حققت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات كبيرة، تجاه دعم قطاع إنتاج المحتوى الرقمي، والاستثمار في مقوماته، لرفع حجم مساهمته في اقتصاد الدولة، إذ كانت هذه الخطوات أحد المحاور الرئيسية لـ”الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية”، وجاءت لتستكمل سلسلة مبادرات وفعاليات لاستقطاب العاملين في الصناعات الإبداعية، وصنّاع المحتوى المبدعين، وتطوير منظومة أعمال المحتوى الرقمي خلال السنوات العشر الماضية بهدف زيادة نسبة مساهمته لتصل إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2031.

ومن يتابع منجزات دولة الإمارات في هذا الإطار، يجد أنها احتلت مركزًا تنافسياً لتوفير بيئة مثالية وداعمة للصناعات الإبداعية وصناعة المحتوى الرقمي، وباتت وجهة روّاده من الشركات والمؤثرين والعاملين في المجال، ومن ضمن هذه المنجزات أيضاً احتلال إمارة دبي المركز الأول عالمياً في جذب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية في 2022.

ويبلغ حجم صناعة المحتوى عالمياً اليوم نحو 250 مليار دولار، وسيصل إلى نحو نصف تريليون دولار بحلول عام 2027 وفقاً لـ “غولدمان ساكس”، وهو ما يضاعف حجم مساهمتها في الناتج الوطني الإجمالي لبلدان العالم، ويوضح السر وراء منافسة كبرى الدول على قيادتها والاستثمار في فرصها الراهنة والمستقبليّة، وهو ما نشهده باستضافة دولة الإمارات أكبر تجمع لصنّاع المحتوى والمؤثرين في العالم من خلال “قمة المليار متابع” التي تنظمها “أكاديمية الإعلام الجديد” يومي 10 و11 يناير 2024 في أبراج الإمارات ومتحف المستقبل في دبيوعلى المستوى العربي، يظهر تقرير “آفاق الترفيه والإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2020- 2024” الصادر عن “استراتيجي آند”، بأنه من المتوقع أن يشكّل المحتوى الرقمي نسبة 46% من قيمة الإنفاق المتوقع على الإعلام والبالغ 22 مليار دولار أمريكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2024، في زيادة لافتة من 37% في عام 2019.

وتكشف هذه الأرقام أن هناك في الأفق القريب قطاعاً اقتصادياً جديداً يتشكل، وهو ما يتطلب من العالم العربي أن يمهد الطريق نحو نموه، عبر مواصلة إنشاء المنصات والمزيد من الأكاديميات المتخصصة، ودعم البنية التحتية وتطوير القوانين والتشريعات التي تضمن أن تكون هذه الصناعة عامل بناء وتقدم، وتراعي في الوقت ذاته خصوصية العمل الإبداعي ، كما يتطلب أيضاً من صناع القرار وضع تصور استراتيجي لكيفية الاستثمار في المواهب وتنميتها وبناء شراكات بينها وبين المؤسسات والهيئات ذات العلاقة.

 

الإمارات أرض المواهب

وقالت سعادة عالية الحمادي، الرئيس التنفيذي لأكاديمية الإعلام الجديد: “تتجه دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى واثقة نحو اقتصاد المستقبل، الاقتصاد القائم على العلم والمعرفة والابتكار والصناعات الإبداعية، ومن أهم سمات هذا الاقتصاد، أن الأفكار والمواهب البشرية تشكل موارده الرئيسية، وهو يتجسد في الكثير من الصناعات التي نشهدها اليوم وفي مقدمتها صناعة المحتوى بوصفها صناعة قائمة على تفوق الموهبة وقوة الفكرة والتميز في استخدام التقنيات المتاحة لتحقيق حضور مؤثر وذي أثر إيجابي بين أوساط الجمهور”.

