تكشف الحوارات التي يتضمنها كتاب "أفريقيا المدهشة: حوارات مع كتاب أفارقة" الصادر حديثا عن دار العين للكاتب المغربي حسن الوزاني، عن الغنى الجمالي والفكري الذي تزخر به هذه القارة، رغم ما عاشته من تهميش وإقصاء طويلين، كما تفتح نوافذ على ذاكرة الألم المزروعة في جسد القارة وروحها، حيث يضم 23 حوارا مع كتاب من جغرافيات وثقافات مختلفة.

وينفتح العمل الجديد، كما يوحي عنوانه، على عدد من الأسماء الأدبية البارزة في القارة، في خطوة تعكس اهتمام الوزاني بإبراز التعدد الثقافي والإبداعي داخل الفضاء الأفريقي، بعيدا عن الصور النمطية المتداولة عنه، وهو التوجه الذي يشكل استمرارا لتجربة سابقة للكاتب المغربي في كتابه "يتلهون بالغيم" الصادر سنة 2018 عن منشورات المتوسط، حيث حاور شعراء من 17 بلدا غير عربي، كاشفا عن تجربة فريدة في الإنصات لصوت الآخر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الشاعر المغربي عبد القادر وساط: "كلمات مسهمة" في الطب والشعر والترجمةlist 2 of 2"ونفس الشريف لها غايتان"… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في قصائدهم؟end of list

ويعتبر الكاتب الفلسطيني علي العامري في تقديمه لهذا الكتاب أن هذه الحوارات تضيء على القارة "الساحرة بشعوبها وثقافاتها وأحلامها وأحزانها وتراثها ولغاتها وجراحها وإبداعاتها المدهشة في كل الحقول" مضيفا أن هذا الكتاب الذي يعد إضافة للمكتبة العربية "يشكل دعوة لإعادة ترميم الجسور الثقافية بين العرب والأفارقة، واستكشاف الضوء المطمور في التاريخ والحاضر والمستقبل".

ومن بين الإشارات اللافتة في الكتاب، أن أفريقيا، رغم غناها الأدبي والثقافي، لا تزال بالنسبة لكثير من القراء العرب والعالميين قارة ثقافية مجهولة، غائبة عن دوائر التداول، ويكرس هذا الغياب ضعف حركة الترجمة بين العربية واللغات الأفريقية، والتي تبقى نادرة إذا ما قورنت بثراء النتاج الأدبي في الضفتين، مما يفضي -حسب العامري- إلى خسارات ثقافية متبادلة.

وبالإضافة إلى واقع الأدب الأفريقي الذي يعاني من التهميش، تبين هذه الحوارات عمق التداخل الثقافي بين العرب والأفارقة، من خلال استكشاف حضور العربية والتراث العربي في أفريقيا، كما تسلط الضوء على مكانة القضية الفلسطينية في وعي عدد من أبرز الكتاب في القارة، باعتبارها رمزا للنضال ضد الظلم والاستعمار، وحافزا لتكريس التضامن الثقافي والإنساني عبر القارات.

إعلان أدب يواجه التهميش

سعى الوزاني، عبر الأسئلة التي طرحها في هذه الحوارات المطولة، إلى استكشاف الأدب الأفريقي من خلال إنصاته إلى تجارب متعددة داخل بلدان القارة، بما تحمله من خصوصيات لغوية وثقافية وتاريخية، وما تعكسه من هواجس وقلق وارتباط بالواقع والمجتمع.

ففي مدغشقر -مثلا- لا يخفي الكاتب جون لوك رهاريمننا خيبته وإحباطه من وضع الأدب في بلده، لأنه لا يزال يعيش حالة من الهشاشة والإقصاء، حيث إن القليل من الكتاب فقط ينجحون في نشر أعمالهم، بينما تظل نصوص كثيرة حبيسة الأدراج، وسط مشهد يصفه بمرارة قائلا "نحن مثل يراعات في فراغ كبير". ومع ذلك، فإن هذا الأدب، وإن بدا محدود الانتشار، يحمل في طياته ذاكرة عميقة ويقاوم بصمت في ظل الفساد السياسي وتدهور البيئة في الجزيرة.

