تفسير الآية 7 من سورة غافر .. وماذا يعني استغفار حملة العرش للمؤمنين؟
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
تفسير الآية 7 من سورة غافر، ومعنى استغفار حملة العرش للمؤمنين، أمر نستعرضه في بيان معاني القرآن الكريم، حيث جاء في قوله تعالى:«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)».
يقول الإمام الطبري في تفسير الآية 7 من سورة غافر: القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) يقول تعالى ذكره: الذين يحملون عرش الله من ملائكته, ومن حول عرشه, ممن يحفّ به من الملائكة ( يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) يقول: يصلون لربهم بحمده وشكره ( وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) يقول: ويقرّون بالله أنه لا إله لهم سواه, ويشهدون بذلك, لا يستكبرون عن عبادته (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله, والبراءة من كلّ معبود سواه ذنوبهم, فيعفوها عنهم.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) لأهل لا اله إلا الله.
وقوله: ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) , وفي هذا الكلام محذوف, وهو يقولون; ومعنى الكلام ويستغفرون للذين آمنوا يقولون: يا ربنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما. ويعني بقوله: ( وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) : وسعت رحمتك وعلمك كل شيء من خلقك, فعلمت كل شيء, فلم يخف عليك شيء, ورحمت خلقك, ووسعتهم برحمتك.
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب الرحمة والعلم, فقال بعض نحويّي البصرة: انتصاب ذلك كانتصاب لك مثله عبدا, لأنك قد جعلت وسعت كلّ شيء, وهو مفعول له, والفاعل التاء, وجاء بالرحمة والعلم تفسيرا, وقد شغلت عنهما الفعل كما شغلت المثل بالهاء, فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل; وقال غيره: هو من المنقول, وهو مفسر, وسعت رحمته وعلمه, ووسع هو كلّ شيء رحمة, كما تقول: طابت به نفسي, طبت به نفسا, . قال: أما لك مثله عبدا, فإن المقادير لا تكون إلا معلومة مثل عندي رطل زيتا, والمثل غير معلوم, ولكن لفظه لفظ المعرفة والعبد نكرة, فلذلك نصب العبد, وله أن يرفع, واستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر:
مــا فــي مَعَــدّ والقبـائِلِ كُلِّهـا
قَحْطَــانَ مِثْلُــكَ وَاحِــدٌ مَعْـدُودُ (5)
وقال: ردّ" الواحد " على " مثل " لأنه نكرة, قال: ولو قلت: ما مثلك رجل, ومثلك رجل, ومثلك رجلا جاز, لأن مثل يكون نكرة, وإن كان لفظها معرفة.
وقوله: (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) يقول: فاصفح عن جرم من تاب من الشرك بك من عبادك, فرجع إلى توحيدك, واتبع أمرك ونهيك.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاده ( فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا ) من الشرك.
وقوله: ( وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) يقول: وسلكوا الطريق الذي أمرتهم أن يسلكوه, ولزموا المنهاج الذي أمرتهم بلزومه, وذلك الدخول في الإسلام.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وذكر في تفسير الآية 7 من سورة غافر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) : أي طاعتك وقوله: ( وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) يقول: واصرف عن الذين تابوا من الشرك, واتبعوا سبيلك عذاب النار يوم القيامة.
تفسير الآية 7 من سورة غافركما يقول الدكتور حذيفة محمد أحمد خليل، الأمانة المساعدة للدعوة والإعلام الديني في وقفةٌ تفسيرية: احتج كثير من العلماء بهذه الآية في إثبات أن المَلَك أفضل من البشر، لأن الملائكة لما فرغوا من الثناء على الله والتقديس اشتغلوا بالاستغفار لغيرهم مِن المؤمنين، وهذا يدل على أنهم مستغنون عن الاستغفار لأنفسهم؛وإلا لبدأوا بأنفسهم قبل غيرهم، بدليل قول النبي- صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي عن جابر: «ابدأ بنفسك» وقول الله- تعالى- لنبيه: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ" [ سورة محمد- 19]
وتابع: فأمر الله رسوله محمدًا- صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر لنفسه، ثم لغيره. التفسير المنير - للزحيلي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معاني القرآن القران الكريم استغفار ی س ت غ ف ر ون
إقرأ أيضاً:
3 أمور ترفع قدرك عند الله.. مركز الأزهر يوضح
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته على فيس بوك إن أكثر الناس خشوعا وإخلاصا لله هم الضعفاء.
