إندبندنت: تهديدات كاميرون للحوثيين مجرد وهم
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
كشف تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية أن معارضي حروب جورج بوش الابن وتوني بلير قبل عقدين من الزمن كانوا يهتفون "لا للحرب من أجل النفط"، فيما يشجب المتظاهرون اليوم الهجوم العسكري الأميركي البريطاني على اليمن لحماية التجارة العالمية في البحر الأحمر.
وذكر التقرير أن وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد كاميرون، هدد بشن المزيد من الضربات الجوية على اليمن، فيما يبدو أنه نسي أن تدخله للإطاحة بنظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011 استغرق في الواقع 6 أشهر، وترك ليبيا في حالة من الفوضى.
وقال إن اليمن يوجد في قلب صراعات متنوعة سواء تعلق الأمر بغزة أو بغرب أفريقيا، وتابع بأنه على الرغم من الأهمية الإستراتيجية لليمن لإطلالته على منطقة تعد ممرا لجزء كبير من التجارة العالمية، فإن الغرب "أهمل بخبث" معاناة اليمنيين لعقود.
وشدد على ضرورة تذَكّر أن التدخل في اليمن له تاريخ مشين، مبرزا أن السفن الحربية الأميركية والبريطانية قد تكون نجحت في صد بعض هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لكن هذا النجاح يأتي بتكاليف باهظة، إذ تُسقط الطائرات المسيّرة صواريخ تبلغ قيمتها مليوني دولار، فيما لا تتجاوز تكلفتها هي 15 ألف دولار.
قلق كبير
وبحسب التقرير، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو استنفاد المخزون الغربي من الصواريخ الدفاعية، فقد اعتمدت أوكرانيا بشكل كبير على إعادة إمداد الناتو بها لصد الضربات الجوية الروسية، لكن في الأسابيع الأخيرة قامت واشنطن بإعادة توجيه إمدادات صواريخ باتريوت إلى إسرائيل.
ومع قيام كوريا الشمالية بإطلاق الصواريخ باعتبارها استفزازا لكوريا الجنوبية واليابان، وتهديد الصين لتايوان، فإن العبء يزداد ثقلا على البحرية الأميركية وحلفائها المنتشرين بأسلحتهم حول الشرايين الاقتصادية الحيوية في العالم.
وبحسب تقرير الإندبندنت، تجاهلت العديد من الأصوات العدوانية في بريطانيا وفي الولايات المتحدة كيف أن البنتاغون ووزارة الدفاع البريطانية، على الرغم من الإنفاق الدفاعي المتضخم، كانا غير قادرين على الحفاظ على مستويات إنتاج أنظمة الصواريخ الدفاعية.
وتابع بأن المناهضين للحرب على حق في انتقاد شركات تصنيع الأسلحة لأنها تحقق أرباحا طائلة، ولكن لأسباب خاطئة، فقد تم إنفاق مليارات لا حصر لها من أموال دافعي الضرائب بشكل سيئ.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
طنِّش تعِش!
