مجلس الأمن الدولي يرجئ مجدداً التصويت على مشروع قرار بشأن غزة
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
الامم المتحدة "الولايات المتحدة" "أ ف ب": أرجأ مجلس الأمن الدولي مجدّداً التصويت على مشروع قرار يهدف لتحسين الوضع الإنساني في غزة، في نصّ أصبح بنسخته الأخيرة ضعيفاً جداً بعدما خلا من أيّ دعوة لوقف القتال فوراً لكنّ فرص إقراره ارتفعت بحصوله على تأييد واشنطن.
وأتى هذا التأجيل الجديد بعد أن أعلنت الولايات المتّحدة أنّها مستعدّة لتأييد النسخة الأخيرة من مشروع القرار، والتي تدعو إلى اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن من دون المطالبة بوقف فوري للأعمال العدائية بين إسرائيل وحركة حماس.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فمن المقرّر أن يتمّ التصويت على مشروع القرار الجمعة.
لكنّ النصّ الجديد، وهو ثمرة مفاوضات شاقة جرت تحت التهديد الأميركي باستخدام حقّ النقض مجدّداً، لم يعد يشبه بتاتاً النسخة الأصلية التي طرحتها الإمارات العربية المتحدة على طاولة مجلس الأمن الأحد.
"إجراءات عاجلة"
ويدعو مشروع القرار بنسخته الجديدة التي صيغت الخميس واطّلعت عليها وكالة فرانس برس، إلى "اتّخاذ إجراءات عاجلة من شأنها أن تسمح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وكذلك تهيئة الظروف لوقف دائم للأعمال العدائية".
وبذلك يكون مشروع القرار الجديد قد تخلّى عن الدعوة إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال العدائية"، وهي عبارة تضمّنها في نسخته الأصلية، وكذلك أيضاً عن الدعوة إلى "تعليق عاجل للأعمال العدائية"، وهي عبارة أضعف وردت في نسخة لاحقة لكن تمّ إسقاطها في النسخة الجديدة.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد مساء الخميس "لقد عملنا بجدّ واجتهاد هذا الأسبوع مع الإمارات وآخرين ومع مصر للتوصّل إلى قرار يمكننا دعمه".
وأضافت أنّ "مشروع القرار لم يضعف. مشروع القرار قوي جداً، ويحظى بدعم كامل من المجموعة العربية".
وأكّدت السفيرة الأمريكية أنّ النصّ الجديد سيتيح "تقديم المساعدات الإنسانية لمحتاجيها".
ومجلس الأمن الذي واجه انتقادات واسعة بسبب تقاعسه عن التحرك منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، يشهد منذ أيام مفاوضات شاقّة بشأن هذا النصّ.
والتصويت الذي كان مقرّراً في الأساس الإثنين الماضي أرجئ مرات عدّة كان آخرها مساء الخميس.
وفي الثامن من ديسمبر الجاري استخدمت الولايات المتّحدة حقّ النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار سابق يدعو إلى "وقف إطلاق نار إنساني" في قطاع غزة.
والخميس، أفاد تقرير لبرنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم أنّ كلّ شخص يعيش في قطاع غزة سيواجه مستوى عالياً من انعدام الأمن الغذائي الحادّ في الأسابيع الستة المقبلة.
وتوقّع تقرير برنامج "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي) الذي يصنف مستويات الجوع من واحد إلى خمسة، أنّه بحلول 7 شباط/فبراير وفي "السيناريو الاكثر ترجيحا" سيكون "سكان قطاع غزة جميعهم (نحو 2,2 مليون شخص)" عند مستوى جوع يلامس "الأزمة أو ما هو أسوأ".
ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، لم يتمكّن مجلس الأمن الدولي من الخروج عن صمته إلا مرة واحدة، عندما أصدر في 15نوفمبر قراراً يدعو إلى "هدنة إنسانية".
بالمقابل فشلت خمسة نصوص بشأن هذه الحرب في أن ترى النور في مجلس الأمن خلال شهرين، اثنان منها بسبب الفيتو الأمريكي.
"مشكلة لروسيا"
وتعليقاً على التطورات في مجلس الأمن الدولي، قال ريتشارد غوان، المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية، "يبدو أنّ الولايات المتحدة استغلّت رغبة أعضاء آخرين في المجلس في تجنّب استخدام حقّ النقض".
وأضاف "لكنّ النتيجة هي نصّ أصبح ضعيفاً للغاية في كثير من الجوانب".
وتابع "سيتعيّن على الأعضاء الآخرين في المجلس أن يقرّروا ما إذا كانوا سيقبلون نصاً ضعيفاً لمجرد رغبتهم بالتوصّل إلى اتّفاق"، مشيراً على وجه الخصوص إلى خطر أن يشكّل هذا النص "مشكلة بالنسبة لروسيا" التي تتمتّع بدورها بحقّ النقض ولا تنفكّ تطالب بوقف لإطلاق النار في هذه الحرب.
