مفتى الجمهورية: مصر وُلدت من جديد بفضل وعي شعبها
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
أشاد مفتى الجمهورية الدكتور شوقي علام رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم بالإقبال الكثيف للمصريين الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؛ مشيرًا إلى أن الشعب المصري أبدى وعيًا عميقًا وحكمة بالغة بمشاركته الواسعة والملتزمة في هذه العملية الديمقراطية المهمة.
جاء ذلك خلال لقاء لفضيلته مضيفًا أن مصر قد ولدت من جديد بفضل هذا الوعي؛ فقد أثبت الشعب المصري للعالم بقرار التصويت واختياره للرئيس عبد الفتاح السيسي رغم التحديات الاقتصادية التي فرضتها الأزمات العالمية؛ أنه شعب واعٍ وحكيم، وأنه شعب لا يتأثر بالدعايات المضللة والمؤامرات التي تحاك ضدَّه وضد الدولة المصرية، بل يؤمن إيمانًا راسخًا بضرورة الحفاظ على وحدة الصف وتحدي كل من يريد زعزعة استقرار البلاد وتقويض أمنها.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الشعب المصري يثبت في كل مراحل تاريخه أنه شعب حضاري، وأنه شعب مؤمن يدرك واجباته الوطنية، وأنه شعب قد أثبت في كل المواقف وفي كل التحديات مدى حبه لوطنه مصر، ومدى استعداده للبذل والتضحية من أجلها.
واعتبر مفتي الجمهورية أن هذه المشاركة الراقية هي تأييد ودعم مطلق للجمهورية الجديدة؛ جمهورية المواطنة، القائمة على العلم والوعي الرشيد.
وفي رده على سؤال عن العقبات التي تواجه تجديد الخطاب الديني باعتباره ملمحًا ضروريًّا من المواطنة والجمهورية الجديدة، أشاد فضيلته بالجهود المبذولة في هذا الإطار من جميع مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن أعداء الوطن دائمًا ما يقللون من جميع الجهود المبذولة في أي مجال من المجالات سواء دينية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.
وقال مفتي الجمهورية: إننا رأينا دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الديني على أنها تكليف لنا كسائر المؤسسات الدينية الرسمية، وقد لبَّت دار الإفتاء دعوته، فهي دعوة منطلقة من الحفاظ على الثوابت لمعالجة قضايانا المعاصرة في ضوء فهم سديد للنصوص الشرعية.
مشيرًا إلى أن التجديد مقصدٌ شرعي أصيل، وليست دعوات حادثة؛ فقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك التجديد وظيفةٌ دينيةٌ شرعية تكفَّل سبحانه وتعالى بتقييد مَن يقوم بها على الدوام، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدد لها أمر دينها».
وشدَّد مفتي الجمهورية على أن الخطاب الديني بات في حاجة ماسة إلى التجديد، وبخاصة في القضايا والموضوعات التي هي بمثابة قاسم مشترك بين شعوب الأرض قاطبة، مثل الرحمة والدعوة إلى مكارم الأخلاق، والمساهمة في سعادة إنسان العصر، وكذلك مواجهة الكوارث التي أنتجها الخطاب الديني المتطرف.
تراثنا الإسلامى هو مجموعة القيم الإنسانية والحضارية
وأكد فضيلته أن تراثنا الإسلامي في المقام الأول هو مجموعة القيم الإنسانية والحضارية التي انبثقت أنوارها من القرآن الكريم والسنَّة المطهرة، بل المتتبِع لمنهج الفقهاء يلحظ الاهتمام البالغ بالرحمة حتى بالحيوان، فنجدهم أجازوا الوقف على الحيوانات الضالة التي لا مأوى لها كالكلاب والقطط؛ من أجل رعايتها وتطبيبها وتقديم الطعام إليها.
