تلاشت الآمال في تعافي الاقتصادات المتقدمة بقيادة الولايات المتحدة في 2023، ويبدو أن التعافي خلال العام الجديد غير مضمون بسبب التوترات الجيوسياسية التي يعاني منها العالم.

وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرغ، يقول المحلل الاقتصادي كريس أنستي إن "الأمور في اللحظة الراهنة تبدو مبشرة، حيث يسيطر الجمود على الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ولاتزال الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين محلية بدرجة كييرة رغم أن الموقف يمكن أن يتغير في أي لحظة، كما أن الصراع بين الولايات المتحدة والصين، تراجع بعد القمة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ.

لكن كل هذه الأوضاع الجيوسياسية يمكن أن تتغير إلى الأسوأ في العام الجديد، ما سيؤثر سلباً على العديد من قطاعات الاقتصاد العالمي".

The variables inherent to Russia’s war on Ukraine, the Middle East conflict and US-China relations could derail a global economic recovery https://t.co/YdyUf4SCRc

— Bloomberg Economics (@economics) December 30, 2023 مخاطر جديدة

وعلى الصعيد الاقتصادي ينطوي 2024 على مخاطر جديدة. فرغم الواسع للسيطرة على موجة التضخم بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، فإن التأثير الكامل لحملة تشديد السياسات النقدية الصارمة لم تتبلور بصورة كاملة حتى الآن.

ويمكن القول إنه إذا لم تتحرك البنوك المركزية الكبرى لتخفيف السياسات النقدية وخفض أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة ، قد يتعثر التحسن الاقتصادي الذي طال انتظاره .

ويزيد  غموض آفاق الاقتصاد العالمي في العام الجديد بسبب موجة الانتخابات التي ستشهدها أكثر من 50 دولة، وتمثل حوافز لصناع السياسات ومنافسيهم السياسيين.

وهناك انتخابات واحدة يمكن أن تؤثر بشكل جذري على الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، وهي انتخابات الرئاسة الأمريكية  في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ويقول أنستي والذي عمل في واشنطن، ولندن، وطوكيو: "مع دخول العام الجديد اقتربت أسعار الأسهم في العالم من أعلى مستوياتها على الإطلاق، وتحقق الفوز في المعركة ضد التضخم تقريباً، ومع ذلك يحتاج الأمر للنظر إلى المشاكل المحتملة التي يمكن أن يحملها 2024".

دول تشهد انتخابات حاسمة في 2024 https://t.co/bXUz3c0eul

— 24.ae (@20fourMedia) December 25, 2023 انهيار

إن انهيار الأوضاع العالمية خلال يناير (كانون الثاني)  الجاري ليس مستحيلًا. فمخصصات المساعدات الأمريكية لأوكرانيا تتلاشى بسبب رفض الأغلبية الجمهورية في الكونغرس الموافقة على المساعدات الجديدة، قبل موافقة إدارة الرئيس بايدن على تشديد القيود على طالبي اللجوء، والمهاجرين إلى الولايات المتحدة.

كما أن الاتحاد الأوروبي  يواجه صعوبة في مواصلة تقديم المساعدات لكييف بسبب  الرئيس المجري فيكتور أوربان الذي يؤكد علاقته الحميمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وإذا انهارت الجبهة الأوكرانية، يمكن أن تنهار  الثقة في العالم. كما أن الثقة التي ستجنيها روسيا من مثل هذا الانتصار ستكون لها تداعيات لا يمكن توقعها، وربما تغري  بوتين بحرب جديدة في أوروبا، مستغلا انشغال أمريكا بمساعدة إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين.

ورغم استمرار  الحرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة منذ 3 شهور، ومقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني، لا تزال الحرب داخل نطاق غزة وإسرائيل ولم تتحول إلى حرب إقليمي. ولكن الأمور قد تتغير في العام الجديد. فبعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية يطالبون بتوسيع نطاق الحرب ضد لبنان، وحزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، والذي يتبادل القصف مع إسرائيل منذ بداية حرب غزة.

ومثل هذه الخطوة يمكن أن تشعل حرباً أوسع ضد حزب الله جيد التسليح، وربما تشترك فيها إيران بشكل مباشر،  حسب تحليل لمركز أبحاث جافيكال  في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

إسرائيل تعرض السماح للسفن بنقل المساعدات إلى #غزة
https://t.co/esrQAmHhLH

— 24.ae (@20fourMedia) December 31, 2023

ويقول توم هولاند ويانمي شي الباحثان في مركز جافيكال: "في حال أي هجوم إسرائيلي، ستكون طهران ملزمة بدعم حزب الله بصورة أكبر  وأوضح مما تفعل مع حركة حماس الفلسطينية حالياً، وإلا فإنها ستفقد مصداقيتها لدى حلفائها الآخرين في المنطقة" مثل الفصائل المسلحة في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن وغيرها.