وتركّزت المفاوضات في الساعات الأخيرة على طلب إنشاء آلية لمراقبة المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة تشرف عليها "حصراً" الأمم المتّحدة لضمان الطبيعة "الإنسانية" لهذه الإمدادات.
لكنّ إسرائيل التي تريد الاحتفاظ برقابتها على قوافل المساعدات الإنسانية هذه، عارضت هذه الآلية فأزيلت من النسخة الأخيرة لمشروع القرار الإشارة إلى حصرية إشراف الأمم المتّحدة على قوافل المساعدات الإنسانية.
وهناك نقطة خلافية أخرى، هي عدم تضمّن مشروع القرار أيّ إدانة لحماس أو حتى ذكر لاسم الحركة، وهو أمر تندّد به دوماً إسرائيل والولايات المتحدة.
كما تخلّى مشروع القرار في صيغته الجديدة عن عبارتين وردتا في نسخه السابقة تدين أولاهما "كلّ أعمال الإرهاب" بينما تدين ثانيتهما "كل الهجمات العشوائية ضدّ المدنيين".
وتوعّدت اسرائيل بالقضاء على حماس ردّاً على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة الإسلامية في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل، وأدى إلى سقوط نحو 1140 قتيلا معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أحدث الأرقام الإسرائيلية الرسمية.
بالمقابل، خلّفت العمليات العسكرية الإسرائيلية عشرين ألف قتيل في غزة منذ بداية الحرب، بينهم على الأقل ثمانية آلاف طفل و6200 امرأة، وفق حصيلة أوردتها حكومة حماس الأربعاء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة مجلس الأمن الدولی للأعمال العدائیة الولایات المت مشروع القرار قطاع غزة المت حدة
إقرأ أيضاً:
يقظة الدبلوماسية المغربية تتصدى لمخطط جزائري خبيث بمجلس الأمن
زنقة 20 | العيون
وجه السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، رسالة رسمية إلى رئيس وأعضاء مجلس الأمن، أعرب فيها عن رفض المملكة القاطع لما اعتبره صيغة متحيزة و”غير متوازنة” حول قضية الصحراء المغربية، وردت في التقرير الإخباري السنوي للمجلس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة برسم سنة 2024، والذي تم اعتماده يوم الجمعة 30 ماي 2025.
وفي هذه الرسالة، التي تم توجيهها أيضا إلى رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة، اعتبر هلال أن استعمال عبارة “الطرفين” في إشارة إلى النزاع حول الصحراء، يشكل انزياحًا خطيرًا عن الممارسة المعتمدة في تقارير المجلس السابقة، وخرقًا لمبدأ الحياد والدقة التي يفترض أن تميز تقارير مجلس الأمن.
وأكد السفير المغربي أن التقرير لم يعكس المواقف الحقيقية لمجلس الأمن، بل اقتصر على تصوير انتقائي لموقف عضو غير دائم في المجلس، وهو أيضًا طرف مباشر في هذا النزاع، متجاهلًا بذلك المواقف المتعددة لباقي الأعضاء، والتي ظلت منذ سنة 2018 تكرس مقاربة قائمة على أربعة أطراف: المغرب، الجزائر، موريتانيا، و”البوليساريو”.
وشدد هلال على أن تجاهل هذه الثوابت، التي وردت في تقارير وقرارات سابقة للأمم المتحدة، يضع مصداقية مجلس الأمن موضع مساءلة، ويقوض الثقة التي تضعها الجمعية العامة في نزاهة وموضوعية الوثائق المحالة إليها.
وأضاف السفير أن المقاربة التي اعتمدها محرر التقرير تتعارض تمامًا مع الزخم الدولي المتزايد لدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تحظى حاليًا بتأييد 116 دولة، من ضمنها دولتان دائمتان في مجلس الأمن، والمملكة المتحدة التي انضمت حديثًا إلى هذا الموقف، إلى جانب دول أخرى غير دائمة في المجلس خلال 2024 و2025.
وأشار هلال إلى أن التحجج بـ”النزاهة الإجرائية” لا يمكن أن يكون مبررا لتبرير خطأ واضح من هذا النوع، مشددًا على أن الموضوعية والتمسك بالوقائع يظلان شرطين أساسيين لأي تقرير صادر عن هيئة مسؤولة عن ضمان العملية السياسية في قضية الصحراء المغربية.
واعتبر السفير أن هذه الفقرة من التقرير تمثل محاولة يائسة للتشويش على الدينامية السياسية والدبلوماسية التي يقودها المغرب تحت إشراف الأمم المتحدة، وتستهدف المبادرة المغربية كحل وحيد واقعي وذي مصداقية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، كما تم إيداع هذه الرسالة كمستند رسمي في سجلات كل من مجلس الأمن والجمعية العامة، تأكيدًا على موقف المغرب الثابت ودفاعه المستمر عن سيادته ووحدته الترابية في المحافل الدولية.