المعيار التنموي وضريبة القيمة المضافة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
من المصطلحات الاقتصاديَّة الَّتي لا يتوافر فَهْم واسع ودقيق فيها، ضريبة القِيَمة المضافة، لذلك حين تسعى جهات عُمانيَّة ذات اختصاص في نشر الثقافة المختصَّة بموجبات تلك الضريبة فإنَّ ذلك يُمثِّل انفتاحًا مشروعًا على فَهْم موجبات هذا النَّوع من الضريبة، والتعريف بمشروعيَّة الرسوم الماليَّة المفروضة على بعض السِّلع والخدمات للحفاظ على سياقاتها القانونيَّة ضِمْن دائرة الحقوق والواجبات المناطة وفقها.
لقَدْ لفَتَ نظري اهتمام واضح في الاشتغال لدى المعنيِّين الاقتصاديِّين العُمانيِّين في الحرص على إعطاء المزيد من التوضيحات عن بعض المصطلحات والمفاهيم التطبيقيَّة وأهمِّية تعزيز الاهتمام بسياقاتها لصالح استيعاب ما يستوجب استيعابه خدمةً للمَسيرة التنمويَّة، أي ماذا يعني هذا أو ذاك من مفرداتها وأهدافها، وضمان انسيابيَّة متكاملة لها.
لقَدْ أنجز بنك مسقط يوم السادس عشر من ديسمبر الحالي ندوةً في مدينة صلالة بمحافظة ظفار بشأن ضريبة القِيمة المضافة، وجاء إنجازها بالتعاون والتنسيق مع جهاز الضرائب لوضع المؤسَّسات والشركات الصغيرة والمتوسِّطة الَّتي تتعامل مع بنك مسقط بحيثيَّات هذه الضريبة من أجْل اعتماد تعاطٍ مضمون بها.
تضمَّن جدول أعمال النَّدوة هدفَيْنِ متكاملَيْنِ، الهدف العامُّ يرمي إلى تعميق الثقافة الاقتصاديَّة الَّتي ينبغي أن تكُونَ لدى المواطنين العُمانيِّين عَنْها نظرًا للغموض الَّذي يكتنف هذا النَّوع من الضريبة، أمَّا الهدف الخاصُّ فهو لغرض التعريف بمسوِّغات تلك الضريبة لتشجيع الخاضعين لها على الإيفاء بالتزاماتهم إزاءها.
تختصُّ ضريبة القِيمة المضافة بفرض رسوم على (قِيمة المنتج أو الخدمة في كُلِّ مرحلة من مراحل الإنتاج أو التوزيع) وطبقًا للمعلومات المتوافرة هناك الآن أكثر من 170 دَولة من أصْل 193 دَولة تعتمد ضريبة القِيمة المضافة باستثناء الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة الَّتي تستخدم ضريبة المبيعات.
تُستحصل هذه الضريبة من خلال الفاتورة الائتمانيَّة لكُلِّ مؤسَّسة وفق قوانين ولوائح متشابهة في كُلِّ تلك الدوَل وضعها خبراء اختصاصيون تتيح فرضها واستحصالها.
وللتوضيح فحسب، فإنَّ استخدام مؤشِّر ضريبة القِيمة المضافة عُمانيًّا له مؤشِّرات عميقة في الاقتصاد العُماني ويتواصل بالمزيد من الاهتمام، إلَّا أنَّ زيادة الاهتمام الحالي فيها مكرَّس للمشاريع الصغيرة والمتوسِّطة؛ لأنَّ هذه المشاريع حديثة الانتشار في سلطنة عُمان، وما زال بعض أصحابها تنقصهم الدراية بما عَلَيْهم من واجبات ضريبيَّة ينبغي الالتزام بها لحماية مشاريعهم من أيَّة تبعات قانونيَّة عِند عدم الإيفاء بها. وبمعنى اخر أن يكُونُوا على بَيِّنَة من استحقاقاتها، الأمْرُ الَّذي لا بُدَّ أن يؤدِّيَ بصورة أو بأخرى إلى ضمان حقوقهم الاستثماريَّة التداوليَّة مع المؤسَّسات الاقتصاديَّة الأخرى.
إنَّ تكوين استجابة لدى أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسِّطة بضريبة القِيمة المضافة من شأنه تعزيز العلاقات القانونيَّة مع الجهات المانحة والرقابيَّة بما يجعلهم على بَيِّنَة من كُلِّ متطلبات العمل وضمان نجاحه، وبخلاف ذلك فإنَّ إهمال هذه المعرفة ومحاولة الإفلات من ضريبة القِيمة المضافة يضعهم تحت طائلة إشكاليَّات قانونيَّة هُمْ في غِنى عَنْها.
