اتهام لأول مرة.. البنتاجون: مسيرة انطلقت من إيران وراء الهجوم على ناقلة بالقرب من سواحل الهند
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) السبت، إن المسيرة التي هاجمت ناقلة الكيماويات في المحيط الهندي قبالة سواحل الهند، انطلقت من إيران، ما يشير إلى توسع المخاطر التي تواجه صناعة الشحن الدولي، منذ بدأت جماعة الحوثي في اليمن مهاجمة السفن في البحر الأحمر.
وذكر متحدث باسم البنتاجون أن ناقلة الكيماويات (Chem Pluto) والتي كانت ترفع ليبيريا، ومملوكة لشركة (Rio Brillante) اليابانية، وتديرها شركة الناقلات الكيماوية (Ace-Quantum) الهولندية، تعرضت لضربة صباح السبت في المحيط الهندي، وعلى بعد 200 ميل بحري من سواحل الهند، بواسطة مسيرة انتحارية انطلقت من إيران.
وهذه هي أول مرة تتهم فيها الولايات المتحدة خصمتها إيران، بمهاجمة السفن منذ اندلاع التوترات الإقليمية على وقع الحرب في غزة.
من جهتها، أشارت شركة أمبري للأمن البحري إلى أن السفينة "مرتبطة بإسرائيل"، مضيفة أنها "توقفت في السعودية وكانت متوجهة إلى الهند".
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الشركة الهولندية التي تدير الناقلة "مرتبطة بقطب الشحن الإسرائيلي عيدان عوفر".
اقرأ أيضاً
ناقلة نفط ترفع علم الهند تتعرض لهجوم في البحر الأحمر
وأفاد مسؤول في البحرية الهندية، أنه "تم إرسال طائرة إلى الموقع وتمكنت من الوصول إلى السفينة والتأكد من سلامتها وسلامة طاقمها".
وأضاف: "أُرسلت كذلك سفينة حربية تابعة للبحرية الهندية إلى الموقع لتقديم المساعدة اللازمة".
ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
والشهر الماضي، تعرضت سفينة تجارية إسرائيلية لأضرار اثر هجوم بمسيرة يشتبه في أن الحرس الثوري الإيراني نفذه في المحيط الهندي، وفق ما أفاد مسؤول عسكري أمريكي .
وتنفي إيران ضلوعها في الهجمات، كما تنفي جماعة الحوثي اعتمادها على إيران في تنفيذ هجماتها.
وبدأت جماعة الحوثي اليمنية في شن هجمات على السفن التجارية المارة في البحر الأحمر ومنطق مضيق باب المندب، والذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن؛ ومن ثم المحيط الهندي، رداً على الحرب الإسرائيلية على غزة.
اقرأ أيضاً
تقرير عن هجوم بحري جديد بباب المندب.. استهداف سفينة قبالة اليمن
وقال مدير الاستخبارات في شركة نيبتون الأمنية كريستوفر لونج، إن الهجوم وقع على بعد 1630 ميلاً من سواحل اليمن، وهو في مجال مسيرات "شاهد 136" الإيرانية، والتي تستخدمها جماعة الحوثي، ويمكنها التحليق لمسافة 1600 ميل.
وأضاف لونج، إنه "أياً كانت الجهة وراء الهجوم، فإن هذه الحادثة تغير قواعد اللعبة، نظراً لبعدها الكبير عن البر".
ورفض متحدث باسم جماعة الحوثي نفي أو تأكيد الحادث، وقال: "نحن نفخر بما نفعله، ونعلنه على الملأ رسمياً"، مضيفاً أن الجماعة "حريصة على التسبب بأي أذى لإسرائيل، حتى تسمح بدخول الغذاء والدواء إلى غزة، ووقف العدوان".
ويؤكد الحوثيون أن هجماتهم التي تطال سفنا يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو تبحر من موانئها أو إليها، تأتي "نصرة للشعب الفلسطيني" في الحرب بين إسرائيل وحماس التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وحذّروا من أنهم سيواصلون هجماتهم حتى إدخال ما يحتاجه سكان قطاع غزة من ماء ودواء.
ومع تعطل حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات تضم أكثر من 20 دولة لحماية السفن.
اقرأ أيضاً
إعلام عبري: مسيرة إيرانية نفذت الهجوم على سفينة إسرائيلية قبالة سواحل الهند
واتهمت الولايات المتحدة الجمعة، إيران بالضلوع في هجمات جماعة الحوثي اليمنية على السفن التجارية في البحر الأحمر، قائلة إن طهران تدعمهم بتوفير طائرات مسيّرة وصواريخ ومعلومات استخباراتية.
قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون في بيان "نعلم أن إيران ضالعة بشدة في تخطيط العمليات ضد سفن تجارية في البحر الأحمر".
وأكدت أن "الدعم الإيراني للحوثيين قوي، ويشمل تسليم معدات عسكرية متطورة ومساعدة استخباراتية ومساعدات مالية وتدريب"، وأن طهران قامت بـ"تفويض القرارات العملياتية إلى الحوثيين".