وأوضح فضيلة المفتي أن مسئولية الفرد تجاه وطنه لا تقتصر على مجرد وضع ورقة في صندوق الانتخابات لاختيار الأفضل، بل عليه العمل والجد والمثابرة لتحقيق رفعة الوطن، فمسئولية الفرد هي مسئولية فردية، وهي أساس للمسئولية الجماعية . مشيرًا إلى أنَّ حديث السفينة فيه تأسيس لمبدأ الضبط الاجتماعي؛ لأنه إذا غاب تحوَّل المجتمع إلى العشوائية والتخبُّط، وهو يرسِّخ كذلك مبدأ المسئولية المشتركة عند الفرد في شتَّى شئونه ومراحله، بما يُعْلي من قيمة المسئولية الفردية، ويؤكِّد أنها أساس للمسئولية الجماعية، ويدل على ضرورة قيام كل فرد بدَوره على أكمل وجه من عمل واجتهاد لرفعة الوطن
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الانتخابات الرئاسية الشعب المصرى العملية الديمقراطية مفتی الجمهوریة الخطاب الدینی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: التمسك بالوسطية ورفض التطرف أساس لمجابهة التحديات
أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في المؤتمر الدولي السادس لكلية الإعلام بنين بالقاهرة تحت عنوان: «الإعلام الدعوي وبناء الإنسان»، أن مناقشة موضوع الإعلام الدعوي وبناء الإنسان تمثل واجبًا مهمًّا يرتبط بعملية البناء والارتقاء بالإنسان، مشيرًا إلى أن الدعوة الإسلامية استطاعت أن تبني الإنسان في جميع المجالات الروحية والمادية؛ فعززت فيه عقيدة التوحيد الخالص، وضرورة مراقبة الله تعالى في كلِّ الأحوال، ومنحته الحرية التامة للتديُّن واختيار الإيمان، وحافظت على كرامته حيًّا وميتًا، عدوًّا وصديقًا، مسلمًا وغير مسلم، في السلم والحرب، واعتبرته إحدى أهم الركائز في البناء الحضاري وتعمير الأرض، وراعت بشريَّته في التكليف بالأوامر والنواهي؛ فكلفته قدر استطاعته، ولم تكلفه ما لا يطيق، وعززت فيه مكارم الأخلاق، وجعلتها غاية الرسل والأنبياء، ونهته عن الكراهية، والتمييز، والعنصرية البغيضة، وحرمت إهانته أو الحط من قدره أو التنمر عليه، وحفزت فيه التنافس إلى الخير، ومنحته العقل الذي تميَّز به عن باقي المخلوقات، وجعلته أداةً رئيسة في اكتشاف العلوم والمعارف التي من شأنها أن تبني الحضارات، وذلَّلت له الأرض حتى يستطيع العيش فيها بسلام وأمان، وسخرت له كل ما في السماوات والأرض بما يساعده على التفكر والتدبر والاستنباط.
وبيَّن فضيلة المفتي، أن العقل يمثل أداة التمييز والاكتشاف والمعرفة، وهو وسيلة بناء الحضارات، وقد سخَّر الله له ما في السماوات والأرض بما يعينه على التفكر والتدبر والاستنباط والعيش بسلام وأمان، مشيرًا إلى أن العلاقات المجتمعية في المنظور الإسلامي تقوم على التعاون والبر والقسط والإنصاف وترفع التكليف عند الخطأ أو النسيان أو الإكراه وتحفز الإنسان إلى التفكير في الخلق وشؤون الأرض؛ تحقيقًا لوظيفة الاستخلاف، كما تعزِّز فيه الانتماء للدين والوطن، وتحذره من الجمود وتقليد الآباء دون نظر أو اجتهاد.
وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية أن من القيم التي يتعين إحياؤها: قيمة الإعلام الأمين الذي ينقل الحقيقة بصدق ويشارك في تشكيل وعي الجمهور من دون أن تعبث به الأهواء أو تنحرف به الأغراض أو تنال من مكانة الدين ورموزه، مبينًا أن من أبرز التحديات التي نعيشها اليوم: شيوعَ نقل المعلومات من غير مصادرها الأصيلة، وما يترتَّب على ذلك من اضطراب في الوعي وتشوُّه في الإدراك؛ إذ إنَّ الإعلام في جوهره رسالة، والدعوة في حقيقتها هداية، وعندما يتكامل المقصودان في مسار صحيح ينتج عنهما إنسان قادر على تمييز الحق من الباطل والخير من الشر وما ينهض بالأمة مما يوقعها في الفرقة والتراجع.
وأضاف فضيلة المفتي أنَّ الله سبحانه وتعالى قد منَّ على المؤسسات العلمية الدينية بدَور مهم في صدِّ تأويلات المبطلين، وكشف زيف المشككين؛ الأمر الذي يعزز ثقة المجتمع بما تقدمه من خطاب علمي رصين، موضحًا أن الدعوة الإسلامية تواجه اليوم تحديات إعلامية وميدانية جسيمة يمكن وصفها بأنها غير مسبوقة في سياقها التاريخي نتيجة تراكمات ثقافية مغشوشة رسَّخت خرافات لا تميز بين العادة والعبادة، ولا بين الأركان والنوافل، ولا تقدم صورة صحيحة عن الإسلام، بل تسعى إلى تقديم أنموذج سطحي وشكلي يبتعد عن جوهر التشريع ومقاصده.
