انهيار مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا .. هل يتحوّل النيل إلى سلعة؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
فشل الاجتماع الرابع والأخير من مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا التي بدأت صيف العام الجاري في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في قبل نهاية العام الحالي.
يأتي ذلك بالتزامن مع تخلف أديس أبابا عن دفع 33 مليون دولار هي عبارة عن قسيمة على سنداتها الدولية المستحقة بقيمة مليار دولار التي كان من المقرر استحقاقها في 11 كانون الأول/ ديسمبر، وخفضت وكالة "فيتش" العالمية التصنيف الائتماني لإثيوبيا إلى مستوى عالي المخاطر.
وأعلنت وزارة الموارد المائية والري، مساء الثلاثاء، أن "المسارات التفاوضية مع إثيوبيا قد انتهت"، مؤكدة أن "مصر سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر".
وأوضح البيان أن "الاجتماع لم يسفر عن أية نتيجة نظرا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة".
واتهمت القاهرة أديس أبابا "في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي".
وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات انطلقت في آب/ أغسطس الماضي بعد اتفاق رئيس النظام عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على هامش قمة اجتماع دول جوار السودان في 13 تموز/ يوليو 2023، من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 شهور بعد أكثر من عامين من إعلان الفشل في التوصل لاتفاق ملزم بين دولتي المصب ودولة المنبع في نيسان/ أبريل 2021.
هل تدفع الديون إثيوبيا لبيع المياه؟
وأثار توجه إثيوبيا نحو التخلف عن سداد فوائد سندات دولارية مستحقة إلى جانب خفض تصنيفها الائتماني إلى مستوى عالي المخاطر إلى "C" من "CC" مع تزايد احتمال التخلف عن السداد، مخاوف من طرح حصص من سد النهضة الأثيوبي الذي تبلغ تكلفته نحو 4.5 مليار دولار، للبيع وبالتالي بيع المياه لمصر.
ربما تعلن إثيوبيا إفلاسها قريبا، فهي عجزت عن سداد 33 مليون دولار فوائد مستحقة لحاملي سنداتها الدولية وقدرها مليار دولار، وبالتالي ستعجز عن سداد فوائد ديونها البالغة 28 مليار دولار وموعدها يونيو المقبل.
فهل تبيع إثيوبيا سد النهضة لدولة أو شركة، تبيع بدورها المياه لمصر والسودان؟ ! — عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) December 18, 2023
وهو ما أعرب عنه وزير خارجية مصر، سامح شكري، في أيلول/ سبتمبر الماضي في كلمته أمام الجمعية العامة الـ 79 للأمم المتحدة، إن مصر تعاني من عجز مائي يزيد على الـ50% من احتياجاتها المائية؛ ما يفرض عليها إعادة استخدام المياه المحدودة المتاحة لعدة مرات، واستيراد مياه افتراضية في صورة واردات غذائية بقيمة تقترب من 15 مليار دولار سنويا.
بحسب شكري، فإن مصر تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة وتواجه ندرة حادة في المياه، فهي الأقل في معدل هطول الأمطار بين دول العالم، في حين يتجاوز عدد سكانها الـ105 ملايين نسمة، مشيرا إلى اعتماد مصر على نهر النيل بنسبة 98%.
ويحتجز سد النهضة المياه على النيل الأزرق، الفرع الرئيسي لنهر النيل، في منطقة "بني شنقول-قمز" على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1800 متر وارتفاعه 145 مترا، ومن المقرر أن يخزن 74 مليار متر مكعب.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025" وأن مناطق في السودان حيث كان النزاع في دارفور مرتبطا بشكل أساسي بإمدادات المياه، معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ.
صفعة جديدة من أبي أحمد للسيسي
اعتبر خبير السدود والأمن المائي، الدكتور محمد حافظ، أن فشل المفاوضات يعد بمثابة صفعة جديدة من أبي أحمد للسيسي، وقال: "كان هناك أمل كبير لدى النظام المصري أن تكون هناك نتيجة للمفاوضات والوصول إلى حل وسط بين الدول الثلاث حتى لو على المدى القصير، لكن بعد 4 جولات من المفاوضات لم تسفر عن جديد بل وصلت إلى طريق مسدود مجددا".
