جهود أميركية أوروبية لمنع تحول حرب غزة إلى صراع إقليمي
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
عواصم (الاتحاد، وكالات)
أخبار ذات صلةحذرت المملكة الأردنية الهاشمية من التداعيات الكارثية لاستمرار الحرب في قطاع غزة، مشددةً على ضرورة وضع حد للأزمة الإنسانية المأساوية بالقطاع، جاء ذلك فيما تصاعدت التحذيرات الغربية من تحول الحرب بالقطاع إلى صراع إقليمي.
وحذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لدى لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس، من التبعات الكارثية لاستمرار الحرب على قطاع غزة.
وذكر بيان للديوان الملكي الأردني، أن الملك عبدالله الثاني أكد خلال اللقاء ضرورة وضع حد للأزمة الإنسانية المأساوية في قطاع غزة، لافتاً إلى أهمية الدور الأميركي في الضغط باتجاه وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية بشكل مستدام.
وأوضح أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار من دون حل عادل للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين.
وجدد رفض الأردن الكامل للتهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي.
وشدد الملك عبدالله على رفض الأردن محاولات الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية باعتبارهما امتدادا للدولة الفلسطينية الواحدة. واعتبر أن «ما يمارسه المستوطنون المتطرفون من أعمال عنف بحق الفلسطينيين وانتهاكات للأماكن المقدسة في القدس أمر مرفوض ويجب التصدي له قبل أن يؤدي إلى تفجر الأوضاع في المنطقة».
من جهة أخرى، ذكرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان أن الوزير بلينكن التقى نظيره الأردني أيمن الصفدي، حيث أكد الصفدي ضرورة وقف إسرائيل جميع خطواته اللاشرعية التي تدفع نحو تفجر الأوضاع في غزة.
وأوضحت، أن الصفدي وبلينكن اتفقا على ضرورة إيصال المساعدات إلى قطاع غزة وضرورة تمكين النازحين الفلسطينيين من الشمال من العودة إلى بيوتهم ومناطقهم.
وأكد الصفدي وفق البيان على «عبثية أي طرح مستقبلي يكرس فصل غزة عن الضفة الغربية وخارج سياق خطة شاملة تلبي حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة على أساس حل الدولتين».
وفي سياق متصل، قال أنتوني بلينكن في أثينا قبيل وصوله إلى الأردن، إن «الولايات المتحدة تريد التأكد من استخدام دول المنطقة لعلاقاتها من أجل منع التصعيد»، كما أشار إلى زيارته إلى تركيا، والتي اعتبر أن قادتها مستعدون لـ«استخدام علاقاتهم مع الأطراف الأساسية في المنطقة لتهدئة الصراع».
وتحدث بلينكن أيضاً عن الأوضاع الإنسانية الخطيرة في غزة، وقال: إن «واشنطن تبحث مع حلفائها ما يمكن فعله لحماية المدنيين في القطاع».
بدوره، نبّه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى ضرورة تجنّب جرّ لبنان إلى نزاع إقليمي.
وغداة وصوله إلى بيروت، قال بوريل: «أعتقد أنه يمكن تجنّب الحرب، ويجب تجنّبها، ويمكن للدبلوماسية أن تسود للبحث عن حل أفضل»، مخاطباً في الوقت ذاته الإسرائيليين بالقول: «لن يخرج أحد منتصراً من نزاع إقليمي».
وقال بوريل إنه اتفق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي على «العمل لخفض التصعيد والاستقرار على المدى الطويل»، وذلك خلال اجتماع تناول التوترات بجنوب لبنان وحرب غزة.
ودق بوريل ناقوس الخطر بشأن «تكثيف تبادل إطلاق النار» عند الحدود بين لبنان وإسرائيل. وقال بوريل: «الأولوية هي تجنب التصعيد الإقليمي وتعزيز الجهود الدبلوماسية بهدف تهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين، وفي كامل المنطقة».
في غضون ذلك، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أمس: إن الأوضاع في الشرق الأوسط تتطلب الخروج مما وصفته بـ«الدائرة الأبدية للعنف».
جاء ذلك في تصريح صحفي للوزيرة قبيل جولتها الرابعة من نوعها منذ أكتوبر الماضي التي بدأتها أمس، إلى الشرق الأوسط للدعوة إلى التهدئة والحؤول دون توسع رقعة الصراع.
وأشارت الوزيرة إلى ضرورة حماية المدنيين في قطاع غزة وإلى توفير المزيد من المساعدات الإنسانية وحماية سكان القطاع من الجوع والأوبئة والبرد.
