دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل يساهم في عزل واشنطن دولياً
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
عندما تسلّم الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة قبل ثلاث سنوات أعلن بنبرة ملؤها الحماسة أنّ "أميركا عادت!" لتحمّل مسؤولياتها الدولية بعد السياسة الانعزالية التي انتهجها سلفه دونالد ترامب، لكنّ واشنطن تجد نفسها اليوم في عزلة دولية متزايدة بسبب دعمها الراسخ لإسرائيل في حربها ضدّ حماس.
ومنذ بدأت الحرب بين إسرائيل وحماس إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية انطلاقاً من قطاع غزة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، اضطرت واشنطن أكثر من مرة لأن تقف لوحدها في المحافل الدولية للدفاع عن حليفتها.
وفي مجلس الأمن الدولي، على سبيل المثال، استخدمت الولايات المتّحدة مرّتين متتاليتين حق النقض لمنع صدور قرارين يدعوان إلى "وقف إطلاق نار إنساني" في القطاع الفلسطيني.
لكنّ الدولة الأقوى في العالم خرجت الجمعة، على استحياء، من عزلتها في مجلس الأمن الدولي بقرارها عدم وأد قرار يدعو إلى إدخال مساعدات إنسانية "على نطاق واسع" إلى القطاع.
وخلافاً للموقف الذي اتّخذه بعض من أقرب حلفائها مثل بريطانيا وفرنسا واليابان التي صوّتت لصالح القرار ــ امتنعت الولايات المتّحدة عن التصويت، وكذلك فعلت روسيا.
وقبل ذلك بأسبوع، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تجد الولايات المتّحدة بين سائر شركائها الأوروبيين سوى النمسا وجمهورية التشيك في التصويت ضدّ قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
ولا ينفكّ هذا الوضع ينعكس سلباً على صورة الولايات المتحدة في العالم.
شعبية بايدن تتهاوى.. 70% من شباب الناخبين الأمريكيين يرفضون سياسته اتجاه الحرب في غزةاستطلاعات للرأي: انخفاض كبير في شعبية بايدن، والسبب دعمه غير المحدود لإسرائيلوتقول ليزلي فينجاموري الخبيرة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن إنّ "الطريقة التي يُنظر بها إلى كلّ هذا في بقية العالم هي أنّ الولايات المتّحدة تهتمّ بالإسرائيليين والأوكرانيين"، وتعير اهتماماً أقلّ للشعوب غير الغربية.
وخلافاً لسلفه الجمهوري الذي دعم إسرائيل بدون أيّ تحفّظ، فقدّ بايدن صبره أكثر من مرة مع الدولة العبرية إلى حدّ أنّه أخرج إلى العلن خلافاته مع حكومة بنيامين نتانياهو.
وفي معرض دفاعه عن الحرب التي تخوضها إسرائيل ضدّ حماس، حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العالم على ممارسة ضغوط على الحركة الفلسطينية وليس على الدولة العبرية فحسب، مذكّراً بأنّ فتيل هذه الحرب أشعلته حماس.
وصبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر شنّت حماس هجوماً غير مسبوق على إسرائيل قُتل فيه حوالى 1140 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استناداً إلى إحصاءات رسمية إسرائيلية.
وردّت إسرائيل على هذا الهجوم بإطلاق حملة عسكرية جوية وبرية في قطاع غزة أسفر، بحسب حكومة حماس، عن أكثر من 20 ألف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأكثر من 53 ألف جريح.
ويكرّر مسؤولو الإدارة الأميركية القول إنّ الضغط الذي يمارسونه على الحكومة الإسرائيلية من وراء الكواليس يؤتي ثماره، إذ وافقت الدولة العبرية على السماح بدخول صهاريج وقود إلى غزة وإعادة خدمة الإنترنت إلى القطاع وفتح المعابر.
لكنّ فينجاموري تقول إنّ هذه الرواية القائلة بأنّ بايدن "يعانق نتانياهو بينما يضغط في السرّ" على إسرائيل لا تستقيم لوقت طويل.
"انحياز تامّ"وأظهر استطلاع للرأي أجرته منظمّة "المستقلّة" على عيّنة من الشعوب العربية ونشرت نتائجه في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أنّ 7% فقط من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن دور الولايات المتّحدة كان إيجابياً في الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقبل 20 عاماً أدّى غزو العراق إلى الإضرار بسمعة الولايات المتّحدة في العالم.
ويقول منقذ داغر، المسؤول في منظمة "المستقلّة"، إنّ أميركا كانت حتى وقت قريب "لا تزال تمثّل هذه الصورة لبلد يجسّد (...) الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير (...) الكثير من القيم التي تليق بالحلم الأميركي الشهير".
لكنّ سيل المشاهد المروّعة من غزة، والتي يتمّ تداولها بشكل جماعي على شبكات التواصل الاجتماعي، "قلب الوضع رأساً على عقب"، بحسب ما يضيف.
ويعتبر داغر أنّ هذا الأمر أظهر للعرب "انحياز الولايات المتحدة التامّ للإسرائيليين وعدم احترامهم لحقوق الإنسان عندما يتعلّق الأمر بالفلسطينيين".
وأول من استفاد من هذا التحوّل في الرأي العام هو الصين وروسيا، لكنّ المستفيد الأبرز هي إيران.