وأما في الكونغو برازافيل (جمهورية الكونغو) فتأخذ التجربة الأدبية منحى مغايرا، حيث يرى الكاتب كايا مخيلي أن جزءا من الأدب هناك قطع مع مرحلة "الزنوجية" وتوجه نحو بناء هوية حديثة لا تظل أسيرة مآسي الماضي، مشيرا إلى أن أدب ما بعد الاستعمار -في نظره- ينصت لتحولات المجتمع، ويلامس آثار الثورات و"الانحرافات الأيديولوجية" مثلما يلامس تداعيات الاستبداد.

وحسب نفس الكاتب فقد تم بناء الأدب الكونغولي حول مفهوم "الأخوة" الذي يقوم على سهولة تداول المخطوطات بين الكتاب، سواء المكرسين منهم أم الشبان، وعلى سهولة التواصل بينهم وتبادل الرأي بعيدا عما وصفه بـ"لغة الخشب" بالإضافة إلى تميز هذا الأدب بروح السخرية التي تستعمل لتحويل الواقع إلى ما يمكن تحمله، وذلك كأسلوب مراوغة في وجه الرقابة، ووسيلة للحفاظ على حرية التعبير الفردي ضمن مصير جماعي مشترك.

وفي الغابون، يشير الكاتب إريك جويل بيكال إلى أن الأدب المكتوب تأخر في الظهور حتى ستينيات القرن الماضي، رغم قدم التقاليد الثقافية الشفهية، حيث نشرت الرواية الأولى "قصة طفل لقيط" عام 1971، ومنذ ذلك الحين أخذت الكتابة الغابونية تنمو بهدوء، مع اهتمام واضح بمواضيع الطقوس والتقاليد والعلاقات الاجتماعية والمنفى والسياسة، غير أن هذه الحيوية الإبداعية تصطدم بغياب الدعم.

وإذا كان المشهد الأدبي في الكاميرون قد بدأ يتشكل في سياق استعماري معقد، كما يروي أديبها تيمبا بيما، فإن جذوره تمتد إلى ما قبل دخول الاستعمار الفرنسي والبريطاني عام 1919، إذ تشير أعمال مبكرة مثل "نصوص ياوندي" (عام 1913) وكتاب "سانجان" لسلطان نجويا إلى أن النصوص الأولى هناك سبقت الاحتلال. غير أن القرن الحالي عرف تحولا نوعيا بفعل تراجع تكاليف النشر وظهور دور نشر محلية، وازدياد عدد الكتب المطبوعة، بل وتعدد أنواعها، حيث ظهرت رواية الجريمة والرواية الرومانسية. وبرزت جوائز أدبية ومهرجانات وورشات كتابة، مما أسهم في إيجاد دينامية جديدة بالمشهد الأدبي في هذا البلد.

وهذه الدينامية تؤكدها أيضا المواطنة دجايلي أمادو أمال التي تقترح تقسيم المشهد الأدبي الكاميروني إلى 3 لحظات: مرحلة استعمارية ذات نفس احتجاجي، ومرحلة ما بعد الاستعمار المثقلة بالثورة وانعكاساتها، ثم مرحلة الجيل الجديد الذي جاء محمولا على رياح الديمقراطية والتعددية السياسية والعولمة. وهو جيل نجح بعض أفراده في الوصول إلى أرقى الجوائز الأدبية الأفريقية والفرانكفونية "على الرغم من ضعف الجهات الفاعلة في سلسلة الكتب، وتأثر الإنتاج الداخلي بمجال تحريري متساهل وغير محمي بشكل جيد".

الوزاني يكشف عن قضايا الأدب المتداخل مع السياسة والمجتمع (مواقع التواصل) فلسطين جرح مشترك

في زمن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، لم يفوت الوزاني فرصة طرح أسئلة تهم القضية الفلسطينية، فجاءت معظم الإجابات لتعكس أن فلسطين ليست مجرد قضية محلية أو عربية، وإنما قضية عالمية تمس جوهر القيم الإنسانية، وترتبط بمفاهيم العدل والرحمة والكرامة التي يفترض أن توحد البشر، بغض النظر عن العرق أو الدين.

