«إصلاح مالي».. توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية وزيادة بـ«الأجور والعلاوة»
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
تعمل الدولة على رفع كفاءة الإنفاق الاجتماعى، تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية، لضمان الجودة وزيادة قاعدة المستفيدين من مخصّصات الموازنة، بما يُسهم فى تعزيز التنمية البشرية وتعظيم استفادة المواطنين مما تنفقه الخزانة العامة على قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية التى تُعد الأكثر تأثيراً فى حياة الناس.
وتخطّت الحكومة، ممثلة فى وزارة المالية، عقبات الإصلاح المالى باعتماد سياسات جديدة الهدف منها توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، ورفع الحد الأدنى للأجور، ورعاية محدودى الدخل، وتعظيم الإيرادات من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة التى ترتبط بالاستهلاك، وعليه يُسهم الأعلى دخلاً فى سداد الجزء الأكبر من هذه الضريبة.
وجاء تحسين أجور العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات خلال عام 2024، على نحو يتّسق مع جهود الدولة فى توسيع إجراءات ومبادرات ومخصّصات الدعم والحماية الاجتماعية الهادفة للارتقاء بالأوضاع المعيشية للمواطنين، وتخفيف الأعباء عن كاهلهم؛ بما يُسهم فى احتواء أكبر قدر ممكن من تبعات الموجة التضخّمية غير المسبوقة؛ تأثّراً بتداعيات جائحة كورونا، وما أعقبها من توترات جيوسياسية.
فى عام 2023، تم رفع إجمالى الدخل للعاملين بالدولة وأصحاب المعاشات، من خلال حزمتى «تحسين الأجور» فى أبريل وأكتوبر الماضيين اللتين يبلغ إجمالى تكلفتهما 210 مليارات جنيه، تحملتها الخزانة العامة للدولة رغم ما تعانيه موازنات مختلف الاقتصادات الناشئة بما فيها مصر من ضغوط ضخمة نتيجة للارتفاع الشديد فى أسعار السلع والخدمات الأساسية من غذاء ووقود وغيرهما، وزيادة تكاليف التمويل على نحو بات معه الوصول إلى الأسواق الدولية أكثر صعوبة وكلفة.
وتسعى الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية، بحيث تنعكس أى زيادات مالية للعاملين بالدولة فى رفع الحد الأدنى للأجور، وهذا ما تجسّد خلال الأربع سنوات الماضية؛ حيث تم رفع معدلات الأجور 5 مرات، فوصل من 1200 جنيه إلى 4000 جنيه، بنسبة زيادة تتجاوز 230%، وزيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية لتصبح 600 جنيه بدل 300 جنيه لجميع العاملين بالجهاز الإدارى للدولة والهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، بتكلفة تصل إلى 1.5 مليار جنيه شهرياً، و15 مليار جنيه حتى نهاية العام المالى 2023 - 2024.
وتم رفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل من 36 ألف جنيه إلى 45 ألف جنيه، بزيادة قدرها 25%، وهو ما يكلف الموازنة العامة للدولة نحو 3.75 مليار جنيه، بالإضافة إلى استفادة أصحاب المعاشات الاجتماعية المسجلين فى برنامج «تكافل وكرامة» بنحو 15%، إذ بلغت مخصّصات البرنامج خلال عام 2023 - 2024 نحو 31 مليار جنيه، الأمر الذى يكلف الموازنة العامة للدولة نحو 3.87 مليار جنيه خلال الأشهر المتبقية بالموازنة، وتمت مضاعفة العلاوة الاستثنائية لأصحاب المعاشات.
وشملت سياسات الحكومة فى الإصلاح المالى، إصدار قانون الخدمة المدنية، الذى أسهم فى احتواء فاتورة الأجور وإدخال هياكل الدفع القائمة على الأداء لترشيد الأداء الحكومى، بجانب إلغاء التعامل بالشيكات الورقية بالجهاز الإدارى للدولة وإحلالها بالتعامل الإلكترونى، والاعتماد على استراتيجية إدارة الدين العام متوسّطة المدى.