وأضافت الحمادي “من هذا المنطلق، تعمل دولة الإمارات على تهيئة المناخ لنمو صناعة المحتوى عبر البرامج والمبادرات التي تهتم بتنمية القدرات الذاتية للموارد البشرية ودعمها وتوفير الفرص لتأهيلها، وهو ما نراه متجسداً في التناغم والتوافق بين كافة المؤسسات والهيئات التي تتنافس على دعم وتطوير صناعة المحتوى ومن أبرزها تنظيم قمة “المليار متابع”. إن كل هذه الجهود تصب في رؤية واحدة وهي أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة أرض المواهب والموهوبين وخيار كل من يبحث عن بداية لتحقيق حلمه في هذا السياق.”

 

جهود أكثر تخصصية

وأصبحت جهود دعم مقومات منظومة المحتوى الإبداعي الرقمي أكثر تخصصية من أي وقت مضى، وهو ما شهدناه بتوفير منصة متخصصة لدعم صنّاع المحتوى، الذين يبلغ عددهم أكثر من 300 مليون صانع محتوى، وفقًا لدراسة عالمية قامت بها شركة Adobe في عام 2022، من خلال “قمة المليار متابع”، القمة المتخصصة الأولى من نوعها في العالم والحدث التفاعلي الإبداعي الذي يجمع رواد صنّاعة المحتوى الرقمي حول العالم، ممن يتابعهم مجتمعين أكثر من مليار مستخدم على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

وتجسد القمة ملامح استراتيجية دولة الإمارات في أن تكون حاضنة لمبدعي العالم، وأولى النماذج في المنطقة التي ترسي قواعد قطاع اقتصادي حديث ضمن منظومة ومحركات اقتصادها، حيث تستهدف القمة استقطاب أبرز صنّاع المحتوى في العالم وممثلي كبرى شركات مواقع التواصل الاجتماعي في منصة واحدة، وفي الوقت نفسه تحويل تجارب وخبرات المشاركين في الحدث إلى دروس ومهارات يتبادلونها مع صنّاع المحتوى الجدد.

 

أبعاد تنموية اجتماعية

وحول تنامي صناعة المحتوى الرقمي كقطاع مساهم في اقتصادات بلدان العالم، ومؤثر في خيارات الوصول لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة، قال حسين العتولي، مدير أكاديمية الإعلام الجديد: “شكّلت صناعة إنتاج المحتوى الرقمي خلال السنوات العشر الماضية، واحدة من الصناعات المساهمة في اقتصادات بلدان المنطقة والعالم، فقد استحدثت عشرات الأنواع من الوظائف والمهن، وفي الوقت نفسه استفادت من تنامي أعداد مستخدمي الإنترنت ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في العالم”.

وتابع العتولي: “اليوم هنالك أكثر من 300 مليون صانع محتوى حول العالم، بينما بات المستخدم يقضي وقتاً على الإنترنت أكثر من ضعفي الوقت الذي يقضيه المرء في مشاهدة التلفزيون، كما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعد هذا القطاع بنمو متسارع وغير مسبوق خلال السنوات القليلة المقبلة، فكل ما تحقق وكل ما وصلت له هذه الصناعة من نتائج من المتوقع أن يتضاعف في فترة قصيرة مع ثورة الذكاء الاصطناعي وتطوّر أدواته”.

وأضاف: “أهمية هذه الصناعة ليست اقتصادية وحسب، وإنما تنموية اجتماعية في المقابل، فاليوم صنّاع المحتوى والمؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي يخاطبون قاعدة واسعة من جماهير المتابعين، وهو ما يتيح لهم فرصة أن يكونوا جزءاً من المشهد التنموي وداعمين للسياق الثقافي والاجتماعي لكل دولة، لهذا كنا حريصين في (أكاديمية الإعلام الجديد) على دعم الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية لدولة الإمارات، والعمل لتكون الإمارات حاضنة لمبدعي العالم، وهذا ما يتحقق اليوم في الحدث الأضخم عالمياً الذي يجمع صنّاع المحتوى الرقمي (قمة المليار متابع)”.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