لا شكَّ أنَّ التزام أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسِّطة بدفع رسوم ضريبة القِيمة المضافة يُحقِّق عددًا من الفوائد لَهُم، فهذا الالتزام يجعلهم بموقع المسؤوليَّة التنمويَّة الوطنيَّة، فضلًا عن أنَّها تُديم منزلتهم الاستثماريَّة وتجعلهم على بَيِّنَة من إحداثيات النشاط الاقتصادي التنموي الوطني.
إنَّ الأداء الضريبي واحد من أهمِّ ضمانات نجاح الدَّوْرة التنمويَّة إذا أخذنا بنظر الاعتبار هدف تعظيم ثروة البلاد المكرَّسة للتنمية العامَّة، بل لا أذهب بعيدًا، إذا قلْتُ إنَّ الالتزام الضريبي يُمثِّل أحَد أهمِّ متطلبات التنمية البَشَريَّة المستدامة على صعيد فَهْم حركة الدَّوْرة التنمويَّة التشاركيَّة للمُجتمع عمومًا وضِمْن قاعدةٍ متكاملةٍ من الحقوق والواجبات، وتلك بحقٍّ من أساسيَّات (الإدارة العاطفيَّة) الَّتي يحتاجها النَّجاح التنموي الوطني العامُّ.
عادل سعد
كاتب عراقي
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة التنموی ع مانی
إقرأ أيضاً:
مؤتمر التمويل التنموي 2025 ينطلق في الرياض
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني -حفظه الله-، انطلقت أعمال مؤتمر التمويل التنموي "MOMENTUM 2025" الذي ينظمه الصندوق تحت شعار "قيادة التحول التنموي"، وذلك خلال الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر 2025 في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات في الرياض.
وشهد حفل الافتتاح حضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ومعالي الأستاذ محمد بن مزيد التويجري نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني، والدكتور ستيفن جروف محافظ الصندوق، إلى جانب عدد من أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء والرؤساء التنفيذيين، ونخبة من القادة والخبراء في مجالي التنمية والاقتصاد من مختلف دول العالم.
وفي كلمة الافتتاح، أكد معالي الأستاذ محمد التويجري أن الرعاية الكريمة للمؤتمر تعبر عن إيمان القيادة الرشيدة -أيدها الله- بأن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأجدر لصناعة مستقبل مزهر وتنمية مستدامة، منوهًا بريادة المملكة العربية السعودية في إعادة تشكيل مشهد التمويل التنموي عالميًا، حيث تبدو إسهاماتها في ذلك متوائمة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأضاف معاليه أن صندوق التنمية الوطني يقدم رؤى واعدة ويسهم في إطلاق زخم جديد للتنمية، مؤكدًا تجديد التزام الصندوق الذي رسمته القيادة، بالبحث عن العمل المشترك لبناء واقع حضاري يخدم الإنسان.
وأشار معاليه إلى إن الصندوق عمل منذ تأسيسه على تحفيز التمويل وتمكين القطاعات الحيوية من خلال 12 صندوقًا وبنكًا تنمويًا تؤدي أدوارها بشكل متناغم لخدمة الإنسان، وتعزيز الاقتصاد واستدامة البيئة، مشيرًا إلى أن المنظومة قدمت تمويلات تجاوزت 52 مليار ريال خلال عام واحد، وأَسهمت في إضافة نحو 47 مليار ريال للناتج المحلي غير النفطي، في تجسيدٍ حي للتحول من التمويل إلى التنمية، ومن الدعم إلى الأثر المستدام، كما دعمت أكثر من مليون مستفيد، وساهمت في رفعِ كفاءة التمويل التنمويِ، وتمكين آلاف المواطنين والمواطنات من فرص التمويل وريادة الأعمال، وإطلاق مشروعات نوعية أسهمت في تنويع الاقتصاد، وإيجاد فرص عمل مستدامة.
وأفاد معاليه أنه على المستوى الدولي موّل الصندوق أكثر من 800 مشروعٍ وبرنامجٍ في 100 دولة بقيمة تجاوزت 21 مليار دولار؛ وخصّص أكثر من 20% من محفظة الصندوق الصناعي لمشروعات الطاقة المُستدامة، مثل مشروعات الهيدروجين الأخضر بطاقة 3.8 غيغاواط والطاقة الشمسية بطاقة 2.6 غيغاواط، في خطوة تُجسّد التزام المملكة بتمكين الاقتصاد الأخضر العالمي.
يذكر أن مؤتمر التمويل التنموي "MOMENTUM 2025" يهدف إلى دعم التوجهات الإستراتيجية لصندوق التنمية الوطني والصناديق والبنوك التنموية التابعة له، وذلك بإثراء القطاع التنموي ورفع كفاءة أداء منظومة التنمية، وتعزيز قدرتها على تلبية الأولويات الوطنية، وتنسيق الجهود وتوحيد الأهداف، لضمان تحقيق الأثر التنموي المستدام على المجتمع والاقتصاد.