حبُ اليمن لفلسطين قصةُ وفاءٍ لا تُختزل
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
هاشم أحمد شرف الدين تعمقنا عبرَ مقالةٍ سابقة – موسومة بعنوان “تحرير غزة بأجنحة اليمن” – في أهمية دور اليمن في تحدي العدوان الإسرائيلي وحصار غزة. وأشرنا إلى خطأ التقليل من الدور اليمني الساعي إلى وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإنهاء الحصار على أهلها. فوجدت أنه لا بد من تسليط الضوء على الدوافع التي تحكم مواقفَ الذين يقلّلون من قيمة وأهمية هذا الدور المحوري، ورأيت أنه لا بد من توجيه رسائل لهم.
فرغم أن تحدي اليمن يشكل منارةً للأمل، إلا أنه يجابَه من قِبلهم بالتشكيك والانتقادات. وهم في هذا أصناف مختلفة أوضحها لكم هنا:
1- المنخرطون في المنافسات الجيوسياسية: يقلّل البعض من أهمية دور اليمن بسبب المنافسات الجيوسياسية في المنطقة. فهم يرون أن دورَ اليمن يتعارض مع مواقفِهم من القضية الفلسطينية، وأنه يشكّل تحدياً لأجنداتِهم السياسية الخفية أو المعلنة، ويشوّه تحالفاتِهم السياسية الإقليمية. هؤلاء هم (المطبّعون).
2- المدفوعون بالاختلافات الأيديولوجية: تصنع الاختلافاتُ الأيديولوجية انقساماتٍ حادةً تؤدي إلى أن يلتزم البعض بتصوّراتٍ معينة تعيق قدرتَهم على تقدير أهمية الموقف اليمني ضد العدوان الإسرائيلي على غزة. هؤلاء هم (العنصريون الطائفيون).
3- ذوو الطموحات الشخصية: تدفع الطموحاتُ الشخصيةُ البعضَ لِلّهثِ وراء مناصبِ السلطة أو عطايا الحكام، فيقلّلون من دورِ اليمن إرضاءً لحكامِ بلدانِهم أو حكامِ دولٍ أخرى لديهم خصومةٌ مع اليمن. فهم يعطون الأولويةَ لمكاسبِهم الشخصية على الاعتراف بأهمية دور اليمن، فيقللون من أهميته أو يتجاهلونه تماماً. هؤلاء هم (المنافقون الوصوليون)
4- المتأثرون بالمعلومات المضلِّلة والدعاية: تلعب المعلوماتُ المضللة والدعاية دورا مهما في تشكيل تصوراتٍ مشوَّهة. لذا فإن البعضَ يقلل من دور اليمن بسبب نقص المعلومات الدقيقة لديه أو تعرضه المكثف لرواياتٍ متحيزة. هؤلاء هم (السطحيون).
5- الخائفون من العواقب: قد يخشى البعضُ من عواقب الانحياز إلى الموقف اليمني، لتوقعهم بأنه قد تكون له عواقبُ وردودُ فعلٍ سياسية قوية، أو عقوباتٌ اقتصادية كبيرة. فتؤدي مخاوفُهم إلى الترددِ في الاعتراف بدور اليمن أو دعمِه. هؤلاء هم (النافذون وأصحاب المصالح السياسية والتجارية).
وهنا لا بد من رسالةٍ إلى كل صنفٍ من أولئك.
فإلى أولئك الذين ينظرون إلى دور اليمن من خلال عدسة المنافسات الجيوسياسية، أطلب منكم أن تتصوروا دورَ اليمنِ كفَنارٍ يقف على ساحل، يخترق شعاعُ تحديه الأمواجَ المضطربةَ والتياراتِ العاصفةَ بالأمة. فكما يرشد الفنارُ (السفنَ) إلى بَرِّ الأمان، فإن دورَ اليمن يوجّهُ الوعيَ الجماعيَ (للدولِ) نحو نصرةِ قضيةِ فلسطين العادلة.
ولتتذكروا أن الفنارَ لا يميّز، فنورُه يضيئ للجميع، متجاوزاً امواجَ المحيط. وبالمِثل فإن دورَ اليمن يتجاوز حدودَ التنافسِ الجيوسياسي وأجنداتِ السياسة المضطربة. إنه يذكر العالمَ بأن العدالةَ لا تعرف التحيزات. إنكم بالتقليل من أهمية دور اليمن تخاطرون بفقدانِ الضوء الهادي الذي يمكن أن يخرجَ الأمةَ من ظلامِ التصهين والتطبيع والعمالة.