إعلان

ففي سياق إجابتها عن سؤال "ماذا تعني لك فلسطين؟" تقول الشاعرة الجنوب أفريقية سيندوي ماكونا إن "فلسطين انعكاس محزن لافتقارنا الجماعي لقيم الإنسانية التي يجب أن تستند إلى المحبة". وتؤكد الروائية -التي ولدت سنة 1942 وتقلدت عدة مناصب أممية قبل عودتها إلى بلادها عام 2003 للتفرغ للكتابة- أن الآلام المرعبة التي تعيشها فلسطين والأعداد الكبيرة من ضحايا النيران الإسرائيلية دليل على "فشلنا في العيش وفقا لقانون خالقنا" مضيفة أن لا وجود لدين يدعو للقتل الجماعي للأطفال والأبرياء والنساء والمسنين غير المسلحين.

وبدوره يعتبر مواطنها شابير بانوبهاي، وهو ينحدر من عائلة مسلمة، أن فلسطين "جرحنا المشترك" وأنها "المكان الذي ترتكب فيه الإبادة الجماعية بأشكالها الأكثر فظاعة" مؤكدا أن دور الكاتب في خضم الصراعات الاجتماعية والسياسية هو أن يكون "صوت من لا صوت لهم" وذلك بأن يسلط الضوء بشجاعة على الجرائم التي يرغب الظالمون في إخفائها، حرصا على "الحفاظ على الحقيقة للأجيال القادمة".

ويعيد الشاعر ناثان ترانترال أسباب ارتباط وتعاطف كتاب جنوب أفريقيا مع مآسي الفلسطينيين إلى أن البلد عانى هو الآخر من الفصل العنصري، تماما كما هو الشأن بالنسبة لفلسطين، مما يجعل المثقفين فيها أكثر حساسية تجاه مظاهر الظلم والاستعمار، وبالتالي يرون في فلسطين مرآة لمعاناة مشابهة عاشتها شعوبهم، مشيرا إلى أن وعيه السياسي والاجتماعي نشأ انطلاقا من محنة الشعب الفلسطيني.

جنوب أفريقيا عانت من العنصرية ومثقفوها أكثر حساسية تجاه الظلم والاستعمار (شترستوك) ارتباط وثيق بالثقافة العربية

رغم ضعف حركة الترجمة بين العربية واللغات الأفريقية، تظهر هذه الحوارات ارتباطا وثيقا بين عدد من الكتاب الأفارقة والثقافة العربية، إما انطلاقا من إجادة بعضهم القراءة بالعربية، أو عن طريق احتكاكهم بهذه الثقافة عبر الأدب المترجم أو المكتوب بالفرنسية عن طريق كتاب عرب، لدرجة أن الكاتب السنغالي أمادو لمين سال وصفها بأنها "المشعل الذي يضيء الكون" وذلك لأن "الشعر العربي يقول كل شيء".

ويعد شعب مدغشقر خليطا من الثقافات، ومن بينها يظهر التأثير العربي في بعض مناطقها الساحلية، حيث خلفت العائلات التي حلت في البلد ابتداء من القرن الـ11 إرثا ثقافيا ودينيا كبيرا. وبهذا الصدد يبرز الملغاشي جون لوك رهاريمننا كأحد الكتاب الذين لهم ارتباط وثيق بالأدب العربي، إذ قرأ أعمال أبو نواس وكثير من المؤلفين الجزائريين والمغاربة واللبنانيين المعاصرين ومنهم أمين معلوف والطاهر بن جلون ومحمد ديب ورشيد بوجدرة.

كما تظهر السنغالية نافيساتو ضيا ضيوف باعتبارها أحد الكتاب الأفارقة الذين كان للثقافة العربية أثر استثنائي على مسارهم الإبداعي، ويقدمها النقاد كدينامو الجيل الجديد بالأدب السنغالي. وهي تقول إن لها ارتباطا وثيقا بالموسيقى والسينما والكتاب والعمارة والخط العربي، مضيفة أن كتابات عمر الخيام كانت تشدها بالمراحل المبكرة من عمرها، وأنها تعتبر معلوف كاتبها المفضل.

ومن جهتها تعتبر الشاعرة كاثرين بودي، التي تنحدر من جزيرة لا ريونيون وتقيم بجزيرة موريشيوس، نفسها صديقة وفية للثقافة والأدب العربي، مشيرة إلى أن حلمها الكبير أن تترجم أعمالها الشعرية إلى العربية.

