بورتريهات الفيوم.. نظرات حائرة تتطلع للأبدية منذ ألفي عام
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
وجوه فياضة بالمشاعر الإنسانية الصادقة، تتطلع إلى الحياة الأبدية، تحمل أجمل نظرات لعيون حائرة لرجال ونساء وأطفال، تعبّر عن جميع الأجناس التي عاشت في مصر، وجوه إنسانية مهمة، تصدّرت واجهات المتاحف العالمية، يُطلق عليها "بورتريهات الفيوم".
وجوه الفيوم أو "بورتريهات الفيوم" فن مصري التأثير، يوناني الصنعة، روماني التأريخ، من أجمل الأعمال الكلاسيكية العالمية، تنتمي لمدرسة فنية خاصة، امتازت بخروجها عن الإطار المصري القديم المألوف، خاصة مع انفتاح مصر على العالم الخارجي في ظل الحكم الروماني.
عالم الآثار الدكتور زاهي حواس يؤكد في الجزء الأول من كتابه "آثار وأسرار" أن أكبر وأهم مجموعة من بورتريهات الفيوم عثر عليها الإنجليزي الملقب بأبو المصريات السير "فلندرز بتري"، أثناء حفائره بالفيوم عام 1888م بالجبابة الرومانية بمنطقة هوارة شمال هرم الملك "أمنمحات الثالث" وهي جبانة مدينة أرسنوي، كما كشف عما يقرب من 146 لوحة أخرى.
شهد القرن التاسع عشر العديد من الاكتشافات، حيث تم الإعلان عن اكتشاف مجموعة أخرى في أماكن متفرّقة في سقارة بمحافظة الجيزة ومحافظة الإسكندرية، ومنطقة الشيخ عبادة "أنتيوبوليس" بمحافظة المنيا، وسميت بـ"مجموعات هنري سولت وثيودور ريتر جراف"، ويتخطى أعداد تلك البورتريهات الـ1000 بورتريه، ويتواجد منها المئات في الخارج والتي خرجت من مصر قبل 120 عاما، بسبب المعارض التي نظمها عالم الآثار البريطاني بيتري في العديد من الدول.
وفي عام 2022م، تمكنت البعثة الأثرية المصرية من العثور على مجموعة من "بورتريهات الفيوم"، في قرية جرزا بالفيوم، التي عُرفت بقرية فيلادلفيا في العصر اليوناني، أنشئت في القرن الثالث قبل الميلاد كقرية مركزية ضمن مشروع الاستصلاح الزراعي الذي نفذه الملك بطليموس الثاني "فيلادلفيوس" في إقليم الفيوم بهدف تأمين مصادر الغذاء للمملكة المصرية وضمت بين جنباتها المصريين واليونانيين مما انعكس على إنتاجها الحضاري.
وتعد البورتريهات المكتشفة هي الأولى التي عثر عليها منذ اكتشاف آخر مجموعة بواسطة عالم الآثار الإنجليزي فلندرز بتري منذ أكثر من 115 عاما، بحسب وزارة السياحة والآثار المصرية.
الباحثة الأثرية بالمتحف المصري بالتحرير نور حسن توضح أن "بورتريهات المومياوات" المعروفة اصطلاحا باسم "بورتريهات الفيوم" أول نموذج عثر عليه حتى الآن يعود لعصر الإمبراطور الروماني "تيبيريوس" الذي حكم في الفترة من عام 14 إلى 37 م، وكان يستعاض عن صناعة الأقنعة أحيانًا برسم لوحات شخصية للمتوفي منذ القرن الأول الميلادي، وهي ما يُطلق عليها بورتريهات المومياوات، غير أن وجود البورتريهات لم يلغ استخدام الأقنعة، ولكنها ظلّت مستخدمة جنب إلى جنب معها.
مُسمى "بورتريهات الفيوم" أطلق خطأ، لأن أول ما تم اكتشافه منها كان من منطقة الفيوم التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن القاهرة، سواء مجموعة تاجر الآثار ثيودور جراف، أو المجموعة الكبيرة التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني بيتري، حيث لم يتم اكتشاف مجموعات من بورتريهات المومياوات بتلك الكميات بعد سنة 1912م.