وانتقد في تصريحات لـ"عربي21": "غياب الشفافية عن تصريحات المسؤولين حول أسباب الخلاف غير تكرار أن إثيوبيا وضعت العراقيل في عم التوصل إلى حل ملزم، وكلمات من قبيل تماطل وتراوغ، الأزمة تتمحور حول حصة إثيوبيا من المياه وهي نقطة الخلاف، وليست الملء ولا التشغيل إنما الحصة التي تعتبرها إثيوبيا حق من حقوقها المكتسبة، وهذا هو السبب الأساسي لفشل المفاوضات".
وقلل حافظ من قيمة الرد المصري، وأوضح "كان من المتوقع أن تخرج مصر من اتفاقية 2015 وتكون هناك نافذة جديدة لمسار جديد في الساحات الدولية ولكن حتى الآن لا يوجد رد فعل مناسب، وأي خطوة غير ذلك لا قيمة لها، لا بد من وقفة جادة يمكن ترجمتها بالانسحاب من الاتفاقية السابقة على أقل تقدير".
وفيما يتعلق بتعثر إثيوبيا وعدم قدرتها على سداد فوائد الديون، رجح الخبير المائي أن "يساهم ذلك في تسريع وتيرة وحجم الملء الخامس البالغ 33 مليار متر مكعب من أجل تشغيل السد والحصول على كهرباء وتسدد الفوائد المستحقة عليها، وقد تتدخل الإمارات بشراء أسهم في سد النهضة وقد يكون هذا لأمر تمهيدا لبيع السد بشكل جزئي في السوق العالمي وجعل مصر تحت رحمة الإمارات".
إضعاف تحكم إثيوبيا في السد
الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور ياسر محجوب الحسين، قال: "نظرا للدعم الكبير الذي تجده إثيوبيا في مشروعها وهو دعم دولي وإقليمي قائم على استراتيجيات بعيدة المدى، فإنه من المستبعد أن يؤدي هذا التعثر إلى بيع السد لشركة أو حتى دولة وستقف هذه القوى الدولية والإقليمية بقوة لمعالجة الأمر".
لكنه أضاف في حديثه لـ"عربي21": "غير أن هذا الأمر لاشك سيزيد الضغوط على إثيوبيا ويجعلها أقل قدرة على التحكم الكامل في إدارة السد مما يعرض قرارها السياسي للاختطاف".
ورأى أن "احتمال بيع المياه سواء من جانب إثيوبيا أو أي جهة قد تتحكم في السد، إلى مصر والسودان أمرا ليس واردا من ناحية فنية إذ يبلغ ارتفاع بحيرة تانا التي ينبع منها النيل الأزرق 1890 مترا فوق سطح البحر وهذا الانحدار الشديد يجعل هناك مخاطر جمة عبر حبس أي كميات مياه تزيد عن سعة السد وهي 74 مليار متر مكعب والتي ستبلغ مداها في الملء الأخير فهي مضطرة لتصريف المياه أول بأول".
واستدرك الحسين بالقول: "وقد يكون ذلك ممكنا في حالة حدوث جفاف غير مسبوق بيد أن التاريخ في مداه الطويل لم يسجل جفافا أو عجزا في أمطار الهضبة الإثيوبية بهذه الدرجة، كما أن استهلاك إثيوبيا للمياه يقدر فقط 1.5 مليار متر مكعب من النيل الأزرق خلال 25 عاما".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سد النهضة مصر مصر أثيوبيا سد النهضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار متر مکعب النیل الأزرق ملیار دولار سد النهضة
إقرأ أيضاً:
وزير الاقتصاد: 400 مليار دولار كلفة بناء "سوريا الجديدة"
تدخل سوريا مرحلة جديدة في تاريخها، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، في مشهد يُعيد رسم ملامح الدولة ومؤسساتها واقتصادها.. وهذه العودة ليست مجرد استعادة لما كان، بل هي انطلاقة نحو بناء دولة حديثة تتجاوز إرث الحرب والدمار، وتعيد الاعتبار لمقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وفي ظل التحولات الجذرية التي يشهدها المشهد السوري، تتطلع البلاد إلى استثمار هذه اللحظة المفصلية لإعادة صياغة منظومتها التشريعية والاقتصادية، بما يعكس تطلعات السوريين إلى مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، حسبما أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور نضال الشعار.