وإذا كانت صلة كثيرين بالثقافة العربية انطلقت من احتكاكهم بالأدب، فإن الكاميرونية دجايلي أمادو أمال -وهي أول كاتبة أفريقية تصل إلى نهائي جائزة غونكور الفرنسية- صرحت للوزاني بأنها انغمست في هذه الثقافة بفضل والدتها المصرية، وتعلمت العربية بالمدرسة الثانوية كلغة ثالثة، بل إن والدها الذي يدرس العربية اختار أن يسميها "أمال" تأثرا بأغنية أم كلثوم "أمل حياتي".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الحوارات إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة يفتح حوار الهوية والإبداع مع فتيات ملتقى أهل مصر للمحافظات الحدودية بالهناجر

 

120 فتاة من سيناء ومطروح والوادي الجديد والبحر الأحمر وأسوان يلتقين وزير الثقافة ويعرضن قصص نجاحهن

د.أحمد فؤاد هنو: الثقافة المصرية كانت وستظل مِلكًا لأهل مصر فهي التعبير الأصدق عن الهوية المصرية المتفردة التي تصنع كيان الوطن وتميزه


 

 

 

في أجواء حافلة بالتفاعل والمناقشات البنّاءة، وتحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وفي إطار حرص وزارة الثقافة على دعم قيم الانتماء وتعزيز التواصل بين أبناء الوطن في مختلف محافظات الجمهورية، عقد الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، لقاءً حواريًا مفتوحًا مع فتيات البرنامج الرئاسي «أهل مصر»، والذي تُنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان،  حيث شهد اللقاء مشاركة 120 فتاة يُمثلن الملتقى الـ21 لثقافة وفنون الفتاة والمرأة بالمحافظات الحدودية، من محافظات: شمال سيناء وجنوب سيناء والوادي الجديد والنوبة وأسوان والبحر الأحمر ومطروح، وذلك بمسرح الهناجر بساحة دار الأوبرا المصرية. 

وزير الثقافة للفتيات المشاركات في «أهل مصر»: أنتن شريكات في بناء الوطن وصون هويته


حيث أعرب وزير الثقافة عن سعادته بلقاء المشاركات في الملتقى من فتيات المحافظات الحدودية، مثمنًا تجربة المشروع وأهميته في تحقيق الدمج الثقافي بينهم وتحقيق أهداف الملتقى، وناقش الوزير مع المشاركات فعاليات الملتقى وما يقدم به من ورش وجولات ولقاءات متنوعة، متمنيًا مزيدًا من الملتقيات الثقافية والفعاليات المكثفة للمحافظات الأكثر احتياجًا للمنتج الثقافي والفني.


وأكد الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، أن الثقافة المصرية كانت وستظل مِلكًا لأهل مصر، فهي التعبير الأصدق عن الهوية المصرية المتفردة التي تصنع كيان الوطن وتميزه، موضحًا أن الثقافة المصرية لا تعرف حدودًا في قدرتها على التميز والتفاعل والتأثير في محيطها العربي والإقليمي، وهو ما يُمثل سر ريادتها التاريخية والمستمرة، وكونها المحرك الأساسي والقائد لكبرى التجارب الثقافية المُلهمة على الصعيدين العربي والإقليمي، بما تحمله من إرث حضاري وقيم إنسانية ومخزون إبداعي يجعلها منارة إشعاع ثقافي وفكري تمتد جذوره عبر العصور، وبما تشمله من مفردات ثرية تشكل عمق هويتنا .

وأوضح وزير الثقافة، خلال اللقاء، أن مشروع «أهل مصر» يعكس إرادة الدولة المصرية في تحقيق العدالة الثقافية ومد جسور التواصل بين أبناء المحافظات الحدودية والمناطق النائية والمؤسسات الثقافية المركزية، ويعزز الهوية الوطنية ويمكّن الفتيات من أدوات الإبداع والتنمية، مشيرًا إلى أن الملتقيات الثقافية والفنية التي تنظمها وزارة الثقافة تُمثل نافذة لإثراء الفكر وتبادل الخبرات، كما تفتح أمام المشاركات آفاقًا جديدة لصقل مهاراتهن الإبداعية والحرفية، بما يتيح لهن فرصًا حقيقية  لترك بصمة في عملية البناء والتنمية، وأن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بالمناطق الحدودية، إدراكًا منها لأهمية هذه المحافظات في حماية الأمن القومي وتعزيز الهوية الوطنية، وأن تمكين المرأة والفتاة في تلك المناطق يُعد من أدوات المعرفة والفنون فهو استثمار مباشر في بناء الإنسان ودعم قوة مصر الناعمة، مشددًا على أن الوزارة مستمرة في تكثيف أنشطتها وبرامجها وصولًا لكل مواطن على أرض مصر، تحقيقًا لمبدأ أن الثقافة حق أصيل للجميع.


كما استمع وزير الثقافة إلى عدد من فتيات الملتقى حيث أبدين سعادتهن بالمشاركة في فعاليات الملتقى وسردن تجاربهن وقصص نجاحاتهن الملهمة المرتبطة بآليات تعلمهن للحرف والمهن المختلفة من خلال الملتقى، وكذلك صقل القدرات واكتساب المهارات المتعددة، وكيف ساهم الملتقى في مساعدتهن في إنتاج وتسويق منتجاتهن الإبداعية بما يُدر عليهن دخولًا اقتصادية جيدة نتاج هذا التعلم وجراء مشاركتهن في فعاليات وبرامج وورش الملتقى بشتى مجالاتها، كما ثمن وزير الثقافة قصص نجاحاتهن في الملتقى، وحثهن على بذل المزيد من الإبداع والتميز، مؤكدًا أنهن شريكات في بناء الوطن وصون هويته.

كما أعربت المشاركات عن سعادتهن البالغة بانضمامهن لفعاليات الملتقى وكيف انعكست فعالياته على رفع الوعي الثقافي والاجتماعي للمشاركات، وكيف ساهمت فعاليات الملتقى في إذكاء وتعزيز روح الانتماء والهوية الوطنية، وإكسابهن مهارات فنية وحرفية يمكن استثمارها اقتصاديًا، فضلًا عن دوره الكبير في تعزيز التواصل بين المجتمعات الحدودية والمؤسسات الثقافية المركزية.

كما وجهت الفتيات الشكر والامتنان لجهود وزارة الثقافة المُنفذة والداعمة لفعاليات الملتقى في المناطق الحدودية والنائية، والتي تأتي تفعيلًا لمنهجية الدولة المصرية إزاء تحقيق التنمية المنشودة في المجالات المتعددة ومنها الثقافية والإبداعية بما يحقق مستهدفات الدولة لبناء الإنسان وإحداث التقدم المنشود لبلادنا. 


وقال اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة لشئون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة: "إن الملتقى الحادي والعشرين لثقافة وفنون الفتاة والمرأة بالمحافظات الحدودية يأتي ليؤكد أن الثقافة هي خط الدفاع الأول عن الهوية، وجسر التواصل الذي يربط حاضر الوطن بمستقبله، ويثبت أن الفتاة المصرية، أينما وجدت، قادرة على الإبداع والعطاء والمشاركة في صناعة نهضة بلادها"، وأكد أن مشروع "أهل مصر" يهدف إلى دعم الانتماء والاعتزاز بالهوية المصرية، وإبراز ما تزخر به هذه المحافظات من طاقات إبداعية وثقافية.


وأوضح اللبان أن تنوع الأنشطة، ما بين ندوات تثقيفية وورش فنية وحرفية وزيارات ميدانية لأهم المعالم الأثرية والتاريخية، يتيح للمشاركات مزيجًا فريدًا من المعرفة النظرية والتجربة العملية، ويمنحهن أدوات جديدة يمكن أن توظف في مجالات الإبداع أو في مشروعات اقتصادية تعزز قدرتهن على الإنتاج والمساهمة الفاعلة في المجتمع، وأن الهيئة العامة لقصور الثقافة ماضية في رسالتها نحو تحقيق العدالة الثقافية، ومد جسور التواصل بين أبناء المحافظات الحدودية والمؤسسات الثقافية المركزية، إيمانا بأن الثقافة هي الطريق الأصدق لبناء الإنسان وحماية النسيج الوطني.

