سرايا - ليست الأنفاق وحدها التي ترعب قوات الاحتلال الإسرائيلي في عملياتها البرية داخل قطاع غزة، وإنما بسالة المقاومة الفائقة والكمائن التي تنصبها أمام جيش مسلح بأحدث العتاد والآليات فلا يعلمون من أين يأتيهم الموت، وما حدث لدى محاولة الاحتلال "تطهير" حي الشجاعية من مقاتلي المقاومة الفلسطينية أوضح مثال على ذلك، بحسب ما ترويه المصادر الإسرائيلية نفسها.



ويروي مراسلون عسكريون ووسائل إعلام إسرائيلية نتائج تحقيق أولي أجراه جيش الاحتلال حول معركة حي الشجاعية بين المقاومة الفلسطينية ولواء غولاني، حيث يقول التحقيق إن مئات المقاتلين يختبئون في الأنفاق والممرات والمباني المهجورة، مما كبد قوات الاحتلال خسائر فادحة في صفوف القادة والجنود.

ويعتقد قادة الجيش الإسرائيلي أنه من غير الممكن هزيمة المقاومة في حي الشجاعية بالقصف الجوي وحده، وأنه يجب أن يتم ذلك على الأرض، ويوضح ضابط كبير في جيش الاحتلال أنه عندما يتم قصف المنطقة من الجو يهرب رجال المقاومة ثم يعودون إلى المكان نفسه، ولهذا تصر القيادة العليا على أنه لا بديل لهم عن القتال والعمل في الميدان.

لكن في قتال من هذا النوع عندما ينتقل جنود الاحتلال من موقع إلى آخر ومن مبنى إلى مبنى فإنهم "لا يعرفون أنهم في مواجهة إلا بعد أن يكونوا في مواجهة" كما يقول قادة الاحتلال.

في تلك المعركة عمل فريق قتالي إسرائيلي تابع للكتيبة 53 على تطهير المباني في قصبة الشجاعية، فدخلت قوة من 4 جنود يترأسها رائد ونقيب إلى مبنى من جهتين لمسحه، لكن المقاومة كانت قد وضعت عبوة ناسفة داخل المبنى وألقت عليهم قنابل يدوية وأعيرة نارية، فأصيب الجنود الإسرائيليون الأربعة وهم قائد السرية الرائد موشيه أبراهام بار أون وقائد الفصيلة النقيب ليل هايو والمقاتلان عيران ألوني وشقيقه داسكل.

وإلى جانب ذلك تعرضت القوات الإضافية من الجيش الإسرائيلي التي كانت خارج المبنى لإطلاق نار وخاضت معركة ضد المقاومة، مما أدى إلى انقطاع الاتصال بين القوات والجنود الأربعة داخل المبنى.

عند هذه النقطة أصيب جيش الاحتلال بالرعب من أن يكون عناصر المقاومة قد اختطفوا الجنود الأربعة عبر فتحة نفق في المبنى، فأرسل لواء غولاني جميع قادته الكبار إلى موقع المعركة، بما في ذلك القطاعات المجاورة، مع تعزيزات لمحاصرة المجمع من اتجاهات عدة، فحاصرت قوة من جيش الاحتلال بقيادة اللواء تومر غرينبيرغ المجمع من جهة الشمال، في حين سحب اللواء 53 قواته التي تكبدت جرحى، واستمرت معركة عنيفة مع المقاومة لنحو 3 ساعات.

في الأثناء، وصلت ما تسمى قوة الإنقاذ الخاصة 669 إلى المجمع وحاولت كسر الباب، لكن المقاومة تمكنت من إصابة جنديين بجروح في كمين آخر في المباني القريبة وأضرمت النار في منطقة مدخل المجمع بالكامل، فأصيب أيضا من جيش الاحتلال الرائد بن شيلي والعقيد روم هيشت.

بعد فشل تلك المحاولات أرسل العميد يائير بلاي -الذي يقع مقر قيادته بالقرب من مكان المعركة- العقيد إسحق بن باشيت قائد كتيبة غولاني في لواء غولاني ومعه نائب قائد اللواء إلى مكان المعركة كي يتوليا زمام المعركة ويعملا على تقسيم الفرق القتالية الموجودة في الميدان، ومع تزايد عدد القوات الإسرائيلية في المنطقة كان يسود الخوف في صفوفها من أن تتعرض لإطلاق نار من الجانبين.

