سلط تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الضوء على جانب آخر لحادثة مقتل الرهائن الإسرائيليين الثلاث "عن طريق الخطأ"، ونقلت عن مراقبين قولهم إنها تعكس "سلوكا عنيفا ومفرطا لأجهزة الأمن الإسرائيلية ضد الفلسطينيين".

ورغم أن الحادثة كانت مثالا صادما على بشاعة الحرب، إذ تبقى ساحة المعركة "معقدة وخطيرة وليست آمنة لأحد"، تناول التقرير حديثا لحقوقيين انتقدوا ما حصل، من زاوية ترتبط بأكثر من جانب.

"تنتهك الأخلاقيات العسكرية"

وقال روي يلين، مدير التوعية العامة في منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان: "إنه أمر مفجع ولكنه ليس مفاجئا".

وأضاف لأسوشيتد برس: "لقد وثقنا على مر السنين حوادث لا حصر لها لأشخاص استسلموا بشكل واضح وما زالوا يتعرضون لإطلاق النار".

يلين أشار إلى أن عمليات القتل تنتهك الأخلاقيات العسكرية الأساسية والقانون الدولي، الذي يحظر إطلاق النار على الأشخاص الذين يحاولون الاستسلام، سواء كانوا مقاتلين أم لا.

ومع ذلك تابع أن "ذلك جزءا من اتجاه طويل لاستخدام القوة المفرطة دون عقاب وإلى حد كبير، والذي طال الإسرائيليين أنفسهم في الأسابيع الأخيرة".

ووفقا لمسؤول عسكري نقلت عنه الوكالة الأميركية، فإن الرهائن الثلاثة، وجميعهم رجال في العشرينات من العمر، خرجوا من مبنى قريب من مواقع الجنود الإسرائيليين في حي الشجاعية بمدينة غزة، حيث تقاتل إسرائيل مسلحي حماس بشكل عنيف.

ولوح الثلاثة بالعلم الأبيض وكانوا بلا قمصان، في محاولة للإشارة إلى أنهم لا يشكلون أي تهديد، لكن وبعد إطلاق النار عليهم قُتل اثنان على الفور، بينما ركض الثالث عائداً إلى المبنى وهو يصرخ طلباً للمساعدة باللغة العبرية.

وأضاف المسؤول أن "القائد أصدر أمرا بوقف إطلاق النار، لكن إطلاق نار آخر أدى إلى مقتل الرجل الثالث".

وفي تعليقه على الحادثة قال رئيس الأركان الإسرائيلي، اللفتنانت كولونيل هرتسي هاليفي، إن الرهائن "فعلوا كل ما في وسعهم" لتوضيح أنهم لا يشكلون تهديدا، لكن الجنود تصرفوا "أثناء القتال وتحت الضغط".

واستعرض هاليفي، الأحد، قواعد الاشتباك مع القوات الإسرائيلية، قائلا إن حظر إطلاق النار على أولئك الذين يستسلمون يجب أن ينطبق أيضا على الفلسطينيين.

وتابع في تصريحات بثها التلفزيون الإسرائيلي: "عندما ترى شخصين لا يهددانك، وليس معهما أسلحة، ويرفعان أيديهما ولا يرتديان قمصانا، خذ ثانيتين".

ومضى قائلا: "أريد أن أقول لكم شيئا لا يقل أهمية: إذا كان اثنان من سكان غزة يحملان راية بيضاء ويريدان الاستسلام، فهل سنطلق النار عليهما؟ بالطبع لا. بالطبع لا. هذا ليس جيش الدفاع الإسرائيلي".

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، السبت، إن القتل "حطم قلبي، وحطم قلب الأمة بأكملها".

لكنه أشار إلى عدم حدوث تغيير في الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة.

"توتر"

وتقول إسرائيل إن عددا من الرهائن قضوا في الأسر لدى حماس،  لكن مقتل الرهائن الثلاثة أثار توترا لأنهم قتلوا على يد القوات التي كانت تحاول إنقاذهم.

ولا يزال هناك ما يقرب من 129 رهينة في قطاع غزة، وفقا للجيش الإسرائيلي.

وقد استحوذت محنتهم على الداخل في إسرائيل، وفق "أسوشيتد برس"، مشيرة إلى أن حادثة القتل بالخطأ دفعت مئات المتظاهرين إلى النزول إلى الشوارع بغضب.

وفي الآونة الأخيرة، اتهمت منظمة "بتسيلم" الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليتي "إعدام غير قانوني" بعد نشر لقطات فيديو تظهر على ما يبدو القوات الإسرائيلية وهي تقتل رجلين فلسطينيين، أحدهما عاجز والآخر أعزل، خلال غارة عسكرية في الضفة الغربية.