«غذاء القابضة» تستخدم تقنيات SAP بمجال الذكاء الاصطناعي لتعزيز التحول الرقمي

 
أبوظبي (الاتحاد)
أبرمت «غذاء القابضة»، والتابعة للشركة العالمية القابضة، شراكة مع SAP لتحقيق التحول الرقمي في أعمالها الرئيسية.
وتم الإعلان عن هذه الشراكة خلال منتدى «اصنع في الإمارات» الذي عُقد هذا الأسبوع في أبوظبي، مما يؤكد التزام «غذاء» بتعزيز الأمن الغذائي والمرونة الصناعية في دولة الإمارات من خلال التكنولوجيا المتقدمة.
واعتبر فلال أمين، الرئيس التنفيذي في غذاء القابضة، هذه الشراكة خطوة رئيسية نحو مواكبة عمليات المجموعة للمستقبل وتسريع مساهمتها في استراتيجية الأمن الغذائي لدولة الإمارات، حيث تستثمر في بنية تحتية رقمية عالمية المستوى لجعل أعمالها أكثر مرونة وذكاء واستجابة للاحتياجات المتطورة باستمرار في الدولة والمنطقة.
وقال مروان زين الدين المدير العام لشركة SAP في دولة الإمارات: تقدم غذاء القابضة مثالاً متميزاً على دور الاستثمار الرقمي الهادف في تحقيق قيمة استراتيجية طويلة الأجل، ومن خلال الجمع بين قدرات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتخطيط، تبني «غذاء» الركيزة الرقمية اللازمة لدعم الأولويات الوطنية والاستفادة من فرص النمو الجديدة.
وستتولى NTT DATA، الشركة العالمية الرائدة في مجال التكنولوجيا والاستشارات، تنفيذ هذه المبادرة.
وفي إطار هذا التعاون، ستتعاون غذاء القابضة وNTT DATA أيضاً في تطوير حلّ رقمي رائد لقطاع السلع الاستهلاكية المعبأة، بمنصّة تركّز على منتجات الألبان والدواجن، وبالاعتماد على المعرفة العميقة بالقطاع والابتكار التكنولوجي، من المتوقع أن تشكّل المنصة الجديدة نموذجاً إقليمياً ريادياً، وأن تشجع مزيداً من الرقمنة في القطاع.
وقال الدكتور بحري دانيش، نائب الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في شركة NTT DATA، إن هذا المشروع يجسّد قدرة التكنولوجيا عند دمجها مع الرؤية الطموحة، مشيراً إلى أن الشركة تهدف من خلال تضافر الجهود لإنشاء حلول للسلع الاستهلاكية المعبأة، إلى تقديم قيمة مستدامة لـ«غذاء»، وللقطاع ككل، وقال إن مشروع SAP للتحول الرقمي الشامل يستمر لمدة عامين، ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى منه في منتصف عام 2026.

أخبار ذات صلة تعاون بين «إيدج» و«سبيشاليست ميكانيكال إنجنيرز» لتصنيع مكونات المركبات البرية بالإمارات تعاون بين «إي بوينت زيرو» و«إنترناشيونال ريسورسيس» في إزالة الانبعاثات من عمليات التعدين

مقالات مشابهة

  • 56.5 مليار درهم إيرادات قطاع الإعلام في الإمارات 2025
  • صناعة المحتوى .. بين الطموح وعصف الاجندات !
  • «إمستيل» تستثمر 3.5 مليار درهم في المشتريات المحلية من 1365 مورداً
  • الجهود الدبلوماسية الإماراتية تثمر بإدخال أول شحنة مساعدات إنسانية إلى غزة بعد أكثر من 80 يوماً من الانقطاع
  • الذهب يحقق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر
  • االإمارات ضمن أكثر الاقتصادات الرقمية ديناميكيةً وتطوراً في العالم
  • عطل مفاجئ يضرب “إكس” ويؤثر على آلاف المستخدمين حول العالم
  • «غذاء القابضة» تستخدم تقنيات SAP بمجال الذكاء الاصطناعي لتعزيز التحول الرقمي
  • «أدنوك» تُرسي عقوداً بقيمة 543 مليون درهم لشراء منتجات مُصنّعة في الإمارات
  • غذاء القابضة تستخدم الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي