هل الواقعية هنا أم هي القابلية للاستعمار؟
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
هذا السؤال يستطيع أن يفيدنا في الإجابة عليه أحبابنا من تلاميذ المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي، صاحب نظرية "القابلية للاستعمار". أما الإجابة على هذا التساؤل فهي موجهة إلى فريق منا من العرب ومن المسلمين، وهؤلاء يرون أن مجرد التفكير في مواجهة المستعمر الصهيوني أو من يدعمه من التحالف الأورو-أمريكي هو نوع من غياب العقل أو على الأقل هو نوع من عدم الواقعية.
يقولون كيف تفكرون في مقاومة هؤلاء أو في حربهم وهم يملكون كل شيء؛ يملكون الاقتصاد والتكنولوجيا ويملكون السلاح والقوة ويملكون الإعلام والتوجيه! يقولون كذلك: إن أي مواجهة مع هؤلاء محسومة، وإن طوفان الأقصى لن يأتي بفائدة، فلن يستطيع الفلسطينيون أن يحرروا بلادهم من استعمار إحلالي تساعده كل القوى المسيطرة عالميا، وأن نتيجة المواجهة هي ما نراه من تدمير وحرق للأخضر واليابس وقتل لعشرات الآلاف من النساء والأطفال وتجويع لقرابة مليونين من السكان وإجبارهم على النزوح دون أي ثمرة.
ويقول هؤلاء كذلك؛ إن أي حديث عن الانتصار على هؤلاء هو نوع من تخدير الأعصاب أو قصر النظر أو الوهم أو عدم الواقعية.
الغريب والمريب أن هؤلاء لا يحدثوننا أبدا عن خسائر الاحتلال التي لم يصب بمثلها من قبل، إنهم لا يحدثوننا أبدا عن اعتراف قادة العدو منذ اليوم الأول للمعركة بالفشل وهو المعنى المخفف للهزيمة -على غرار كلمة النكسة التي أطلقها العرب على الهزيمة المذلة عام 1967- وحتى بعد مرور أكثر من عام ونصف لم يستطع قادة الاحتلال أن يحققوا إنجازا واحدا يقدمونه لجمهورهم المتعصب المرعوب وكانت النتيجة استقالات مع الإقرار لوزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة الفرق والكتائب والأجهزة الأمنية.
هؤلاء الواقعيون لا يحدثوننا أبدا عما يصرخ به كل يوم خبراء العدو العسكريون ولا قادته السابقون عن عبثية حربهم على غزة، وأنها لن تزيد جيشهم إلا تفككا وأنها فقط تستمر لتحفظ لنتنياهو وعصابته السلطة وتؤجل محاكمته بتهم الفساد.
ولا يحدثوننا عن الخلاف بين العلمانيين والحريديم، ولا عن رفض الأخيرين للتجنيد ولا عن رفض جنود الاحتياط للخدمة وهروبهم من التجنيد.
ولا يحدثنا من يدعون الواقعية عن خسائر العدو الاقتصادية ولا عن توقف ميناء إيلات عن العمل، ولا عن توقف شركات الطيران عن الذهاب للكيان ولا عن هروب مئات الآلاف إلى خارج دولة الكيان.. ولا يحدثوننا أبدا عن غياب الأمن وانتشار الفزع والرعب والركض المتكرر إلى الملاجئ عند سماع صافرات الإنذار.
هؤلاء الواقعيون لا يعترفون أبدا أن المحتل لا يخرج إلا بالمقاومة وبالتضحيات مهما عظمت، ولا بأن الاحتلال كلما اهتزت الأرض تحت قدميه وشعر بالفزع ازداد تنكيلا وازداد إجراما.. لم يحدثنا هؤلاء عما حقفه العدو من مكاسب بعد معاهدات الصلح ودعوات التطبيع.
ومرة أخرى، هل هي الواقعية؟ أم هي الخيبة والغباء؟ أم هي العمالة للعدو؟ أم هي القابلية للاستعمار؟!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الواقعية الفلسطينيون الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة واقعية مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ولا عن
إقرأ أيضاً:
كيف خرج مرتزقة الجنوب على مبادئ ثورة 14 أكتوبر؟
في الوقت الذي يستذكر فيه الشعب اليمني عامة، وأبناء الجنوب خاصة، ملحمة ثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة، التي فجّرها الأحرار ضد الاستعمار البريطاني، تتكشّف اليوم ممارسات وسلوكيات وصَفها ناشطون ومراقبون بأنها “خيانة مكشوفة” وخروج صريح عن ثوابت الثورة، تمارسها قوى جنوبية مرتبطة بالإمارات، وعلى رأسها المجلس الانتقالي، بما في ذلك فتح قنوات تواصل أمنية وعسكرية مع العدو الصهيوني، واستقبال وفود استخباراتية إسرائيلية في عدن وأبين والضالع.
يمانيون / تقرير / خاص
انحراف عن مبادئ ثورة 14 أكتوبر
ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة قامت على أساس واضح، رفض الهيمنة الأجنبية وتحرير الجنوب من الاستعمار بكل أشكاله. غير أن الواقع الراهن الذي تصنعه جماعات الارتزاق السياسي في جنوب الوطن يشي بعكس ذلك تمامًا.
فقد تحول بعض من تصدّروا المشهد الجنوبي، وعلى رأسهم المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، إلى أدوات لتكريس الهيمنة الأجنبية، ليس فقط عبر التبعية السياسية والعسكرية للإمارات، بل كذلك عبر التنسيق الأمني الصادم مع العدو الإسرائيلي، ما يمثّل انقلابًا خطيرًا على مبادئ الكفاح الوطني التي ضحّى من أجلها الشهداء.
