لم تستجب لطلبات التعليق المتعددة.)
حيال هذا الشأن، قال لاثام "السبب الذي دفعني إلى المشاركة في هذا الأمر هو مساعدة المحاربين القدامى في الحصول على وظائف في مجال مألوف بالنسبة لهم. أدرك ما معنى أن تكون من قدامى المحاربين، ومدى صعوبة العثور على وظيفة في مجموعة من الصناعات المختلفة التي لا تناسبك أبدا"، بحسب التقرير.
وأوضح لاثام، وفقا لما نقله الموقع، أن العصر الذهبي للتعاقدات الأمنية الخاصة كان خلال حرب العراق. في الحقبة التي أعقبت هجمات 11 أيلول/سبتمبر، سعت إدارة بوش إلى خصخصة مجهودها الحربي العالمي، من خلال منح الشركات عقودا لكل شيء بدءا من الخدمات اللوجستية وصولا إلى توفير الأمن. في السنوات العشر الأولى من حرب العراق، أنفقت الولايات المتحدة ما يصل إلى 140 مليار دولار على عقود مع الشركات، ومن بينها مقاولو الأمن الخاص.
وأكد الموقع أن شركة "بلاك واتر" تعتبر من أشهر شركات الأمن الخاصة، التي قتلت 17 مدنيا عراقيا في إحدى الحوادث سيئة السمعة، ما أثار جدلا وطنيا حول مدى أهمية مساءلة المقاولين، ناهيك عن معركة قانونية طويلة.
في أحد منشورات "تيك توك" التي تشير إلى حقبة العراق، يسلط لاثام الضوء على عملية الاندماج التي تمت في سنة 2014 بين "تريبل كانوبي" وأكاديمي، خليفة بلاك واتر. ومهما كانت أسماء الشركات، فإن حروب ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر كانت بمثابة مكاسب غير متوقعة لهذه الصناعة، ولمجموعة من المحاربين القدامى وغيرهم من أفراد الأمن الذين وجدوا وظائف جديدة، وإن كانت خطيرة في بعض الأحيان. وفي ذروة طفرة المقاولات الأمنية، كان بإمكان المحاربين القدامى في مشاة البحرية أن يكسبوا ما يصل إلى 200 ألف دولار سنويا، وفقا لتقرير الموقع الأمريكي.
وفقا لهارتونغ، توفر الوظائف للمحاربين القدامى فرصا لتحقيق دخل قد لا يكون متاحا لهم بطريقة أخرى، خاصة أن "العديد من المحاربين القدامى يكافحون للعثور على وظائف ذات رواتب مناسبة عندما يتركون الخدمة، ولاسيما أولئك الذين لديهم أسر يعيلونها. لذا فإن العمل كمقاول أمني خاص يمكن أن يكون مربحا نسبيا، ويستخدم المهارات التي تعلمها الأفراد العسكريون السابقون خلال فترة خدمتهم".
أشار الموقع إلى أنه مع انتهاء الحربين في العراق وأفغانستان، أصبحت فرص العمل المتاحة أقل، على الرغم من أن لاثام قال إن الصراعات الجديدة قد تغير ذلك. في كانون الثاني/ يناير، نشر قائمة على "تيك توك" لفرع تريبل كانوبي في ألمانيا حيث تدير القيادة الأوروبية للبنتاغون الكثير من جهودها لدعم دفاع أوكرانيا ضد الغزو الروسي.
"هناك الكثير مما يمكن اللعب به مع إسرائيل على وجه الخصوص"
في رسالة على "تيك توك" بعد يومين من الهجوم، ذكر لاثام أنه "منذ هجوم حماس على إسرائيل، كانت هناك أحاديث حول ما إذا كنا سنخرج إلى هناك ونتوسع داخل إسرائيل". وأوضح أن الثرثرة كانت تأتي من "الكثير من أصدقائي في القطاع الخاص".
في "تيك توك"، يضع لاثام نفسه أمام لقطة شاشة لقائمة عقد في القدس ولا تكشف قائمة الوظائف عن الجهة التي سيتم العمل من أجلها، بينما يقوم لاثام - باستخدام خبرته - بفرض بعض الاحتمالات.
