"يا أهلَ مكة، أنأكلُ الطعامَ ونلبس الثياب، وبنو هاشم هَلْكى؟! واللهِ لا أقعد حتى تُشَقَّ هذه الصَّحيفةُ القاطعة الظَّالمة".

تلك مقولة قالها زهير بن أبي أمية المخزومي، الذي كان مشركا أيام حصار قريش للرسول والمؤمنين في شعب أبي طالب، ثم أسلم.

من يتأمل العبارة يجد أن قائلها لم يكتف بالقول والدعوة فقط، فأقسم "واللهِ لا أقعد حتى تُشَقَّ هذه الصَّحيفةُ القاطعة الظَّالمة"، وتخبرنا بقية القصة أن ما أراده تم.



ذاك الرجل لم يكن مسلما بعد، لكنه كان إنسانا، لم يتعامل مع المسألة على أنها سياسية بحتة، حركته النخوة والمروءة تجاه عذابات الناس في شعب أبي طالب، أزعجه أنهم لا يُسمح لهم بالطعام والشراب والزواج والحركة.

ما حدث آنذاك لم يكن الوحيد من نوعه في التاريخ الذي تخرج فيه فئة من الجهات المُحاصِرة لنصرة الفئة المُحاصَرة، بعد أن استيقظت ضمائرهم.

ما حدث من مطعم وأصحابه لم يكن خدعة، بدليل أنهم وقفوا وقفة قوية وجادة أمام قريش وطالبوا بإنهاء الحصار عن المسلمين، ومنهم من آمن بالله ورسوله.

لا أستعبد أن يكون ذلك مسرحية امتصاصا لغضب الجماهير، ولكن ورغم ذلك فإن هذا يجب استثماره بسرعة لقياس جدية الدول الغربية والعمل لتحويله لواقع ملموس، وكوني من غزة أشعر بأن مواقف الغرب الرسمي والشعبي أفضل من مواقفه السابقة
حديثا، ومنذ بدء العدوان على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دعمت الدول الأوروبيّة الكيان الصهيوني بكل ما لديها وبكل ما يرغب، واستمرت وتنوعت وسائل الدعم إلى أن وصلنا لمرحلة بدأ فيها الموقف الأوروبي الرسمي والشعبي بالتغير والمطالبة بضرورة وقف الحرب ورفع الحصار.

لكن هل هذا التحول حقيقي وينمّ عن صحوة ضمير، أم خدعة تتبادل فيها الأدوار؟

هذا التغير خضع لعدة تفسيرات، البعض اعتبره خدعة وآخرون حقيقة، ولكل فريق أدلة يدعم بها موقفه، فالقائلون بأنه تغير حقيقي يرون أن جرائم العدو لم تعد تخفى على أحد، وأن الدعم المطلق له لم يعد مقبولا، خاصة أن تلك الدول الداعمة هي من يؤيد ويدعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها ودعم مبادئ العدالة والمساواة.

أما القائلون بأنه مسرحية خادعة، يرون أن تغيير الآراء هو نتيجة لعرَض طارئ سيزول بزوال العرض، وهو الغضب الشعبي الأوروبي وانسجاما مع رأي الشعوب باعتبارها المُقرِرة لمن يصعد لسدة الحكم ومن ينزل عنها، وأن أوروبا الرسمية ليست مستعدة للتخلي عن دعم الكيان نظرا لتوغل الصهاينة في صناعة وصياغة كثير من تفاصيل الحياة في تلك البلدان، خاصة أن الغضب الشعبي بدأ يخرج عن المألوف في أمريكا وأوروبا، مثلما حدث في أمريكا حيث قتل رجل أمريكي اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية هناك، وحوادث أخرى.

شخصيا، لا أستعبد أن يكون ذلك مسرحية امتصاصا لغضب الجماهير، ولكن ورغم ذلك فإن هذا يجب استثماره بسرعة لقياس جدية الدول الغربية والعمل لتحويله لواقع ملموس، وكوني من غزة أشعر بأن مواقف الغرب الرسمي والشعبي أفضل من مواقفه السابقة.

ومما يؤيد موقفي أن الغرب الرسمي لن يكون حريصا على دماء أهل غزة العرب والمسلمين، أكثر من العرب والمسلمين الرسمين، خاصة أن التآمر العربي الرسمي واضح وجلي للجميع، وكثير من الدول العربية تتباهى بذلك، وليس أدل على ذلك أو أذل من ذلك ما جاء على لسان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط؛ الذي قال إن مقاطعة إسرائيل ليس من الحكمة السياسية، في حين أن مؤسسات ودول وشخصيات غربية قاطعت وفعّلت برامج مقاطعة لم تقم بها أي دولة عربية.

ومن باب الإنصاف نرى أن مواقف الدول الغربية، وهي أكثر جرأة من كل الدول العربية، حيث منهم من استدعي سفير الكيان لديه، ومن طالب بقوة الكف عن الجرائم وقرر تعليق صفقات السلاح.

لكن على رأي المثل المصري: "أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات غزة أوروبا الإسرائيلية مواقف إسرائيل غزة أوروبا مواقف مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

صحيفة سويسرية: الإمارات تتصدر داعمي الكيان الصهيوني على مستوى المنطقة

صحيفة "نويه تسورخير تسايتونغ" ذكرت أن "دولة الإمارات تحافظ على علاقات مستقرة مع (إسرائيل) في ظل تصاعد الضغوط الدولية ضدها".

ولفتت إلى أن "الرحلات اليومية بين الإمارات و(تل أبيب) تفوق عشر رحلات جوية يوميًا، وسط موجة إلغاء الرحلات من وإلى مطار (بن غوريون)".

كما أشارت إلى أن "الإمارات تحتضن مجتمعًا يهوديًا نشطًا، والعديد من الإسرائيليين يشعرون بأمان أكبر مقارنةً بعواصم أوروبية كبرى".

وأكدت أن سفارة الكيان الصهيوني في أبو ظبي "لا تزال البعثة الدبلوماسية (الإسرائيلية) الوحيدة العاملة بكامل طاقتها في الشرق الأوسط".

ونوهت الصحيفة السويسرية إلى أن النظام الإماراتي يسعى للعب دور رئيسي في غزة لصالح العدو الصهيوني، خصوصًا فيما يتعلق بطبيعة حكم القطاع بعد وقف العدوان "الإسرائيلي".

 

مقالات مشابهة

  • في ذكرى رحيله.. سر منح محمود المليجي لقب شرير الشاشة
  • بزشكيان يهاتف بن سلمان.. تبادل شكر وتوسيع علاقات وتأييد مواقف
  • الرئيس المشاط يهنئ قادة الدول العربية والإسلامية بحلول عيد الاضحى
  • الوزير الشيباني: تقوم القوات السورية بملاحقة هذه العناصر لحماية الشعب السوري ونناشد الاتحاد الأوروبي وجميع الدول لدعم مساعي سوريا بحماية أمنها واستقرارها.
  • زيارة العليمي لروسيا.. تناقض وازدواجية وانتهازية على حساب الأخلاق (ترجمة خاصة)
  • دعم الدول الكبرى لسيادة المغرب الترابية يتعاظم يوماً بعد يوم تحت قيادة جلالة الملك
  • الكلمات وحدها لا تكفي.. لماذا تغير الموقف الأوروبي الآن ضد إسرائيل؟
  • صحيفة سويسرية: الإمارات تتصدر داعمي الكيان الصهيوني على مستوى المنطقة
  • عاجل ..صاروخ يمني جديد يدك الكيان