لجريدة عمان:
2025-05-25@07:29:47 GMT

نوافذ :الشر والخير.. سِعار الفردية

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT

[email protected]

يعي جميعنا - كما أجزم- أن النفس البشرية مفطورة على الشر، كما هي مفطورة على الخير، وفي لحظات معينة تنتصر للخير، وفي لحظات أخرى تنتصر للشر، وفي كلا الحالتين هي تنحاز إلى ذاتها الخاصة، متجاوز بذلك مفهوم؛ المصلحة العامة، فهي تنحاز أول من تنحاز إليه هو المطلب الخاص، ثم يمكن التفكير في المصلحة العامة، والمهم في هذه المسألة هو عندما يتم تجيير المفاهيم الكبيرة، وإسقاطها على هذا مفهوم «الفردية» ومناخاتها الخاصة، ومن يذهب إلى هذا الفهم «التجيير» يُحَمِّلُ المفاهيم فوق طاقتها، أو إلى غير ما تذهب إليه، لأن سلوكيات الأفراد في توظيف حالتي: الشر والخير، لا يمكن أن تقاس على الفهم الواسع لـ «الإسلام» على سبيل المثال، أو على الـ «وطنية» أو على اللحم الاجتماعية، فما يشذ عن ذلك لا يمكن حسابه على العموم، والدليل على ذلك أنه عندما يرتكب مسلم حماقات ، فهذا لن يضر الإسلام في شيء، وعندما يأتي مواطن على كثير من الموبقات التي تضرب مفهوم الوطنية في مقتل، فلن يضر ذلك الوطن في شيء، وعندما يشذ فرد ما، من أفراد المجتمع في تصرفات كثيرة، فلن يضر ذلك المجتمع في شيء، ولا ينزل الوطن، أو يوسم في شيء من الضلال، فالحياة؛ في حقيقتها؛ قائمة على هذا الخروج عن المألوف، أو المعتاد.

فما يحدث - داخل الحاضنة الإسلامية - من مآس، لا يجب أن تقاس على حقيقة الإسلام أو حتى غير الإسلام، وإنما ينظر إليها على أنها من الفطرة البشرية، التي تسعى إلى تعزيز الملكية الفردية والاستحواذ على الآخر، بكل ما أوتي من قوة لدى هذه الفردية، سواء بالطيب والخاطر، أو بالقوة القاهرة، فالانتصار للذات هو ديدن البشرية كلها، ولو كلف ذلك زهق الأرواح وإراقة الدماء، كما هو حادث في كل زمان ومكان، فالنزعة العدوانية، أو النزعة نحو السوء بكل أشكاله، هو سلوك فطري يقوم به الإنسان، يمقته في ساعات الرخاء النفسي، ويرى فيه حالة قاسية، لا يجب أن ينتهجها كل ذي لب، ولكنه في حالات أخرى؛ شديدة الحساسية، يرى أن كل الأفعال المؤدية إلى تحقيق رغباته مشروعة، ويبتكر لها مسوغات لمواصلة تدميره للحقيقة الإنسانية، حتى ولو صغر الفعل السيئ، فسوف يظل سيئا، فمن يستولي على ريال ليس من حقه، كمن يستولي على ألف ريال، لا فرق في مفهوم الاستيلاء، ولكن هل مثل هذا السلوك يقدح في الأمانة العامة عند أبناء المجتمع كلهم؟ بالطبع؛ لا؛ فأي سلوك يظل حبيس صاحبه فقط، (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وهذا من العدالة المطلقة، التي وضعها رب العزة والجلال لتبرئة العامة من حماقات الخاصة.

ومن هنا تأتي أهمية تطبيق (الشرع/القانون) لإيجاد حالة التوازن بين أفراد الإسلام، أفراد الوطن، أفراد المجتمع، أفراد الأسرة، بحيث يكون لا إفراط في الإمعان في الحقوق المستحقة، ولا تفريط في الواجبات الموصلة لاستحقاق الحقوق، بمعنى أن لا يترك للفردية سطوتها المطلقة في كلا الأمرين: (الحقوق/ الواجبات) وبدون ذلك سيعم الظلم وشريعة الغاب قائمة، ولو بنسب متفاوتة؛ وفي المقابل؛ أيضا؛ تظل جولات العدل والظلم قائمة، وبالنسب المتفاوتة ذاتها، ويعود هذا التفاوت إلى قدرة الإنسان على التحكم في فرديته، وذلك من خلال تدجينها لسلطة القيم، والدين، والشرع والقانون، فسعار الفردية وجنونها، وتخطيها الحواجز الإنسانية قائم إلى قيام الساعة، ومهادنة هذا الأمر موقوف أمره عند كل فرد على حدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی شیء

إقرأ أيضاً:

بعد ضجة ترامب ورامافوزا.. إليكم مفهوم الإبادة الجماعية بالأمم المتحدة وإن كان ينطبق بجنوب أفريقيا

(CNN)-- قد يصعب أحيانًا البت في ادعاءات الإبادة الجماعية، لكن هذا الادعاء سهل، فالحقائق تُظهر أن الإبادة الجماعية التي يُشير إليها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لا تحدث وأن الجرائم ضد المزارعين البيض في جنوب أفريقيا لا تُمثل سوى جزء ضئيل من إجمالي جرائم البلاد.