فتح الجنوب للاستخبارات الصهيونية
وفق واقع لم ينكره المرتزقة أنفسهم ، نشرته وسائل الإعلام العبرية وعدد من وسائل الإعلام التابعة للانتقالي وشهادات ميدانية محلية ، فإن ضباطًا من جهاز الموساد الإسرائيلي قاموا بزيارات غير معلنة إلى محافظات جنوبية ، تحت حماية وتنسيق مباشر مع قيادات في المجلس الانتقالي، صحيفة عبرية نشرت تقريراً في العام 2022م ، تحدث عن وجود أصدقاء سريين لإسرائيل في جنوب اليمن، لفت انتباه موقع MiddleEastMonitor البريطاني الذي نشر تقريراً بعنوان، المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في اليمن صديق سري لإسرائيل، تحدث عن العلاقات بين الطرفين وأهداف تل أبيب من أن يكون لها موطئ قدم في اليمن، هذا قبل أعوام ، أما الآن فقد أصبحت العلاقات مع العدو الإسرائيلي مكشوفة وخرج المجلس الانتقالي متباهياً بها، ففي عدن شهدت عدة لقاءات بين مسؤولين في الانتقالي وضباط أمنيين، من الاستخبارات الإسرائيلية، في مواقع داخل المعسكرات التي تُشرف عليها الإمارات، وتحديدًا في معسكرات البريقة ومحيط ميناء الزيت.
وفي أبين والضالع، تحرك ضباط صهاينة من التقنيين مصحوبين بعدد من القيادات الميدانية للانتقالي، في بعض القواعد الأمنية هناك، وصلوا على متن طائرات إماراتية خاصة ، وأُقيمت لهم جلسات تقييم ميدانية للوضع الأمني في المناطق المطلة على الساحل.
هذه التحركات تمت بغطاء إماراتي مباشر، حيث وفرت أبوظبي شبكة الحماية اللوجستية والطيران والتنقّل لهؤلاء الضباط، ضمن مسعى إماراتي لفرض نفوذ إسرائيلي استخباراتي على طول البحر العربي وباب المندب، في إطار صفقة إقليمية أوسع، وعلى خلفية موقف صنعاء المشرف في مواجهة العدو الصهيوني إسناداً لغزة .
خيانة لأهداف ثورة 14 أكتوبر
أمام هذه المعطيات، فإن ما يقوم به المجلس الانتقالي وقوى جنوبية أخرى لا يمكن وصفه إلا بكونه تسليمًا طوعيًا لسيادة اليمن لصالح قوى إحتلال خارجية، منها الإمارات والعدو الإسرائيلي.
هذه التطورات لا تمثّل فقط تهديدًا استراتيجيًا لأمن اليمن، بل خيانة مباشرة لأهداف ثورة 14 أكتوبر التي رفضت الوجود الأجنبي بأي شكل من الأشكال، فكيف إذا كان هذا الوجود إسرائيليًا، وعلى الأرض التي سقط فيها الشهداء من أجل التحرير والاستقلال؟
ورغم حالة التعتيم الإعلامي والتضييق الأمني الذي تفرضه سلطات المجلس الانتقالي، خرجت أصوات جنوبية وطنية، سواء في الداخل أو المهجر، تندد بهذه التحركات وتعتبرها طعنة في ظهر الشعب اليمني، وتؤكد أن التطبيع الأمني مع الكيان الصهيوني لا يمثل الجنوب ولا قضيته العادلة.
كتب أحد الناشطين من الضالع على صفحته ’’ثورة أجدادنا لم تكن لتُستثمر لصالح الموساد، ومن يفرش الأرض لرجال تل أبيب لن يكون إلا دخيلاً على ذاكرة النضال الجنوبي’’، فيما علّق أكاديمي جنوبي بارز من جامعة عدن قائلاً ’’ما يجري اليوم هو عملية اختراق خطيرة لهوية الجنوب، وتحويله إلى منصة أمنية تخدم أجندات العدو التاريخي للأمة، ولا بد من وقفة وطنية توقف هذا الانهيار’’.
خبراء وسياسيون حذروا من أن فتح الباب للوجود الاستخباراتي الإسرائيلي في جنوب اليمن سيحوّل المنطقة إلى بؤرة صراع إقليمي ودولي، ويعرّض السيادة اليمنية لخطر بالغ، خصوصًا في ظل موقع الجنوب الجغرافي الحساس، كما أشاروا إلى أن التواطؤ مع الكيان الصهيوني سيُسجّل تاريخيًا على أنه عار سياسي وأخلاقي لا يغتفر، لا سيما حين يتم عبر أدوات تزعم تمثيل الجنوب، بينما هي في الواقع تتاجر بتضحيات الأحرار لصالح تحالفات مشبوهة.
الجنوب ليس للبيع
إن أبناء الجنوب، الذين فجّروا ثورة 14 أكتوبر بصدورهم العارية، لا يمكن أن يقبلوا أن تتحول بلادهم إلى مستعمرة إماراتية إسرائيلية بالوكالة، والوفاء الحقيقي للثورة هو في رفض أي وجود أجنبي، لا في تحويل شعار التحرير إلى ديكور تُغطى به خيانات موثّقة وتفاهمات مع العدو الصهيوني.
وإن كانت بعض القيادات قد اختارت مسار العمالة والارتزاق، فإن الأرض الجنوبية، التي أنجبت الأبطال المقاومين للمحتل والذين أخرجوه صاغراً يجر أذيال الهزيمة ، لن تصمت طويلًا أمام هذه الخيانة والتفريط في السيادة .