يقدَّرَ الشعار، كلفة إعادة بناء سوريا الجديدة بما يصل إلى 400 مليار دولار، واصفاً المرحلة الراهنة التي تشهدها بلاده بأنها مرحلة تحول تاريخية، لا سيما بعد قرارات رفع العقوبات. كما كشف تبعاً لذلك عن تدفقات استثمارية محتملة.
ويشار إلى أنه مع رفع العقوبات الدولية، بدأت سوريا تشهد اهتماماً متزايداً من المستثمرين، خاصة في ظل حديث الحكومة عن إصلاحات قانونية وبنية تحتية جديدة، بالإضافة إلى مشاريع مدروسة وشراكات استراتيجية مع الدول الصديقة، وجميعها معطيات تضع سوريا أمام فرصة نادرة لتحويل اقتصادها من حالة الانهيار إلى منصة للنمو والاستدامة.
خلال جلسة حوارية في اليوم الثالث لقمة الإعلام العربي 2025، الأربعاء، وصف وزير الاقتصاد السوري عملية إعادة الإعمار التي ستعمل عليها بلاده بأنها ليست إعادة إعمار سوريا القديمة، إنما بناء سوريا جديدة ومختلفة، قائلاً: "نحن على أعتباب ولادة سوريا جديدة".
ويضيف: "في تاريخنا في سوريا لدينا نسيج صناعي ونسيج تجاري لا مثيل له في المنطقة منذ مئات السنين.. لكن ما حدث خلال الـ 60 عاماً الماضية أن هذا النسيج تمزق، ونحن اليوم بصدد إعادة بنائه وتكوينه، ولن نقوم بذلك عن طريقة الترقيع".
تدفقات استثماريةوكشف الوزير السوري، خلال الجلسة التي أدارتها الإعلامية لبنى بوظة، وهي مديرة قسم الاقتصاد في سكاي نيوز عربية، عن استثمارات تترقبها سوريا بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار خلال الفترة الحالية، في مرحلة وصفها بـ "التاريخية" بينما تشهد بلاده تحولات كبيرة بعد القرارات الأخيرة المرتبطة برفع العقوبات التي كانت تقيد سوريا.
وأضاف الشعار: "مع زوال العقوبات أصبحت عملية جذب التدفقات الاستثمارية أيسر، لا سيما مع إزالة العوائق البيروقراطية ومع العمل على تهيئة بيئة قانونية حديثة"، مشيراً إلى توقيع بعض الاتفاقات ومذكرات التفاهم خلال الأشهر القليلة الماضية، وبما يعكس جاهزية الدولة السورية للاستثمار واستقبال رؤوس الأموال.
وفيما يخص تهيئة البيئة التشريعية، كشف عن توجه يستهدف تعديل بعض القوانين الجديدة، من أجل تحويلها إلى أدوات محفزة للتنمية، وذلك في معرض جهود الحكومة السورية الجديدة لجذب الاستثمارات وتيسير البيئة الاستثمارية في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد.
وأكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، حرص بلاده على جذب المستثمرين وتجنيبهم الفوضى الاستثمارية التي شهدتها البلاد في المراحل السابقة، فضلاً كذلك عن تمكينهم من إدارة استثماراتهم بأقصى درجات المرونة والثقة. كما كشف عن مبادرات جديدة هادفة لإطلاق مشاريع إنتاجية بدعم من تسهيلات حكومية. وقال إن تلك التسهيلات الحالية تشجع على الاستثمار، سواء من خلال البنية التحتية أو الإجراءات الإدارية.
دور الإماراتوفي سياق متصل، ثمّن الوزير السوري الدور الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال إنها تتصدر الدول الصديقة لبلاده في حجم الاستثمارات سواء الحالية أو المستقبلية.
