تعرض طلاب دعموا غزة للتنمر في مدرسة بلندن
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
تجمع مئات من الأشخاص يحملون العلم الفلسطيني واللافتات أمام مدرسة باركلي الابتدائية في لوتون صباح الخميس، بعد انتشار منشورات على منصات التواصل الاجتماعي بأن الأساتذة يقومون بالتنمر وإهانة الأطفال الذين يعبرون عن دعم فلسطين، وفق صحيفة "التايمز".
في المقابل قالت المدرسة التي صنفتها هيئة المعايير التعليمية "أوفستيد" بـ "المتميزة" إنها قررت إغلاق أبوابها أبكر من يومين قبل عطلة الميلاد بعد انتشار "الأكاذيب" و"الفبركات الخبيثة" على الإنترنت وأدت إلى "تصاعد التهديدات ضد الطاقم".
ويقول الآباء إن الأطفال "عوقبوا" لإظهارهم التضامن مع غزة بعدما ارتدى عدد منهم شارات وملصقات بلون العلم الفلسطيني في اليوم المخصص لعدم ارتداء الزي المدرسي الشهر الماضي. وقالت أم إن ابنها البالغ من العمر ثمانية أعوام "مصدوم" عندما تم نبذه وتعرض للتمييز "وانتهك عاطفيا عبر سلسلة من العقوبات"، وذلك بعدما ارتدى شارة مؤيدة لفلسطين. وأضافت أنه لم يسمح له بالعودة إلى المدرسة مرتديا معطفه و"حرم من التعليم".
لكن المدرسة نفت ذلك، وقالت: "لا توجد أدلة تدعم الاتهامات بالتنمر وسوء السلوك وذلك بناء على التحقيق الداخلي أو الخارجي"، وأضافت: "نشعر بالأسف والإحباط من أن هذه المعلومات المضللة استخدمت لاستهداف المدرسة الابتدائية".
وبدأ الخلاف، وفق الصحيفة، عندما ذهب التلاميذ الصغار وهم يرتدون شارات مؤيدة لفلسطين في يوم "تشيلدرن إن نيد" (أطفال بحاجة للمساعدة) في 17 تشرين الثاني/نوفمبر. وأرسلت رسالة إلى ثماني عائلات بعد ذلك اليوم جاء فيها "إن تعليقات غير مناسبة أطلقت أو ظهرت داخل المدرسة، بما فيها تعليقات متطرفة أو مثيرة للانقسام وقد تقود إلى لقاءات رسمية مع العائلات أو التحويل إلى فريق "بريفنت" ( فريق جرائم الكراهية) في ولثام فوريست". وفي بيان نشرته المدرسة، الأربعاء، قالت إنها "لم تحول أي شخص" لبرنامج مكافحة الإرهاب المعروف بـ"بريفنت"، وأن الرسالة كانت محاولة "لتوعية الآباء بواجبات المدرسة القانونية".
وقالت إن مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي قاموا بإساءة استخدام الرسالة و"أخرجت عن سياقها"، مضيفة أن الرسالة كانت "تتعلق تحديدا بسوء السلوك المزعوم من الأطراف الذين أرسلت إليهم".
وتجمع المحتجون أمام المدرسة وهتفوا "باركلي، باركلي العار عليك" و "يجب على الأساتذة والعائلات الاتحاد، التعليم هو حقوق إنسان".
وقالت أم الطفل البالغ من العمر 8 أعوام: "لقد انتهك عاطفيا من خلال سلسلة من العقوبات والمعاملة والتمييز في المدرسة"، مضيفة: "أخبر بأنه لن يتم السماح له بالعودة إلى المدرسة بنفس المعطف، ولن يرحب به وسترفض وظيفته المدرسية وسيحرم من التعليم". وقالت إنه لم يسمح له بالعودة منذ 23 تشرين الثاني/نوفمبر وقد "أثر عليه انفصاله عن زملائه".
وقالت المدرسة إنها أحالت المزاعم رسميا للسلطات الإشرافية الخارجية والتي راجعتها ووجدت أنها غير صحيحة. وقالت المدرسة إن غالبية العائلات والتلاميذ في مدرسة باركلي تأثروا مباشرة من خلال أفعال ضالة وبناء على معلومات مضللة"، مضيفة: "يحاولون عرقلة المدرسة الابتدائية ومنعها من ممارسة وظيفتها لتعليم الأطفال".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة بريطانيا غزة طلاب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أحمد زكي : الجنبيّة اليمنيّة .. سلاح تراثي يحرس هوية أمة
إنها “الجنبيّة”، الخنجر اليمني الشهير، الذي لم يعد مجرد أداة قتال، بل أيقونة تختزل مفاهيم الرجولة، الشرف، والانتماء. لا يُرتدى الخنجر لسبب وظيفي في العصر الحديث، بل كتصريح غير منطوق عن الهوية الاجتماعية والانغراس في الجذور.
أولاً: النشأة والتطور – حين وُلد الخنجر من رحم الجغرافيا
تعود جذور الجنبيّة إلى عصور ما قبل الإسلام، حيث كان السلاح رمزًا للبقاء والقوة في مجتمع يقدّس القبيلة والفروسية. بمرور الزمن، انتقلت من كونها أداة دفاع إلى رمز اجتماعي، وصارت جزءًا لا يتجزأ من الزي التقليدي للرجال اليمنيين.
تتعدد أنواع الجنابي حسب المنطقة؛ ففي “صنعاء” تأخذ طابعًا فخمًا، وفي “تعز” و”إب” تميل إلى الحرفية الدقيقة، أما في “حضرموت” فتأخذ طابعًا وظيفيًا بسيطًا.
كلمة “جنبيّة” تُشتق من “الجنْب” – الجانب الذي تُحمل عليه، لتدل لغويًا على مدى التصاقها بالهوية الجسدية والثقافية للرجل اليمني.
ثانيًا: دلالات الجنبيّة الثقافية والاجتماعية – زينة الرجال وهيبة القبيلة
في الوعي الجمعي اليمني، الجنبيّة أكثر من سلاح؛ إنها شارة الفخر والكرامة. لا يخرج الرجل اليمني من بيته إلا وقد ثبتها على خاصرته، خاصة في المناسبات والمجالس القبلية. ومن شكل الغمد ونوع المقبض ونقوشه، تُقرأ مكانة الرجل الاجتماعية.
الجنبيّة تُستخدم في الرقصات الشعبية مثل “البرع”، وتُقدم كهدايا رمزية في المصاهرات، وتُورَّث عبر الأجيال كأثمن ما يملكه الأب لابنه. لا تُشهر إلا في أوقات الضرورة القصوى، وتُعدّ حيازتها مسؤولية أخلاقية، لا مجرد زينة.
ثالثًا: صناعة الخناجر – من نار الفرن إلى نور المتاحف
في حارات صنعاء، وعدن، وإب، لا تزال بعض الورش تحافظ على أسرار صناعة الجنابي. تبدأ العملية بصناعة النصل من الحديد الصلب أو الفولاذ، ويُشكّل يدويًا في أفران تقليدية. يلي ذلك صناعة المقبض، وغالبًا ما يكون من قرن الزراف، أو العاج (قديمًا)، أو الفضة، أو خشب الأبنوس، ويُزيّن بزخارف دقيقة.
الغمد يُصنع من الخشب المغلف بالجلد ويُطلى بالفضة أو يُنقش يدويًا. تستغرق صناعة جنبيّة فاخرة من أسبوع إلى شهر، بحسب الزخرفة والتقنيات المستخدمة.
تتفاوت الأسعار: من 100 دولار للجنابي الشعبية، إلى آلاف الدولارات للقطع النادرة أو القديمة.
رغم أهميتها التراثية، تواجه صناعة الجنابي اليوم تحديات كبيرة: قلة المواد الخام، تراجع السياحة، غياب الدعم الرسمي، ومنافسة النسخ المقلدة.
رابعًا: الجنبيّة كعنصر جذب سياحي وتراثي
كانت الجنبيّة في السابق عنصرًا محوريًا في التجربة السياحية اليمنية. كان الزوار الأجانب يقتنونها كتذكارات ثقافية، وتُعرض في متاحف التراث، وتُستخدم في العروض الفلكلورية والمهرجانات مثل “سوق الخميس” في صنعاء.
كما كانت الورش التقليدية مفتوحة للزوار، يشاهدون مراحل التصنيع، ويشاركون أحيانًا في تشكيل غمد أو نقش بسيط.
اليوم، ورغم الصعوبات السياسية، تظل الجنبيّة حاضرة في المعارض الخارجية، والمبادرات اليمنية في المهجر، التي تسعى لترويجها كرمز تراثي يستحق الحماية والتسويق عالميًا.
خامسًا: التحليل الثقافي – الجنبيّة في ضوء الأنثروبولوجيا الرمزية
بحسب الأنثروبولوجي كليفورد غيرتز، فإن الرموز الثقافية المعقدة مثل الجنبيّة تُعد “رموزًا كثيفة” (Thick Symbols) تُحمّل معانٍ متعددة يصعب اختزالها.
وفي هذا السياق، تُعتبر الجنبيّة أكثر من مجرد أداة: إنها تمثيل للرجولة، والانتماء، والسلطة، والذاكرة الجمعية، والكرامة الشخصية. وهي تلعب دور “العلامة الاجتماعية” التي تحدد مكانة الفرد داخل القبيلة أو المجتمع الأوسع.
في دراسة أجراها الباحث عبدالكريم الخيواني، تبيّن أن الجنبيّة تُستخدم في الطقوس الانتقالية لدى الذكور، من الطفولة إلى الرجولة، ما يجعلها جزءًا من البناء الرمزي للهوية الذكورية اليمنية.
الجنبيّة بين البقاء والانقراض
ليست الجنبيّة مجرد خنجر، بل مرآة ثقافية تعكس علاقة اليمني بأرضه، وتاريخه، وقيمه. إنها ذاكرة متحركة تُحمل على الخاصرة، تُسلّم من جيل إلى آخر، وتلخص كثيرًا من الروايات والمواقف بدون كلمات.
ولأن هذه القطعة التراثية تواجه خطر التلاشي، تصبح مسؤولية الجهات الثقافية، السياحية، والحكومية أكبر في الحفاظ على هذه الصناعة، دعم حرفييها، وترويجها عالميًا ضمن الهوية اليمنية.
ففي عصر السياحة الثقافية، يمكن للجنبيّة أن تصبح سفيرًا صامتًا يعبر الحدود، ويحكي للعالم قصة أمة قاومت عبر قرون بالحكمة والخنجر.
احمد زكي