ونجحت مصر فى إصدار سندات دولارية بالأسواق العالمية للاستفادة من سعر الفائدة المنخفض بالأسواق الدولية، بالمقارنة مع السوق المحلية، بالإضافة إلى تدعيم سيولة بالعملات الأجنبية، مما أسهم فى زيادة الاحتياطيات الأجنبية، وكذلك ضخ أموال خارجية بالاقتصاد المصرى للحد من أثر المزاحمة بين القطاعين العام والخاص.
وخلال عام 2023، تم زيادة حافز الأداء للمعلمين بالتربية والتعليم والأزهر الشريف، وحافز الجودة لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والأساتذة والأساتذة المساعدين بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، وكذلك زيادة مكافأة التدريب لخريجى كليات الطب، وطب الأسنان، والعلاج الطبيعى، والمعاهد العليا للتمريض، والتمريض المتوسط، والفنى الصحى، بالمستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، ومستشفيات جامعة الأزهر التى تُصرف لهم خلال فترة التدريب «الامتياز»؛ على نحو يعكس جهود الدولة فى الاهتمام بتحسين أجور العاملين بقطاعى الصحة والتعليم.
وقال بلال شعيب، الخبير الاقتصادى، إنه وفقاً لوزارة المالية، تم تخصيص 530 مليار جنيه فى العام المالى الحالى 2023 - 2024 لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، مقارنة بنحو 244.5 مليار جنيه فى العام المالى 2014 - 2015، وسداد 202.2 مليار جنيه لصالح المعاشات، مقارنة بـ33.2 مليار جنيه عام 2014 - 2015، وزيادة مخصّصات معاش «الضمان الاجتماعى» وبرنامج «تكافل وكرامة» من 12.1 مليار جنيه فى 2014 - 2015 إلى 35.5 مليار جنيه، وارتفاع مخصّصات تمويل الإسكان الاجتماعى من 150 مليون جنيه فى العام المالى 2014 - 2015 إلى 12.1 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى، وارتفاع دعم السلع التموينية إلى 128 مليار جنيه، مقارنة بـ32 مليار جنيه فى 2014 - 2015.
وأضاف: فى موازنة 2023 - 2024، رغم التحديات الاقتصادية العالمية، وما يرتبط بها من ضغوط تمويلية ضخمة، تمت زيادة المخصّصات المالية للقطاع الصحى بنسبة 30.4%، لتصل إلى 397 مليار جنيه، مقارنة بـ304.5 مليار جنيه خلال العام المالى 2022 - 2023؛ بما يسهم فى تطوير مستوى الخدمات الصحية المقدّمة للمواطنين، وتقليل الأعباء المالية والنفسية الناتجة عن المرض.
وتابع: تعمل الدولة على توطين الخبرات العالمية وتكنولوجيا المعرفة فى جميع المجالات من أجل تعظيم قدراتنا الإنتاجية، من خلال زيادة الاستثمار فى التعليم والبحث العلمى، لبناء كوادر بشرية تستطيع تحقيق تطلعات المصريين فى التنمية الشاملة والمستدامة، لافتاً إلى أنه تمّت زيادة المخصّصات المالية للتعليم قبل الجامعى والجامعى بنسبة 24% لتصل إلى نحو 591.9 مليار جنيه فى العام المالى الحالى، مقارنة بـ467.1 مليار جنيه خلال العام المالى 2022 - 2023، ورفع المخصّصات المالية للبحث العلمى بنسبة 17.5%، لتصل إلى 99.6 مليار جنيه، مقارنة بـ84.8 مليار جنيه خلال العام المالى 2022 - 2023.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اقتصاد مصر الإفراجات الجمركية الجمارك لوجستيات جنیه فى العام المالى ملیار جنیه خلال ملیار جنیه فى
إقرأ أيضاً:
المشاط: 16 مليار جنيه تمويلات ميسرة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي منذ 2020
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في منتدى «انتربرايز مصر 2025» تحت عنوان «تهيئة مستقبل الأعمال المصرية»، وذلك في إطار الحرص على تعزيز التواصل مع القطاع الخاص ومجتمع الأعمال لاستعراض ركائز «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية».
وخلال مشاركتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» برنامج إصلاح اقتصادي جديد لا يقتصر على المحور المالي ولكن يتضمن قطاعات الاقتصاد الحقيقي وجدولا زمنيا لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
وأوضحت أن الحكومة تستهدف التحول إلى القطاعات الأعلى إنتاجية بمشاركة رئيسية من القطاع الخاص، من أجل الدفع نحو مزيد من الصادرات، والاستفادة من التطورات التي تحدث عالميًا لفتح أسواق جديدة، وفي ذات الوقت الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، من خلال السياسات المالية والنقدية، وحوكمة الاستثمارات العامة.
الإصلاحات المالية والنقدية
وأشارت الى الإصلاحات المالية والنقدية التي حدثت في مارس 2024 والتي جاءت بعد فترة من التحديات بسبب الصدمات الجيوسياسية التي شهدها الإقليم والعالم، لافتة الى التعافي الذي نراه في الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدة أن من المهم النظر الى مصادر النمو، لافتة الى أن معدل النمو وصل الى 4.4% خلال العام المالي 2024/2025، وفي الربع الأخير 5%، وتأتي مصادر ذلك النمو من قطاع الصناعة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، إلا أن هناك قطاعات حققت معدلات سلبية مثل قناة السويس، وعلى الرغم من المساهمات السلبية من بعض القطاعات الأكثر استقرارًا وتقليدية فإن الناتج المحلي الإجمالي يُدفع فعليًا من خلال قطاع الصناعة مثل صناعة الأدوية، وتصنيع المركبات، والمنسوجات، وبعض الصناعات الكيماوية.
وحول قطاع السياحة، أشارت «المشاط»، إلى أن هذا القطاع يستفيد من البنية التحتية التي تم تطويرها خلال السنوات القليلة الماضية، لافتة الى افتتاح المتحف الكبير في نوفمبر المقبل والذي سيعمل على جذب مزيد من السياح.
وأوضحت أن 57% من اجمالي الاستثمارات الكلية خلال العام المالي الماضي تأتي من القطاع الخاص، وهذا يأتي على خلفية الالتزام بسقف الاستثمارات العامة وحوكمتها وتوجيهها للقطاعات ذات الأولوية، إلى جانب الكثير من الإصلاحات الجارية لتسهيل الأعمال، ولخلق بيئة أكثر تنافسية فيما يتعلق ببعض الإعفاءات التي كانت الحكومة قد منحتها للشركات المملوكة للدولة.
كما أوضحت أن كل برنامج الإصلاح الهيكلي يستند إلى ثلاث ركائز رئيسية هي الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، ودفع المزيد من التنافسية وزيادة مشاركة القطاع الخاص، والتحول الأخضر، لافتة إلى أن "السردية" تتضمن أكثر من أكثر من 100 إصلاح هيكلي تم وجار تنفيذها لتعزيز بيئة الأعمال والحياد التنافسي لتشجيع نمو استثمارات القطاع الخاص.
وأضافت أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، تتضمن فصلًا كاملًا عن كفاءة ومرونة سوق العمل والتشغيل، لتحقيق الربط بين ربط برامج التعليم والتدريب المهني واحتياجات سوق العمل والتوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، فضلًا عن التكامل بين استراتيجيات التجارة والصناعة والتشغيل.
وأكدت أن ما نحاول القيام به هو ضمان أن نموذج الاقتصاد المصري يسير نحو قطاعات ذات إنتاجية أعلى، وأيضًا قطاعات ذات مضاعفات توظيف أعلى، بحيث نتمكن من رؤية مجموعة المهارات مع شهادات الاعتماد المتاحة.
قطاع الصناعة
وتطرقت إلى النمو في قطاع الصناعة خاصة صناعة الملابس الجاهزة والمنسوجات، مشيرة إلى أن الإجراءات التي قامت بها الدولة انعكست على زيادة الاستثمارات في هذا المجال، وحينما ننظر إلى الشركات المصدرة للملابس الجاهزة نجدها تتواجد في صعيد مصر، الأمر الذي يعكس تركيز الدولة على توطين التنمية والتوجه للمناطق الأكثر احتياجًا وسد فجوات التنمية الجغرافية، كما تعمل «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، على الاستفادة من المميزات النسبية للمحافظات.