كانت الخطة الإسرائيلية تقتضي الوصول بسرعة إلى الجنود الأربعة الذين اختفوا داخل المبنى ومنع اختطافهم وهروب مسلحي المقاومة، وكذلك منع وصول قوات إضافية من المقاومة من اتجاهات أخرى، وإنقاذ الجرحى الإسرائيليين عند مدخل المجمع.

ووصلت القوة من دورية غولاني إلى مدخل المبنى لإنقاذ المصابين من قوة الإنقاذ 669، لكنها تعرضت لمواجهة عنيفة من أفراد المقاومة الفلسطينية الذين كانوا يطلقون النار على جنود الاحتلال من كل جانب، وقُتل في هذه المرحلة من المعركة العقيد بن باشيت، في حين تمكن جنود الدورية من إنقاذ المصابين ودخول المبنى وانتشال جثث أربعة جنود، حيث تبين أنهم قتلى ولم يُختطفوا.

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، حيث خاضت قوة إسرائيلية أخرى بقيادة مجد تومر كانت تتمركز على مبنى مجاور يطل على المنطقة معركة شرسة مع مسلحين فلسطينيين كانوا في مبان أخرى بالمجمع ذاته، وأطلقت المقاومة صاروخا من مبنى مجاور، مما تسبب بانهيار المبنى الذي تمركزت فيه قوات الاحتلال، فقتل أيضا اللواء تومر مع قائد فرقته الرائد روي ملداسي.

في هذه اللحظة استخدم الاحتلال النيران الجوية لدعم معركته مع فصائل المقاومة من الشمال والغرب، لمنع المقاتلين الفلسطينيين من الاقتراب من بقية قوات جيش الاحتلال.

أشرس المعارك

هذه واحدة من معارك الشجاعية العنيفة مع فصائل المقاومة، حيث يقول جيش الاحتلال إنه حاول لأكثر من أسبوع ونصف تطهير قصبة الشجاعية من المقاتلين، ويزعم أنه قتل منهم خلال تلك الفترة أكثر من 350.

وفي الأيام الأخيرة بعد مداهمة المجمعات وجدها جيش الاحتلال فارغة، مع وجود أسلحة قناصة موجهة وكاميرات ومدافع رشاشة، لكن لم يكن هناك أي مسلح من أفراد المقاومة الفلسطينية.

ويقول جيش الاحتلال إن كتيبة غولاني لم تعد تعمل ككتيبة، بل كوحدات متفرقة بسبب المعاركة الشرسة في الشجاعية، ويقدر أنه يحتاج من يومين إلى 3 أيام "لتطهير" القصبة والسيطرة العملياتية عليها.

وعن سبب عدم قصف المجمع من الجو في بداية المعركة فيعود ذلك -بحسب ضابط كبير في جيش الاحتلال- إلى أنهم لم يكونوا يعرفون مصير القوة المكونة من 4 مقاتلين والموجودة داخل المجمع، وذلك أن المقاومة التي كانت تطلق النار من داخل المبنى كانت تستخدم أسلحة "إم-16″، وهي الأسلحة ذاتها التي تستخدمها قوات الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي جعل من الصعب عليهم معرفة ما إذا كان عناصر القوة أحياء أم قتلى.

وإضافة إلى ذلك فإن جيش الاحتلال يقول إنه يحتاج إلى تنفيذ عمليات برية لجمع بيانات عن المحتجزين وجمع مواد استخباراتية عن حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وأسر عناصر من المقاومة، لكن حي الشجاعية كان عصيا على عمليات الاحتلال البرية وكبده خسائر فادحة في الأرواح لم يكن أكثر المتشائمين من قادة جيش الاحتلال يتصورها، ربما بسبب رعبهم من أن تكون المقاومة قد اختطفت 4 جنود إسرائيليين إضافيين.

وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإنه منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قتل 444 جنديا وضابطا، منهم 115 قتلوا منذ التوغل البري في قطاع غزة قبل شهرين، بينهم 4 بدرجة عقيد.
 