"تقنيات الرسم"
"بورتريهات المومياوات" هي في الأساس لوحات من الخشب رفيع السمك ومغلف على الأغلب بالنسيج المغموس في الجص ومغطي بطبقة من الجبس والصمغ وأحيانا كان يتم الرسم على هذه اللوحات الخشبية مباشرة بدون وضع طبقة النسيج.
كان الرسم والتلوين يتم على تلك اللوحات الخشبية بتقنية "التمبرا"، وهي مزج الألوان ببياض أو صفار البيض كوسيط لوني، أو باستخدام تقنية "الانكوستيك" وهي مزج اللون بشمع العسل وملح النطرون المغلي في الماء مضافا لهم الألوان، وهي طريقة يونانية يعود أقدم ذكر لاستخدامها للقرن السادس قبل الميلاد، وانتقل استخدامها الى مصر في القرن الثالث قبل الميلاد، واستمرت كموضة حتى القرن الثالث الميلادي.
ابتُكرت طريقة تجمع بين التقنيتين وهي طريقة "ألوان التمبرا" وهي طريقة مستحدثة عن طريق "التمبرا" الأصلية الخالية من الأصباغ بإضافة مادة دهنية وكربونات كالسيوم والشمع حتى أن هذه الطريقة أصبحت في الفترة المتأخرة من العصر البطلمي وحتى أواخر العصر الروماني أكثر الطرق استخدامًا وشيوعًا في تنفيذ أعمال الرسم الجداري، واتضح ذلك جليًا على جدران مقابر الجبانة الغربية الأسكندرية على سبيل المثال.
"صناعة البورتريهات"
الأرز والزيزفون واللبخ والجميز"، هي أنواع الأخشاب المستخدمة في صناعة تلك البورتريهات، ورُسمت لوحات الفيوم بأربعة ألوان أساسية، الأبيض، والأصفر، والأحمر، والأسود، وكانت تُستخدم في رسم الشعر والوجه، أما الألوان الإضافية، مثل الأزرق، والأخضر، والأرجواني فاستخدمت في تلوين الملابس والمجوهرات والتيجان، مما شكّل تناغمًا رائعًا.
وقد أُضيف اللون الذهبي إلى المجوهرات والتيجان وزخرفة الملابس، وكانت تستخدم لذلك، إما أوراق الذهب الأصلية، أو لون يُحاكي الذهب، وكانوا يستخدمون بياض البيض للصق ورق التذهيب على اللوحة المرسومة بألوان الشمع، وهو ما ورثته الحضارة البيزنطية فيما بعد.
البورتريه كان يُوضع فوق وجه المومياء ويلف فوقه اللفائف الكتانية ثم يتم قطع وتسوية اللفائف حوله ليصبح مكشوفا ويتم الضغط عليها من الجانبين حتى يمكن أن تتوافق مع محيط رأس المومياء، ولكن مع الأسف لم تكن جميع الأخشاب تستجيب للالتواء وإنما كان بعضها يتعرض للكسر بفعل ذلك الضغط.
"وجوه الفيوم.. والابدية"
تحمل هذه البورتريهات ملامح شخصية واقعية لأصحابها، تأخذ طابعًا مثاليًا إلى حد ما في التعبيرات، حيث أن في كثير من الأحيان تصوّر الشخصيات في وضع الجمود كما لو أن وضعهم كموتى جعلهم مؤلهين وليسوا بشر، ويعتقد أن هذا الأسلوب يؤرخ بالعصر الروماني ليس قبل ذلك، فهو فن مصري التأثير يوناني الصنعة روماني التأريخ.
الروائي الفرنسي "أندريه مالرو"، يرى أن نظرة هذه الوجوه تتطلع للأبدية، فالموتى عن طريق هذه اللوحات يظلون على قيد الحياة بالرغم من موتهم فيبدو الموت حيًا خالدًا وهذا هو الهدف الذي صورت من أجله هذه الوجوه في نظر أصحابها.