وأشار فضيلتُه إلى أن الدعوة الإسلامية تصطدم بتيارات ثقافية وافدة ذات جذور استعمارية تعلي شأن المادة وتستغرق في اللذة وتضعف حضور الإيمان وتجحد وجود الله وتسهم في نشر الإلحاد ودوافعه في مختلف المجتمعات، وهي تحديات تستدعي قيام الجميع بمسؤولياتهم على نحو يليق بحجم الأمانة الملقاة على عاتقهم؛ إذ يتطلب الأمر مضاعفة الجهد وإحكام الصف والعمل على دعم الوحدة الدينية والوطنية وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، ورفض كل أشكال الغلو والتطرف بما يتيح مواجهة التحديات الراهنة وتقديم الصورة السليمة للدعوة الإسلامية في مختلف مجالاتها، مؤكدًا أن الدعوة الإسلامية دعوة عالمية تقوم على قيم العدل والرحمة والتسامح والسلام والتعايش والمساواة، وأن الواجب يحتِّم إظهار هذه القيم وتجلية معانيها حتى تشكل نورًا يهدي الناس في مسارات الحياة التي قد تزداد تعقيدًا إذا تخلى الدعاة عن مسؤولياتهم ورسالتهم.
وفي سياق متابعة فضيلته لقضايا الشباب على منصات التواصل، أوضح أن جانبًا من النقاشات الدينية لا يزال يدور حول قضايا فرعية وخلافية تعددت فيها اجتهادات الأئمة، واتَّسعت فيها مساحة الاختلاف، مبينًا أن التمسك برأي واحد في هذه المسائل يفتح الباب لشق الصف ويضعف روح الوحدة ويضر بالاستقرار المجتمعي، داعيًا إلى ضرورة التركيز على أولويات الدعوة الإسلامية التي تهدف إلى بناء الإنسان روحيًّا وماديًّا، وتعزيز الاستقرار المجتمعي والحد من مظاهر الاستقطاب الفكري والاجتماعي، مؤكدًا أنَّ هذه الأولويات تمثِّل المسار الأصح لخدمة الدين والوطن، منبهًا إلى خطورة التعصب الذي يحول الاختلاف إلى عناد شخصي ثم إلى خصومة تستنزف الدين والدنيا معًا، وتقدم صورة مشوهة عن الإسلام، وتفتح الطريق أمام نزعات الإلحاد والفكر اللاديني.
ودعا فضيلتُه الشبابَ إلى الالتفاف حول مؤسسات الدعوة الإسلامية الرسمية والاستفادة من علمائها وأهل الخبرة فيها، والتعلم على أيديهم والنهل من معينهم الصافي بما يعينهم على تحقيق الفلاح في الدنيا والآخرة، مؤكدًا أن دعم المؤسسات الدعوية الرسمية وتعزيز حضورها في الفضاءين الإعلامي والرقمي لم يعد ترفًا أو خيارًا إضافيًّا، بل أصبح ضرورة لحماية الوعي الديني وصيانة عقول الشباب من الخطاب الفوضوي الذي يتخفى خلف الشاشات والمنصات الرقمية، مشيرًا إلى أن التجربة أثبتت أن الدعاة الربانيين متى أتيح لهم الظهور عبر منابر محترفة حولوها إلى مصابيح هداية، وأسهموا في تصحيح المفاهيم وتقويم المسار واستعادة ثقة الأمة بعلمائها.
وأشاد فضيلته في ختام كلمته بكل مبادرة من شأنها أن تسهم في بناء الإنسان باعتباره المدخل الأصيل لبناء الأوطان، مؤكدًا اعتزازه بدعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، -حفظه الله- الداعية إلى صياغة الشخصية المصرية وتأهيل الشباب للمشاركة الفاعلة في تطوير الدولة بخطًى واثقة وسريعة، وإعادة تأهيل دعاة الله بالثقافة الإسلامية الصحيحة، وتكوين علماء ربانيين مستنيرين قادرين على مواجهة التطرف ونشر الفهم الرشيد وتحقيق التنوير العقلي الذي ينهض بالإنسان ويعمر الأوطان.
حضر المؤتمر فضيلة د. محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ود. سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، ود. محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات والبحوث، ود. حسن الصغير رئيس أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ، ود. رضا عبد الواجد أمين عميد كلية الإعلام، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس وطلاب الجامعة.
وفي لفتة تقدير وعرفان قدَّم الأستاذ الدكتور رضا عبد الواجد درع الكلية لفضيلته؛ تقديرً لدوره البارز في رفع الوعي وتنمية قدرات المجتمع على فهم الدين والتعامل مع تحديات العصر.