تصاعدت بشكل واسع عمليات الاستنفار والتعبئة وتسليح الشباب في معظم مدن وسط وشمال وشرق السودان، إثر السقوط المفاجئ لمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في قبضة قوات "الدعم السريع"، إذ يتحسب الجميع لأي هجوم متوقع على مناطق جديدة بولايات نهر النيل وسنار والشمالية والقضارف.

وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني دفع بتعزيزات كبيرة إلى ولايتي الجزيرة والقضارف للتأثير في المعادلة العسكرية الميدانية وتأمين الطرق القومية الرابطة بين شرق ووسط البلاد، فيما تواصل قوات "الدعم السريع" توغلها في عمق قرى ومدن غرب الجزيرة في وود سلفاب وطابت عبدالمحمود والحاج عبدالله المتاخمة لولاية سنار، وفق مواطنين من هناك، وذلك بعد بسط سيطرتها شرق الولاية.

هدوء وتعقيدات في الأثناء يسود مدينة ود مدني منذ أمس هدوء نسبي مشوب بالحذر، في ظل أوضاع إنسانية صعبة، وتوقف برنامج المساعدات وخروج جميع مستشفياتها من الخدمة، واستمرار عمليات النزوح على رغم العودة الجزئية لبعض مظاهر الحياة كالاتصالات والكهرباء وبعض المخابز.

وقال تقرير للجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن جميع المرافق الصحية بالمدينة خرجت من الخدمة، بعد عمليات نهب وتخريب واسعة للمستشفيات. وأوضح التقرير أن المدينة تحولت إلى مركز رئيس للخدمات الصحية لكل السودان، بعد خروج أكثر من 90 في المئة من مستشفيات الخرطوم عن الخدمة، مما سيؤدي إلى انهيار كامل وخطر للمنظومة الصحية بالبلاد.

اتفاقات للتعايش

وجنحت بعض المدن التي انسحبت منها قوات الجيش والشرطة في شرق وغرب ولاية الجزيرة إلى عقد اتفاقات للتعايش مع الوضع الجديد بين الأعيان والقيادة الميدانية لقوات "الدعم السريع" فيما يشبه الاعتراف بسلطة الأمر الواقع، بغرض عودة الحياة فيها إلى طبيعتها ووقف النزوح، مع سماح الطرف الآخر بالحماية بوصول وتوفير المستلزمات الضرورية.

وتعليقاً على الخطوات اللاحقة التي اتخذتها قوات "الدعم السريع" في مناطق سيطرتها بشرق وغرب الجزيرة، وتكليف أبو عاقلة كيكل قائداً للمنطقة العسكرية بالولاية، أوضح أستاذ الإدارة الحكومية بالجامعات السودانية، عثمان الزبير، أنه بدعوة "الدعم السريع" لتشكيل لجان شعبية خدمية لتولي شؤون الولاية، شبيه بأسلوب ما يعرف بإدارة المناطق المحررة بهدف التطبيع بين المواطنين وتلك القوات.

أشار الزبير إلى أن تحديات كبيرة ستختبر مدى قدرة القادم الجديد على إدارة شؤون الولاية على نحو سليم، إذ يتطلب سعيه إلى بسط الأمن والاستقرار في الولاية كثيراً من الموارد للصرف على الخدمات لكسب ثقة وتعاون المواطنين، قبل الانتقال إلى المرحلة (الانتقالية) التالية لإكمال سيطرته الإدارية على مقاليد الحكم ثم الانتقال من التطبيع إلى تثبيت العلاقة مع المواطنين.

تحديات الإدارة لفت المتخصص في الإدارة الحكومية إلى أن أسلوب إدارة ما تعرف بالمناطق المحررة هو نفسه الذي اتبعته تلك القوات في دارفور بغرب البلاد، وكذلك الحركة الشعبية- شمال (عبدالعزيز الحلو) في مناطق سيطرتها بجبال النوبة تحت مسمى المناطق المحررة.

لكن الزبير يرى أن المعضلة الأساسية التي ستواجه "الدعم السريع" في ولاية الجزيرة هي فرار معظم المواطنين والكفاءات والكوادر الإدارية والتنفيذية من الولاية، مما يصعب تسيير دولاب العمل، ويستدعي البحث عن حاضنة جديدة من الموالين لملء الفراغ التنفيذي.

تصعيد الاستنفار

في سياق رفع الاستعدادات وتصعيد حملات الاستنفار والتعبئة، دعت الجبهة الوطنية السودانية بولاية نهر النيل، إلى إعلان التعبئة العامة وزيادة نشر نقاط الارتكاز العسكرية على مستوى الولاية، وتشكيل غرف الطوارئ بالمحليات والقرى والأحياء، وتسليح كل الراغبين في حمل السلاح إلى التسلح للدفاع عن الوطن.

من ناحية أخرى، اجتمعت اللجنة الأمنية بمحلية الدبة في الولاية الشمالية بالعمد والمشايخ والأعيان في شأن تأمين المحلية، وجرى تسليح نحو 5200 من الشباب المستنفرين والمتقاعدين من الأجهزة الأمنية للعمل بنقاط الحماية على حدود الولاية، كما دعت جميع المدنيين للمشاركة في عمليات المراقبة والتبليغ الفوري عن أي أشخاص يشتبه فيهم لدى الجهات الأمنية على وجه السرعة.

