الاختراق السياسي شرط الازدهار الاقتصادي في ليبيا
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
رغم ما يتمتع به الاقتصاد الليبي من الإمكانات المرموقة، التي تؤهله لتحقيق معدلات نمو كبيرة في المرحلة المقبلة، فإن الازدهار الاقتصادي في هذا البلد الغني يحتاج بالضرورة لاختراق سياسي يُنهي حالة الانقسام ويُعيد الثقة بالموارد الليبية والمؤسسات المشرفة عليها، ويفتح الباب أمام اصلاحات هيكلية تطال أساس هذا الاقتصاد الذي أنهكته الحرب.
وبحسب مؤشرات البنك الدولي التي ساقها العام الماضي حول ليبيا، فإن هذا الاقتصاد “يُظهر قدرة على الصمود رغم أن النمو الاقتصادي يعتريه الانخفاض وعدم الثبات”.
وشهد العام 2022 انكماشاً بنسبة 1.2 بالمئة في الاقتصاد الليبي، كان من أبرز أسبابه انخفاض إنتاج النفط، ويشير البنك الدولي إلى مستويات البطالة التي بلغت حوالي 19.6 بالمئة، في حين أن أكثر من 85 بالمئة من السكان النشطون اقتصادياً يعملون في القطاعين العام والاقتصاد غير الرسمي.
ووفقاً للخبراء المطلعون على التفاصيل، فإن السبب الأساسي وراء صمود الاقتصاد الليبي هو الإمكانات المالية الضخمة المتحققة من قطاع النفط مع عدد السكان البسيط مقارنة بالدول الأخرى، ما يحقق وفرة مالية تُمكن الحكومة من تقديم خدماتها رغم زيادة الإنفاق الحكومي، الذي يحتاج لتطبيق معايير الحوكمة الرشيدة.
وشهد العام 2023 استقرارا في إنتاج النفط، وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن الإنتاج الخام بلغ مليون و218 ألف برميل يوميًا، وأن إنتاج المكثفات بلغ 53 ألف برميل يومياً خلال نفس الفترة.
وتمتلك ليبيا احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، ولديها بالتالي واحد من أعلى مستويات نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في إفريقيا.
ويتمثل التحدي الرئيسي أمام الخطط الاقتصادية الليبية بتنويع النشاط الاقتصادي بعيداً عن النفط والغاز مع تعزيز الجهود لتحقيق نمو أقوى وأكثر شمولا للجميع بقيادة القطاع الخاص، وإذا أحسن استخدام الإمكانيات المتاحة فإن النمو قد يصل لمستويات قياسية خلال فترة قصيرة و ربما يتجاوز 15 بالمئة .
وكان صندوق النقد الدولي قد أرجع أسباب النمو الليبي إلى ارتفاع أسعار الطاقة واستقرار قطاع النفط داخل ليبيا أخيراً.
وربما يساهم النمو الإقتصادي بدفع الاستقرار السياسي فالعوامل الاقتصادية ذات أثر في النتائج السياسية، و تساعد في عملية إعادة الإعمار التي تحتاج لعدة شروط تتمثل في، توافر الموارد الاقتصادية لإعادة الإعمار، و الطريقة المتبعة لترسيخ الاستقرار وإرساء دعائم الأمن وهو ما يعد عنصراً مهماً لإعادة الإعمار، و ديناميكية العملية السياسية على الصعيد الوطني والإقليمي لصنع مقاربة الاستقرار والهياكل الاقتصادية القائمة، لجهة مأسسة القطاعات وفق أحدث السبل العلمية. و لابد من القول إن كل ذلك مرتبط بدور الدولة حيث أن عملية إعادة الإعمار الناجحة تتأسس من خلال بناء الدولة بشكل فاعل وتحقيق تعافي اقتصادي مستدام ومتوازن وطويل الأجل.
وتؤكد تقديرات البنك الدولي أنه “لولا الصراع لكان من الممكن أن يشهد هذا الاقتصاد نمواً مرتفعاً بنسبة 68 بالمئة على مدى السنوات العشر الماضية، وإن ضاعت الفرصة فإن الإمكانية لا تزال ممكنة التحقيق كما أنها تبرز الإمكانات الهائلة للبلاد”.
وتشير تقديرات البنك الإفريقي للتنمية، إلى نمو الاقتصاد الليبي بنسبة 3.5 بالمئة بنهاية 2022 وبنسبة 4.4 بالمئة في 2023 وهذا ناتج عن زيادة النفقات العامة على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، ومعظم هذه النفقات تحمل الطابع الاستهلاكي، في حين لا توجد هنالك خطة واضحة للتنويع الاقتصادي، إذ يعتمد التنويع الاقتصادي على عديد من الموشرات والمعايير، وذلك يتمثل في قاعدة المشاركة بين القطاع الخاص والعام التي تحتاج إلى إعادة تصميم وتنفيذ مشاريع مشتركة”.
ورغم ضخامة الإمكانيات فإن الاقتصاد الليبي يظل عرضه لعديد من الصدمات الخارجية، من أهمها صدمات أسعار النفط والغذاء العالمي، وتقلبات الوضع السياسي في بليبيا وخارجها ولذلك فإن ليبيا تجابه تحديات كبيرة، إلا أن لديها إمكانات واسعة كذلك من أجل إعادة الإعمار وتنويع الأنشطة الاقتصادية إذا حققت المطلوب عبر التوصل لاتفاق سياسي دائم و وضع رؤية مشتركة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي وإنشاء نظام حديث لإدارة المالية العامة من أجل تحقيق التوزيع العادل للثروة والشفافية في سياسات المالية العامة.
و ختاما فإن فصل المقال لعودة ليبيا إلى المسار الصحيح اقتصاديا يقتضي بالضرورة توفير بيئة سياسية وأمنية مستقرة وتطوير القدرات المؤسسية وتعزيز سيادة القانون
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاقتصاد الليبي البنك الإفريقي البنك الدولي النفط مؤشرات الاقتصاد اللیبی إعادة الإعمار
إقرأ أيضاً:
إنتاج المصانع في الصين يقاوم تأثير الرسوم الجمركية
تباطأ نمو إنتاج المصانع في الصين في أبريل لكنه أظهر متانة مثيرة للدهشة، مما يشير إلى أن تدابير الدعم الحكومي ربما تكون قد خففت من تأثير الحرب التجارية مع الولايات المتحدة التي تهدد بعرقلة الزخم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الاثنين أن الإنتاج الصناعي نما بنسبة 6.1 بالمئة في أبريل على أساس سنوي، متباطئا من نمو على أساس سنوي بنسبة 7.7 بالمئة في مارس لكنه تجاوز الارتفاع بنسبة 5.5 بالمئة المتوقع في استطلاع لرويترز.
وقال تيانشين شو، كبير الخبراء في وحدة الاستخبارات الاقتصادية، إن "المتانة في أبريل ترجع جزئيا إلى الدعم المالي المحمل مقدما"، في إشارة إلى الإنفاق الحكومي الأقوى.
وجاءت البيانات في أعقاب صادرات أكثر ثباتا من المتوقع في وقت سابق من هذا الشهر، والتي قال خبراء اقتصاد إنها مدعومة من مصدرين يعيدون توجيه الشحنات ودول تشتري المزيد من المواد من الصين وسط إعادة ترتيب التجارة العالمية بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ومع ذلك، قال شو إن بيانات الاثنين أكدت الصدمة الناجمة عن التعريفات الجمركية المضادة الأميركية، مضيفا أنه "على الرغم من النمو السريع في القيمة المضافة الصناعية، فإن قيمة تسليم الصادرات راكدة تقريبا".
وتوصلت بكين وواشنطن إلى اتفاق مفاجئ الأسبوع الماضي لإلغاء معظم الرسوم الجمركية التي تفرضها كل منهما على سلع الأخرى منذ أوائل أبريل.
وأدت هدنة تستمر 90 يوما إلى كبح الحرب التجارية التي عطّلت سلاسل التوريد العالمية وأثارت مخاوف الركود.
وقال فو لينج هوي، المتحدث باسم مكتب الإحصاء، في مؤتمر صحفي الاثنين "التجارة الخارجية للصين تتغلب على الصعوبات وتحافظ على النمو المطرد وتظهر متانة كبيرة وقدرة تنافسية دولية".
وأضاف أن خفض التصعيد التجاري من شأنه أن يفيد نمو التجارة الثنائية والانتعاش الاقتصادي العالمي.
لكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن الهدنة قصيرة الأمد ونهج الرئيس الأميركي ترامب الذي لا يمكن التنبؤ به سوف يستمر في إلقاء ظلاله على الاقتصاد الصيني القائم على التصدير والذي لا يزال يواجه رسوما جمركية تبلغ 30 بالمئة بالإضافة إلى الرسوم الحالية.
نمو مبيعات التجزئة بأقل من المتوقعوارتفعت مبيعات التجزئة، وهي مقياس للاستهلاك، بنسبة 5.1 بالمئة في أبريل، انخفاضا من زيادة بنسبة 5.9 بالمئة في مارس، وجاءت أقل من التوقعات بتوسع بنسبة 5.5 بالمئة. وعزا خبراء الاقتصاد التباطؤ في نمو مبيعات التجزئة إلى تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على توقعات المستهلكين.
وسجل الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 5.4 بالمئة في الربع الأول متجاوزا التوقعات.
وما زالت السلطات واثقة من تحقيق هدف بكين للنمو بنحو خمسة بالمئة هذا العام، على الرغم من تحذيرات خبراء الاقتصاد من أن الرسوم الجمركية الأميركية قد تعرقل هذا الزخم. وفي الشهر الماضي، صعَدت بكين وواشنطن الرسوم الجمركية إلى أكثر من 100 بالمئة في عدة جولات من التحركات المضادة.