كما أكد الدور الريادي لدولة الإمارات في في دعم جهود إعادة البناء، وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف القطاعات السورية.
وأفاد بأن قيمة أحد استثمارات الإمارات في سوريا بلغت نحو 800 مليون دولار، وهو الأمر الذي يفتح المجال أمام مزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها الصناعات والخدمات.
ووقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية (دي بي ورلد) بقيمة 800 مليون دولار لتطوير محطة في ميناء طرطوس، وذلك بعد أن أتاح رفع العقوبات الأميركية الفرصة لإبرام الاتفاق.
وتشمل المذكرة تطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، مما يسهم في رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيلية وتعزيز دوره كمركز محوري لحركة التجارة الإقليمية والدولية.
ووصف وزير الاقتصاد السوري "الموانئ السورية" بأنها كانت البوابة الرئيسية لجذب الاستثمارات. لكنه في الوقت نفسه شدد على أن الاستثمارات لم تقتصر على قطاع النقل البحري فقط، لكنها امتدت كذلك إلى قطاعات مختلفة (الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتطوير العقاري والخدمات المرافقة).
الأموال المجمدةكما تطرق الشعار في سياق متصل عن الأموال السورية المجمدة في الخارج، مشيراً إلى سلسلة من الجهود المبذولة من أجل استعادة تلك الأموال، لكنه في الوقت نفسه كشف عن أنها "لا تمثل مبالغ ضخمة".
وأفاد بأن النظام كان قادرًا، في بداية ما جرى في سوريا، على استعادة الجزء الأكبر من الأموال الموجودة في الخارج، والتي كانت بمبالغ ضخمة. وأضاف: "ما تبقى من هذه الأموال في الخارج لا يُعد رقمًا كبيرًا مقارنة بما يمكن أن نحصل عليه من استثمارات قادمة من الخارج"، مشيرًا إلى أن هذا الرقم المتبقي – رغم صغر حجمه النسبي – يبقى مهمًا جدًا في ظل الأوضاع الحالية. وأوضح أن "كل رقم له أهميته، ولا يمكن اعتباره مبلغًا بسيطًا أو يمكن تجاوزه".
وأكد الوزير أن الحكومة تعمل حاليًا على إعادة تلك الأموال المجمدة بالخارج، سواء عبر التفاوض المباشر، أو عبر طرف ثالث، أو باستخدامها لشراء احتياجات الدولة. وأضاف: "هناك عدة طرق مطروحة ونعمل على استغلالها بأقصى قدر ممكن".
الليرةوإلى ذلك، وفيما يخص "الليرة السورية"، تحدث وزير الاقتصاد والصناعة عن دراسة هادفة لإعادة هيكلة النظام المالي في البلاد، وقال إنه مع دخول سوريا مرحلة جديدة "اختفت الإتاوات"، كاشفاً عن دراسة إصدار عملة جديدة أو اللجوء إلى العملات الرقمية، وذلك في إطار تطوير المعاملات المالية وتحديث البنية المصرفية.
وحول موقف الحكومة من مسألة الخصخصة، اعتبر وزير الاقتصاد والصناعة السوري أن "الخصخصة" مصطلح فضفاض، مشددًا على أن الحكومة لا تبيع ممتلكات السوريين، بل تديرها لتحقيق مصالحهم. وأوضح أن الأصول تُعد ملكية عامة، وما يجري هو عملية إدارة ممنهجة ومدروسة تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة لجميع الفئات.
وأضاف الوزير أن هذه الإدارة تتخذ أشكالًا متعددة، وأحيانًا قد نضطر للتخلي عن ملكية ما إذا كانت تشكل عبئًا، فإذا كانت عبئًا على الحكومة فهي عبء أيضًا على الشعب السوري بالتبعية. وأكد أن هناك عدة نماذج مطروحة: مثل نظام B.O.T، ونظام P.P.P، وغيرها من النماذج التي سيتم العمل على استكشافها وتطبيقها بما يخدم المصلحة العامة.
وخلال الجلسة الحوارية، قال الشعار: "لدينا حرية اتخاذ القرار في قطاعات حيوية، خصوصاً في مجالات الصناعة والإنتاج، ونحرص على الشراكة في صنع القرار لضمان استدامة التطوير".
وكشف أنه يتم العمل على تحضير خريطة استثمارية تخص القطاعات السياحية والصناعية، على أن يتم عرضها على المستثمرين بكل شفافية.
التعامل مع الرئيسواعتبر الوزير إن التعامل مع الرئيس السوري أحمد الشرع، ليس صعبًا على الإطلاق، موضحًا أن "الرئيس السوري يفتح أبوابه للجميع، ونحن كوزراء لدينا خط اتصال مفتوح معه، وهو ما يُسهّل عملنا بشكل كبير". وأكد أن الرئيس الشرع "مستمع بإخلاص"، مشيرًا إلى أنه لا يكتفي بالاستماع، بل يشارك بآرائه بهدوء واحترام، ويأخذ بعين الاعتبار رأيه الشخصي ورأي الطرف الآخر، وهو ما يُثري النقاشات.
وحول الأداء الاقتصادي في ظل توجيهات الرئيس، قال الوزير: "الأداء جيد جدًا في هذه المرحلة.. لقد أنجزنا العديد من الخطوات المهمة، وأزلنا معوقات كثيرة كانت تعيق حركة الاقتصاد والصناعة، خصوصًا في ما يتعلق بتشغيل المصانع المتوقفة".
وأشار الشعار إلى أن أكثر من 300 مصنع مملوك للدولة قد عاد للعمل، وإن لم يكن بكامل طاقته الإنتاجية، إلا أنه عاد للإنتاج بشكل جزئي على الأقل. أما في القطاع الخاص، فقد أوضح على سبيل المثال أن أكثر من 400 منشأة في حلب قد استأنفت نشاطها، كما دخل أكثر من 70 مصنعًا من الشمال إلى حلب بخطوط إنتاج جديدة، ما يعكس تحسنًا تدريجيًا في النشاط الصناعي.
إطلاق الحرياتوخلال الحوار، قال الشرع: من الواضح تمامًا أن توجه القيادة اليوم هو نحو إطلاق الحريات، واستثمار الكفاءات الوطنية بشكل كامل. نشعر الآن بحرية شبه مطلقة في إصدار وتنفيذ القرارات، وهذا التوجه بدأ يعطي ثماره بشكل واضح على أرض الواقع".
وأضاف: "صحيح أن هناك مشاكل نواجهها، وأبرزها تراكمات الإرث القديم، خاصة الإرث القانوني المتهالك في سوريا، حيث توجد قوانين جيدة نعمل بها حاليًا، كما أن هناك أيضًا قوانين أخرى صدرت سابقًا، وكانت مصممة لخدمة أشخاص أو جهات معينة، وهذه القوانين تعرقل العمل إلى حد كبير".. وأكد الوزير أن الحكومة تحاول إدارة هذه التحديات بأفضل ما يمكن، لتحقيق الفائدة القصوى للشعب السوري.
قانون الاستثماروتابع الشعار: نحن اليوم نؤمن بأن الدولة يجب ألا تتدخل في الإنتاج بشكل مباشر. فلا يجوز أن تقوم الدولة بإنتاج الألبان، ولا أن تصنع الأحذية على سبيل المثال، فدور الدولة هو تسيير الأعمال وتيسيرها، وليس القيام بها بشكل مباشر.
واستطرد: في سوريا، لدينا أكثر من 1200 مصنع، جزء كبير منها مخصص للسلع الاستهلاكية، والحل الأمثل هو أن يتسلم القطاع الخاص هذه المصانع للقيام بدوره في الإنتاج، مع التأكيد على أن حصة الشعب السوري محفوظة، ولن نفرط بها بأي حال من الأحوال. لذلك، فإن استخدام مصطلح "الخصخصة" قد يكون مضللًا في بعض الأحيان، ومن الأفضل أن نسميه "حسن إدارة أموال الشعب"، كاشفاً عن عرض عدد من المصانع حاليًا، وإجراء مناقشات مع المستثمرين، وستتم العملية وفق آلية المزايدة.