في المقابل، نفى نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري صحّة الاتهامات الأمريكية لطهران، بالضلوع في هجمات شنها الحوثيون على سفن تجارية في البحر الأحمر.
وسبق أن نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين غربيين وإقليميين الجمعة، قولهم إن القوات الإيرانية توفر معلومات استخباراتية ومعدات بما فيها المسيرات والصواريخ إلى جماعة الحوثي، لاستخدامها في استهداف السفن المارة بالبحر الأحمر.
وقال المسؤولون إن طهران توفر للحوثيين بيانات التتبع التي تجمعها سفينة مراقبة بالبحر الأحمر تابعة للقوات الإيرانية، ومن ثم يستخدم الحوثيون تلك المعلومات للهجوم على السفن التجارية المارة في مضيق باب المندب.
وباتت سفن كثيرة تبحر في المنطقة، تغلق أجهزتها الراديوية، لمنع تتبعها عبر الإنترنت، لكن السفينة الإيرانية المتمركزة في البحر الأحمر، تمكن مسيرات الحوثيين وصواريخهم من استهداف السفن بدقة، وفق المسؤولين الذين تحدثوا إلى الصحيفة.
اقرأ أيضاً
هجوم بطائرة مسيرة تستهدف سفينة جنوب غربي الهند
المصدر | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا اليمن الحوثيون إيران سفينة الهند إسرائيل فی البحر الأحمر المحیط الهندی جماعة الحوثی سواحل الهند اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
بعد التصعيد الإسرائيلي الحوثي.. هل المنطقة أمام صراع جديد في معادلة الردع الإقليمية؟
شهدت المنطقة تصعيدا غير مسبوق في البحر الأحمر ومنطقة الحديدة في اليمن، بين الاحتلال الإسرائيلي وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، وجاء ذلك بعد الهجمات الصاروخية للحوثيين على مطار بن غوريون ومدينة إيلات.
لم تنتظر حكومة الاحتلال الإسرائيلي، فجاء الرد سريعا عبر هجمات جوية مركزة نفذتها الطائرات الإسرائيلية، مستهدفة ميناء الحديدة والبنى التحتية في غرب اليمن، مما وسع دائرة الاشتباك الإقليمي عبر إدخال ساحة جديدة في الصراع، وهو ما يعني بدء مرحلة جديدة من الحروب غير المتماثلة عابرة الحدود.
يحمل هذا التصعيد أبعادا تتجاوز حدود الرد التكتيكي، ليحدث تحولا في توازنات الصراع الإقليمي ومفهوم الردع.
خلفيات وسياقات
في الحالة اليمينية هناك اختلاف رئيس يتمثل في البعد الجغرافي، وهنا يواجه الاحتلال الإسرائيلي للمرة الأولى تهديدا جادا بعيدا عن الجوار الحدودي، ومن مسافة تتجاوز 1500 كيلو متر تقريبا. هذا الوضع يفرض حالة جديدة من الرد العسكري، تعتمد سلاح الجو، وتتطلب معلومات استخباراتية دقيقة، والتنسيق مع الحلفاء
هذه المواجهة الحالية تحمل العديد من السمات المشتركة مع حروب سابقة خاضها الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما حرب يوليو/ تموز عام 2006 ضد حزب الله اللبناني، والحروب المتكررة على المقاومة في قطاع غزة.
في جميع الحروب كانت الهجمات الإسرائيلية الواسعة تستهدف البني التحتية ومنشآت مدنية وعسكرية، بهدف شل قدرة المقاومة على القيام بهجمات من أي نوع على الاحتلال، سواء صاروخية أو عبر العمليات الفدائية.
لكن في الحالة اليمينية هناك اختلاف رئيس يتمثل في البعد الجغرافي، وهنا يواجه الاحتلال الإسرائيلي للمرة الأولى تهديدا جادا بعيدا عن الجوار الحدودي، ومن مسافة تتجاوز 1500 كيلو متر تقريبا. هذا الوضع يفرض حالة جديدة من الرد العسكري، تعتمد سلاح الجو، وتتطلب معلومات استخباراتية دقيقة، والتنسيق مع الحلفاء الدوليين وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية.
أوجه التشابه مع حروب تموز وغزة
يتشابه التصعيد الحالي مع الحروب السابقة على النحو التالي:
أولا: هناك تشابه من ناحية الجهات الفاعلة، فكما هو الحال بالنسبة لحركة المقاومة مثل حماس وحزب الله، فإن الحوثيين فاعل غير دولي، وتدعمه إيران عسكريا وسياسيا، ويعتمدون على الهجمات الصاروخية كوسيلة للضغط السياسي وتغيير قواعد الاشتباك.
ثانيا: اعتمدت إسرائيل في ردها على نفس الاستراتيجية: الضربات المركزة، واستهداف البنى التحتية، والحرب النفسية.