كما يمكن أن تصب هجمات الحوثيين على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل عبر باب المندب، ورد البحرية الأمريكية عليها، بالإضافة إلى اغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي  في سوريا منذ أيام المزيد من الزيت على النار في الشرق الأوسط.

ويمكن لهجمات الحوثيين  نظرياً، أن تغلق مضيق باب المندب الممر  البحري الاستراتيجي للاقتصاد العالمي، ما سيكبد العالم خسائر اقتصادية كبيرة.

ويأتي هذا التهديد في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة الرد "بقوة" على الحوثيين. وتحاول وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون طمأنة شركات الملاحة البحرية على سلامة المرور في البحر الأحمر بفضل القوة البحرية متعددة الجنسيات التي تقودها واشنطن "حارس الازدهار"  في المنطقة لتأمين الملاحة فيها.

لكن مأغلب الشركات ترفض المرور في البحر الأحمر. وأعلنت شركة ميرسك الدنماركية العملاقة منذ أيام استئناف عبور سفنها في مضيق باب المندب، لكنها عادت وأعلنت تعليقه لمدة 48 ساعة بعد تعرض إحدى سفنها لهجوم بصاروخ.

مقتل 10 حوثيين بنيران القوات الأمريكية في #البحر_الأحمر https://t.co/K7zjdfe3tb

— 24.ae (@20fourMedia) December 31, 2023 تكلفة

وفي تحليل مركز جافيكال يقول هولاند وشي: "الغرب سيتحمل تكلفة اضطراب 10% من  تجارة العالم التي تمر عبر باب المندب، في طريقها من وإلى قناة السويس. الخطر  هو  أن وضع  عدد كبير من  العقبات أمام عجلات التجارة العالمية يمكن أن يكون  نبأً سيئاً للنمو الاقتصادي وللكثير من الأسواق العالمية".

المركزي الأوروبي: تأثير هجمات #البحر_الأحمر على التضخم "غير مؤكد" https://t.co/2UNwyTJm8R

— 24.ae (@20fourMedia) December 20, 2023

ومع الانتقال إلى أقصى الشرق، سنجد تايوان على موعد من انتخابات رئاسية في 13 يناير (كانون الثاني) الجاري، وهي انتخابات  تتابعها الصين باهتمام كبير.

وأعلنت بكين بوضوح معارضتها لنائب الرئيسة التايوانية لاي تشينغ تي، الذي يؤيد حزبه استمرار  استقلال تايوان عن الصين. ويمكن أن يؤدي إلى تحرك مستفز من  الصين أو تايوان في حال فوز لاي تشينغ بالرئاسة إلى  تصاعد التوتر في منطقة أخرى حيوية للتجارة العالمية.

وأخيراً، يمكن القول إن ما يزيد الطين بلة، هو أن بؤر التوترات الجيوسياسية الثلاث الرئيسية في العالم من حرب أوكرانيا إلى انتخابات تايوان مرورا بحرب إسرائيل ضد الفلسطينيين، يمكن أن تغذي كل منها الأخرى.

فأي انتصار روسي في أوكرانيا مع إغلاق عملاء إيران طريق التجارة الحيوي بين أوروبا، وآسيا عبر البحر الأحمر، يمكن أن يشجع الرئيس الصيني شي جين بينغ، على التحرك ضد تايوان بعد انتخاباتها الرئاسية، ليجد العالم نفسه في مستنقع فوضى سياسية واقتصادية غير مسبوقة في العام الجديد.

شي جين بينغ: إعادة توحيد #الصين مع #تايوان "حتمي" https://t.co/vYKdW8qiXT

— 24.ae (@20fourMedia) December 31, 2023

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل غزة أوكرانيا تايوان الولایات المتحدة فی العام الجدید البحر الأحمر باب المندب یمکن أن

إقرأ أيضاً:

دول أوروبية واصلت تصدير الأسلحة لإسرائيل في 2024 رغم مجازر غزة

كشفت صحيفة بوبليكو الإسبانية أن عدة دول أوروبية واصلت إبرام صفقات أسلحة مع إسرائيل خلال عام 2024، رغم المجازر المتواصلة ضد المدنيين في قطاع غزة، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 179 ألف فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023.