وأوضح لاثام أن "هناك عقود أسقطت" لدعم قوات العمليات الخاصة الأمريكية، وهي وحدات النخبة السرية في الجيش، التي اعترف البنتاغون بأنها تعمل في "إسرائيل". وخلص لاثام إلى أن قائمة الوظائف من المرجح أن تكون لوظيفة لدى "سوك"، وهي شركة أمنية مقرها في فرجينيا، للعمل لدى "وورلد بروتكشن سيرفيس"، التي تتولى توفير الأمن لوزارة الخارجية الأمريكية في جميع أنحاء العالم.
ونوه الموقع إلى أن الفيديو يعتبر نموذجيا، حيث يشرح لاثام لكل من المجندين الأمنيين المحتملين والأشخاص العاديين كيفية عمل وظائف التعاقد، ولكنه يتعمق أيضا في الجغرافيا السياسية التي تحرك الصناعة. ويقدم الفيديو القصير حول الموقع الإسرائيلي تفسير لاثام لسبب ظهور المهام هناك في أعقاب هجوم حماس لأن المنشآت الأمريكية هناك "تفاجأت تماما بكل هذا". وأكد لاثام أن هناك الكثير مما يجري مع "إسرائيل" على وجه الخصوص، والذي لا يعرفه الكثير من الناس. لدينا قواعد عسكرية هناك، قواعد عسكرية متعددة هناك".
وأشار لاثام إلى شبكة القواعد التي تحتفظ بها الولايات المتحدة بهدوء في إسرائيل. وفي آب/ أغسطس، منح البنتاغون عقدا بقيمة 38.5 مليون دولار لبناء مرافق لإيواء القوات في قاعدة سرية في إسرائيل، وذلك حسب ما أفاد به موقع "ذا انترسبت" مؤخرا.
وأضاف الموقع أن القواعد الأخرى تشمل مخزونات الأسلحة التي احتفظ بها الجيش الأمريكي في البلاد منذ الثمانينيات، والتي كانت مخصصة في الأصل للاستخدام من قبل الولايات المتحدة في حالة نشوب حرب إقليمية ولكن إسرائيل اعتمدت عليها بشكل متزايد لأغراضها الخاصة على مر السنين. وفي السنة الماضية، منح الجيش الأمريكي شركة تريبل كابوني عقدًا بقيمة 21 مليون دولار لحراس أمن مسلحين في موقع اتصالات لم يتم الكشف عنه ولم يتم الإبلاغ عنه مسبقًا في إسرائيل، وذلك وفقًا لسجلات المشتريات. ويتطلب العمل تصريحًا أمنيًا على المستوى السري.
وخلص الموقع إلى أن حساب تيك توك الخاص بلاثام، الذي يضم حوالي 17 ألف متابع، يدفع أعدادا كبيرة من الأشخاص إلى فرص العمل في مجال الأمن الخاص. وتُظهر البيانات التي نشرها لاثام عند التعامل مع الروابط الموجودة على منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، أن أكثر من ألف شخص ينقرون على كل واحد من الوظائف الأمنية الثلاثة المعلنة في "إسرائيل" والكويت وألمانيا، وهي الدول التي قال إنه يجند لوظائف أمنية فيها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية امريكا فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحاربین القدامى الأمن الخاص فی إسرائیل الموقع أن فی مجال تیک توک إلى أن
إقرأ أيضاً:
سلاح الأسراب القاتلة.. كيف غيّرت التكنولوجيا قواعد حرب الكرملين بأوكرانيا
سلط موقع "ديفيزا أونلاين" الضوء على تحول روسيا من الهزائم الميدانية إلى بناء "جيش من الطائرات المسيّرة القاتلة"، بعد الدروس القاسية التي تلقتها في أوكرانيا منذ 2022.
وقال الموقع إن موسكو أنشأت نظاما متكاملا لتطوير وتدريب واستخدام الطائرات المسيرة يشمل المصانع والجامعات والمختبرات العسكرية، ما أدى إلى تعديل أكثر من 450 دليلا تكتيكيا وإطلاق فرع عسكري جديد مخصص للأنظمة غير المأهولة عام 2025 تحت اسم قوات الأنظمة غير المأهولة.
