حي الشجاعية مستمر في نصب الكمائن المرعبة لجيش الصهاينة
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
سرايا - ليست الأنفاق وحدها التي ترعب قوات الاحتلال الإسرائيلي في عملياتها البرية داخل قطاع غزة، وإنما بسالة المقاومة الفائقة والكمائن التي تنصبها أمام جيش مسلح بأحدث العتاد والآليات فلا يعلمون من أين يأتيهم الموت، وما حدث لدى محاولة الاحتلال "تطهير" حي الشجاعية من مقاتلي المقاومة الفلسطينية أوضح مثال على ذلك، بحسب ما ترويه المصادر الإسرائيلية نفسها.
ويروي مراسلون عسكريون ووسائل إعلام إسرائيلية نتائج تحقيق أولي أجراه جيش الاحتلال حول معركة حي الشجاعية بين المقاومة الفلسطينية ولواء غولاني، حيث يقول التحقيق إن مئات المقاتلين يختبئون في الأنفاق والممرات والمباني المهجورة، مما كبد قوات الاحتلال خسائر فادحة في صفوف القادة والجنود.
ويعتقد قادة الجيش الإسرائيلي أنه من غير الممكن هزيمة المقاومة في حي الشجاعية بالقصف الجوي وحده، وأنه يجب أن يتم ذلك على الأرض، ويوضح ضابط كبير في جيش الاحتلال أنه عندما يتم قصف المنطقة من الجو يهرب رجال المقاومة ثم يعودون إلى المكان نفسه، ولهذا تصر القيادة العليا على أنه لا بديل لهم عن القتال والعمل في الميدان.
لكن في قتال من هذا النوع عندما ينتقل جنود الاحتلال من موقع إلى آخر ومن مبنى إلى مبنى فإنهم "لا يعرفون أنهم في مواجهة إلا بعد أن يكونوا في مواجهة" كما يقول قادة الاحتلال.
في تلك المعركة عمل فريق قتالي إسرائيلي تابع للكتيبة 53 على تطهير المباني في قصبة الشجاعية، فدخلت قوة من 4 جنود يترأسها رائد ونقيب إلى مبنى من جهتين لمسحه، لكن المقاومة كانت قد وضعت عبوة ناسفة داخل المبنى وألقت عليهم قنابل يدوية وأعيرة نارية، فأصيب الجنود الإسرائيليون الأربعة وهم قائد السرية الرائد موشيه أبراهام بار أون وقائد الفصيلة النقيب ليل هايو والمقاتلان عيران ألوني وشقيقه داسكل.
وإلى جانب ذلك تعرضت القوات الإضافية من الجيش الإسرائيلي التي كانت خارج المبنى لإطلاق نار وخاضت معركة ضد المقاومة، مما أدى إلى انقطاع الاتصال بين القوات والجنود الأربعة داخل المبنى.
عند هذه النقطة أصيب جيش الاحتلال بالرعب من أن يكون عناصر المقاومة قد اختطفوا الجنود الأربعة عبر فتحة نفق في المبنى، فأرسل لواء غولاني جميع قادته الكبار إلى موقع المعركة، بما في ذلك القطاعات المجاورة، مع تعزيزات لمحاصرة المجمع من اتجاهات عدة، فحاصرت قوة من جيش الاحتلال بقيادة اللواء تومر غرينبيرغ المجمع من جهة الشمال، في حين سحب اللواء 53 قواته التي تكبدت جرحى، واستمرت معركة عنيفة مع المقاومة لنحو 3 ساعات.
في الأثناء، وصلت ما تسمى قوة الإنقاذ الخاصة 669 إلى المجمع وحاولت كسر الباب، لكن المقاومة تمكنت من إصابة جنديين بجروح في كمين آخر في المباني القريبة وأضرمت النار في منطقة مدخل المجمع بالكامل، فأصيب أيضا من جيش الاحتلال الرائد بن شيلي والعقيد روم هيشت.
بعد فشل تلك المحاولات أرسل العميد يائير بلاي -الذي يقع مقر قيادته بالقرب من مكان المعركة- العقيد إسحق بن باشيت قائد كتيبة غولاني في لواء غولاني ومعه نائب قائد اللواء إلى مكان المعركة كي يتوليا زمام المعركة ويعملا على تقسيم الفرق القتالية الموجودة في الميدان، ومع تزايد عدد القوات الإسرائيلية في المنطقة كان يسود الخوف في صفوفها من أن تتعرض لإطلاق نار من الجانبين.