تحوطات بالشرق في ولاية البحر الأحمر التي تمثل عاصمتها بورتسودان العاصمة الإدارية البديلة، وقفت اللجنة الأمنية برئاسة الوالي المكلف، اللواء ركن (م) مصطفى محمد نور، أمس الجمعة، بمشاركة كل قادة الوحدات والقيادات العسكرية والأمنية على المواقع الأمامية المتقدمة وجاهزية القوات لتأمين الولاية. كما تفقد والي القضارف المكلف، محمد عبدالرحمن، نقاط الارتكازات العسكرية على طول طريق القضارف كسلا، مؤكداً جاهزية القوات المسلحة والمستنفرين ومنسوبي حركات الكفاح المسلح للدفاع عن الولاية والبلاد، وفق تنسيق تام بين الولايات الشرقية وسنار المجاورة، مع توفير المحروقات بالمحطات على الطرق العابرة وفتحها للعابرين.

تأهب بالنيل الأزرق ووجه الفريق أحمد العمدة بادي، حاكم إقليم النيل الأزرق، قيادات الإدارة الأهلية وفعاليات المجتمع بالانخراط الفوري في الاستنفار العام لمواجهة التحديات الأمنية.

ووصف بادي في اجتماع حكومة الإقليم مع قادة الأجهزة النظامية والإدارة الأهلية واللجنة العليا للاستنفار ودعم القوات المسلحة، الأحداث الأمنية التي تدور بالبلاد بأنها حرب بالوكالة تمولها جهات خارجية طامعة في ثروات البلاد والإقليم

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

السودان.. اتهامات لـ«الدعم السريع» بقصف مستشفيات ومستودعات غذاء وقتلى بين المدنيين

اتهمت وزارة الخارجية السودانية، اليوم السبت، قوات “الدعم السريع” بشن هجمات عنيفة استهدفت مستودعات برنامج الغذاء العالمي في مدينة الفاشر، بالإضافة إلى قصف مستشفى الضمان بمدينة الأبيض، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المرضى والعاملين في المنشأة الطبية.

وأفاد بيان رسمي صادر عن الوزارة بأن الهجوم أدى إلى مقتل 16 مريضًا كانوا يتلقون العلاج داخل مستشفى الأبيض، إضافة إلى إصابة عدد آخر من المرضى وطاقم المستشفى الطبي.

ووصف البيان تلك الهجمات بأنها “جرائم كبرى” تمثل استهدافًا ممنهجًا للمدنيين والمؤسسات الإنسانية والمرافق الحيوية بهدف إيقاع أكبر خسائر في الأرواح وعرقلة تقديم الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمياه والعلاج والكهرباء.

وأكد البيان أن قوات الدعم السريع نفذت، يوم الأربعاء الماضي، هجومًا عبر الطائرات المسيرة على سوق شعبي بمدينة الخوي أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين، بالإضافة إلى قصف حي سكني في مدينة الدبيبات بولاية جنوب كردفان راح ضحيته مواطنان وأصيب عدد آخر، إلى جانب استهداف موقع عسكري في المدينة أدى إلى سقوط قتلى وتدمير مركبات.

وشددت وزارة الخارجية على أن هذه الاعتداءات تأتي في سياق تصعيد عسكري مستمر من قبل قوات الدعم السريع، التي استهدفت معظم المستشفيات العاملة في الفاشر وأخرجتها من الخدمة، وقصفت معسكر زمزم للنازحين على مدار عام كامل، ثم شنت هجومًا بريًا دمويًا أسفر عن مئات القتلى وأخذ رهائن من النازحين.

وأفادت تقارير إعلامية محلية بسقوط عشرات القتلى والجرحى المدنيين جراء الهجمات الجوية التي شنتها قوات الدعم السريع في ولايتي غرب وجنوب كردفان، وسط مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني الذي يحرز تقدمًا ملحوظًا في عدد من المدن في الإقليم.

وكان الجيش السوداني أعلن مؤخرًا تطهير كامل ولاية الخرطوم من قوات الدعم السريع، متعهدًا بمواصلة العمليات حتى استعادة السيطرة على جميع مناطق البلاد.

تجدر الإشارة إلى أن الحرب اندلعت في السودان في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، مخلفة مئات القتلى والجرحى المدنيين، وسط محاولات وساطات دولية وعربية لوقف إطلاق النار التي لم تُثمر حتى الآن، هذا التصعيد العسكري الأخير يفاقم معاناة المدنيين في السودان، ويزيد من الأزمات الإنسانية التي تعاني منها البلاد، ويهدد استقرار المنطقة بأسرها.

مقالات مشابهة

  • السودان.. اتهامات لـ«الدعم السريع» بقصف مستشفيات ومستودعات غذاء وقتلى بين المدنيين
  • تدمير المساعدات الغذائية.. السودان يفضح جرائم الدعم السريع
  • الدعم السريع تقصف مشفى وتقتل العشرات وسط السودان
  • قوات الدعم السريع ترتكب جريمة ضد الأمم المتحدة في السودان
  • ستة قتلى بقصف مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع على مستشفى في السودان
  • السودان.. خروج مستشفى الأُبَيِّضْ عن الخدمة بهجوم لـ"الدعم السريع"
  • السودان .. ميليشيا الدعم السريع تقصف مستشفيين في ولاية شمال كردفان
  • السودان.. ميليشيا الدعم السريع تقصف أحياء سكنية في مدينة الأبيض
  • معارك عنيفة في كردفان والدعم السريع يسترد "الدبيبات"
  • "أطباء السودان" تتهم الدعم السريع باعتقال 178 شخصا بشرق دارفور