برلين- بين الدول العشر التي رفضت بشكل واضح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وصوّتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد هذا المشروع، يوم 12 ديسمبر/كانون الثاني 2023، توجد النمسا.

وإلى جانب التشيك، تُعدان الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان اللتان اتخذتا هذا الموقف، وأصرتا عليه مجددا بعد جلسة نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد تراجع كرواتيا والمجر عن الوقوف ضد القرار كما فعلتا سابقا.

تثار كثير من الأسئلة حول موقف النمسا، البلد الذي عُرف على مدار عقود بنهج سياسة محايدة نسبيا، باتخاذ موقف معزول أوروبيا يعارض القيم الإنسانية، ويصر على استمرار العدوان على غزة.

وفيما يلي بعض الأسئلة والأجوبة حول موقف النمسا:

المستشار النمساوي كارل نيهامر خلال تجمع من فيينا داعم لإسرائيل في عدوانها على غزة (غيتي) من يقود النمسا حاليا، وما مواقفهم؟

يشغل كارل نيهامر منصب مستشار (رئيس الوزراء) النمسا منذ نهاية 2021، وهو وزير الداخلية السابق في حكومة سباستيان كورتس الذي استقال من منصبه بعد اتهامات بالفساد. وينتمي نيهامر إلى حزب الشعب المحافظ الذي تقرّب خلال السنوات الأخيرة بشكل مفرط من إسرائيل.

ومنذ وصول الشاب كورتس للسلطة في 2017، أعلنت النمسا وتل أبيب عن فصل جديد من العلاقات بينهما تطورت خلاله العلاقات على كل الأصعدة.

ووصف كورتس، المولود في 1986، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"الصديق الأبوي"، كما رفع العلم الإسرائيلي فوق مكتب المستشارية غداة الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في 2021.

وفي نظر الدكتور النمساوي من أصل مصري فريد حافظ، وهو باحث رئيس في "مبادرة الجسر" بجامعة جورج تاون، فإن النمسا باتت أقرب حاليا، أكثر من أيّ وقت مضى، للنموذج الألماني في العلاقة مع إسرائيل، خاصة لحساسية التاريخ الذي يجمع الأطراف الثلاثة، يقول للجزيرة نت.

ويحاول حزب الحرية اليميني المتشدد الذي يوجد حاليا في المعارضة، أن يدفع نحو دور أكبر للنمسا في السلام العالمي، وينتقد خروجها عن حيادها. ويتقدم الحزب في استطلاعات الرأي على منافسيه، ولو تحققت التوقعات، سيفوز في انتخابات 2024.

كيف بدأت العلاقة بين إسرائيل والنمسا؟

النمسا التي شهدت ولادة هرتزل، شهدت كذلك ولادة قادة نازيين عدة؛ أهمهم: أدولف هتلر، وعُدّت ضحية للسياسات النازية بحكم أن هتلر ضمها إلى ألمانيا. وبعد الحرب العالمية الثانية، بقيت النمسا لعشر سنوات تحت وصاية الحلفاء، وبعد ذلك حاولت الحفاظ على وضع محايد في السياسة الدولية، متأثرة نسبيا بتجربة جارتها سويسرا.

لكن فيينا، حسب ما يذكره معهد العلوم الإنسانية النسماوي، كانت حريصة على علاقات دبلوماسية مع تل أبيب مباشرة بعد قيامها، وسعت لذلك بشكل سريع، حتى تعزز صورتها كونها "الضحية الأولى للنازية"، وحتى تتفادى مساءلتها عن الجرائم التي ارتكبها قادتها بحق اليهود خلال الحرب.

وعكس ألمانيا، لم تسائل إسرائيل النمسا عن هذا الماضي، إلّا بعد توتر العلاقات لاحقا.