كانت الخطة الإسرائيلية تقتضي الوصول بسرعة إلى الجنود الأربعة الذين اختفوا داخل المبنى ومنع اختطافهم وهروب مسلحي المقاومة، وكذلك منع وصول قوات إضافية من المقاومة من اتجاهات أخرى، وإنقاذ الجرحى الإسرائيليين عند مدخل المجمع.
ووصلت القوة من دورية غولاني إلى مدخل المبنى لإنقاذ المصابين من قوة الإنقاذ 669، لكنها تعرضت لمواجهة عنيفة من أفراد المقاومة الفلسطينية الذين كانوا يطلقون النار على جنود الاحتلال من كل جانب، وقُتل في هذه المرحلة من المعركة العقيد بن باشيت، في حين تمكن جنود الدورية من إنقاذ المصابين ودخول المبنى وانتشال جثث أربعة جنود، حيث تبين أنهم قتلى ولم يُختطفوا.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، حيث خاضت قوة إسرائيلية أخرى بقيادة مجد تومر كانت تتمركز على مبنى مجاور يطل على المنطقة معركة شرسة مع مسلحين فلسطينيين كانوا في مبان أخرى بالمجمع ذاته، وأطلقت المقاومة صاروخا من مبنى مجاور، مما تسبب بانهيار المبنى الذي تمركزت فيه قوات الاحتلال، فقتل أيضا اللواء تومر مع قائد فرقته الرائد روي ملداسي.
في هذه اللحظة استخدم الاحتلال النيران الجوية لدعم معركته مع فصائل المقاومة من الشمال والغرب، لمنع المقاتلين الفلسطينيين من الاقتراب من بقية قوات جيش الاحتلال.
أشرس المعارك
هذه واحدة من معارك الشجاعية العنيفة مع فصائل المقاومة، حيث يقول جيش الاحتلال إنه حاول لأكثر من أسبوع ونصف تطهير قصبة الشجاعية من المقاتلين، ويزعم أنه قتل منهم خلال تلك الفترة أكثر من 350.
وفي الأيام الأخيرة بعد مداهمة المجمعات وجدها جيش الاحتلال فارغة، مع وجود أسلحة قناصة موجهة وكاميرات ومدافع رشاشة، لكن لم يكن هناك أي مسلح من أفراد المقاومة الفلسطينية.
ويقول جيش الاحتلال إن كتيبة غولاني لم تعد تعمل ككتيبة، بل كوحدات متفرقة بسبب المعاركة الشرسة في الشجاعية، ويقدر أنه يحتاج من يومين إلى 3 أيام "لتطهير" القصبة والسيطرة العملياتية عليها.
وعن سبب عدم قصف المجمع من الجو في بداية المعركة فيعود ذلك -بحسب ضابط كبير في جيش الاحتلال- إلى أنهم لم يكونوا يعرفون مصير القوة المكونة من 4 مقاتلين والموجودة داخل المجمع، وذلك أن المقاومة التي كانت تطلق النار من داخل المبنى كانت تستخدم أسلحة "إم-16″، وهي الأسلحة ذاتها التي تستخدمها قوات الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي جعل من الصعب عليهم معرفة ما إذا كان عناصر القوة أحياء أم قتلى.
وإضافة إلى ذلك فإن جيش الاحتلال يقول إنه يحتاج إلى تنفيذ عمليات برية لجمع بيانات عن المحتجزين وجمع مواد استخباراتية عن حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وأسر عناصر من المقاومة، لكن حي الشجاعية كان عصيا على عمليات الاحتلال البرية وكبده خسائر فادحة في الأرواح لم يكن أكثر المتشائمين من قادة جيش الاحتلال يتصورها، ربما بسبب رعبهم من أن تكون المقاومة قد اختطفت 4 جنود إسرائيليين إضافيين.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإنه منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قتل 444 جنديا وضابطا، منهم 115 قتلوا منذ التوغل البري في قطاع غزة قبل شهرين، بينهم 4 بدرجة عقيد.
إقرأ أيضاً : أمريكا ترجئ بيع بنادق إم16 للاحتلال بسبب عنف المستوطنينإقرأ أيضاً : استشهاد 3 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي لمدينة جنينإقرأ أيضاً : قوات الاحتلال تنفذ اقتحامات في الضفة الغربية
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة قوات الاحتلال جیش الاحتلال حی الشجاعیة داخل المبنى
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني اختيار جيش الاحتلال معبر كيسوفيم للتوسع البري؟
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن اختيار جيش الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كيسوفيم كمنفذ للتوسع البري في قطاع غزة، جزء من إستراتيجية عسكرية تستند إلى خطة تقضي بتقسيم القطاع إلى 5 محاور هجومية.