وبحسب معطيات مستمدة من التقارير السنوية المقدَّمة إلى "معاهدة تجارة الأسلحة" (TCA)، وهي اتفاقية دولية تحظر تزويد الأنظمة المتورطة في جرائم ضد الإنسانية بالسلاح، فإن خمس حكومات أوروبية على الأقل صادقت العام الماضي على صفقات تسليح مع إسرائيل.

وفي هذا السياق، اتخذت الحكومة الإسبانية موقفا مغايرا، إذ أعلنت عن تعليق بعض العقود المبرمة مع شركات إسرائيلية، ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى فرض حظر أوروبي شامل على تصدير الأسلحة لإسرائيل.

وفي خطوة عملية، أصدر وزارة الدفاع الإسبانية، يوم الثلاثاء، قرارا بوقف تعليق العقد الممنوح لشركة "باب تكنوس" الفرع الإسباني لشركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة، والمتعلق بإنتاج 168 نظامًا من صواريخ "سبايك أل آر 2" المضادة للدبابات لصالح الجيش الإسباني.

لكن هذه الدعوة الإسبانية لحظر السلاح لا تحظى بإجماع أوروبي، إذ أظهرت تقارير بوبليكو أن جمهورية التشيك صدّرت 158 بندقية هجومية إلى إسرائيل خلال عام 2024، علما بأنها كانت قد أرسلت قبل ذلك في 2023، 200 بندقية أخرى و400 رشاش خفيف.

إعلان

من جهتها، سمحت صربيا -التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي– بتصدير 24 منظومة مدفعية ثقيلة لإسرائيل، في حين استوردت بولندا 442 مسدسًا أوتوماتيكيا و23 بندقية من إسرائيل، واقتنت اليونان 310 مسدسات و30 بندقية، بينما اشترت هولندا 6 رشاشات خفيفة وسلاحا رشاشًا فرديًا.

دول مشاركة في التصدير

وخلال عام 2023 وحده، تم إصدار 655 ترخيص تصدير أسلحة لإسرائيل من قبل دول الاتحاد الأوروبي، بقيمة إجمالية بلغت 948 مليون يورو.

واحتلت ألمانيا المرتبة الأولى بقيمة صادرات بلغت 326 مليون يورو، تلتها اليونان (183 مليون يورو)، ثم فرنسا (167 مليون يورو)، فيما بلغت صادرات رومانيا 59 مليون يورو.

وفي المجموع، شاركت 23 دولة أوروبية في تزويد إسرائيل بالأسلحة خلال العام 2023، دون تحديد ما إذا كانت هذه الصفقات قد تمت قبل أو بعد بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.

تحذير من التواطؤ

من جانبها، طالبت منظمة العفو الدولية بفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، محذّرة في بيان لها من أن الدول التي تستمر في تصدير السلاح "تخاطر بأن تتحول إلى شركاء في الإبادة الجماعية".

وقال المتحدث باسم المنظمة في إسبانيا ألبرتو إستيبث، إنه "من الضروري أن تدفع مدريد ومعها الدول المتوافقة في هذا الملف باتجاه طرح الموضوع للنقاش ضمن مجموعة العمل الأوروبية الخاصة بالأسلحة التقليدية، خلال اجتماعها المقرر يوم الخميس 11 يونيو/حزيران في بروكسل".

مقالات مشابهة

  • دراسة: حروب ترامب التجارية تهدد الاقتصاد الأمريكي وتمنح الصين فرصًا استراتيجية
  • فنادق الغردقة تحتفل بيوم البيئة العالمي بحملة نظافة موسعة
  • البحر الأحمر يغيّر قواعد اللعبة: كيف أجبر الحوثيون أقوى بحرية في العالم على التعادل؟.. وول ستريت جورنال تجيب
  • إسرائيل تقول إن صادراتها من السلاح بلغت 14.7 مليار دولار في 2024
  • أول تعليق لترامب على حظر السفر الجديد والدول التي يشملها
  • كوستاريكا.. من الاقتصاد الزراعي إلى الصناعات التكنولوجية المتقدمة
  • “منشآت” تصدر تقريرها السنوي لعام 2024
  • السكرتير العام لمحافظة الإسماعيلية والمستشار الثقافي لسفارة الهند يشهدان الاحتفال باليوم العالمي لليوجا
  • الإحصاء: 46.9% ارتفاعا في حجم الصادرات المصرية إلى الإمارات خلال 2024
  • دول أوروبية واصلت تصدير الأسلحة لإسرائيل في 2024 رغم مجازر غزة