وأوضحت الوزيرة، أن هناك عددا كبيرا من الشركات العاملة في مصر التي تستفيد حاليًا من التمويل الميسر المقدم من المؤسسات المالية الدولية، مشيرة الى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، حيث تعد مصر بمثابة منصة عمل مشتركة لهذه المؤسسات وغيرها لتوفير التمويل الموجّه إلى القطاع الخاص المصري.
وأوضحت انه خلال الأربع سنوات الماضية فقط، حصل القطاع الخاص المصري على أكثر من 16 مليار دولار، سواء في شكل خطوط ائتمان، أو زيادة في رؤوس الأموال، أو تمويلات ميسرة بشروط تفضيلية.
وفيما يتعلق بالتحول الأخضر، أشارت إلى المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي» (NWFE) وهي منصة الاستثمار في مشروعات محور المياه والغذاء والطاقة والتي شارك فيها عدد كبير من البنوك الدولية والمؤسسات الثنائية لتوجيه التمويلات مباشرة إلى القطاع الخاص. وبالتالي، فإن القطاع الخاص المصري سواء المحلي أو الأجنبي كان قادرًا على الاستفادة من التمويلات الدولية بفضل العلاقات القوية التي تربط مصر بالمجتمع الدولي.
وأضافت أنه من بين تلك المشروعات، افتتاح مشروع جديد في نجع حمادي لتغذية مجمع مصر للألومنيوم بالطاقة المتجددة من خلال مشروع تنفذه شركة سكاتك النرويجية بتمويل من مؤسسات التمويل الدولية.
وأوضحت أن الوزارة تعمل على زيادة وتحفيز تلك التمويلات من خلال الشراكات القائمة، وعلى رأسها ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي التي تسجل نحو 1.8 مليار يورو.
وبالنسبة إلى أسعار الفائدة، أوضحت «المشاط»، أنه عند النظر إلى معدلات التضخم، نجد أن وضوح السياسات هو العامل الأساسي لاستمرار الاستثمارات، لافتة الى بيانات البنك المركزي المصري والتي أوضحت الأهداف المحددة بشأن السيطرة على التضخم، لافتة الى أنه عندما تتكامل الأهداف المالية مع الأهداف النقدية ومع حوكمة الاستثمارات العامة، فإن الاستقرار الاقتصادي الكلي يُصبح أمرًا مستدامًا. وهذا هو السبيل الوحيد لضمان استمرار التعافي في معدلات النمو المحلي الإجمالي الذي نلاحظه اليوم في الاقتصاد المصري.
توقعات متفائلة
وفي إجابتها عن تساؤل حول رؤيتها للعام القادم 2026 بالنسبة للاقتصاد المصري، قالت إن 2026 سيكون نقطة تحول مهمة جدًا لمصر، استنادًا إلى التطورات الإيجابية في العام المالي الماضي، وزيادة معدلات النمو، موضحة أنه إذا قمنا بتسريع وتيرة الإصلاحات وفق ما هو محدد في إطار تحسين بيئة الأعمال، ومبادرات التأهيل المؤسسي والتنظيمي إلى جانب ما يحدث على الصعيد الاجتماعي مثل التأمين الصحي الشامل، وبرامج الحماية الاجتماعية، وزيادة الاهتمام بالمدارس الفنية والتدريب المهني، فكل هذه الجهود مجتمعة ستدفع الاقتصاد في الاتجاه الصحيح.كما أن قناة السويس ستواصل تقديم دفعة إضافية للنمو، ونرى كذلك مؤشرات إيجابية على تعافي قطاع النفط والغاز، في حين يحقق قطاع السياحة هذا العام أرقامًا قياسية جديدة، ونتوقع أن يكون عام 2026 استمرارًا لهذا الانتعاش.