إقرأ أيضاً : أمريكا ترجئ بيع بنادق إم16 للاحتلال بسبب عنف المستوطنينإقرأ أيضاً : استشهاد 3 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي لمدينة جنينإقرأ أيضاً : قوات الاحتلال تنفذ اقتحامات في الضفة الغربية


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة قوات الاحتلال جیش الاحتلال حی الشجاعیة داخل المبنى

إقرأ أيضاً:

سرايا القدس تعلن قتل وإصابة 40 جنديًا إسرائيليًا بعملية الشجاعية

 

كشفت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مساء الجمعة، عن تنفيذها عملية ميدانية مركبة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، استهدفت خلالها جنود الاحتلال الإسرائيلي وآلياته العسكرية، إضافة إلى مبانٍ ومنازل كانت تتحصن بها قواته.

ونشرت "السرايا" عبر منصاتها الإعلامية مقطع فيديو يوثّق لحظات تنفيذ العملية من مسافة قريبة، ويظهر جانباً من الاشتباك المسلح المباشر مع قوات الاحتلال ضمن ما وصفته بـ"كمين محكم ومخطط له مسبقاً".

وقال قائد العملية، في تصريحات عبر الإعلام الحربي للسرايا، إن الكمين نُفّذ في مربع الهدى شرق الشجاعية، وإن المقاتلين تمكنوا من "إحكام النار على القوة الإسرائيلية المتوغلة"، مؤكداً أن جنود الاحتلال "فقدوا القدرة على الرد أو المبادرة، واكتفوا بالهرب والصراخ، ولم يُبدوا أي مقاومة تُذكر"، بحسب وصفه.

وأشار إلى أن مقاتلي السرايا عاينوا "جثثاً متفحمة لجنود وضباط الاحتلال في الميدان"، متهماً الجيش الإسرائيلي بـ"التكتم المتعمد على حجم خسائره المعتادة"، على حد تعبيره.

وأضاف القائد الميداني أن العملية "أسفرت عن سقوط نحو 40 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا ما بين قتيل وجريح"، مشيراً إلى أن هذه العملية جاءت "رداً على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وقتله وتشريده للمدنيين العزّل"

ويأتي هذا التصعيد ضمن إطار عمليات معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها فصائل المقاومة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، واستمرت على مدار أشهر بمواجهة ميدانية متعددة الجبهات ضد قوات الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة

 


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند سرايا القدس تعلن قتل وإصابة 40 جنديًا إسرائيليًا بعملية الشجاعية سوريا: حرائق ضخمة تقترب من قصر الرئاسة مجزرة جديدة في غزة: الاحتلال يستهدف منتظري الإغاثة ومرافق الصحة تنهار شلل جوي في فرنسا مع استمرار إضراب مراقبي الحركة الجوية مقتل 3 جنود إسرائيليين في غزة وسط تعتيم على "حادث خطير" Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • الفلاحي: كمين الشجاعية عملية عسكرية متكاملة عكست قراءة دقيقة لمسرحها
  • سرايا القدس تعلن قتل وإصابة 40 جنديًا إسرائيليًا بعملية الشجاعية
  • مشاهد مثيرة لكمين السرايا ضد الاحتلال في الشجاعية.. رصد جثث جنود متفحمة (شاهد)
  • استهداف ناقلة جند لجيش الاحتلال بقذيفة الياسين 105 في خان يونس
  • كيان الاحتلال في مواجهة خصم لا يُرى.. المعركة مع اليمن تخرج عن السيطرة
  • “سرايا القدس”: قصفنا مستوطنة “سديروت” بالصواريخ
  • الاحتلال يعترف بوقوعه في أربعة كمائن للمقاومة في حي الشجاعية
  • إعلام العدو يقر: حماس تفك شيفرة الجيش وتحوّل جنوده إلى أهداف مكشوفة في غزة
  • مقتل جندي قنصا وإصابة عدد آخر بكمين كبير في حي الشجاعية
  • خبير عسكري: عملية الشجاعية متكاملة والمقاومة وجهت رسالة للفرقة 99