الجديد برس:

لم تحظ خارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، لإنهاء الحرب في اليمن، بالترحيب من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، برغم ترحيب السعودية ودول الخليج والوسيط العُماني، الأمر الذي عكس رفضاً أمريكياً واضحاً للاتفاق الوشيك بين السعودية وحكومة صنعاء، وهو رفض كان المبعوث الأمريكي إلى اليمن قد كشف أنه متعلق بهجمات قوات صنعاء على “إسرائيل”.

وكانت السعودية ودول الخليج وسلطنة عُمان أعلنت خلال الأيام الماضية، ترحيبها بما أعلنه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ حول التوصل إلى خارطة طريق لإنهاء الحرب في اليمن، والتزام الأطراف بترتيباتها.

لكن على المستوى الدولي لم تعلن أي دولة أخرى ترحيبها بالخارطة سوى روسيا التي قالت سفارتها في اليمن، يوم الخميس، في بيان إن “موسكو ترحب بالجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز الاتفاقات بين أطراف النزاع اليمني، والتي سيتم إضفاء الطابع الرسمي عليها لاحقاً في شكل “خارطة الطريق” للتسوية تحت رعاية للأمم المتحدة”.

وما لفت الأنظار بشدة هو امتناع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في الغرب عن الترحيب بخارطة الطريق الأممية، خصوصاً وأن الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين بشكل خاص استمروا طيلة الفترة الماضية بالتأكيد على دعمهم للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل إنهاء الحرب في اليمن.

ويعكس امتناع الولايات المتحدة ودول الغرب عن الترحيب بخارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي، رفضاً واضحاً إما للخارطة نفسها أو لتفاصيل مرتبطة بها كتوقيت إعلانها وتنفيذها، خصوصاً في ظل الحرب الدائرة في فلسطين والتي تسعى الولايات المتحدة بشكل واضح ومعلن لوقف انخراط قوات صنعاء فيها.

وكانت قناة الإخبارية السعودية الرسمية قد كشفت الأسبوع الماضي في تقرير أن المملكة “كادت أن تصل لخارطة طريق في المفاوضات مع الحوثيين والتوقيع كان قريباً” وهو ما أكد رواية الحوثيين الذين قال قائد حركتهم عبد الملك الحوثي منتصف نوفمبر الماضي إنه كان هناك “اتفاق وشيك” مع التحالف وإن الولايات المتحدة هي من أعاقته للضغط على حكومة صنعاء من أجل وقف هجماتها ضد “إسرائيل”.

ولم يخف المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ العلاقة بين اتفاق السلام في اليمن وبين هجمات حكومة صنعاء ضد “إسرائيل” والسفن المرتبطة بها، حيث قال قبل أيام خلال ندوة في مركز واشنطن للدراسات اليمنية إن “أحداث غزة وتصعيد الحوثي أعاق التوقيع على السلام بين السعودية والحوثيين”.

وكان بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول آخر زيارة لليندركينغ إلى المنطقة قد ربط بوضوح بين الأمرين أيضاً حيث قال البيان الذي صدر مطلع ديسمبر، إن ليندركينغ سيناقش خلال جولته الأمن البحري، مشيراً إلى أن “هجمات الحوثيين على الشحن الدولي تهدد حوالي عامين من التقدم المشترك باتجاه إنهاء الحرب في اليمن”.

النظرة الأمريكية إلى هجمات قوات صنعاء على “إسرائيل” والسفن المرتبطة بها كتهديد لاتفاق السلام، تفسر بوضوح عدم ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في الغرب بإعلان المبعوث الأممي عن التوصل لخارطة طريق لإنهاء الحرب في اليمن، حيث بات واضحاً أن الولايات المتحدة تعيق التوقيع على هذه الخارطة والبدء بتنفيذها لاعتبارات متعلقة بالوضع في غزة وانخراط قوات صنعاء في الصراع مع “إسرائيل”.

وتشير العديد من التقارير إلى أن إعلان الاتفاق بين السعودية وحكومة صنعاء كان يفترض أن يتم مع بداية العام القادم، لكن عدم ترحيب الولايات المتحدة والدول الغربية بالخارطة يشير إلى إصرار على استمرار إعاقة هذا الإعلان.