وتحقق الشرطة العسكرية في الأمر، لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن مثل هذه الحوادث نادرا ما تؤدي إلى إجراءات عقابية، وفق الوكالة الأميركية.

وتضيف أن "المنتقدون يقولون إن حادث الرهائن يعكس سلوك الجيش تجاه المدنيين في غزة".

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية قُتل أكثر من 18.700 فلسطيني، ثلثاهم من النساء والقاصرين، وفقا لوزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس، التي لا تفرق بين المقاتلين والمدنيين.

وقال أفنير جفارياهو، الذي يرأس مجموعة "كسر الصمت"، وهي مجموعة المبلغين عن المخالفات التي توثق شهادات جنود إسرائيليين سابقين، إن روايات الجنود من الاشتباكات العسكرية السابقة في قطاع غزة أظهرت أنه بمجرد أن يعتبر الجيش أن المنطقة خالية من المدنيين يتم توجيههم "لإطلاق النار على كل ما يتحرك".

لكن الجيش الإسرائيلي يقول إنه يفعل ما في وسعه لحماية المدنيين، وإنه يعمل في "ساحة معقدة حيث تتمركز حماس في مناطق مدنية مكتظة بالسكان".

وفي المقابل يقول فلسطينيون في مناسبات عدة أن الجنود الإسرائيليين فتحوا النار في غزة، بينما كان المدنيون يحاولون الفرار إلى بر الأمان، حسب "أسوشيتد برس".

تشكيك

وشكك كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث في تل أبيب، في المقارنات بين مقتل الرهائن ومقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية أو مقتل مدني إسرائيلي في القدس.

وقال إنه "يجب النظر إلى كل حالة على حدة، وليس كجزء من اتجاه أوسع".

وأضاف مايكل، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية: "لم يكن ينبغي أن يحدث ذلك، لكننا في حرب. نحن بحاجة إلى فهم السياق".

وأدى مقتل المدنيين الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة إلى إعادة حسابات بعض الإسرائيليين.

وكتب المعلق البارز ناحوم برنيع في صحيفة يديعوت أحرونوت أن حادث الرهائن كان جريمة ولا يمكن التغاضي عنه "وكأنه لم يكن شيئا".

وقال بن كاسبيت، الذي يكتب في صحيفة معاريف اليومية، إن "صعود اليمين المتطرف في إسرائيل ساعد في خلق بيئة تسهل على القوات إطلاق النار".

كما سلط الضوء على الشعور المشترك بين الجناح اليميني المتشدد في إسرائيل بأنه لا يوجد أشخاص غير مقاتلين في غزة.

وأثار ذلك، حسب "أسوشيتد برس" مخاوف بين المنتقدين من أن "القوات الإسرائيلية لا تمارس التمييز في قتالها".

وأضاف كاسبيت: "خلال السنوات الأخيرة، أصبحت إصبعنا خفيفة للغاية على الزناد"، وكتب أن الأحداث الأخيرة جعلت الأمر أسهل. هناك أشخاص غير مقاتلين في غزة، وقد قُتل ثلاثة منهم في نهاية هذا الأسبوع على يد جنودنا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مقتل الرهائن أسوشیتد برس إطلاق النار فی غزة

إقرأ أيضاً:

مؤسسة غزة الإنسانية ترجئ فتح مراكزها بعد مقتل عشرات خلال توزيع المساعدات

أجلت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة إعادة فتح مراكزها في قطاع غزة، التي كانت مقررة ليل الأربعاء-الخميس، بعد إغلاقها إثر مقتل عشرات الأشخاص خلال عمليات توزيع المساعدات في الأيام الأخيرة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الطرق المؤدية إلى هذه المراكز تعتبر "مناطق قتال"، محذرا من التنقل عليها.

وقالت المؤسسة في منشور على صفحتها في فيسبوك إن مراكز التوزيع لن تفتح صباح الخميس كما كان مقررا بسبب أعمال الصيانة والإصلاح، مشيرة إلى أنها ستعلن مواعيد الافتتاح فور الانتهاء من هذه الأعمال.

وأضافت أنها تسعى لجعل توزيع صناديق الطعام أكثر أمانا رغم الظروف الصعبة، وحثت المستفيدين على "اتباع الطرق التي حددها الجيش الإسرائيلي لضمان مرور آمن".

في الوقت نفسه، أعلن الدفاع المدني في غزة استشهاد ما لا يقل عن 48 شخصا في ضربات إسرائيلية على مناطق مختلفة من القطاع، من بينهم 14 شهيدا بالقرب من مدرسة لإيواء النازحين في خان يونس.

على الصعيد الدولي، فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد المشروع، معتبرة أن النص يقوض الجهود الدبلوماسية ويشجع حركة حماس ، كما صرحت المندوبة الأميركية دوروثي شيا.

بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" عملياتها قبل أكثر من أسبوع بعد رفع جزئي للحصار الإسرائيلي الذي حرم السكان من مساعدات حيوية، لكن التوزيع شهد فوضى كبيرة مع تقارير عن سقوط ضحايا نتيجة القصف بالقرب من مراكز التوزيع. وأكد الجيش الإسرائيلي إغلاق هذه المراكز مؤقتا، محذرا من أن الطرق المؤدية إليها مناطق قتالية.

وكان الدفاع المدني قد أعلن استشهاد 27 شخصاً الثلاثاء حين أطلقت القوات الإسرائيلية النار من دبابات وطائرات مسيرة على آلاف المواطنين المتجمعين قرب دوار العلم في رفح، أثناء توجههم إلى مركز مساعدات أميركي للحصول على غذاء.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه أطلق طلقات تحذيرية تجاه مشتبه بهم بالقرب من مركز التوزيع، وأن التحقيق في الحادثة لا يزال جاريا.

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإطلاق النار، معتبرا أن مقتل المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء أمر غير مقبول، مطالبا بإجراء تحقيق مستقل. ودعت بريطانيا أيضاً إلى تحقيق فوري ومستقل.

ووصف منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر المشاهد المروعة لمقتل فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على المساعدات بأنها نتيجة "خيارات متعمدة" حرمتهم من وسائل البقاء.

من جانبها، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أنها تراجع صحة المعلومات التي تتحدث عن سقوط قتلى قرب مركز توزيع مساعدات في جنوب غزة، مشيرة إلى عدم ثقتها الكاملة بما تقوله حركة حماس.

وفي حادثة منفصلة، أعلن الدفاع المدني الأحد استشهاد 31 شخصا وإصابة أكثر من 176 آخرين بنيران إسرائيلية خلال توزيع مساعدات في رفح، فيما نفى الجيش إطلاق النار على مدنيين، ووصفت "مؤسسة غزة الإنسانية" الحادث بأنه خالٍ من أية مشاكل.

تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة وعددا من المنظمات غير الحكومية ترفض العمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب مخاوف حول حيادتها وطريقة عملها.

سعيا لتقديم المساعدات إلى غزة، أبحرت سفينة تابعة لـ"تحالف أسطول الحرية" من صقلية متجهة نحو القطاع، وعلى متنها 12 شخصا من بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ والنائبة الفرنسية ريما حسن. ورد الجيش الإسرائيلي بأن قواته مستعدة للدفاع عن البلاد في جميع الجبهات، بما في ذلك الساحل.

من جهته، أدان تحالف أسطول الحرية بشدة تهديدات إسرائيل بمهاجمة السفينة، ووصفها بأنها تنقل مساعدات إنسانية ومدافعين عن حقوق الإنسان، معتبرة أن هذه التهديدات تمثل تحديا مباشرا للحصار الإسرائيلي المستمر وللما وصفه بـ"الإبادة الجائعة".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين أيدته 14 دولة - فيتو أمريكي يجهض مشروع قرار يطالب بوقف حرب غزة مقتل طفل وإصابة آخر بجريمة إطلاق نار جديدة في عرعرة النقب تعليق عمل شاحنات نقل المساعدات في غزة حتى اشعار آخر الأكثر قراءة أطباء بلا حدود: الأوضاع الإنسانية في خانيونس تشهد تدهورا متسارعا دولة جديدة تسحب ملحقيها العسكريين من إسرائيل وتلوح بقطع العلاقات بالفيديو: مجزرة في البريج: 23 شهيدا في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شرق المخيم غزة: توقّف خدمة العلاج الكيماوي الوريدي والمتابعة الطبية لمرضى السرطان عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحثّ قادة العالم على بذل الجهود لحل الدولتين
  • رضا بخش: ليست كل أنثى تريد أن تُصبح أمًا
  • فرنسا تدين الغارات الإسرائيلية الأخيرة على بيروت
  • مقتل 4 جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب قطاع غزة
  • القائد السابق لفرقة غزة: هزمنا جيوشا في أيام وفشلنا تماما في هزيمة حماس
  • القناة 12 الإسرائيلية: مقتل جندي من وحدة يهلوم خلال معركة جنوب قطاع غزة
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: مقتل جندي من وحدة يهلوم التابعة لسلاح الهندسة القتالية خلال معركة جنوب قطاع غزة
  • تحقيق للجزيرة يكشف تضارب الرواية الإسرائيلية بشأن مجزرة المساعدات في رفح
  • مؤسسة غزة الإنسانية ترجئ فتح مراكزها بعد مقتل عشرات خلال توزيع المساعدات
  • مقتل طفل وإصابة آخر بجريمة إطلاق نار جديدة في عرعرة النقب