الجدير بالذكر أن "مشروع أهل مصر" هو برنامج رئاسي، تُنفذه الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ سبتمبر 2018 ويتم بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كصندوق مكافحة الإدمان، والمجلس القومي للمرأة، وجهاز تنمية المشروعات، البورصة المصرية، مؤسسة أهل مصر للتنمية، جمعية صحة المرأة، إلى جانب الشخصيات العامة والمفكرين، تقام أنشطته بهدف دمج أبناء المحافظات الحدودية وإعلاء روح الولاء لوطنهم الغالي مصر، وتدعيم قيم الانتماء للوطن في نفوس أبناءه، وكذلك بهدف تعزيز القيم الإيجابية بالمجتمع، وتبادل الخبرات، والاهتمام ببناء جيل واع قادر على تحمل المسئولية، كما يهدف البرنامج إلى تحقيق أكثر من بعد وفقاً لبرامج خطة عمل الوزارة، وأيضًا إبراز التنوع والثراء الثقافي لمصر بالإضافة إلى نشر الوعي ومُجابهة التطرف الفكري ومكافحة ونبذ العنف، ويُنفذ لمختلف الفئات العمرية من أطفال وشباب ومرأة.


وتكمن أهمية أهمية المشروع في الارتقاء بوعي المشاركين وخاصةً في المحافظات الحدودية التي تقام بها الملتقيات واكسابهم المعرفة، وتنمية مهاراتها وفتح الآفاق أمامهم للتفاعل مع الوضع الراهن وإدراك التاريخ والتراث الحضاري العظيم لوطننا، وكذلك لارتقاء بوعي المرأة المصرية "التنمية الثقافية" وخاصةً في المحافظات الحدودية والقرى والنجوع التي تقام بها الملتقيات بتمكينها من اكتساب المعرفة، وتنمية مهاراتها وفتح الآفاق أمامها لتفاعل مع معطيات عالمها الراهن وإدراك تاريخها وتراثها الحضاري وهويتها المصرية القومية المتفردة، حتى تكون ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وأساسًا لقوة مصر الناعمة، مع تنمية روح القيادة الفعالة لدى الطفل، العمل على تربية الطفل القائد، العمل على تربية الطفل المبدع، تعزيز روح الانتماء، تنمية روح المواطنة وتقبل الآخر في نفوس الأطفال مما يساعد الطفل على الانتماء للوطن، والحفاظ على الهوية المصرية.


والجدير بالإشارة أن المشروع منذ انطلاقته قد حقق مردودًا إيجابيًا كبيرًا على صعيد الأهداف المرجوة منه، فمنذ بداية المشروع تم تنفيذ (81) ملتقى وأسبوعا ثقافيًا لأطفال وشباب وفتيات وأطفال المحافظات الحدودية من محافظات: البحر الأحمر، "حلايب، الشلاتين، أبو رماد"، شمال سيناء، جنوب سيناء، أسوان، الوادي الجديد، مطروح، وشباب "الأسمرات" من القاهرة، في محافظات جنوب سيناء "شرم الشيخ"، شمال سيناء "العريش، بئر العبد، الشيخ زويد"، بورسعيد، الوادي الجديد، القاهرة، أسوان، الإسكندرية، منهم (٣٨) أسبوع للطفل، (٢٢) ملتقى للشباب، (٢١) ملتقى للفتيات والمرأة، وتتضمن الملتقيات ورشًا فنية وتشكيلية وحرفية وثقافية، كما تتضمن عددًا من الزيارات الميدانية والجولات بالإضافة إلى عدد من اللقاءات والمحاضرات التثقيفية وعروضا فنية ومسرحية.

مقالات مشابهة

  • الأعلى للشؤون الإسلامية: تراث إذاعة القرآن الكريم جزء من ذاكرة الأمة
  • وزير الثقافة يفتح حوار الهوية والإبداع مع فتيات ملتقى أهل مصر للمحافظات الحدودية بالهناجر
  • قرية البردي تستقبل يومًا ثقافيًا فنيًا يجمع بين التراث والإبداع في الشرقية
  • المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق
  • أحد رواد الأدب المصري المعاصر.. أبرز أعمال الكاتب صنع الله إبراهيم
  • جمع بين الأدب والسياسة.. أبرز المعلومات عن الكاتب الراحل صنع الله إبراهيم
  • نحو مصالحة مع الكتاب
  • علاج آلام الظهر بطريقة مبتكرة وفعالة
  • شاهد..حالة “عمي موسى” المواطن الذي تعرض للسرقة و الضرب بعين فكرون
  • أم البواقي.. المعتديان على مواطن بعين فكرون في قبضة الأمن