مسؤول أميركي كبير يستقيل احتجاجاً على تجاهل الولايات المتحدة "جرائم الحرب" الإسرائيليةما هي أهم الأسلحة التي زودتها الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها على غزة؟وكثّفت الصين جهودها الدبلوماسية بشكل كبير في المنطقة، لكنّ إدارة بايدن حاصرتها من خلال حضّها على استخدام نفوذها لدى طهران لوقف الهجمات التي يشنّها المتمرّدون الحوثيون انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر.
وفي حين أنّ الصين لديها وجوداً عسكرياً محدوداً في الشرق الأوسط، فقد أنشأت الولايات المتّحدة أخيراً تحالفاً عسكرياً انضمّت إليه أكثر من 20 دولة لحماية حركة السفن في المنطقة.
ويقول براين كاتوليس، من معهد الشرق الأوسط للأبحاث، إنّ العديد من الدول العربية التي تندّد بسياسة واشنطن الخارجية "هي نفسها التي تستفيد من المنظومة الأمنية التي أرستها الولايات المتحدة".
ويضيف "ألاحظ شكلاً معيّناً من الفصام في كثير من التصريحات الآتية من العالم العربي، فهم لا يستطيعون العيش معنا، لكنّهم لا يستطيعون العيش بدوننا أيضاً".
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: شرطي متنكر بلباس سانتا كلوز يوقف مروجي مخدرات في بيرو شاهد: زوجات جنود روس قضوا في المعارك في أوكرانيا يزرن قبر الجندي المجهول في موسكو واشنطن تقول إن إيران أطلقت المسيّرة التي هاجمت سفينة "مرتبطة بإسرائيل" قبالة سواحل الهند إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن غزة فلسطين بنيامين نتنياهوالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن غزة فلسطين بنيامين نتنياهو إسرائيل غزة فلاديمير بوتين عيد الميلاد روسيا فرنسا حركة حماس فلسطين النيجر بوركينا فاسو العراق إسرائيل غزة فلاديمير بوتين عيد الميلاد روسيا فرنسا الولایات المت حدة الولایات المتحدة الدولة العبریة یعرض الآن Next قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
واشنطن تايمز: بايدن ليس أول رئيس أميركي تحجب معلوماته الصحية عن العامة
قال تقرير نشرته صحيفة واشنطن تايمز إن إخفاء الرؤساء الأميركيين لأمراضهم الجسدية والعقلية ليس بالأمر الجديد، مؤكدا أن تستر الرئيس السابق جو بايدن عن تدهور حالته الصحية أثناء فترة ولايته ليس فريدا في تاريخ الولايات المتحدة.
وذكر التقرير أن بايدن، البالغ من العمر 82 عاما، كان يعاني من ضعف إدراكي وسرطان البروستاتا، وحاول مساعدوه المقربون إخفاء حالته الصحية عن الشعب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: فجر جديد بالشرق الأوسط لا مكان فيه لإسرائيل فهل تستيقظ؟list 2 of 2انتقادات واسعة في فرنسا لمقترح أتال بشأن الحجابend of listوأشارت كاتبة التقرير المراسلة المتخصصة بالشؤون الوطنية سوزان فيريشيو إلى حالات تاريخية أخرى مثل حالة الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي كان يستخدم كرسيا متحركا بسبب إصابته بشلل الأطفال وعمره 39 سنة، من دون علم معظم الأميركيين بذلك.
وأضاف التقرير أن الرئيس جون كينيدي كان يعاني من أمراض مزمنة، منها مرض أديسون وهشاشة العظام، وكان يتناول ما لا يقل عن 8 أدوية يوميا، بينها مسكنات قوية مثل الميثادون والديميرول.
التعديل الـ25وأكد التقرير أنه لا توجد قوانين تلزم المرشحين أو الرؤساء بالكشف عن حالتهم الصحية أو الخضوع لاختبارات طبية دورية.
وأوضح أن هذه السرية تجعل من الصعب تقييم قدرة الرئيس على أداء واجباته، خصوصا في ظل الأزمات، حيث تتطلب القيادة صفاء ذهنيا واستقرارا جسديا لإدارة شؤون البلاد.
إعلانويعتبر التعديل الـ25 للدستور الأميركي آلية دستورية مهمة لنقل السلطة في حال عجز الرئيس عن أداء مهامه، وفق التقرير.
ولكن التقرير لفت إلى أن التعديل لم يفعل في حالات تاريخية كان من الأرجح اللجوء إليه فيها، وفي هذا الصدد ذكر إصابة الرئيس وودرو ويلسون بجلطة عام 1919، حين تولّت زوجته مهامه سرا من دون إعلان رسمي عن حالته لعام كامل حتى انتهاء فترة رئاسته.
وأكد التقرير أن كبار المسؤولين في الحكومة يتحملون مسؤولية مراقبة الحالة الصحية للرئيس، وفي حال وجود ما يستدعي القلق، يمكنهم التوصية بتفعيل هذا التعديل.
فحوصات ترامبوأضاف التقرير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب واجه تساؤلات أيضا حول صحته الجسدية، خاصة بعد إخفائه تفاصيل حالته خلال إصابته بفيروس كورونا عام 2020، إذ كشفت تقارير مسربة لاحقا عن خطورة وضعه واحتمالية حاجته إلى جهاز تنفس حينها.
كما عبر معارضو ترامب عن قلقهم من أنه يعاني من مشاكل صحية عقلية مثل الخرف واضطراب الشخصية النرجسية، وفق التقرير.
غير أن نتائج فحوصات الرئيس التي أجراها في أبريل/نيسان الماضي، أظهرت أنه بصحة جسدية وعقلية ممتازة، وهو ما عزز موقفه الإعلامي، على حد تعبير واشنطن بوست.