أكد مقال مطول نشرته واشنطن بوست أن النزعة العالمية نحو امتلاك السلاح النووي في تصاعد، وقد يتضاعف عدد الدول النووية في العقدين المقبلين، فمع أن هناك 9 دول نووية فقط حاليا، هناك عشرات الدول القادرة تقنيا على تطوير ترسانات نووية.

وأشار المقال إلى أن سباق التسلح النووي سيحدث سواء طورت إيران برنامجها النووي أم لا، ولكن رؤية دول نووية مثل إسرائيل والولايات المتحدة تهاجم دولة غير نووية مثل إيران قد تدفع دولا أخرى إلى التفكير بامتلاك أسلحة نووية لحماية نفسها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فورين أفيرز: إسرائيل تسعى لغزة بلا غزيين والعالم مشغول بحرب إيرانlist 2 of 2لوفيغارو: هل ما زال ممكنا إنقاذ الأمم المتحدة؟end of list

وأضاف أن الولايات المتحدة سعت منذ 80 عاما لمنع انتشار الأسلحة النووية عبر الدبلوماسية والحوافز والاتفاقيات وحتى التدخل العسكري أحيانا، غير أن الهجوم الأميركي الأخير قد يدفع القادة الإيرانيين إلى تسريع مشروعهم النووي، باعتباره الوسيلة الوحيدة للحفاظ على النظام الإيراني.

كما يساهم تراجع الثقة بالحماية الأميركية، خاصة في ظل النزعة الانعزالية والسياسات المتقلبة التي تنتهجها واشنطن، في دفع حلفائها إلى مراجعة خياراتهم الدفاعية، بما في ذلك تطوير قدرات نووية مستقلة تحميهم من التهديدات المتصاعدة، خاصة من الصين وروسيا، حسب المقال.

ولفت المقال إلى أن الردع النووي لا يعتمد فقط على القوة العسكرية، بل على المصداقية السياسية، وهي العامل الذي بات مهددا اليوم.

وأعد المقال مدير فريق المخاطر العالمية في اتحاد العلماء الأميركيين، جون ولفستال، إلى جانب هانز كريستنسن ومات كوردا، وهما المدير والمدير المساعد لمشروع المعلومات النووية في الاتحاد نفسه.

أثارت هجمات إسرائيل والولايات المتحدة على إيران قلقا دوليا واسعا (رويترز) من يريد القنبلة؟

وحصر المقال الدول التي قد تسعى للحصول على القنبلة في 3 مجموعات، أولها حلفاء الولايات المتحدة، خاصة في أوروبا وآسيا، وتشمل هذه القائمة دولا مثل ألمانيا وبولندا وفنلندا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.

إعلان

وتملك هذه الدول المعرفة والتقنية والموارد الكافية لتطوير سلاح نووي، وقد تفقد ثقتها في الالتزامات الأمنية الأميركية، خاصة في ظل السياسة الانعزالية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

أما المجموعة الثانية فتشمل دولا في الشرق الأوسط، وتحديدا السعودية وتركيا وربما مصر، فهذه الدول تراقب عن كثب ما إذا كانت إيران ستنجح في حيازة القنبلة لأن ذلك سيغيّر ميزان القوى الإقليمي.

وذكر المقال أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صرّح في 2023 لشبكة فوكس نيوز بأن بلاده "ستضطر" إلى امتلاك سلاح نووي إذا فعلت إيران ذلك.

وأوضح المقال أن المجموعة الثالثة من الدول قد تشمل تلك المتأثرة مباشرة بالمجموعتين السابقتين، والتي قد تجد نفسها مهددة إذا تحوّل جيرانها إلى دول نووية.

وذكر التقرير أن كل دولة سعت إلى السلاح النووي في الماضي دفعت دولة أخرى لتسير في الطريق ذاته، كما حدث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ومن ثم الهند وباكستان.