وأوضح العميد حنا، في تحليل للمشهد العسكري بالقطاع، أن هذا التقسيم يذكر بإستراتيجية "الأصابع الخمسة" التي كان يتبناها أرييل شارون، وتعني عمليا تشريح القطاع إلى أجزاء يسهل السيطرة عليها ميدانيا، ومن ثم إضعاف قدرة المقاومة على التحرك بين مناطقه.
وأشار إلى أن معبر كيسوفيم يتمتع بأهمية إستراتيجية مزدوجة، إذ يتيح التقدم نحو مناطق الوسط والجنوب، كمدينة القرارة وخان يونس، كما يفتح الطريق باتجاه دير البلح، التي وصفها بأنها خاصرة لينة بالنسبة للمقاومة الفلسطينية.
واعتبر حنا أن دخول قوات الاحتلال نحو وسط القطاع يعد تطورا لافتا، نظرا لأن هذه المنطقة -بخلاف خان يونس أو جباليا– لم تشهد عمليات عسكرية برية واسعة منذ بدء الحرب، وهو ما يعكس تحولا في مسار التوغلات البرية.
خطة عربات غدعونورأى أن العملية الحالية تأتي ضمن المرحلة الثانية من خطة "عربات غدعون"، لافتا إلى أن هذه التسمية ترتبط بمعان دينية في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، حيث تشير "العربة" إلى الدبابة، على غرار تسميات أخرى استخدمت في حروب سابقة مثل "عمود السماء" للطيران و"السيوف" للأسلحة الفردية.
إعلانوبشأن طبيعة التوغل البري، شدد العميد حنا على أن ما يجري لا يرقى بعد إلى مستوى عملية واسعة النطاق، إذ لم يتم الدفع بعد بأي تشكيلات بحجم الألوية، بل تقتصر المشاركة البرية حتى اللحظة على مستوى كتيبة أو أقل، مقابل اعتماد مكثف على التمهيد الناري الجوي.
وأوضح أن الخطة الإسرائيلية التي أعدها رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال إيال زامير، تنص على 3 مراحل تستغرق نحو عام، تبدأ بعملية جزئية على مدى 3 أشهر، يليها استكمال السيطرة على كامل القطاع خلال 9 أشهر، عبر قتال تقدّره القيادة العسكرية بمستوى 6 ألوية في المجمل.
وأكد أن الغارات الجوية المكثفة تُستخدم لتعويض محدودية القوات البرية، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى ركزت على استهداف المقاومين الذين كانوا يستعدون لصد الاجتياح البري، بينما تسعى المرحلة الثانية إلى تهجير المدنيين تحت الضغط الناري.
استهداف قيادات المقاومةكما بيّن حنا أن الغارات استُخدم فيها نحو 40 قنبلة خارقة من نوع "بونكر باستر" أو "بلو 109″، وهي القنابل نفسها التي استُخدمت سابقا لاستهداف أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في محاولة لتدمير البنية التحتية للمقاومة، واغتيال قيادات بارزة للمقاومة مثل محمد السنوار.
وفيما يخص التطورات الميدانية شمال القطاع، قال إن العمليات هناك تهدف إلى تقطيع الجبهة وعزل مناطق مثل بيت لاهيا وبيت حانون، لإجبار المقاومة على الانتشار والاشتباك في أكثر من محور، مما يرهق قدراتها القتالية ويمنعها من التركيز في نقطة واحدة.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن أمس الجمعة توسيع إبادته الجماعية في قطاع غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها حملة "عربات غدعون" بهدف "تحقيق كافة أهداف الحرب بما فيها تحرير المختطفين وهزيمة (حركة المقاومة الإسلامية) حماس"، على حد تعبيره.
ووفق ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية الرسمية في 5 مايو/أيار الجاري، فإن عملية عربات غدعون تهدف إلى احتلال كامل غزة، وقالت إن من المرجح أن تستمر العملية لعدة أشهر، وتتضمن "الإخلاء الكامل لسكان قطاع غزة من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق جنوب القطاع"، حيث سيبقى الجيش في أي منطقة "يحتلها".
إعلان