وإلى أولئك الذين يقلّلون من شأنِ دورِ اليمن بسبب الاختلافات الأيديولوجية، أقول، نعم قد تصنع الأيديولوجياتُ فسيفساءَ من وجهات النظر التي تشكل عالمَنا، مثلَ لوحةٍ فنيةٍ قماشيةٍ نُسِجت وحِيكت بخيوطٍ متنوعةٍ عشوائية فبدت لوحةً جامدة. عليكم أن تنظروا إلى دورِ اليمنِ كإضافةٍ نابضةٍ بالحياةِ تتجاوز حدودَ المفاهيم المسبقة الجامدة في (تشكيلِ) الصراع مع العدو. لتصبحَ لوحةً تتحدّى تصنيفَاتِ المدارسِ الفنية والأيدلوجية، وتذكّر بأن السعيَ لتحقيقِ العدالةِ يتجاوز حدودَ أيّ أيديولوجيةٍ واحدة. إن احتضانَكم لدورِ اليمن، سيعني دمجَ تلك الخيوط المتنوعةِ في نسيجٍ من الشكلِ والعملِ الجماعي، حيث تتحدُ وجهاتُ النظر المختلفة في السعي لتحقيقِ هدفٍ مشترك.
وفي عالم الطموحاتِ الشخصية، دعونا نتخيل أمتَنا حديقةً مليئةً بالزهور (الدول). تسعى كلُ زهرةٍ إلى أن تتفتحَ وتزدهر، وتصلَ إلى السماءِ بألوانها النابضة بالحياة. ويسعى التحدي اليمني أيضاً إلى الازدهار، متجاوزاً حدود الطموحات الشخصية. فتذكّروا أن من واجب البستاني (ذي الطموح) رعايةَ هذه الأزهار جميعها، مع إدراك أن الجَمالَ الجماعي للحديقة يفوق بكثيرٍ تطلعاتِ أي زهرةٍ منفردة. فإلى أولئك الذين يستخفّون بدورِ اليمن بسبب طموحاتِهم الشخصية، إنني أحثُكم على النظر إلى اليمن باعتبارِه الزهرةَ المثاليةَ التي تحمل بتلاتُها الوعدَ بمستقبلٍ أكثر إشراقا. ومن خلال رعايتِكم تحدي اليمن، فإنكم تزرعون حديقةً (أمّةً) تتشابك فيها التطلعاتُ الشخصية مع الصالحِ العام، حيث يتخللُ الهواءَ عبيرُ العدالة.
وإلى من يقلل من شأن دور اليمن بسبب المعلومات المضللة والدعاية، التي تشبه المياه البيضاء على الأعين، فتشوّه النظرةَ للواقعِ والتصورات له. فأدعوكم إلى أن تتخيلوا الدورَ اليمني عدسةً واضحة نقية تعكس حقيقة المظالم التي يواجهها الشعب الفلسطيني.
وكما تزيل العدسةُ الخداعَ الذي تسبّبه المياهُ البيضاء في الأعين، فإن دورَ اليمن يكشف الحقيقة، ويتحدى الروايات التي صاغتها المعلومات المضللة والدعاية. إنها بمثابة شهادة على قوة الأصالة والروح التي لا تُقهر والتي لا يمكن إسكاتها. ومن خلال إدراك العدسةِ التي يمثلها اليمنُ أمامَ العالم، يمكنكم تقديرَ دور اليمن ضمن محور الجهاد والمقاومة، وتحطيمَ الأوهام، واكتشافَ الحقيقة التي تم تغييبُها.
وبالنسبة لأولئك الذين يتردّدون في الاعتراف بدور اليمن خوفاً من العواقب، أقول لهم، نعم تتفاوت قدرة الناس على مواجهة الخوف، فهذا يراه قيدا وهذا يراه سلسلةً من القيود. ونعم يمكن أن يردعَ الخوفُ حتى أشجع النفوس. لكنني أطلب منكم إدراك أن اليمنَ يمتلك اليوم الشجاعةَ للتغلب على الشدائد، متجاوزا القيود التي يفرضها الخوف. مذكِّرا بأن السعيَ لفكِّ حصار غزة يتطلب مواجهةَ العدو بشجاعة، وعدم الخوف من أي عواقب. عليكم أن تفهموا أن اليمنَ يمنح الأمةَ فرصةً لتكسر القيودَ التي تكبّلها، فدعوه يرشدكم نحو مستقبل خالٍ من مهانة العدوان وذلِّ الاستسلام.