وقال، في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه ابتداء من عام 2022، وبعد الانطلاقة الصادمة والفاشلة لغزو أوكرانيا، شرعت روسيا في مبادرة منهجية لفحص خبرتها القتالية، واستخلاص الدروس منها، وتقاسمها مع قواتها المسلحة، ففي مطلع عام 2023، كانت موسكو قد شيّدت بهدوء منظومة تعلّم معقّدة تشمل القاعدة التصنيعية للدفاع، والجامعات، والعسكريين على امتداد سلسلة القيادة بأكملها.
واليوم، تعمل القوات المسلحة التابعة للكرملين على إضفاء الطابع المؤسسي على معارفها، وإعادة مواءمة مُنتجي القطاع العسكري-الصناعي ومنظمات البحث والتطوير لدعم متطلبات الحرب، عبر ربط الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا بموارد الدولة.
وقد تجسّد هذا الجهد في بلورة تكتيكات جديدة لاعتمادها في ساحة المعركة، جرى تقنينها في برامج تدريب وأدلة قتالية، وبالتوازي مع ذلك في اختبار وإنتاج أسلحة أعلى أداء وأكثر اتساقا مع تلك التكتيكات.
درس ساحة المعركة
وأكد الموقع أنه عند هذه المرحلة من الصراع، باتت الدروس المستفادة عنصرا لا يمكن لأيٍّ من القوات المنتشرة على الأرض أن تتجاهله، وسيكون ذلك دليلا على الحماقة إن حدث، ولهذا السبب، ومن الجانب الروسي، تنظّم المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا بصورة دورية اجتماعات تُشرك عسكريين من القوات الجو-فضائية والجيش، ومتخصصين في الحرب الإلكترونية، وموظفين مدنيين من القطاع العسكري-الصناعي، بهدف عرض الخبرات المتراكمة في الميدان ومناقشة التحسينات التقنية الواجب إدخالها والإجراءات المطلوب تطبيقها، والموجّهة خصوصا إلى تحييد ذلك المكوّن الذي أصبح أساسيا في القتال، والمتمثّل في الطائرات المسيرة (يو إيه في) المعادية.
ففي مؤتمر عُقد عام 2023 واستضافته أكاديمية المدفعية الروسية، اجتمع عسكريون وخبراء آخرون لمراجعة تكتيكات المدفعية ودمج الطائرات المُسيّرة في استخدام نيران الإسناد، وخلال ثلاث سنوات فقط، أدخلت روسيا أكثر من 450 تعديلا مؤقتا على أدلة القتال، وليس هذا فحسب؛ إذ شدّد القادة العسكريون على أنه من المرجّح أن تُراجَع هذه الأدلة مراجعة شاملة بالكامل بعد انتهاء الحرب.
وأضاف الموقع أن هذه التحديثات تُسهم في تفسير سبب مواجهة الأوكرانيين صعوبات أكبر خلال العام ونصف العام الماضيين؛ ففي عامي 2022 و2023، كان بإمكان الأوكرانيين ضرب مراكز القيادة والمخزونات وخطوط الإمداد الروسية بقدر من السهولة نسبيا؛ ولا تزال الصور التي لا تُنسى لجنودٍ روس يستسلمون وهم يظهرون أمام طائرة مُسيّرة أوكرانية ماثلة في الأذهان، إذ كانوا يدركون أنهم بفضل تلك الطائرة المُسيّرة نفسها سيغدون أهدافا سهلة.
لكن اليوم، أصبحت التدابير الإلكترونية المضادة والدفاعات الصاروخية المعدّلة الروسية أكثر تعقيدا بالنسبة لقوات كييف، كما أن الهجمات الروسية بالطائرات المُسيّرة والصواريخ باتت هي الأخرى أكثر اتساعا وتعقيدا.
من التجريب إلى سلاح إستراتيجي جديد
وأشار الموقع إلى أنه في 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إنشاء فرع جديد من القوات المسلحة الروسية متخصص في الحرب باستخدام الطائرات المسيرة (يو إيه في)، وأُعلن دخوله الخدمة رسميا في نوفمبر/تشرين الثاني 2025: قوات الأنظمة غير المأهولة، ويضم هذا التشكيل القيادي المستقل المُستحدث عدة وحدات تعمل بمُسيّرات جوية وبرية وبحرية.