صورة لمفاعل آراك النووي الإيراني من الداخل (أسوشيتد برس) عواقب كارثية

وأضاف المقال أن صُنع قنبلة نووية لا يتم بين ليلة وضحاها، بل يتطلب سنوات من العمليات الصناعية المعقدة، ويكلف مليارات الدولارات.

وحذر من أنه من المتوقع أن يصاحب تطور البرامج النووية عالميا تفكك القوانين والاتفاقيات الدولية ومعاهدة الحد من الانتشار النووي، التي التزمت بها معظم الدول منذ 1968، مضيفا أن امتلاك كل دولة للسلاح النووي يعني ارتفاع احتمال وقوع استخدام خاطئ أو غير مقصود، أو حصول عمليات سرقة أو فقدان للسيطرة.

ولفت إلى أن السلاح النووي لا يمنع الحروب التقليدية أو الهجمات المفاجئة، ولن يقلل المخاطر عالميا، إذ لم يمنع السلاح النووي هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، ولا النزاعات بين الهند وباكستان.

ويتوقع كتّاب المقال أن تكون الفترة ما بين اتخاذ قرار السعي نحو السلاح النووي وتحقيقه من أخطر الفترات، حيث ستسود العالم حالة من عدم الاستقرار، وقد يؤدي أي تحرّك مفاجئ إلى إشعال صراع إقليمي واسع.

وخلص المقال إلى أن السبيل الأفضل لتجنب كارثة مستقبلية هو تعزيز الجهود الدبلوماسية، والاستثمار في الردع التقليدي وتفعيل الشراكات والتحالفات السياسية، وليس فقط الاستناد إلى الردع النووي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة السلاح النووی المقال أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

السلاح النووي الأيديولوجي.. من بوذا المبتسم إلى القنبلة المهدوية

في لحظة فارقة من صيف عام 1974، لم تكن الهند تختبر قنبلتها النووية الأولى وحسب، بل كانت تستحضر ماضيًا روحانيًا كامنًا في ذاكرتها الحضارية. أطلقت على تجربتها النووية الاسم الرمزي: "بوذا المبتسم"، وكأنها تحاول أن تمزج الحكمة الشرقية المسالمة مع القدرة التدميرية الحديثة، أو أن تمنح فعل الموت طابعًا تأمليًا، صوفيًا، نابعًا من ذات هندوسية تتحدى الإرث الاستعماري وتعلن دخولها نادي الكبار بروح دينية لا تخلو من فخر قومي متعالٍ.

لم يكن الرد الباكستاني بعيدًا عن هذا المعنى. فعندما سعت إسلام آباد إلى امتلاك القنبلة، رُوِّج لها على نطاق واسع بوصفها "القنبلة الإسلامية"، مستندة إلى دعم خليجي واسع، وشعور جمعي بأن هذا السلاح لا يُمثل باكستان وحدها، بل العالم الإسلامي بأسره. لقد تحوّل السلاح النووي فجأة إلى رمز عقائدي، وتجاوز دوره الكلاسيكي كأداة ردع أو توازن استراتيجي.

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية

هكذا وُلد مصطلح جديد: السلاح النووي الأيديولوجي، حيث لم تعد القنابل مجرد صراع بين دول، بل بين رؤى كونية متضادة، تتكئ على الدين، والمذهب، والهوية. وصرنا نعيش في جغرافيا نووية دينية، تَنبُت من رحم صراعات اللاهوت والسياسة، بين بوذية مستترة، وإسلامية مصطنعة، وصهيونية مرجأة، وربما قادمة شيعية تتجلى على هيئة سلاح مشبع بالفكر المهدوي المنتظر.

وأود هنا أن أُشير - بصفتي صاحب هذا التصور الاصطلاحي - إلى أنني أقترح التعامل مع هذه الظواهر ضمن إطار نظري جديد يمكن تسميته:

"الجيو-نووية الدينية" أو "الجغرافيا الجيو-نووية العقائدية"

وهي مصطلحات أطرحها في هذا السياق لأول مرة، وأدعو الباحثين والأكاديميين المهتمين بالجغرافيا السياسية والدراسات الاستراتيجية أن يتناولوها بالتحليل والنقد والبناء، لما لها من أهمية في فهم تحولات الردع، وصراعات الهوية، في ظل التسلح النووي المتسارع في مناطق الأزمات.

الأسلحة النووية العقائدية

إننا لا نرصد اليوم فقط تسلحًا نوويًا تقليديًا، بل أمام ما يمكن تسميته أيضًا بـ"تطييف الردع"، حيث ترتدي القنبلة عباءة عقائدية. وما أخطر ذلك من منزلق. فحين تمتلك الدول السلاح النووي باسم الإله أو العقيدة، فإن قرار استخدامه لا يعود محكومًا فقط بلحظة سياسية عقلانية، بل قد يرتبط بنبوءة، أو وعد إلهي، أو انتظار مهدي، أو استعادة مملكة غابرة.

وها نحن نقترب من اللحظة الإيرانية الحاسمة. فلو امتلكت طهران سلاحًا نوويًا، فكيف ستسميه؟ هل سيكون مجرد سلاح للدفاع الإقليمي؟ أم يدخل التاريخ تحت لافتة أيديولوجية جديدة؟ من هنا أقترح مصطلحًا يعبر عن جوهر ما يُحتمل أن تكون عليه الرؤية الإيرانية:

"القنبلة المهدوية" أو "سلاح الانتظار النووي" مصطلحان ينفذان إلى عمق التصور الشيعي حول الظهور والانتصار، في ظل فكرة "الانتظار" التي تُميز العقل الثوري الإيراني منذ الثورة الخمينية. القنبلة، في هذا التصور، ليست سوى أداة تمهيد، تُرعب الخصوم وتُمهِّد الطريق لحقيقة غيبية كبرى، لا مكان فيها لسياسات المصالح، بل لمعركة الوجود والعدم.

في ضوء ذلك، تصبح "الهوية النووية" مفهومًا جديدًا يحتاج إلى تفكيك. لم تعد القنبلة فعلًا استراتيجيًا بحتًا، بل باتت جزءًا من الخطاب الوجودي للدول، تُكتب في بياناتها التاريخية، وتُزين شاشاتها الرسمية، وتُقدَّم لشعوبها بوصفها "حقًا مقدسًا" لا يقبل المساومة.

هل نحن إذًا على أعتاب عالمٍ تُرسم خرائطه من خلال النووي الطائفي؟ وهل تسير المنطقة نحو لحظة تتقاطع فيها تضاريس العقيدة مع تضاريس الجغرافيا النووية؟

إنها لحظة تستحق أن نتوقف أمامها كثيرًا.

فحين يبتسم بوذا فوق سحابة إشعاعية، ويرتفع الأذان فوق صوامع البلوتونيوم، وينتظر المهدي في أقبية التخصيب، فإننا لا نعيش سباق تسلح… بل سباق نبوءات.. .، !!

صاحب مصطلحي "الجيو-نووية الدينية" و"الهوية النووية العقائدية"، المقترحين للبحث والتحليل ضمن دراسات الجيوسياسة وصراعات الردع المعاصر.

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

مقالات مشابهة

  • السلاح النووي الأيديولوجي.. من بوذا المبتسم إلى القنبلة المهدوية
  • مخاوف أوروبية من انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار النووي
  • ماكرون يحذر: انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي يشكل السيناريو الأسوأ
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكشف : إيران لا تمتلك السلاح النووي حتى الآن وهذا هو السبب (تفاصيل)
  • بعد الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية.. من يملك السلاح الأقوى بين الدول التسع؟
  • وزير الخارجية الأمريكي: إيران تراجعت كثيرًا عن حيازة السلاح النووي
  • وزير الخارجية الأمريكي: إيران أصبحت أبعد عن امتلاك السلاح النووي بعد الضربة الأمريكية
  • «عراقجي»: إيران لن تتخلى عن برنامجها النووي ومراجعة حماية المنشآت
  • بزشكيان: إيران لا تسعى للسلاح النووي وسنحمي حقوقنا المشروعة