والأسبوع الماضي كشفت مصادر سياسية لموقع “يمن إيكو” أن السعودية وجهت رسالة غاضبة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، تتهمهم بمحاولة التنسيق مع الولايات المتحدة لإحباط مسار المفاوضات بين الرياض والحوثيين لوضع نهاية للحرب المستمرة منذ قرابة تسعة أعوام.

وأشارت المصادر إلى أن الرسالة السعودية جاءت بعد توجيه الحكومة اليمنية دعوة لمن وصفتها بدول البحر الأحمر لمواجهة هجمات الحوثيين، حيث اعتبرتها تأييداً للتحالف الأمريكي الذي أعلن قبل أيام والذي رفضت السعودية الانضمام إليه على الأقل بشكل علني.

وكانت وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية الموالية للتحالف رحبت بإعلان المبعوث الأممي عن التوصل لخارطة الطريق، وأكدت على “تعاملها الإيجابي مع كافة المبادرات الهادفة لتسوية الأزمة في اليمن بالوسائل السلمية، وفقاً للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعب اليمني” وهو ما كشف عن اعتراض واضح على الخارطة لأنها تتجاوز بوضوح هذه المرجعيات.

وأبدت السعودية حرصاً كبيراً خلال الفترة الماضية على الدفع نحو توقيع الاتفاق مع حكومة صنعاء إلى درجة أنها وجهت رسالة للأمريكيين كشفت عنها وكالة “رويترز” مطلع الشهر الجاري، طلبت فيها منهم “ضبط النفس في الرد على هجمات الحوثيين على السفن لتجنب المزيد من التصعيد”.

وكانت الولايات المتحدة، ومنذ وقت مبكر قد ربطت اتفاق السلام في اليمن بالوضع في غزة، فمع بداية اندلاع الحرب بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية، وبالتحديد في 12 أكتوبر الماضي، بعد يومين من إعلان زعيم “أنصار الله” عن الاستعداد للمشاركة عسكرياً في القتال ضد “إسرائيل” ضمن معركة “طوفان الأقصى” نشرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزير أنتوني بلينكن التقى بالمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ وتحدث عن ضرورة “إنهاء الصراع اليمني في أقرب وقت وخاصة في ظل التحديات الأخرى التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط” معتبراً أن “اليمن لديه فرصة غير مسبوقة للسلام” وهو ربط عكس وقتها مسعى أمريكياً لترغيب حكومة صنعاء بإبرام اتفاق السلام مقابل عدم الانخراط في أي عمليات ضد “إسرائيل”.

وقد قال قائد حركة “أنصار الله” لاحقاً في منتصف نوفمبر إن الولايات المتحدة استخدمت أسلوب “الترغيب والترهيب” مع حكومة صنعاء لإقناعها بوقف عملياتها ضد “إسرائيل”.

وتتضمن خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي قبل أسبوع ”تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة والإعداد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة” بحسب بيان لغروندبرغ.

وحصل موقع “يمن إيكو” على معلومات كشفت أن المبعوث الأممي أغفل في بيانه بعض النقاط الهامة، وقدم معلومات ناقصة عن نقاط أخرى في خارطة الطريق، حيث نصت مسودة الخارطة على وضع جدول زمني واضح لالتزام التحالف بقيادة السعودية بإعادة إعمار ما خلفته الحرب على مدى تسع سنوات، وكذلك جدول زمني لخروج قوات التحالف من اليمن على مراحل محددة ومزمَّنة.

*المصدر: “يمن إيكو”

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: لإنهاء الحرب فی الیمن الولایات المتحدة المبعوث الأممی اتفاق السلام خارطة الطریق حکومة صنعاء قوات صنعاء إلى الیمن

إقرأ أيضاً:

هكذا يخطط داعمو إسرائيل لسحق الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن مؤسسة هيريتدج (Heritage Foundation) أرسلت فريقا إلى "إسرائيل" للقاء شخصيات نافذة في السياسة الإسرائيلية، بمن فيهم وزيرا الخارجية والجيش، والسفير الأمريكي مايك هاكابي في أواخر نيسان/ أبريل.

وتشتهر هذه المؤسسة البحثية المحافظة، ومقرها واشنطن، بقيادة مشروع 2025، وهو مخطط مقترح لولاية الرئيس ترامب الثانية، والذي دعا إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية وتوسيع كبير للسلطة الرئاسية.

كان فريق مؤسسة "التراث في إسرائيل"، جزئيا، لمناقشة ورقة سياسية أخرى مثيرة للجدل: "مشروع إستر" وهو اقتراح المؤسسة لتفكيك الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة بسرعة، ومن يدعمها في الكليات والجامعات، والمنظمات التقدمية، وفي الكونغرس.


وقد وضع مشروع "إستر" في أعقاب هجوم حماس عام 2023 والاحتجاجات المتصاعدة ضد الحرب في غزة، وحدد خطة طموحة لمكافحة معاداة السامية من خلال وصم مجموعة واسعة من منتقدي "إسرائيل" بأنهم "شبكة دعم إرهابية فعلية"، بحيث يمكن ترحيلهم، وسحب تمويلهم، ومقاضاتهم، وفصلهم من العمل، وطردهم، ونبذهم، واستبعادهم مما اعتبره "مجتمعا مفتوحا".

وكان هدف مهندسي مشروع "إستر" هو إزالة المناهج الدراسية التي يعتقد أنها متعاطفة مع خطاب "دعم حماس" من الكليات والجامعات، وفصل "أعضاء هيئة التدريس الداعمين". وكذا تطهير وسائل التواصل الاجتماعي من المحتوى الذي يعتبر معاديا للسامية وحرمان المؤسسات التمويل العام بسبب هذا. وبموجب الحملة سيتم إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، أو سيتم ترحيلهم.

واحتوت الخطة على: "تحقيق جميع الأهداف في غضون عامين"، بمجرد تشكيل إدارة رئاسية متعاطفة. الآن، وبعد أربعة أشهر من تولي ترامب منصبه، يستعد قادة مؤسسة التراث للاحتفال بنصر مبكر.

ومنذ تنصيبه، دعا البيت الأبيض وجمهوريون آخرون إلى اتخاذ إجراءات تبدو وكأنها تعكس أكثر من نصف مقترحات مشروع "إستر"، وفقا لتحليل أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، بما في ذلك التهديدات بحجب مليارات الدولارات من التمويل الفدرالي عن الجامعات ومحاولات ترحيل المقيمين القانونيين.

في مقابلات مع "نيويورك تايمز" - وهي أول تعليقات علنية لمؤسسة التراث منذ تولي ترامب منصبه حول مخططها لتشكيل الرأي العام الأمريكي تجاه إسرائيل"، قال مهندسو مشروع "إستر" إن هناك أوجه تشابه واضحة بين خطتهم والإجراءات الأخيرة ضد الجامعات والمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين على مستوى الولاية والمستوى الفيدرالي.

وقالت فيكتوريا كوتس، نائبة مستشار الأمن القومي السابقة لترامب ونائبة الرئيس في مؤسسة التراث والمشرفة على مشروع "إستر": "إن المرحلة التي نمر بها الآن هي البدء في تنفيذ بعض مسارات الجهود من حيث العقوبات التشريعية والقانونية والمالية لما نعتبره دعما ماديا للإرهاب".

وقال مسؤولو المؤسسة إنهم لا يعرفون ما إذا كان البيت الأبيض، الذي لديه فرقة عمل خاصة به معادية للسامية، قد استخدم مشروع "إستر" كدليل إرشادي. ورفض مسؤولو الإدارة مناقشة الأمر. لكن روبرت غرينواي، مدير الأمن القومي في مؤسسة التراث والمشارك في تأليف مشروع "إستر"، قال إنه "ليس من قبيل المصادفة أننا دعونا إلى سلسلة من الإجراءات بشكل خاص وعلني، وهي تَحدث الآن".

لطالما دعمت الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء "إسرائيل" وموّلتها كحليف أساسي. وبذلت جهود مشتركة بين الحزبين لمواجهة انتقادات "إسرائيل" من خلال تصنيف مجموعة من الخطابات والتنظيمات الداعمة لحقوق الفلسطينيين على أنها دعم للإرهاب. لكن مشروع "إستر" يهدف إلى أبعد من ذلك، إذ يعادل أفعالا مثل المشاركة في الاحتجاجات الجامعية المؤيدة للفلسطينيين بتقديم "دعم مادي" للإرهاب، وهو مفهوم قانوني واسع النطاق يمكن أن يؤدي إلى السجن والترحيل والعقوبات المدنية وعواقب وخيمة أخرى.

ويقول جوناثان جاكوبي، المدير الوطني لمشروع "نيكسوس"، وهي مجموعة مراقبة تعمل على مكافحة معاداة السامية وحماية النقاش المفتوح: "غير مشروع إستر هذا النموذج من خلال ربط أي شخص يعارض السياسات الإسرائيلية بـ "شبكة دعم حماس". لم يعد الأمر يتعلق بالأيديولوجيا أو السياسة؛ بل يتعلق بالإرهاب والتهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي الأمريكي".

وتصف مؤسسة التراث مشروع "إستر" بأنه استراتيجية وطنية رائدة لمكافحة معاداة السامية، لا تهدف إلى حجب الآراء، بل إلى تحميل من تعتبرهم من مؤيدي حماس، المصنفة كجماعة إرهابية، مسؤولية أفعالهم.



لكن منتقدين مثل جاكوبي يقولون إن مركز الأبحاث يستغل المخاوف الحقيقية بشأن معاداة السامية لتعزيز أجندته الأوسع المتمثلة في إعادة تشكيل التعليم العالي جذريا وسحق الحركات التقدمية بشكل عام.

ويركز مشروع "إستر" حصريا على معاداة السامية لدى اليسار، متجاهلا المضايقات والعنف المعادي للسامية من اليمين. وقد أثار انتقادات من العديد من المنظمات اليهودية وسط دعوات متزايدة لها للتصدي لإدارة ترامب.

وقالت ستيفاني فوكس، المديرة التنفيذية لمنظمة "صوت يهودي من أجل السلام": "يتبع ترامب نهجا استبداديا، مستخدما أدوات القمع أولا ضد أولئك الذين ينظمون من أجل حقوق الفلسطينيين. وبذلك، يشحذ تلك الأدوات لاستخدامها ضد أي شخص وكل من يتحدى أجندته الفاشية".

وحذرت رسالة مفتوحة من ثلاثة عشر قائدا سابقا لمنظمات يهودية بارزة، بمن فيهم رئيس وطني سابق لرابطة مكافحة التشهير، مؤخرا من أن "مجموعة من الجهات الفاعلة تستخدم قلقا مزعوما بشأن سلامة اليهود كسلاح لإضعاف التعليم العالي، والإجراءات القانونية الواجبة، والضوابط والتوازنات، وحرية التعبير، والصحافة". ودعت الرسالة القادة والمؤسسات اليهودية إلى "مقاومة استغلال المخاوف اليهودية، والانضمام علنا إلى المنظمات الأخرى التي تناضل من أجل الحفاظ على حواجز حماية الديمقراطية".

وقد شهدت الأشهر التي أعقبت هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والحرب التي تلتها في غزة، انزلاق الحرم الجامعي إلى حالة من الانقسام والاضطراب الفوضوي، مع احتجاجات لا نهاية لها واحتجاجات مضادة.

وبعد ذلك بوقت قصير، اجتمع أربعة من المؤيدين المحافظين ذوي العلاقات الجيدة بـ"إسرائيل" افتراضيا لمعالجة هذه الأحداث.

وكان واحد منهم فقط يهوديا: إيلي كوهانيم، مبعوثة  ترامب السابقة لمعاداة السامية. وقالت إنها شعرت بالامتنان عندما تواصل الرجال الثلاثة معها وأطلقوا على أنفسهم بمودة لقب "أصدقائها المسيحيين". كان اثنان منهم من قادة الجماعات المسيحية الصهيونية: لوك مون، المدير التنفيذي لمشروع فيلوس، وماريو برامنيك، رئيس التحالف اللاتيني من أجل "إسرائيل" والمستشار الإنجيلي لترامب. والرابع هو جيمس كارافانو، كبير مستشاري الرئيس في مؤسسة "هيريتدج".

انضم بعض المسيحيين الإنجيليين بشكل متزايد إلى القوى السياسية المحافظة في "إسرائيل"، داعمين مزاعمهم بالسيادة التوراتية على الأراضي الفلسطينية المتنازع عليها. لكن يعتقد البعض أيضا أن دعم "إسرائيل" سيعجل بنهاية العالم التوراتي، أو سيعزز النفوذ العالمي للمسيحية.

لطالما دعمت هذه المؤسسة البحثية، التي أثرت على الإدارات الرئاسية الجمهورية منذ عهد ريغان، "إسرائيل".

في السنوات الأخيرة، اتخذ هذا الدعم بعدا جديدا، حيث ألقت المؤسسة باللوم على مبادرات التنوع والمساواة والشمول التي اكتسبت شهرة بعد مقتل جورج فلويد في أيار/ مايو 2020، إلى جانب حركات تقدمية أخرى، في تزايد تقارير معاداة السامية في الجامعات.

كانت إدارة بايدن قد أصدرت بالفعل ما أسمته أول استراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية، متعهدة بمعالجة هذه القضية.

لكن المجموعة قررت تشكيل فريق عمل وطني خاص بها، وأصدرت بيانا للغرض أكد على تعريف لمعاداة السامية يُثير جدلا واسعا، نظرا لاعتباره بعض الانتقادات الواسعة لـ"إسرائيل" معادية للسامية.

بيان الهدف
معاداة السامية: ندرك أن أي محاولة لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل الحديثة، أو مقاطعتها، أو سحب الاستثمارات منها، أو فرض عقوبات عليها، أو منع اليهود من المشاركة في الجمعيات الأكاديمية أو المجتمعية، يجب إدانتها.

ندرك أن معاداة الصهيونية ومعاداة السامية هما مظهران مختلفان لنفس الكراهية ضد الشعب اليهودي.

انضمت عشرات المجموعات إلى فريق العمل، لكن "عددا هائلا" منها كان لديه شيء مشترك، كما قال  كارافانو خلال اجتماع عقد في كانون الثاني/ يناير 2024: لم يكونوا يهودا. كانت القائمة القصيرة للأعضاء الأوليين التي نشرتها "هيريتيج" على الإنترنت تتكون في الغالب من المنظمات المحافظة والمسيحية.



استندت مؤسسة التراث إلى توصيات فريق العمل لكتابة مشروع "إستر"، الذي سُمي تكريما للملكة التوراتية التي يُحتفى بها لإنقاذها الشعب اليهودي.

بحلول صيف عام 2024، كانت مؤسسة  التراث قد وضعت استراتيجية وطنية تهدف إلى إقناع الجمهور باعتبار الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة جزءا من "شبكة دعم حماس" العالمية التي "تشكل تهديدا ليس فقط لليهود الأمريكيين، بل لأمريكا نفسها".

وحددت الاستراتيجية الجماعات المناهضة للصهيونية التي نظمت احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، مثل "صوت اليهود من أجل السلام" و"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، لكن الأهداف المقصودة امتدت إلى أبعد من ذلك بكثير. في مواد تقديم العروض للمانحين المحتملين، قدمت  التراث مثالا على هرم تعلوه "نخب تقدمية تقود الطريق"، والذي ضم مليارديرات يهود مثل جورج سوروس، وحاكم ولاية إلينوي جيه بريتزكر.

زعمت أن منظمات خيرية مثل مؤسسة "تايدز" وصندوق "روكفلر براذرز" تدعم "النظام البيئي" لمعاداة السامية. لاحقا، أضافت مؤسسة التراث أسماء ما وصفته بسياسيين "متحالفين" مثل السيناتورين بيرني ساندرز وإليزابيث وارن.

وتضمنت مواد العرض، التي نشرتها صحيفة "ذا فوروارد" لأول مرة، أهدافا مثل إصلاح الأوساط الأكاديمية (وقف تمويل المؤسسات، ومنع بعض الجماعات المؤيدة للفلسطينيين من الوصول إلى الحرم الجامعي، وطرد أعضاء هيئة التدريس) والحرب القانونية (رفع دعاوى مدنية، وتحديد الأجانب المعرضين للترحيل). وشملت المبادرات الأخرى خططا لحشد الدعم من جهات إنفاذ القانون على مستوى الولايات والمستوى المحلي، و"تهيئة ظروف غير مريحة" تمنع الجماعات من تنظيم الاحتجاجات.

مهندسو "إستر"
صرحت ة كوتس أن زميليها غرينواي ودانيال فليش شاركا في تأليف مشروع "إستر".

غرينواي، وهو مسؤول كبير سابق في مجلس الأمن القومي، أدار سابقا معهد السلام التابع لاتفاقيات "أبراهام" الذي أسسه جاريد كوشنر.

فليش محلل سياسات في المؤسسة، وقد كتب عن تجربته كيهودي أمريكي خدم في الجيش الإسرائيلي.

وأضافت  كوتس، أن مشروع "إستر" استفاد أيضا من لجنة استشارية خاصة ضمت أعضاء سابقين في مجلس الأمن القومي من إدارة ترامب الأولى، لم تُذكر أسماؤهم.

في كتابها الصادر مؤخرا بعنوان "المعركة من أجل الدولة اليهودية"، كتبت ة كوتس، التي وصفت نفسها بأنها "مسيحية وشخصية متدينة"، أن "القيم التوراتية التي ترتكز عليها حضارتنا لطالما عززت التحالف بين المسيحيين واليهود". لكنها قالت إن آراءها بشأن "إسرائيل" تستند إلى نهج "أمريكا أولا" الذي يعترف بدور "إسرائيل" في تعزيز المصالح الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط. لقد زارت "إسرائيل" كثيرا لدرجة أنها "لا تعرف" عدد المرات التي زارتها فيها، على حد قولها. يضم مكتبها مجموعة من تماثيل رئيس الوزراء الإسرائيلي.

عندما نُصِّب  ترامب رئيسا. أصدرت إدارته سلسلة من التوجيهات، بعضها يشبه إلى حد كبير بعض الخطوات العملية الموضحة في مشروع "إستر". حيث تحرك مسؤولو الإدارة لإلغاء تأشيرات الطلاب وترحيل النشطاء الذين انتقدوا "إسرائيل".

على الرغم من إقرار مؤسسة "هريتدج" باجتماعاتها الدورية مع الإدارة وأعضاء الكونغرس، قال موظفو المؤسسة إنهم لا يعرفون ما إذا كان مسؤولو البيت الأبيض قد تصرفوا بناء على توصياتهم أم أنهم توصلوا إلى نفس الاستنتاجات بشأن ما يجب فعله.



أقرت كوتس بأن معاداة السامية مشكلة أيضا لدى اليمين، وقالت إن هذا هو سبب أهمية أن "تكون مؤسسة هيريتدج قدوة" من خلال مشروع "إستر".

وقالت: "هدفنا هو القضاء على - أو ليس القضاء عليه، بل مواجهة - ما نعتبره تعصبا أعمى ضارا للغاية".

لكنها وآخرين في مؤسسة "هيريتدج" يؤكدون أيضا أن الجماعات التقدمية التي يتهمها مشروع "إستر" بدعم حماس تشكل تهديدا ليس فقط للشعب اليهودي أو "إسرائيل"، ولكن، كما تحذر الخطة، "لأسس الولايات المتحدة ونسيج مجتمعنا".


مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لم تبحث ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى ليبيا
  • الطرابلسي يبحث مع نائبة المبعوث الأممي سبل دعم الأمن والاستقرار
  • صحيفة: أمريكا ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف "حرب غزة"
  • هكذا يخطط داعمو إسرائيل لسحق الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة
  • مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!
  • بيان أممي هام حول اتفاق السلام في اليمن
  • مجلة أمريكية تفند من المنتصر في حرب اليمن.. الحوثيون أم أمريكا؟ (ترجمة خاصة)
  • “ديفيد هيرست”: “إسرائيل” ستخسر الحرب في غزة كما خسرت أمريكا في فيتنام
  • خط أحمر لحماس.. مصدر إسرائيلي يكشف شرط إسرائيل لـإنهاء الحرب في غزة
  • عقدة أوكرانيا.. لماذا فشل الغرب في هزيمة روسيا حتى الآن؟