غير أنها لا تعمل بشكل مستقل، بل تُدرَج تحت إمرة أو السيطرة التكتيكية للوحدات العسكرية التي يتعيّن عليها دعمها، ويعود إنشاء وحدات عسكرية منفصلة للطائرات المُسيّرة إلى أواخر يناير/كانون الثاني 2025، مع تقديم أول فوج للطائرات المُسيّرة في عرض يوم النصر بموسكو لعام 2025.
وبما أن الحديث يدور حول «خبرات تراكمت في الميدان»، فإنه ينبغي أن نُرجِع قصة تطوّر الطائرات المُسيّرة الروسية إلى الأنشطة الرائدة لشركة عسكرية خاصة (بي إم سي) شديدة الخصوصية: ذئاب القيصر (تسارسكي فولكي)، المملوكة للسياسي والمدير الروسي دميتري روغوزين، وقد شغل روغوزين منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع من عام 2011 إلى عام 2019، وكان سفير الاتحاد الروسي لدى الناتو من عام 2008 إلى عام 2011، وشغل منصب المدير العام لوكالة الفضاء "روسكوسموس" من عام 2018 إلى عام 2022 - وهو جانب ذو أهمية خاصة في هذا التحليل -.
أما ذئاب القيصر، الناشطون في أوكرانيا، فقد شاركوا في العمليات إلى جانب وحدات «الجمهوريات» المعلنة من جانب واحد في دونباس: كتيبة صوماليا، وفرقة عمّال المناجم؛ ولواء كالميُوس؛ واللواء الدولي بياتناشكا.
ولفت الموقع إلى أنه في 2022، وخلال قصفٍ في منطقة دونيتسك، أُصيب روغوزين بجروح بالغة، وبعد نقله لإجراء عملية جراحية في موسكو، حيث أُزيلت شظية من عموده الفقري، عبّر في مقابلة عن رغبته في الانتقام، وهي رغبة يمكن تحقيقها بفضل المكانة «المميّزة» الناجمة عن خلفيته السابقة في روسكوسموس.
وبين الموقع أنه في 2023 عاد روغوزين إلى خط التماس لاختبار طائرات مسيرة (يو إيه في) جديدة ضد دبابات أبرامز وليوبارد، وهذه الطائرات المُسيّرة، من طراز بي إيه إس-80، تُعد جزءا من منظومات الأسلحة المركّبة على النظام الروبوتي ماركر، وتستطيع هذه الطائرات المُسيّرة رصد الأهداف المعادية بصورة ذاتية بفضل «قواعد البيانات الإلكترونية» المثبّتة على ماركر—والتي تُدرَج فيها تسليحات الخصم—ثم اختيارها بوصفها أهدافا عالية القيمة عبر منحها أولوية، وأخيرا إصابتها.
وبين الموقع أن السمات المميّزة لأنشطة هؤلاء المرتزقة أنهم يؤدون دور الخبراء التقنيين في جانبَي تطوير أسلحة جديدة وتجريبها، وفي تكوينٍ بشري يتألف من تقنيين ومستشارين عسكريين، يمتلكون خبرة ميدانية تراكمت منذ ذلك الوقت عبر تعاونٍ وثيق مع وحداتٍ منخرطة في القتال:
ووفقا للموقع، فإنه بالنظر إلى الخصائص التي تميّزها، يُشار إلى هذه الشركة العسكرية الخاصة (بي إم سي) أيضا بوصفها «المركز التقني-العسكري ذئاب القيصر»، وخلاصة الأمر أن بي إم سي جمعت عددا من المصممين الذين يعملون مع شركات خاصة، والمنخرطين في تطوير تقنيات مبتكرة في مجال الطائرات المسيرة (يو إيه في) والاتصالات، بهدف تحسين قدرات الوحدات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا.
وقد اختبر هؤلاء منتجاتهم على خط الجبهة الذي يعمل فيه «لواء الاقتحام» التابع للفيلق الأول للجيش في دونيتسك، ويُعد روغوزين منسّق «لواء الاقتحام الروسي التطوعي» ويتصدر هرم "بي إم سي"، بينما يُقال إن الشريحة العملياتية المنتمية إليها—والمكوّنة من أفراد مشاركين مباشرة في القتال—تخضع لقيادة قائد يُشار إليه باللقب بايثون.
