الوضع في الجنوب يتدحرج إلى الأسوأ... فمن يضمن عدم شمولية الحرب؟
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
مع توالي تردّدات صدى دوي القذائف التي تستهدف القرى الجنوبية الحدودية، وما يقوم به "حزب الله" من عمليات تطال قوات العدو في العمق الإسرائيلي، يضع اللبنانيون الذين يستعدّون لاستقبال سنة جديدة أيديهم على قلوبهم. فالمعلومات المتداولة غير مطمئنة. تل أبيب مصمّمة، سواء بغطاء أميركي أو من دونه، على جرّ لبنان إلى مستنقع العنف، فيما يقف رجال "المقاومة الإسلامية" على سلاحهم تحسبًا لأي "مغامرة" قد تقدم عليها إسرائيل، في محاولة يائسة منها للهروب مرّة جديدة إلى الامام من دون أن تحسب أي حساب لـ "خطّ الرجعة".
فإذا تطوّر الوضع الميداني في الجنوب إلى ما تخشاه الدول الساعية إلى الحفاظ على استقرار لبنان فإن أي حديث عن استحقاقات داهمة ومؤجلة من عام يستعد لإقفال نوافذه إلى عام قد يكون الأكثر غرابة من غيره من السنوات الماضية هو حديث في غير محله، وذلك بسبب الغموض السائد على الجبهات القتالية، سواء في غزة أو في جنوب لبنان، الذي أراد "حزب الله" تحويله إلى منصة دعم لأهالي القطاع، الذين يتعرّضون لأبشع مجزرة في تاريخ البشرية على مرأى ومسمع العالم كله.
كثيرة هي الملفات الداخلية التي ستتأثرّ سلبًا بأي تطور دراماتيكي في الجنوب الميداني، مع تنامي الحديث من قِبل الجانب الإسرائيلي عن أن الحرب الشاملة لن تقتصر على الجنوب حصرًا، بل ستتوسّع لتشمل كل لبنان ببناه التحتية كافة، خصوصًا بعدما رسّخت أحداث لبنان عام 2023 واقعًا تحوّلت فيه الدولة إلى شبه دولة، بعدما فقدت كل المقومات التي يمكن أن تسمح لها بأن تقف على رجليها من جديد. فعدوى "فيروس" الشغور في سدة رئاسة الجمهورية المستمر منذ تشرين الأول 2022 انتقلت إلى مؤسسات وإدارات الدولة التي باتت تعمل بالوكالة والتكليف أو من خلال التمديد لقادتها.
ومع اندلاع حرب غزة، دخل لبنان في مرحلة جديدة من الصراع مع إسرائيل مع قرار "حزب الله" بتحويل جبهة الجنوب جبهة مساندة ودعم للمقاومين في القطاع. وما لبثت قواعد الاشتباك التي التزمت بها تل أبيب و"حزب الله" منذ عام 2006 أن تلاشت مع سلوك المواجهات بين الطرفين منحى تصعيديًا.
ويُخشى أن يبلغ التصعيد ذروته بقرار إسرائيلي بتوسعة الحرب على لبنان، خاصة بعد رسائل كثيرة حملها مبعوثون دوليون لحث "حزب الله" على التراجع إلى منطقة شمالي الليطاني ما يؤدي إلى عودة طرفي الصراع للالتزام بالقرار الدولي 1701. إلا أن موقف الحزب جاء حاسماً، ومفاده أن لا عودة إلى القرار ما دامت الحرب مستمرة على غزة.
ومن بين الملفات المنتقلة من سنة 2023 إلى السنة الجديدة تبقى الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي يرزح تحتها البلد على حالها، على رغم كل المحاولات التي تقوم بها الحكومة لضبط الوضع والتقليل من أضرار عدم التجاوب مع ما تقترحه من حلول، حتى ولو كانت مؤقتة.