وتُشير أحدث البيانات الرسمية في جنوب أفريقيا إلى أن البلاد شهدت 19,696 جريمة قتل بين أبريل/ نيسان 2024 وديسمبر/ كانون الأول 2024، وأن الضحية في 36 جريمة قتل فقط، أي حوالي 0.2%، كانت مرتبطة بمزارع أو حيازات زراعية أصغر.

علاوة على ذلك، كان 7 فقط من أصل 36 ضحية من المزارعين (في جنوب أفريقيا مزارعون سود أيضًا؛ والبيانات الرسمية غير مُصنّفة حسب العرق)، أما الضحايا الـ 29 الآخرون، فكانوا من بين موظفي المزارع، وهم في الغالب من السود.

كما تُظهر بيانات الجماعات التي تُمثّل مزارعي جنوب أفريقيا أن عدد جرائم القتل في المزارع يُقدّر بالعشرات سنويًا، وهي نسبة ضئيلة من إجمالي جرائم القتل في البلاد.

بموجب تعريف الأمم المتحدة، تشترط الإبادة الجماعية ارتكاب أفعال، مثل القتل والإيذاء البدني أو النفسي الجسيم، "بقصد التدمير، كليًا أو جزئيًا، لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه"، ولا يوجد دليل على أن جنوب أفريقيا، التي وزير زراعتها أبيض، قد بذلت أو أشرفت على أي جهد من هذا القبيل.

ولطالما روجت الجماعات القومية البيضاء لادعاء وقوع إبادة جماعية ضد المزارعين البيض في جنوب أفريقيا، وكان ترامب، الذي عجل بمعالجة طلبات اللجوء من جنوب أفريقيا البيضاء حتى مع إبقاء جميع عمليات إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة معلقة، قد أثار فكرة الإبادة الجماعية الأسبوع الماضي وكررها خلال اجتماع مثير للجدل، الأربعاء، مع الرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، أمام الكاميرات في البيت الأبيض.

وقال ترامب في وقتٍ ما الأربعاء: "لذا نستقبل (لاجئين) من مواقع عديدة إذا شعرنا بوجود اضطهاد أو إبادة جماعية، وكان لدينا عددٌ كبيرٌ من الناس، يجب أن أخبرك يا سيدي الرئيس - كان لدينا عددٌ هائلٌ منهم، خاصةً بعد أن رأوا هذا - وهم عمومًا مزارعون بيض، ويهربون من جنوب إفريقيا".

وخلال الاجتماع، لوّح ترامب بنسخٍ مطبوعةٍ لما وصفه بتقارير عن مقتل بيض من جنوب إفريقيا. كما جعل رامافوزا يجلس لمشاهدة مونتاج فيديو يتضمن مقطعًا من مظاهرةٍ تظهر فيها صلبان بيضاء ترمز إلى مزارعين من جنوب إفريقيا قُتلوا.

وأخطأ ترامب في تحديد هذه المواقع على أنها "مواقع دفن" - مُستحضرًا صورة مقبرة جماعية - بدلًا من كونها رموزًا، وبينما قال ترامب لمراسلٍ: "لم أحسم أمري بعد" بشأن ما إذا كانت الإبادة الجماعية تحدث، إلا أنه لم يوضح أن جرائم قتل المزارعين البيض تُمثل نسبةً ضئيلةً من إجمالي جرائم القتل في جنوب إفريقيا.

من عام 1948 إلى عام 1994، خضعت جنوب أفريقيا لنظام الفصل العنصري الذي أخضع الأغلبية السوداء (التي شكلت حوالي 81٪ من سكان عام 2022) ومنح الأقلية البيضاء (التي شكلت حوالي 7٪ من سكان عام 2022) امتيازات، وفي الانتخابات الديمقراطية التي جرت منذ عام 1994 فصاعدًا، انتخبت جنوب أفريقيا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة السود، والذي يرأسه الآن رامافوزا.

مقالات مشابهة

  • 285 ألف زائر و66 فعالية في «سوق رايب ماركت»
  • مفهوم العشق بين نزار قباني وبابلو نيرودا
  • "المركزي" التركي يشدد الخناق على نوافذ الليرة خارج البلاد
  • عمل يجلب الرزق والخير ويحفظ المال من النقص والسرقة.. الأزهر يوضح
  • تفاعل مجتمعي في برنامج ساعة لياقة بشمال الباطنة
  • بعد ضجة ترامب ورامافوزا.. إليكم مفهوم الإبادة الجماعية بالأمم المتحدة وإن كان ينطبق بجنوب أفريقيا
  • شرطة دبي تحتفي بـ«اليوم العالمي للتنوع الثقافي»
  • “التجارة” توضح اشتراطات التأكيد السنوي لبيانات السجل التجاري للمؤسسة الفردية
  • شرطة أبوظبي تكرم شركاءها في تنفيذ مبادرة أطعم تؤجر 2025
  • محافظ أسيوط: معسكر الشباب بنزلة عبد اللاه نموذج لاستثمار الطاقات في خدمة المجتمع