وأوضح الموقع أنه في اجتماع عُقد في 12 يونيو/حزيران 2025 لمراجعة المعايير الرئيسية لبرنامج التسلّح الحكومي للفترة 2027-2036، شدّد الرئيس فلاديمير بوتين على الأهمية ذات الأولوية للتطوير السريع للقطاع العسكري للأنظمة غير المأهولة.
وبعد خمسة أشهر تماما، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن العقيد سيرغي إشتوغانوف، نائب رئيس قوات الأنظمة غير المأهولة (في بي إس)، أن هذا الفرع المستقل الجديد من القوات المسلحة أصبح يعمل بكامل طاقته.
وبحسب ما ورد في الموقع، يكاد هذا الفرع يطابق نظيره الذي أنشأته أوكرانيا العام الماضي، إلى حدّ أنه يحمل التسمية نفسها؛ فقد انخرط الأوكرانيون — متقدّمين على خصومهم الروس — بعمق في تجريب الطائرات المُسيّرة واستخدامها على نطاق واسع، تحديدا لتعويض عامل النقص المتمثّل في محدودية الموارد البشرية والمادية المتاحة لهم في القتال.
وأكد الموقع أن كييف لم تستقبل إنشاء قوات الأنظمة غير المأهولة (في بي إس) الروسية على نحوٍ جيد، مُبدية قدرا كبيرا من القلق، كما صرّح العقيد إشتوغانوف نفسه بأن في بي إس تُجري اختبارات قتالية سواء بالطائرات المُسيّرة، أو بأنظمة الحرب الإلكترونية (إي دبليو)، وتمثّل الحرب الإلكترونية التهديد الرئيسي للطائرات المُسيّرة، وتتواصل بلا انقطاع على كلا الجانبين الدراسات الرامية إلى تحسين فاعلية هذه الأنظمة لصالح وحداتها، وكذلك أنظمة الدفاع في مواجهة قدرات الخصم.
وذكر الموقع أن استمرار توافر الطائرات المُسيّرة على نحوٍ دائم يُعدّ أمرا أساسيا للحفاظ على الجاهزية التشغيلية الكاملة لـقوات الأنظمة غير المأهولة (في بي إس)، وهي طائرات لا يمكن بدورها الاستغناء عن تزويدها بالمكوّنات اللازمة لتجميعها. ولهذا الغرض تؤدي الصين دورا محوريا، إذ نجد في الإنتاج الروسي طائرات مُسيّرة مُركّبة بالكامل من مواد صينية.
أما في ما يتعلّق بالكوادر التي سيُعتمد عليها في تشغيلها، فينصبّ الاهتمام على مشغّلين يمتلكون مستوى جيدا من الخبرة، أي قدامى محاربين صقلوا قدراتهم في مناطق العمليات، مع السعي—في المقابل—إلى تجنّب إشراكهم قدر الإمكان في القتال المباشر. وهو هدفٌ ليس سهل التحقيق. ومن ضمن مهام هذا الطاقم أنه يتولى مسؤولية التدريب وتوفير التجهيزات لمشغّلي الطائرات المُسيّرة، فضلا عن تحليل سير القتال والبحث والتطوير لأنظمة جديدة.
وأفاد الموقع أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، قُدِّر حجم هذا الفرع بنحو 10.000-20.000 رجل، تتراوح مهامهم من اختصاصيي إطلاق طائرات شاهد المُسيّرة بعيدة المدى، إلى طيّاري الطائرات المُسيّرة الذين يهاجمون العدو بطائرات مُسيّرة انتحارية من نوع إف بي في ويعملون أقرب إلى خط التماس(26).
قوات الأنظمة غير المأهولة تدخل الحرب
الوحدات التي تُعدّ حاليا جزءا من قوات الأنظمة غير المأهولة (في بي إس) هي التالية:
– مركز روبكون للتقنيات المتقدمة غير المأهولة
– الفوج السابع للاستطلاع-الهجوم المستقل للأنظمة غير المأهولة
– الفوج 75 المستقل للأنظمة غير المأهولة
– الفوج 77 المستقل للأنظمة غير المأهولة
– اللواء المستقل للطائرات غير المأهولة "غروم "كاسكاد""
– مركز بارس-سارمات للأغراض الخاصة (سابقا: مفرزة المتطوعين بارس-سارمات)، وعلى رأسه نجد اسما مألوفا: دميتري روغوزين.