وذكر مركز الأزهر أنه ورد عن رسولُ الله ﷺ أنه قال: «إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا، بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ». [سنن النسائي]
كيف تكون رفعة القدر عند اللهوأضاف مركز الأزهر أن نبيُّنا ﷺ يبينُ لنافي هذا الحديث أن رفعة القَدْر عند اللَّه تعالى ليست بالمظهر، ولا بالقوة، وإنما هي بالإخلاص والصدق والتقوى؛ قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. [الحجرات: 13].
وأوضح أن النبي يدلُّنا أيضا على أنَّ من أشد الناس إخلاصًا، وأكثرِهم خشوعًا وعبادة وأصدقِهم في اللجوء إلى الله تعالى، هم الضعفاء؛ لخلوّ قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا؛ ولهذا يتجلى الله بكرمه ونصره على الأمة بدعائهم وعبادتهم وإخلاصهم.
قال الدكتور عبدالله المصلح، الأمين العام للمجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة، إن أحب الأعمال إلى الله تعالى هي ما دام عليه صاحبه وإن قل، والاستمرار عليه أحبُّ إلى الله مِن أن الإنسان يضغط على نفسه، ويحملها في وقت ما عملًا صالحًا، ثم ينقطع عنه.
وأضاف «المصلح»، خلال لقائه ببرنامج مشكلات فى الحياة المذاع عبر فضائية إقرأ، أن هناك أعمال فاضلة تجعل الإنسان قريب من ربه تعالى، فإذا ما مرت عليك هذه الخاطرة فى حياتك وأردت لها جوابًا فالجواب لها يكون من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فأول هذه الأمور التى يجب عليك أن تحرص عليها، الأمر الأول أن تكون من أهل الإيمان مؤمنًا بربك مصدقًا بنبيك عاملًا بما أمرت به لأن الله لا يقبل عمل رجل لا إيمان له حيث قال المولى عز وجل فى كتابه الكريم { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا }.
وتابع قائلًا: أما الأمر الثاني أن يكون عملك وفقًا لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }، والأمر الثالث هو الإخلاص فإنك إن لم تكن مخلصًا فإن الله سيقول لغير المخلص إذهب فطلب أجرك ممن عملت من أجله أما إذا كنت عملت من أجله فخذ الأجر والثواب من عندى هذة هى الأمور التى يجب أن تنتبه لها.
أحب الأعمال لله تعالىقال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، والصلاة فى وقتها، الجهاد في سبيل الله، الصدقات.
وأضاف شلبي فى الإجابة عن سؤال « ما أحب الأعمال لله تعالى ؟»، أن من أحب الأعمال لله تعالى هى الإيمان بالله تعالى، والصلاة على وقتها، و بر الوالدين، و الجهاد فى سبيل الله، و صلة الأرحام، و قراءة القرأن و الصدقات فكل هذه أعمال يحبها الله عز وجل ولكن الأهم أن يداوم الإنسان على فعلها فلا يبر الإنسان منا أمه إلا يوم عيد الأم فقط ويتركها طوال العام لا يطيعها، ولا أن يخرج صدقة فى رمضان ويظل باقى العام لا يخرج صدقات فأحب الأعمال لله عز وجل أدومها وإن قلت.
وأضاف "المداومةُ على الطاعات هي من أحبّ الأعمال إلى الله، لحديث: سُئِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال: أدوَمُها وإن قلَّ، ومن فضلها أنّها من صفات المؤمنين الموفّقين، وقد وصّى الله تعالى بها عبادَه من الأنبياء، ومن ثمراتها أنّها سبيلٌ لزيادة الإيمان، ووقايةٌ من الغفلة التي قد تكون سببًا في الخسران والهلاك، وهي سبب لنجاة الإنسان وقت المصائب، وسبب لتحصيل محبّة الله تعالى ودخول الجنّة، ولمحو الذنوب، ولحسن الخاتمة.