وقال: كما أننا فتحنا أبواب سوريا أمام الاستثمار، ونعمل حاليًا على إعداد قانون استثمار جديد يهيئ بيئة أكثر جذبًا للاستثمار في سوريا
قطاع السياحةأما عن قطاع السياحة بشكل خاص، فقد كشف عن خطة استثمارية وطنية شاملة مرتبطة بالقطاع، مؤكداً في الوقت نفسه على أن السياحة من الأعمدة الأساسية بالنسبة للاقتصاد السوري. كما نوّه بأنه يتم العمل مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين من أجل إعادة صياغة خطة شاملة تتماشى والطابع الحضاري لسوريا.
وأشار الشعار إلى حجم الدمار الذي لحق المعالم السياحية في بلاده خلال السنوات الماضية، مؤكداً الحاجة إلى مطورين متخصصين في القطاع. كما أشار في الوقت نفسه إلى دبي كنموذج مهم فيما يخص القطاع السياحي.
وقال: "نحن نسعى لأن نكون جزءًا فاعلًا في المجتمع الدولي، ونهدف إلى جذب السياح من مختلف أنحاء العالم. ومن هذا المنطلق، لا بد أن نستعين بخبرات سياحية من خارج سوريا، للاستفادة من تجاربهم وتطوير قطاعنا السياحي.. اليوم، الباب مفتوح للجميع". وقال إنه تم تلقي عروض من شركات مختلفة.
حياة السوريينوعلّقَ وزير الاقتصاد والصناعة السوري عن تصريحات الرئيس السوري الأخيرة خلال زيارته إلى حلب، حين قال: "انتهت حربنا على الطغاة وبدأت حربنا على الفقر"، وما إذا كان السوريون سيشعرون بتحسن فعلي في أوضاعهم المعيشية قريباً، وقال: "الحقيقة أن هناك اختلافًا بدأ يظهر خلال الأشهر الستة الماضية، والاختلاف واضح في توفر المواد الأساسية والسلع، وهذا أمر كان شبه مستحيل في السابق".
وأضاف: "اليوم لم تعد هناك مشكلة في المحروقات أو السكر أو حتى البصل، الذي كان يُوزع سابقًا عبر البطاقة الذكية. الآن، السلع متوفرة والأسعار انخفضت بفعل زيادة العرض، وهذا بدوره ساعد على استقرار سعر الصرف نسبيًا".
وأضاف: "الأهم من ذلك أن الورشات بدأت تعود للعمل، وهذا هو جوهر ما قاله السيد الرئيس إن محاربة الفقر تعني وضع المال في جيوب الناس، وهذا يتحقق عبر تمكين العملية الإنتاجية، بدءًا من أصغر وحدة إنتاجية في سوريا، ومن أبسط الحرفيين والعمال."
وختم الوزير بالقول: "لا يمكننا الجزم بالمستقبل، لكننا نتمنى أن تسير الأمور كما نحلم جميعًا، وكما يحلم كل فرد في الشعب السوري، بكل مكوناته".
وأشار الشعار بفخر إلى دور الشباب السوري العائد إلى وطنه من الخارج، ووصف الشباب السوري عموماً بأنهم وقود المرحلة القادمة والعنصر الأهم في بناء سوريا المستقبل.
وقال إن الفرد السوري يمتلك مؤهلات ومدخرات كان يخشى عليها في السابق، لكنه اليوم بات أكثر اطمئنانًا وقدرة على استثمارها، موضحاً أن هناك موارد محلية متوفرة يجب إطلاقها في سوريا "ونحن نعمل على ذلك من خلال تقديم كل التسهيلات الممكنة.. كما نمنح التاجر والصناعي والحرفي الحرية الكاملة لمزاولة أعمالهم دون أي ضغوط، فلا نصدر أوامر قسرية، وأي قرار تتخذه الوزارة يتم بشكل علني وبمشاركة الجميع، مما جعل مستوى الانتقاد يقترب من الصفر لأنه قرار تشاركي". وفي الوقت الراهن، هناك طاقات سورية كامنة يمكن استثمارها لتحقيق التنمية.