وأوضح الموقع أنه يجدر التوقّف عند الوحدة التي يمكن اعتبارها «قاطرة» مشروع قوات الأنظمة غير المأهولة (في بي إس) برمّته: مركز روبكون للتقنيات المتقدمة غير المأهولة، الذي أُنشئ في أغسطس 2024 بتوجيه من وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف. وكان الهدف الرئيسي للمركز إعداد مدرّبين على درجة عالية من التأهيل في مجال الطيران غير المأهول، بهدف نقل خبراتهم إلى أفراد الوحدات العسكرية الجديدة.
وإضافة إلى ذلك، يعمل المركز على إعداد مشغّلي الطائرات المسيرة (يو إيه في) لاستخدامهم في العمليات القتالية، سواء بصورة فردية أو ضمن فرق. كما يطوّر المركز ويختبر أنظمة طائرات مُسيّرة متقدمة وآليات تطبيقها، ويجري أبحاثا في مجال الذكاء الاصطناعي ويستكشف كيف يمكن توظيفه في الأنظمة الروبوتية. وحتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2025، يُقدَّر أن قوام هذه الوحدة يبلغ نحو 5.000 رجل.
ويُرجَّح – وفقا للموقع – أن مقر روبكون يقع داخل قاعات العرض في باتريوت بارك ضمن مقاطعة موسكو، ويقودها عقيد الحرس سيرغي بودنيكوف، الرئيس السابق لأركان اللواء التاسع لمدفعية الحرس. ويتم اختيار المجنّدين في موسكو قبل توزيعهم على الفرق المعنية للتدريب.
وقد نُشرت الوحدة في البداية في مقاطعة كورسك، حيث أدّت دورا مهما في قطع طرق الإمداد الأوكرانية، ما ساعد القوات الروسية على دفع العدو خارج المنطقة. كما يمكن لـروبكون الاستفادة من قدرات عالية في مجال سيغ إنت، بما يتيح لها تحديد مواقع الطائرات المُسيّرة الأوكرانية ومشغّليها واستهدافهم، وصولا إلى تدمير ما يصل في بعض المناطق إلى 70% من مواقع الطائرات من دون طيار (يو إيه في).
ومنذ يناير/كانون الثاني 2025، عملت روبكون في اتجاهات بيلغورود وكوبيانسك وبوكروفسك وخاركيف وفوهليدار وفي جنوب دونيتسك. ومنذ مايو 2025، عملت أساسا في مقاطعة دونيتسك، دعما للهجوم الروسي. وأخيرا، أنواع الطائرات المُسيّرة التي تستخدمها الوحدة:
ولفت الموقع إلى أن المدرّبين الروس قد بدأوا باستخدام الطائرات المُسيّرة ليس فقط في أنشطة الاستخبارات وفي الهجمات على الأهداف، بل أيضا لمراقبة تدريب الجنود، بما يتيح لهم لاحقا تقييم ومناقشة نجاحات الوحدات وإخفاقاتها على نحوٍ أفضل. أمّا تطوّر العقيدة، فهو موجّه بقوة نحو تحييد التهديدات التي تستهدف الهجمات المدرّعة واسعة النطاق، ولذلك يُعد هذا الجانب أولوية مطلقة للبحث والتطوير في المجال الحربي. ومن المرجّح أن تنظر القوات المسلحة الروسية بصورة متزايدة إلى رفع إنتاج الأنظمة غير المأهولة، التي ستدمج ضمن قوتها العسكرية لمنحها أفضلية مقارنة بـناتو.
واختتم تقريره بالتأكيد على أن الخبراء الروس يقيّمون كيفية نشر أنظمة لاتخاذ القرار والتخطيط، وكذلك أنظمة تسليح قائمة على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تصبح متاحة بحلول مطلع سنوات الثلاثينيات. كما يدرسون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الصواريخ فرط الصوتية، وأنظمة الدفاع الجوي، والطائرات المُسيّرة لتحسين أدائها. وهم يقيّمون أيضا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسرّع تنفيذ المهام التحليلية وأن يميكن الأوامر. ورغم أن هذا المجال يُعد أولوية وطنية، فإن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي مرتفعة الكلفة، ولذلك ما تزال حتى الآن محدودة نسبيا، وهو ما يقيّد قدرات روسيا على المدى القصير.