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع المستشار النمساوي الأسبق برونو كرايسكي (وسط) (غيتي) كيف توترت العلاقات؟

لم تتبع النمسا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية المواقف الألمانية نفسها في الدعم اللا محدود لإسرائيل، بل بقيت العلاقة متوترة خاصة مع وجود حزب الحرية النمساوي الذي ترى تل أبيب أنه شكّل متنفسا للنازيين الجدد، ورفضت لذلك أيّ تقارب معه، بل استدعت سفيرها من فيينا في 1999 بعد دخول الحزب إلى الحكومة الفدرالية.

ومن فصول التوتر كذلك (ما بين 1986 و1992)، أن الرئيس النمساوي السابق كورت فالدهايم الذي شغل سابقا وظيفة الأمين العام للأمم المتحدة وينتمي -أيضا- إلى حزب الحرية، اتُهم بارتكاب جرائم عندما كان جنديا في الجيش النازي، ورفضت إسرائيل بقوة ترشحه للرئاسة، كما منعته أميركا من دخول أراضيها، لكن الحكومة أصّرت على براءته.

وأكبر توتر وقع بين النمسا وإسرائيل كان في عهد المستشار اليهودي برونو كرايسكي عن الحزب الاشتراكي النمساوي (1970-1983)، الذي رفض سياسات تل أبيب، وكان داعما لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما دعا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلى النمسا في 1979 في أول لقاء رسمي لعرفات مع زعيم أوروبي داخل القارة، رغم السخط الإسرائيلي.

فريد حافظ: النمسا باتت حاليا أقرب -أكثر من أيّ وقت مضى- للنموذج الألماني في العلاقة مع إسرائيل (الأناضول) ما أسباب التحول النمساوي؟

"النمسا بعد الحرب العالمية الثانية كانت بشكل أو بآخر مساندة للفلسطينيين، وفتحت سفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية في عهد كرايسكي"، يعلّق فريد حافظ، مبرزا أن التحوّل نحو إسرائيل بدأ في السنوات الأخيرة، خاصة عندما اتجهت النمسا نحو اليمين، لا سيما مع الجيل الجديد داخل حزب الشعب.

ولعب سباستيان كورتس دورا كبيرا في هذا التقارب منذ أن عُيّن وزيرا للخارجية في 2013، كما أدى تزايد العداء للمسلمين بين الأحزاب اليمينية الأوروبية، إلى بحثها عن التقرّب أكثر من إسرائيل لتحسين سمعتها دوليا، ومنها أحزاب النمسا.

ومؤخرا، مرّر البرلمان النمساوي قرارا يدين حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) في محاكاة للبرلمان الألماني، قدمه حزب كورتس.

وقال الباحث النمساوي، إن الأحزاب السياسية اليمينية "معجبة بإسرائيل لأنها تتصورها دولة قومية خالصة، فضلا عن كونها حصنا ضد تهديد الإسلام".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

استشهاد 30 فلسطينيا في هجوم إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة

 استشهد أكثر من 30 شخصًا وإصابة العشرات جراء هجوم إسرائيلي قرب مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة.

الرئيس الفلسطيني يدعو حماس إلى ترك الحكم في غزةمصر تؤكد ضرورة وقف العدوان على غزة وواشنطن تشيد بدور الرئيس السيسي في الوساطةرئيس إيطاليا: معاناة غزة غير إنسانية ووقف إطلاق النار ضرورة ملحةمصر وقطر تصدران بيانا مشتركا بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة

وقال شهود عيان لوكالة "أسوشيتد برس" أن الضحايا كانوا متجهين لتسلم المساعدات الغذائية عندما أطلقت القوات الإسرائلية النار، على حد زعمهم، على الحشود على بُعد حوالي 900 متر من مركز توزيع المساعدات برفح والتي تديره مؤسسة مدعومة من إسرائيل.

حادث مركز توزيع المساعدات بغزة

وأفاد عمر أبو طيبة، والذي كان من ضمن الحشد، "كان هنك إطلاق نار من جميع الاتجاهات، حيث اتت من السفن الحربية البحرية، والدبابات والطائرات المسيرة".

وأضاف: هناك على الأقل 10 جثث بجروح طلق ناري وعدة مصابين آخرين. حيث استعمل الناس العربات لنقل القتلى والمصابين إلى المستشفى الميداني، وتابع: "المشهد كان مروعًا".

