تراجع الممثل الأميركي نواه شناب بطل مسلسل "أشياء أغرب" (Stranger Things) عن تصريحاته السابقة الداعمة للجيش الإسرائيلي في قصفه لقطاع غزة، مؤكدا أن أفكاره ومعتقداته "أسيء فهمها.. أنا أقف ضد قتل أي شخص بريء" حسبما قال في فيديو نشره على تيك توك.

وأضاف شناب في الفيديو الذي نشره "أريد فقط السلام والأمان لجميع الأبرياء المتضررين من هذا الصراع.

أجريت عدة مناقشات مفتوحة مع أصدقاء من خلفية فلسطينية، وأعتقد أن هذه محادثات مهمة للغاية، وقد تعلمت منها أننا جميعا نأمل في الأشياء نفسها، وأطالب بإعادة المحتجزين في غزة، وأطالب أيضا بوضع حد لفقدان أرواح الأبرياء في فلسطين، فكثير من هؤلاء الأشخاص هم من النساء والأطفال".

تحريض وسخرية

الممثل الذي أقيم له حفل خاص به في إسرائيل "بار متسفا" -وهو طقس يهودي يُقام عند بلوغ الطفل الـ13 من عمره احتفالا بتكليفه بأداء الفرائض الدينية- كان قد نشر بيانا حماسيا على حسابه على إنستغرام عقب اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، دعا فيه متابعيه إلى التعليق على حسابه "تضامنا مع الحرب".

ولكنه عاد وقال في فيديو حديث "بصفتي أميركي يهودي، أشعر بالخوف.. أخشى على إخوتي وأخواتي في إسرائيل، الذين تعرضوا لهجوم عبثي من قبل حماس. إنني أشعر بحزن شديد عندما أرى القتل الوحشي للأطفال والنساء والجنود الأبرياء الذين يقاتلون للدفاع عن أنفسهم".

وأضاف شناب "أنا، مثل الآخرين، أريد السلام لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. دعونا نتوقف عن الخطابة واختيار الجانبين. وبدلا من ذلك، يجب علينا أن ندرك أننا جميعا نقف إلى جانب الحرب ضد الإرهاب. اختر الإنسانية بدلا من العنف".

وتابع الممثل البالغ من العمر (19 عاما) في الفيديو الذي تراجع فيه عن دعمه للحرب الإسرائيلية على غزة، "أعتقد أن أي شخص لديه أي ذرة من الإنسانية سيأمل في إنهاء العداء بين الجانبين. أنا أقف ضد قتل أي شخص بريء، وآمل أن تفعلوا ذلك أيضا. وآمل فقط أن أرى يوما ما هاتين المجموعتين قادرتين على العيش بانسجام معا في تلك المنطقة".

وختم "آمل أن أرى الناس في عام 2024 عبر الإنترنت أكثر تفهما وتعاطفا، وأن يدركوا أننا جميعا بشر، بغض النظر عن عرقنا، أو خلفيتنا، أو بلد ميلادنا.. نحن جميعا بشر وكلنا متشابهون، ويجب علينا جميعا أن نحب بعضنا بعضا من أجل ذلك، وندعم بعضنا بعضا، ونقف معا من أجل الإنسانية والسلام".

وكان شناب قد واجه ردود فعل غاضبة بعد إعجابه بمقطع فيديو يسخر من الضحايا الفلسطينيين في غزة، وظهر في مقطع، وهو يحمل ملصقات كتب عليها "الصهيونية مثيرة"، مما دفع بعض الأشخاص للدعوة إلى مقاطعة الموسم الخامس من مسلسل "أشياء أغرب" الذي بدأ إنتاجه مؤخرا.

يشار إلى أن نواه شناب بدأ‏ مسيرته الفنية عام 2015، إذ اشتهر بدور "ويل" بمسلسل الخيال العلمي "أشياء أغرب" (Stranger Things)، وأدى صوت تشارلي براون في فيلم كرتون "البينتس" (The Peanuts Movie)، كما أدى دور روجر في فيلم "جسر الجواسيس" (Bridge of Spies) عام 2015، والذي أخرجه ستيفن سبيلبيرغ، وكتبه الأخوان إيثان وجويل كوين.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء

بقلم : سمير السعد ..

في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:

“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”

ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:

“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”

هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.

تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:

“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”

هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:

“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”

فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:

“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”

في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.

ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:

“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”

فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:

“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”

بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:

“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”

لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:

“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”

وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:

“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”

ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.

غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.

شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.

في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية بريطانيا: سنفعل كل ما نستطيع لإنهاء الحرب في غزة
  • في يوم دموي جديد.. الاحتلال يستهدف الأبرياء بالتجمعات السكنية ومراكز الإيواء
  • احتجاجات في خان يونس تطالب حماس بتوقيع اتفاق لإنهاء الحرب
  • ملك الأردن: يجب إنهاء الحرب على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية
  • 4 أشياء يجب تجنبها لمرضي السكري ..فيديو
  • خط أحمر لحماس.. مصدر إسرائيلي يكشف شرط إسرائيل لـإنهاء الحرب في غزة
  • مكتب نتنياهو يتحدث عن تطورات مفاوضات الدوحة.. مناقشات لإنهاء الحرب
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • عاجل- الوفد الإسرائيلي يواصل مفاوضات الدوحة وسط تعثر التقدم ومقترحات لإنهاء الحرب وتجريد غزة من السلاح
  • هل تجزئ الأضحية عن أهل البيت جميعا؟.. الأزهر للفتوى يجيب