أمّا الملف الأكثر سخونة فهو ملف رئاسة الجمهورية، الذي لم يُسجّل فيه أي خروق أساسية خلال العام الذي ينهي آخر أيامه على رغم المساعي الداخلية الخجولة والمبادرات الخارجية، التي فيها الكثير من الحركة، ولكن من دون بركة، في محاولة لإخراجه من عنق الزجاجة. فمع استمرار "الثنائي الشيعي" متمسكاً بمرشحه رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، مقابل تخّلي قوى المعارضة عن ترشيح رئيس حركة "الاستقلال" النائب ميشال معوض لصالح تقاطعها مع "التيار الوطني الحر" على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، دخلت البلاد في اصطفاف التعادل السلبي الذي أبقى الاستحقاق الرئاسي في مربعه الأول.
فما لم يتحقّق في سنة وشهرين لن يتحقق اليوم وبكبسة زر، إذ لا شيء قد تغيّر لا في الداخل ولا في الخارج. الاصطفافات السياسية باقية على حالها، وكل يغني على ليلاه. وحدهم اللبنانيون العاديون "يأكلون" العصي النازلة على رؤوسهم فيما يكتفي من في يدهم الحلّ والربط بعدّ العصي. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يواصل خرق الهدنة في لبنان.. شهيدان في قصف على بنت جبيل
قُتل شخصان، الخميس، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي استهدف جرافة ودراجة نارية في منطقتين متفرقتين جنوب لبنان، في أحدث انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله منذ أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية، في بيان رسمي، إن "الجريح الذي أُصيب صباح الخميس بغارة لطائرة مسيّرة تابعة للعدو الإسرائيلي استهدفت جرافته بين بلدتي شقرا وبرعشيت في قضاء بنت جبيل، استُشهد في المستشفى متأثراً بجراحه البالغة".
وفي حادث منفصل، ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن طائرة مسيّرة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية عند المدخل الغربي لبلدة بيت ليف باتجاه وادي العيون، ما أسفر عن سقوط شهيد آخر.
وزارة الصحة:
ارتقاء المواطن الذي أصيب في الغارة الإسرائيلية على جرافة بين بلدتي شقرا وبرعشيت في الجنوب.#الميادين_لبنان pic.twitter.com/OkPvbARU2L — الميادين لبنان (@mayadeenlebanon) June 26, 2025
وفي سياق متصل، واصلت المسيّرات الإسرائيلية التحليق بكثافة في أجواء الجنوب اللبناني، إذ سُجل مرورها فوق عدد من قرى قضاء النبطية، منها كفرملكي، وكفرحتى، وكفرفيلا، وعربصاليم، وعين قانا، والمحمودية، والعيشية، والجرمق، وسهل الميدنة.
كما أفادت الوكالة بتحليق ثلاث طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق مناطق الزهراني والغازية ومغدوشة بمحافظة الجنوب، باتجاه الساحل اللبناني، في محيط مدينة صيدا.
وأشارت الوكالة إلى أن طائرة مسيّرة إسرائيلية استهدفت أيضاً سيارة في صيدا، دون ذكر تفاصيل إضافية عن الأضرار أو الخسائر البشرية.
تفجيرات للاحتلال بمحاذاة الحدود
وفي تطور ميداني آخر، نفذ الجيش الإسرائيلي تفجيراً في محيط جبل بلاط، من جهة الأراضي المحتلة، مقابل بلدتي مروحين وراميا في قضاء صور، ضمن القطاع الأوسط للجنوب اللبناني.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شن عدواناً على لبنان في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، سرعان ما تحول إلى حرب واسعة النطاق اعتباراً من 23 أيلول/سبتمبر 2024، وأدى إلى سقوط أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، بحسب إحصائيات رسمية.
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، إلا أن الاحتلال ارتكب، وفقاً لإحصاء أجرته وكالة الأناضول استناداً إلى مصادر رسمية، نحو 3 آلاف خرق للاتفاق، أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 215 شخصاً وإصابة 508 آخرين.
وفي تحدٍ صريح للاتفاق، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحاباً جزئياً من بعض المناطق التي سيطر عليها خلال الحرب، لكنه لا يزال يحتل خمس تلال لبنانية في الجنوب، ما يُبقي التوتر قائماً على طول الحدود.
ويحتل الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود أراضٍ لبنانية وفلسطينية وسورية، وتواصل رفضها الانسحاب منها، كما ترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.