وأنكر الجيش الإسرائيلي هذه الإدعاءات موضحًا في بيان أن قواته لم تطلق النار على المدنيين بالقرب أو في الموقع، مستندة على تحقيق أولي.

وأكدت وزارة الصحة بغزة التى تديرها حركة حماس عن استشهاد 31  وإصابة 170.

رد مؤسسة غزة الإنسانية

وأشارت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل في بيانًا لها أنها سلمت 16 شاحنة محملة بالمساعدات "دون أي حوادث"، صباح اليوم الأحد، ورفضت ما تم وصفه بـ"تقارير كاذبة عن وفيات، وإصابات جماعية، وفوضي" حول موقعها الذي يقع في مناطق استولى عليها الجيش الإسرائيلي حيث الوصول المستقل لها محدود.

وحسب ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" فإن موقع توزيع المساعدات التابع للمؤسسة شهد فوضي من قبل يوم الأحد وأن عدة شهود عيان قالوا أن القوات الإسرائيلية اطلقت النار على الحشود بالقرب من موقع التوزيع.

وأكدت المؤسسة أن المقاولون الأمنيون الخاصون الذين يحرسون الموقع لم يطلقوا على الحشود، في حين اعترف الجيش الإسرئيلي عن إطلاق طلقات تحذيرية في أحداث سابقة.

وقالت الولايات المتحدة وإسرائيل أن النظام الجديد يهدف إلى منع حماس من الاستيلاء على المساعدات. ولم توفر إسرائيل أي أدلة على على التحويل الممنهج، وحتى أن الأمم المتحدة نفت حدوث ذلك.

محاولات الأمم المتحدة بإدخال المساعدات

وامتنعت عدة وكالات للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية كبرى عن العمل عن العمل بالنظام الجديد مشيرة إلى أنه ينتهك مبادئ حقوق الإنسان لأنها تسمح لإسرائيل التحكم بمن يستلم المساعدات وتجبر الناس على الانتقال لمواقع التوزيع، مما يزيد من خطر النزوح الجماعي في المنطقة.

وتناضل الأمم المتحدة لإدخال المساعدات بعد أن خففت إسرائيل جزئيًا الحصار الكامل على المنطقة منذ الشهر الماضي. وتشير تلك المنظمات إلى أن القيود الإسرائيلية، وتفكك القانون والنظام، وانتشار النهب جعلت من الصعب للغاية توصيل المساعدات إلى نحو مليوني فلسطيني في غزة.

وحذر الخبراء من أن هذه المنطقة تواجه خطر المجاعة إذا لم يتم إدخال المزيد من المساعدات.

طباعة شارك هجوم إسرائيلي قطاع غزة القوات الإسرائلية مركز توزيع المساعدات رفح إسرائيل المستشفى الميداني الجيش الإسرائيلي وزارة الصحة بغزة حركة حماس مؤسسة غزة الإنسانية الولايات المتحدة المقاولون الأمنيون الخاصون

مقالات مشابهة

  • الطعام فخ للقتل.. شهادات مروعة عن مجازر إسرائيل بغزة / فيديوهات
  • الطعام فخ للقتل.. شهادات مروعة عن مجازر إسرائيل بغزة
  • “جولة تقارب” جديدة روسيا وأوكرانيا.. وقف إطلاق النار على طاولة «محادثات إسطنبول»
  • استشهاد 30 فلسطينيا في هجوم إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة
  • الأمم المتحدة تكشف عن أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف الحرب
  • بن غفير يرفض مقترح ويتكوف ويدعو لتكثيف الإبادة بغزة
  • امريكا ترفض ردّ “حماس” الذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني
  • ما الذي تضمنه رد حركة حماس على ورقة ويتكوف للهدنة؟
  • النص الكامل لرد حركة حماس على مقترح «ويتكوف» لوقف إطلاق النار بغزة
  • موقع أمريكي: إسرائيل تشعر بتداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب مع الحوثيين (ترجمة خاصة)