د. ابراهيم بن سالم السيابي
في عالمنا اليوم، ومع تطوّر وسائل التواصل وتعدُّد قنوات الاتصال، أصبح التواصل في بعض الأحيان أمرًا شبه مستحيل! نعم، رغم كل هذه السهولة التقنية، صار الحديث مع الآخرين أكثر تعقيدًا. قد تراسل أحدهم في انتظار رد، ولكن لا يأتيك جواب. بل قد تضطر لملاحقته برسالة تلو أخرى، فقط لتسمع في داخلك صدى "التطنيش" يتردد. المكالمات تذهب سُدى، والرسائل لا تجد طريقًا إلى الرد، وكأنك لا تساوي شيئًا. هذا ليس استثناءً؛ بل واقعًا يعيشه كثيرون، حتى في تواصلنا مع من كنا نعتقد أنهم الأقرب إلينا، أصبحت اللامبالاة هي السائدة، وبدلًا من أن يكون التواصل وسيلة لتقريب المسافات، تحوّل "التطنيش" إلى أداة لبناء جدران بيننا وبين من حولنا. لكن السؤال الأهم الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: ماذا يعني "التطنيش"؟ هل هو مجرد تجاهل؟ أم أنه بداية لتفكك علاقات كانت دافئة وأصبحت باردة فاترة؟ المشكلة الحقيقية تكمن في أن بعض الناس يظنون أن "التطنيش" نوعٌ من القوة أو التميّز، لكن، هل تكون قوة الإنسان في تجاهله للآخرين؟ وهل العلو يكون بأن ننسى من حولنا ونتصرّف وكأننا أفضل منهم؟ البعض يضع معايير يصنّف الناس بناءً عليها، والمشكلة أن هؤلاء المصنِّفين أنفسهم لا يملكون في كثير من الأحيان الأدوات لتعديل هذه التصنيفات، ولا حتى القدرة على تغيير تلك المعايير، التي تضع "المصلحة" في أعلى قائمتها. ويغفلون عن حقيقة بسيطة: نحن جميعًا بشر، نعم، كلنا لدينا احتياجات ومشاعر، وكل واحد منا قد يمر بلحظة يحتاج فيها إلى حتى مجرد كلمة طيبة، أو اهتمام صادق، أو حتى مجرد محادثة خفيفة من شخص يشعره بأنه مهتم بأمره. وأحيانًا، حين تتواصل مع أحدهم، يظن أنك تطلب منه مصلحة أو منفعة، لكن، ماذا يضيره لو ساعدك؟ أليس هذا من جوهر ما علّمنا إيّاه ديننا الحنيف؟ ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحبُّ إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا"؟ فالمساعدة، إن كانت في حدود المقدرة، ليست عبئًا، بل فرصة لكسب الأجر وزيادة البركة في الحياة. ولكن، هل بدأنا بتقييم أنفسنا أولًا؟ هل تأمّلنا في طريقة تعاملنا مع الآخرين؟ هل نستحق فعلاً أن نتوقع منهم حسن الظن، بينما نحن من يبني الجدران بينهم وبيننا؟ هل تقييمنا لأنفسنا نابع من قيمنا وأخلاقنا، أم أننا فقط ننتظر من الآخرين أن يعطونا ما نريد دون أن نمنحهم ما يستحقون؟ فالثقة بالنفس ليست في التكبر أو التقليل من شأن الآخرين، بل في أن تكون واثقًا بمكانتك، قادرًا على التعامل مع الجميع بتواضع واحترام، وليس هناك أجمل من أن تترك أثرًا طيبًا في حياة الآخرين، لأن هذا الأثر هو ما سيبقى، بعد أن تزول الألقاب، وتفنى الأموال، وتغيب المكانة. هل فكّرنا يومًا أن تصرفاتنا قد تكون الفارق بين إنارة يوم شخص ما أو تحطيم معنوياته؟ أن كلمة طيبة، أو لمسة اهتمام بسيطة، قد تغيّر حياة إنسان؟ لهذا، علينا أن نعامل من حولنا بلطف، لا بدافع المصلحة؛ بل انطلاقًا من قيمنا التي نؤمن بها. في النهاية، الأثر الطيب هو ما يدوم، هو ما يُخلَّد في قلوب الناس، ويُذكَر عنا حين تتبدّل الأحوال أو نرحل للأبد عن هذا العالم، لكن هذا لا يعني أن نكون في خدمة الآخرين على حساب أنفسنا، بل أن نتصرف بأخلاق تُظهر احترامنا وإنسانيتنا، وكلما عاملنا الناس بهذه الروح، عشنا حياةً أكثر سعادة ودفئًا. ويجب أن ندرك أن "التطنيش" ليس مجرد تجاهل عابر؛ بل هو بداية لهدم جسر كان يربطنا بالآخرين، وإن لم ننتبه، قد نجد أنفسنا في عزلة، بلا أثر، ولا وحب ولا ود لذلك، أيها القارئ الكريم، ردّ على من يناديك، أو يحاول أن يتواصل معك، ولو بكلمة تُجبر الخاطر، ولا تتجاهل أحدًا.
رابط مختصر