وستركز المحادثات التي ستجريها الوزيرة في محطاتها الأربع على الوضع الإنساني المأساوي في قطاع غزة والوضع الأمني في الضفة الغربية المحتلة إضافة إلى التوترات على حدود لبنان مع إسرائيل.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: المملكة الأردنية الهاشمية غزة فلسطين إسرائيل أنتوني بلينكن الولايات المتحدة فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
صراع البقاء
#صراع_البقاء*
#هبة_طوالبة
في بحر السياسة الواسع، هناك من ينجو ومن يغرق، ومن لا يعرف كيف يسبح مع تيارات المصالح المتغيرة سيبتلعه التيار دون رحمة. والصراع الإيراني–الإسرائيلي هو خير مثال على هذه القاعدة التي تحكم لعبة الأمم. فمنذ سقوط شاه إيران عام 1979، حين تحوّل النظام الملكي إلى جمهوري إسلامي ثوري، بدأت صفحة جديدة من الصراع الممتد الذي لم تعرف له المنطقة مثيلاً. إيران التي لم تعد تكتفي بدور المراقب أو اللاعب الثانوي، بل صارت ترى إسرائيل العدو الأول، وبدأت بتعزيز نفوذها عبر دعم جماعات مسلحة كحزب الله في لبنان، وجماعات أخرى في سوريا والعراق واليمن، لتصبح بذلك حروب الوكالة سمة دائمة في المنطقة.
على الجانب الآخر، كانت إسرائيل تراقب هذا التمدد الإيراني بقلق متزايد، واعتبرته تهديدًا وجوديًا لا يمكن السماح له بالاستمرار. لهذا، عمدت إلى خوض مواجهات مباشرة وغير مباشرة، عبر ضربات جوية، وحملات استخباراتية، وتعاون استخباراتي مع دول أخرى، في محاولة لمنع أي تحوّل استراتيجي لصالح إيران. هذا الصراع الدموي، الذي يمتد لأكثر من أربعة عقود، لا يخضع لمبادئ السلام ولا للعواطف، بل هو لعبة قاسية للقوة والمصالح.
مقالات ذات صلةوفي عام 2025، تأخذ الأمور منعطفًا أكثر تعقيدًا. إيران لا تزال تمد أذرعها في أنحاء المنطقة، تستثمر في تحالفاتها وتوسع نفوذها، وتستغل الصراعات الداخلية في الدول المجاورة لتعزيز موقعها. إسرائيل، من جهتها، تستمر في استراتيجية الردع والهجوم الاستباقي، وتحشد دعمًا دوليًا خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية. أما واشنطن، بعد عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، فتُعيد إحياء سياسة الضغط الأقصى على إيران، معتمدة على تحالف قوي مع إسرائيل، ورافضة أي تساهل قد يُفسح المجال لنفوذ إيراني أوسع.
ومن خلال نظرة نظرية الواقعية في العلاقات الدولية، نُدرك أن هذه المعادلة لا يمكن تفسيرها إلا عبر عدسة القوة والمصلحة. فالنظام الدولي، كما تقول الواقعية، فوضوي بطبيعته، لا وجود فيه لسلطة مركزية تحكم الدول أو تحميها. كل دولة تسعى لأن تبقى وتزيد من قوتها، لا تهمها المبادئ أو القيم بقدر ما تهمها حمايتها الأمنية والمصالح الاستراتيجية. إيران تدعم وكلاءها لأنها ترى في ذلك استثمارًا استراتيجيًا ضروريًا لبقائها، إسرائيل تدافع بقسوة لأنها ترى في أي تراجع تهديدًا لوجودها، وأمريكا، بقيادة ترامب، تعيد رسم ملامح المنطقة عبر فرض قوتها وحصار خصومها.
لكن رغم هذه الحرب الباردة الساخنة، الواقع يفرض نفسه. فحتى إيران، التي تبدو غير قابلة للانحناء، تدرك أن الانفجار الكامل سيكلفها الكثير، وربما قد يدمر ما بنته طوال عقود. من هنا، طاولة المفاوضات تبقى الخيار المحتمل، وإن كان مرًا، فهي محاولة للعبور من دوامة التصعيد التي قد تجر الجميع إلى مستنقع لا يخرج منه أحد بغير خسارة. وأمريكا، مهما صعدت من لهجتها، تدرك أن مصالحها تستوجب بقاء توازن هش في المنطقة، وعدم دفعها نحو جحيم لا مخرج منه.