تصوير التعبيرات النفسية والمشاعر الإنسانية المختلفة مثل الحزن والهدوء والتأمل على هذه اللوحات كان يتم وكأن أصحابها أحياء؛ الأمر الذي دفع عالم الآثار البريطاني بيتري، في الاعتقاد أن هذا النوع من الفن الجنائزي، كان يُنجز أثناء حياة أصحابه وليس بعد الموت كما يرى البعض، ووصل الأمر أحيانا إلى تجسيد الورع والزهد في المراحل المتقدمة خاصة بعد انتشار الدين المسيحي بين المصريين.
عالم الآثار الدكتور رامي المراكبي، ومفتش آثار بمحافظة الفيوم يؤكد أن الآراء انقسمت حول ما إذا كانت ترسم هذه الصور لأصحابها أثناء حياتهم أو بعد وفاتهم مباشرة أثناء فترة تحنيط الجثة، فالبعض يؤكد أن هذه اللوحات تُرسم لأصحابها أثناء حياتهم حيث تظهر دائمًا الحيوية والشباب، وهو الرأي الغالب.
فلابد أن هذه اللوحات كانت ترسم لأصحابها أثناء حياتهم ثم ترسل إلى المُحنّطين بعد ذلك، ويبدو ذلك من التصوير الذي يُبرز أصحابها في حيوية بحيث لا يستطيع الفنان أن يرسم هذه الصور من الذاكرة، بينما يُرجّح البعض أن "بورتريهات الفيوم" كانت تُرسم لأصحابها بعد وفاتهم مباشرة، على قائمة مكتوبة بخط سريع يُذكر فيها الفنان ملامح الوجه خلف اللوحة، كما أن بعض الصور شُكّلت بحيث تتفق مع الفتحة التي تترك عند لف المومياء بعد التحنيط وهي مكان الرأس تمامًا.
"المسيحية.. واختفاء البورتريهات "
"صور الفيوم" هي تجسيد لعقيدة مصرية خالدة للاعتقاد في الحياة الأبدية، لذلك كانت تُقام عملية التحنيط للمحافظة على جسد الموتى، وكانت تُزوّد المومياء بتمثال يحفظ ملامح الوجه أو قناع يوجد فوق المومياء، و"وجوه الفيوم" هي آخر تطور لتلك الفكرة.
استمرت صناعة بورتريهات المومياوات حتى قلت تدريجيًا في القرن الرابع الميلادي مع انتشار الديانة المسيحية وتحولها لدين رسمي للإمبراطورية، ومن ثم التوقف عن تحنيط أجساد المتوفيين تبعًا لتعاليم الدين الجديد.
وفي عهد الإمبراطور "ثيودوسيوس الثاني" صدر مرسوم سنة 410 ميلاديا يقضي بدفن الموتى بملابسهم العادية بدون تحنيط، إلا أنه استمر في الخفاء، والدليل على ذلك استمرار العثور على بعض المومياوات المحنطة في أسوان، وإن كان تحنيطا جزئيا غير كامل والتي تعود للعصرين القبطي والإسلامي، وهذا يعني أن التحنيط منع تمامًا بعد الفتح الإسلامي لمصر على يد القائد عمرو بن العاص في القرن السابع الميلادي.
المتحف القبطي بمُجمّع الأديان بالقاهرة التاريخية يوجد به نموذج لغطاء مومياء من الخشب والكارتوناج المزين بالأيقونات وله بورتريه لرجل مؤرخ بالفترة ما بين القرنين السادس والسابع الميلادي، فضلا عن ظهور فكرة الأيقونات الخشبية التي اتبع فنانوها نفس تقنيات صناعة ورسم وتلوين البورتريهات في البداية أثناء تنفيذها.
"رسامو البورتريهات"
اختلفت الآراء حول رسامي وجوه الفيوم، فأحد الآراء يقول أن فنانين مصريين رسموا لوحات الفيوم، استعملوا في رسمها قواعد المدرسة الإغريقية الفنية التي هيمنت على فنون الشرق، حيث خرجت "بورتريهات الفيوم" عن الإطار المصري القديم.
وهو ما يؤكده الدكتور عزت حامد قادوس أستاذ الآثار اليونانية الرومانية بجامعة الاسكندرية بقوله، أن الفنان كان ملتزما ببعض الأصول الفنية المصرية القديمة، حيث أبرز ملامح الشخص دون أن يعتمد على تفاصيله التشريحية، كما كان مستبعدا أن تعمل فئة أجنبية في أعمال هي من صميم عقائد المصريين الجنائزية.
فيما يرى الرأي الأخر أن الفنانين اليونانيين عملوا في مصر منذ القرن السابع قبل الميلاد، عندما ظهرت مدينة "نقراطيس" وموقعها اليوم قريب من إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، وهي أول مدينة يونانية تحمل الروح المصرية، وبعد فتح الإسكندر الأكبر لمصر عام 332م قبل الميلاد، حيث بدأت هجرة الفنانين من اليونان إلى مصر على نطاق واسع.
وتُعد الواقعية الصفة الرئيسية المميزة لـ"بورتريهات الفيوم"، والتي انتقلت بشكل مباشر من الفنان "أبيلليس"، الرسام المفضل للإسكندر الأكبر، عن طريق مدرسة الإسكندرية، وعندما بدأ الفنانون في رسم بورتريهات الفيوم كانت يونانية صرفة في بادئ الأمر، ولكن سرعان ما اندمجت واتحدت مع الفن المصري القديم.
كتاب "بورتريهات الفيوم" للدكتور عزت حامد قادوس أستاذ الآثار اليونانية الرومانية بجامعة الاسكندرية، يوضح أن راسمي لوحات الفيوم هم فنانون مصريون استعملوا في رسمها قواعد المدرسة الإغريقية الفنية، التي هيمنت على فنون الشرق، كما اتسمت وجوه الفيوم بالإطار الفرعوني والأصول الفنية المصرية القديمة.
وترجع قلة الكتابة عنها إلى عدد من الأسباب، أهمها أن الفنانين الذين رسموها مجهولون، وأنها لوحات مُبعثرة في العالم، وأحيانا في عدة قاعات من المتحف نفسه، ما بين الأقسام المصرية، واليونانية، والقبطية، وتنتشر "بورتريهات الفيوم" في المتحف المصري بالقاهرة، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف المتروبوليتان بنيويورك، ومتحف اللوفر في باريس وغيرها من المتاحف حول العالم.
"بورتريهات الفيوم.. ثورة فنية"
"وجوه الفيوم" فن شعبي محلي لكنه كان علامة فارقة في تاريخ الفن، ويؤكد الفنان التشكيلي الكبير محمد عبلة، أن "وجوه الفيوم" تعتبر ثورة في فن رسم البورتريه، وفيها رُسِم الوجه كاملًا من الأمام، وملتفتًا في بعضها قليلاً إلى اليسار، فالتعبيرات التأثيرية كلها مُستخرجة منها، وهي أثار مصرية عظيمة لا يوجد لها مثيل في العالم.
ويصف الفنان الكبير "بورتريهات الفيوم" بأنها "حالة مُتفرّدة" في تاريخ الفن الإنساني، إذ كان الأحياء يطلبون رسمها لتلصق على توابيتهم بعد الموت، فكانت أقوى حالة تعبيرية عن الحزن والوفاة والرحيل المبكر.
ماجد الراهب رئيس جمعية المحافظة على التراث، يرى أن البورتريه يُعتبر من أصعب الفنون من حيث تكنيك العمل، ويؤكد أن كثيرين ينسبون بورتريهات الفيوم لليونانيين أو الرومانيين الذين عاشوا في مصر، بعد دخول المسيحية، وهذا غير صحيح، حيث لم تظهر لوحة واحدة مماثلة لها بأي مكان في العالم سوى مصر.
"بورتريهات" الفيوم كانت بداية لإنطلاق فنون أخرى انتشرت في العالم، أهمها فن الأيقونات، والتي تُعد من أساسيات الفن القبطي، وتعود للقرون الأولى من ظهور المسيحية، وبدأت في الانتشار عقب اختفاء بورتريهات الفيوم بسبب تكلفتها الكبيرة في الرسم".
"بورتريهات الفيوم" ما زالت تفيض بالحياة وكأنها تعيش بيننا، ومن ينظر إليها يشعر وكـأنها تمتلكه وتحتويه وترمقه بنظراتها الحائرة الغامضة، جاءت وجوه الفيوم كمزيج بين ثلاث حضارات مصرية قديمة ويونانية ورومانية، فأثروا وتأثروا ببعضهم البعض فانتجوا أعظم الفنون، فهي لم تكن مجرد صورًا شخصية فقط، ولكنها وثيقة تاريخية تعكس حياة بأكملها وتؤرّخ للفكر الثقافي والحضاري والاجتماعي للمجتمع المصري في العصر الروماني بأشكاله المختلفة.
762 776 766 763المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحياة الأبدية الدكتور زاهي حواس المصريات بورتريهات الفيوم هذه اللوحات عالم الآثار قبل المیلاد فی العالم فی القرن کانت ت فی رسم
إقرأ أيضاً:
إنشاء مركز لعلاج الأورام بجامعة الفيوم .. تفاصيل مهمة
قام الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، اليوم الإثنين بوضع حجر الأساس لمركز علاج الأورام بجامعة الفيوم، يرافقه د.أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، ود.ياسر حتاتة رئيس الجامعة، ود.ماهر مصباح أمين مجلس الجامعات الأهلية، ود.نجلاء الشربيني القائم بأعمال عميد كلية الطب بالجامعة، ود.محمد صفاء المدير التنفيذي للمستشفيات الجامعية بالفيوم، ود.محمد التوني نائب محافظ الفيوم، والسادة نواب رئيس الجامعة، ولفيف من قيادات الوزارة والجامعة.
وخلال الزيارة، استمع الوزير إلى عرض تفصيلي حول مركز علاج الأورام التابع لمستشفيات جامعة الفيوم، والذي يعد أول منشأة طبية حكومية متخصصة في علاج الأورام بمحافظة الفيوم، ويجري حاليًا إنشاء المركز على مساحة تبلغ 880 مترًا مربعًا، ويتكون من أربعة طوابق، بتكلفة إجمالية تقدر بـمبلغ 500 مليون جنيه، تشمل المباني، والتجهيزات، والأجهزة الطبية الحديثة، ويعد المركز نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية بالمحافظة، إذ يختص بتشخيص وعلاج الأورام بمختلف الوسائل، سواء الجراحية أو الدوائية أو الإشعاعية، ويهدف إلى تقديم رعاية طبية متكاملة وشاملة لمرضى الأورام، بدءًا من مرحلة التشخيص، وحتى التعافي التام.
ويضم المركز عددًا من الأقسام والوحدات الطبية المتخصصة، تشمل: (وحدة الكشف المبكر عن الأورام، وحدة العلاج الإشعاعي الذي تم تجهيزه لاستيعاب جهازين من المعجلات الخطية المتقدمة، وحدة العلاج الدوائي والكيميائي، كما يضم المركز وحدة للأشعة التشخيصية المجهزة بأحدث الأجهزة المقطعية والموجات الصوتية والأشعة السينية، إلى جانب وحدة المسح البوزيتروني(PET-CT) والطب النووي، والعيادات الخارجية، وقسم الطوارئ، ومعامل الباثولوجي والباثولوجيا الإكلينيكية)، ومن المتوقع الانتهاء من أعمال الإنشاء والتجهيزات الطبية في منتصف عام 2026، ليبدأ المركز في تقديم خدماته المتكاملة لمرضى الأورام من أبناء محافظة الفيوم، وإقليم شمال الصعيد.
وأكد الوزير اهتمام الوزارة بتطوير الخدمات الطبية بالمستشفيات الجامعية؛ باعتبارها ركيزة أساسية في منظومة الرعاية الصحية، إلى جانب دورها التعليمي في إعداد كوادر طبية مؤهلة، مشيدًا بما تشهده من تطور غير مسبوق بدعم القيادة السياسية، مشيرًا إلى ما تحظى به من ثقة المواطنين لما تقدمه من خدمات صحية متميزة.
وأشاد د.أيمن عاشور بأعمال التطوير التي تشهدها جامعة الفيوم، ودورها الهام في الارتقاء بالخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، مثمنًا جهود جامعة الفيوم وكوادرها العلمية في دعم مختلف القطاعات، وبخاصة الطبية، مؤكدًا أن هذه الإنجازات تعكس حرص الدولة على تمكين الجامعات من أداء دورها العلمي والمجتمعي بكفاءة، موضحًا أن المستشفيات الجامعية لها دور محوري يتجاوز تقديم الخدمات العلاجية، ليشمل التعليم والتدريب والبحث العلمي، مشيرًا إلى أهمية دعم هذه المنظومة لضمان استدامة الكفاءات الطبية ورفع جودة الخدمات الصحية في مصر.
ومن جهته، أكد د.أحمد الأنصاري أن إنشاء مركز جديد لعلاج الأورام بجامعة الفيوم يمثل خطوة هامة نحو التيسير على المرضى من أبناء المحافظة، ورفع كفاءة الخدمات الطبية والعلاجية المقدمة لهم، من خلال الاستفادة من الكوادر والكفاءات العلمية المتميزة في المجال الطبي بالجامعة.
وثمن محافظ الفيوم جهود وزارة التعليم العالي وجامعة الفيوم في دعم وتطوير المنظومة الصحية داخل المحافظة، مشيرًا إلى أهمية التعاون البناء بين المحافظة والجامعة في مختلف القطاعات الخدمية والتنموية، بما يسهم في تحسين جودة الحياة لأهالي الفيوم ويعود بالنفع المباشر عليهم.
وأكد د.ياسر حتاتة أن جامعة الفيوم تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير منشآتها التعليمية، ورفع كفاءة بنيتها التحتية؛ بما يعزز جودة التعليم والبحث العلمي، مشيرًا إلى جهود الجامعة في تطوير المستشفيات الجامعية لزيادة طاقتها الاستيعابية، وتحسين مستوى الخدمات الطبية، موضحًا أن الجامعة تضم ثلاث مستشفيات رئيسية: (مستشفى الجراحات العامة والتخصصية على مساحة 13500 متر مربع داخل الحرم الجامعي، ومستشفى الباطنة على مساحة 22160 مترًا مربعًا ، ومستشفى مصطفى حسن لطب وجراحات الأطفال على مساحة 6985 مترًا مربعًا خارج الحرم).
وأضاف رئيس جامعة الفيوم أن مستشفيات جامعة الفيوم تعد مركز إحالة من الدرجة الثالثة، وتقدم خدماتها لأهالي محافظة الفيوم من خلال طاقة استيعابية تصل إلى 900 سرير، منها 210 أسِرة رعاية مركزة ومتخصصة، إلى جانب 20 غرفة عمليات، و5 غرف لمناظير الجهاز الهضمي والتنفسي، وتضم المستشفيات أحدث الأجهزة الطبية، منها 4 أجهزة أشعة مقطعية، وجهاز رنين مغناطيسي، وجهاز أشعة تداخلية، و4 أجهزة أشعة عادية، و120 جهاز تنفس صناعي، و3 أجهزة قسطرة قلبية، و10 أجهزة C-Arm، و15 منظارًا جراحيًا، و6 ميكروسكوبات جراحية، وأكثر من 20 جهاز سونار وإيكو، وقد استقبلت المستشفيات خلال العام الماضي أكثر من 300 ألف متردد على قسم الطوارئ، ونحو نصف مليون على العيادات الخارجية، مع نسبة إشغال لأسرة الرعاية المركزة تصل إلى 100% في معظم الأوقات، فيما يتم إجراء أكثر من 16 ألف عملية جراحية سنويًّا، بالإضافة إلى نحو 1200 حالة قسطرة قلبية، ويجري حاليًا تجهيز 5 غرف عمليات للطوارئ، إلى جانب إنشاء مركز متكامل لعلاج الأورام.
وصرح د.عادل عبدالغفار المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي للوزارة، أن المستشفيات الجامعية تشهد تطويرًا كبيرًا في البنية التحتية، حيث يتم إجراء توسعات مستمرة، ورفع كفاءة المباني والاهتمام بالتجهيزات الطبية الحديثة، ودعم وتطوير قدرات العناصر البشرية بها؛ للارتقاء بمستوى الخدمة الطبية والعلاجية المقدمة للمواطنين، مشيرًا إلى أن المستشفيات الجامعية يبلغ عددها 145 مستشفى، وتستقبل نحو 25 مليون مريض سنويًا، موضحًا أن التطوير يأتي في إطار تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بتحسين مستوى الخدمات الطبية والعلاجية المقدمة للمواطنين، وذلك بما يتماشى مع تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ورؤية مصر 2030.
كما أشار المتحدث الرسمي إلى أن الوزير تفقد عبر تقنية "زووم"، كلاً من مركز الاختبارات الإلكترونية، ومركز فيزياء الطاقات العالية بجامعة الفيوم.
جدير بالذكر أن مركز فيزياء الطاقات العالية يعد إضافة متميزة لمنظومة البحث العلمي بجامعة الفيوم، حيث يسهم في تعزيز القدرات البحثية في مجالات فيزياء الطاقات العالية، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وتحليل البيانات الضخمة، ويتيح المركز هذه الإمكانيات المتقدمة للباحثين والطلاب في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، بدعم من المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية(CERN) ويضم المركز بنية تخزين ضخمة تقدر بـ 20 بيتابايت (ما يعادل 20,000 تيرابايت)، بإجمالي قيمة إهداء تقدر بنحو 68,750,000 جنيه ، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة من CERN في الدور العلمي والإقليمي للمركز، ويمثل نقلة نوعية في البنية التحتية الرقمية والعلمية للجامعة.
وفيما يتعلق بمركز الاختبارات الإلكترونية بجامعة الفيوم، فهو يضم مجموعة من المعامل المتطورة، وتشمل الأسبقية الثانية التي تم إنشاؤها غرفة تحكم رئيسية مجهزة بأحدث تقنيات الربط الشبكي، تتيح التحكم الكامل في جميع أجهزة المعامل وربطها بالخادم الرئيسي، كما يضم المركز غرفة مراقبة متقدمة تحتوي على 64 كاميرا مراقبة عالية الدقة، تغطي كافة زوايا المعامل، مما يسهم في إحكام الرقابة ورصد أي حالات غش خلال الامتحانات، وتسهيل مهام المتابعة والإشراف.
توزعت المعامل على الدورين الرابع والخامس بمبنى كلية العلوم؛ حيث يحتوي الدور الرابع على 9 معامل تضم 940 جهاز حاسب آلي، بينما يضم الدور الخامس معملين يحتويان على 640 جهازًا، وتم تجهيز جميع المعامل بأنظمة تكييف متكاملة، وإنارة مناسبة، وستائر لحجب الضوء الخارجي لضمان وضوح الرؤية على الشاشات، إضافة إلى نظام حماية متكامل ضد الحرائق، وأجهزة لتأمين استمرارية التيار الكهربائي خلال الاختبارات، كما خُصص معمل لذوي الإعاقات البصرية، حيث زود بأجهزة تحتوي على برامج ناطقة لمساعدة الطلاب المكفوفين على أداء الاختبارات الإلكترونية أسوة بزملائهم.