في الختام، لا حاجة للتقليل من دور اليمن في دفاعه عن فلسطين. إنها قضية إنسانية تحتاج إلى تضافر جهود الجميع. فليعترف الجميع بتضحيات أحراره وبطولاتهم في سبيل الدفاع عن غزة وأهاليها. وليتحد الجميع في مواجهة العدوان والظلم، وليكونوا صوتا واحدا يعلو في كل ركن من أركان العالم، ينادي بحقوق الإنسان وكرامته.
واعتبروها فرصةً لبناء جسر من التفاهم والتعاون فيما بينكم وبينهم، فالهدف المشترك هو الدفاع عن فلسطين، ودور اليمن فيه يستحق كل التقدير والاحترام.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: أولئک الذین الیمن بسبب هؤلاء هم
إقرأ أيضاً:
الشديفات : الحركة الكشفية ركيزة تربوية في بناء الشخصية وتعزيز الوعي المجتمعي
صراحة نيوز ـ أكدت وزارة الشباب أن الحركة الكشفية والإرشادية تُعد مسارا تنمويا وتربويا فاعلا، يسهم في دعم وتمكين الشباب الأردني، وبناء شخصياتهم، وتعزيز مشاركتهم المجتمعية.
جاء ذلك خلال لقاءين منفصلين عقدهما وزير الشباب، المهندس يزن الشديفات، اليوم الثلاثاء، مع أمين عام المنظمة الكشفية العربية، الدكتور هاني عبد المنعم، ورئيس القطاع الكشفي والإرشادي الأهلي الحسن نصر، بحضور مدير المراكز الشبابية والكشافة في الوزارة، نايف أبو رمان، وعضو اللجنة الكشفية العربية، بكاي ولد أحمد، والمديرة التنفيذية لتطوير الأعمال والشراكات في المنظمة العالمية للحركة الكشفية، المهندسة مي عبد الهادي، ومستشار أمين عام جمعية الكشافة والمرشدات الأردنية، خالد أبو زيد.
وأكد الشديفات، أهمية تعزيز الشراكات مع المنظمات الكشفية العربية والدولية، لا سيما في مجالات التدريب وتبادل الخبرات وتنفيذ البرامج الإقليمية، التي من شأنها تنمية المهارات القيادية والتطوعية لدى الشباب، مشيرًا إلى أن الحركة الكشفية تُشكّل إحدى الركائز التربوية في بناء شخصية الشباب، وتعزيز وعيهم بالمسؤولية المجتمعية.
وشدد على حرص الوزارة لدعم القطاع الأهلي كشريك فاعل في تنفيذ البرامج والمبادرات الشبابية، مؤكدًا أهمية تعزيز التنسيق المشترك، وأن الوزارة تعمل على دراسة واقع المرافق الشبابية التابعة لها، بهدف إنشاء بيوت كشفية في عدد من المحافظات، إلى جانب دمج التجربة الكشفية ضمن أنشطة المراكز الشبابية، لما له من أثر في ترسيخ قيم الانتماء الوطني، وتنمية المهارات القيادية والتطوعية لدى منتسبي تلك المراكز.
من جهته، أعرب الدكتور عبد المنعم عن تقديره للمكانة المتميزة التي تحظى بها الحركة الكشفية الأردنية على الصعيدين العربي والدولي، مؤكداً استعداد المنظمة الكشفية العربية لتقديم كافة أشكال الدعم الفني واللوجستي لتطوير العمل الكشفي في الأردن، بما يُمكنه من تلبية تطلعات الشباب واحتياجاتهم.
بدوره، أكد نصر أهمية التكامل بين القطاعين الرسمي والأهلي في تطوير الحركة الكشفية، مشيرًا إلى أن الكشافة والمرشدات ما يزالون يشكلون ركيزة أساسية في ترسيخ قيم الانتماء والعمل الجماعي.
وشهدت اللقاءات استعراض مجموعة من المبادرات والمشاريع النوعية المنفذة في مجالات الخدمة المجتمعية، والتنمية البيئية، وبناء قدرات الشباب.
كما تم بحث سبل توسيع نطاق هذه المبادرات وتعزيز مشاركة الكشافة والمرشدات في الحملات الوطنية، بما يسهم في تطوير الحركة الكشفية وترسيخ دورها المجتمعي