ثالثا: الهدف النهائي التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه، هو إضعاف قدرات المقاومة ومنع تكرار الهجمات، واستعادة هيبة إسرائيل، وترسيخ صورة "الردع الحاسم".
لكن الأمر يبدو مختلفا في المواجهة على المستوى الاستراتيجي، وذلك على الوجه التالي:
1- ساحة الاشتباك مع الحوثيين هي البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهي تشكل الممر الدولي الأهم والأكثر حيوية للتجارة والطاقة، ما يعني أن التصعيد تتجاوز حدوده ليؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.
2- يمتلك الحوثيون قدرات عسكرية، ويستخدمون تكتيكات بحرية متقدمة نسبيا، تشمل الزوارق المفخخة، والصواريخ البالستية، والمسيّرات، وهو ما يعني أنهم يمثلون قوة هجومية حقيقية ومعتبرة في الحرب البحرية، وحتى الآن لم تختبر إسرائيل ولا حلفاؤها هذه الساحة بنفس القدر في جنوب لبنان أو غزة.
3- يلعب البعد الجغرافي دورا مركزيا في شل قدرة إسرائيل على تنفيذ أي اجتياح أو عمل بري، وهو ما يجعل الردود محصورة في نطاق عمليات القصف باستخدام الذراع الجوي أو الحرب بالوكالة عبر الحلفاء في المنطقة.
ماذا عن التأثيرات الإقليمية والدولية؟
التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي والحوثيين في اليمن تتجاوز آثاره حدود الجغرافيا اليمينة وذلك للأسباب التالية:
1- أي تصعيد في البحر الأحمر يشكل تهديدا مباشرا لحركة الملاحة الدولية، وسينعكس بصورة مباشرة بزيادات كبيرة في تكاليف الشحن والتأمين البحري، والتي ارتفعت بالفعل نتيجة للتصعيدات السابقة، وهو ما سيلهب أسعار الطاقة والسلع الأساسية عالميا.
2- استمرار التصعيد قد يرفع سقف المخاوف لدى بعض الدول الخليجية؛ مما قد يدفعها -رغم الحساسيات السياسية- إلى تعزيز التعاون الأمني مع إسرائيل، لمواجهة ما تراه تهديدا حوثيا.
3- لا شك أن التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي وفر للحوثيين فرصة إضافية للخروج من عزلتهم داخل حدود اليمن، وتقديم أنفسهم باعتبارهم جزءا هاما من محور المقاومة. كما أن ربط عملياتهم في البحر الأحمر بما يحدث في غزة، يساهم في إعادة صياغة الصورة الذهنية عنهم في الوعي العربي والإسلامي، باعتبارهم قوة فاعلة في معرة إقليمية أكبر، وليس مجرد قوة محلية محصورة داخل اليمن.
ماذا عن المستقبل؟
الأرجح في استشراف المستقبل، هو سيناريو استمرار التصعيد المحدود، حيث سيستمر كل طرف في توجيه ضربات مخططة ومدروسة بعناية لإيصال الرسائل دون الانزلاق إلى الحرب الشاملة. هذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي قد يواصل استهداف مواقع في العمق اليمني، والحوثيون يواصلون استهداف الموانئ الإسرائيلية والسفن في البحر الأحمر.
ستبقى المنطقة على صفيح ساخن في ظل غياب حل سياسي شامل، وهذا يعني مزيدا من الانفجارات المؤقتة والمحكومة بتوازنات ردع هشة، وهذا يجعل المنطقة عرضة لخطر انفجار كبير في أي لحظة
وعلى كل الأحوال، يبقى احتمال الانزلاق نحو تصعيد أوسع قائما، وذلك في حال تدخلت أطراف أخرى مثل إيران أو حزب الله، وإن ما زال الأمر مستبعدا. وكذلك في حال استُهدفت سفن أمريكية أو أوروبية، ما قد يؤدي إلى تحالف دولي بحري جديد، أقرب ما يكون لتحالفات مكافحة القرصنة في السابق.
الخلاصة
استمرار التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي والحوثيين، ينقل الصراع من الشكل التقليدي عبر الحدود المباشرة، إلى صراع عبر ساحة إقليمية مفتوحة، تلعب فيها التكنولوجيا والبحار والمسافات دورا محوريا.
يؤدي استمرار هذه الديناميكية إلى جعل معادلة الردع الإسرائيلية في موضع اختبار دائم، في مواجهة ترسيخ ردع متعدد المحاور يمتد من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر.
ستبقى المنطقة على صفيح ساخن في ظل غياب حل سياسي شامل، وهذا يعني مزيدا من الانفجارات المؤقتة والمحكومة بتوازنات ردع هشة، وهذا يجعل المنطقة عرضة لخطر انفجار كبير في أي لحظة. ولذلك فإن دول المنطقة في حاجة لتطوير سياسات استباقية لمعالجة هذا الواقع المتدهور الذي تزيده إسرائيل اشتعالا.