«تصفية بلا قيود».. قصف وحصار وتجويع وإبادة جماعية للمدنيين الفلسطينيين
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
تهجير قسرى تدريجى بدأ بضربات جوية تستهدف المدنيين ليتدافع النازحون فى مشهد يحمل الكثير من الخزى والعار للمجتمع الدولى رغم ادعاءات تبنِّى النزعة الإنسانية والمواقف الأخلاقية العادلة بالقرن الواحد والعشرين.. أصبحت غزة مكاناً «غير صالح للسكن»، أو بعبارة أخرى أصبحت «مكاناً لليأس والموت»، وفقاً لوصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، مارتن غريفيث، للوضع فى قطاع غزة المحاصر، الذى يتعرض سكانه لحرب إبادة من جانب إسرائيل بحسب الدعوى القضائية المرفوعة ضد الأخيرة فى محكمة العدل الدولية.
وكيل الأمم المتحدة للشئون الإنسانية أورد تفاصيل هذه الصورة العامة، مشيراً إلى أن «عشرات الآلاف من الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، قُتلوا أو أصيبوا، وأن الأسر كانت تنام فى العراء فى درجات حرارة منخفضة، كما تم قصف المناطق التى أُمر المدنيون بالتحرك إليها حفاظاً على سلامتهم».
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، وفقاً لـ«غريفيث»، بل إن «المرافق الطبية تتعرض لهجوم مستمر، والمستشفيات القليلة التى تعمل جزئياً مكتظة بالمرضى والمصابين وتفتقر بشدة إلى الإمدادات الضرورية، وهناك كارثة صحية عامة تلوح فى الأفق، وتنتشر الأمراض المعدية فى الملاجئ المكتظة بسبب فيضان مياه الصرف الصحى، ويواجه الناس أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائى المسجلة على الإطلاق. والمجاعة ليست بعيدة»
مسئول أممى: القطاع يواجه أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائى المسجلة عالمياًهذه الصورة التى رسمها مسئول أممى رفيع، يُفترض فيه الحياد، يرى خبراء أنها لم تأتِ اعتباطاً، وإنما هى جزء من مخططات الاحتلال الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين فى غزة، واحتلال ما تبقى من أراضيهم، وتصفية قضيتهم.
متخصصة فى الشئون الفلسطينية: إسرائيل تشن حرباً انتقامية ضد أهالى «غزة»عبير ياسين، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمتخصصة فى القضية الفلسطينية، اعتبرت أن التوصيف الأنسب لحرب إسرائيل الحالية على غزة هو أنها «حرب انتقام وتصفية» دون قيود، مشيرة إلى أن «بنك الأهداف» الإسرائيلى فى هذه الحرب هو كل قطاع غزة، بما فى ذلك البشر والمنازل والمساجد والكنائس والمستشفيات والأطقم الطبية والصحفية: «لا شىء مُستثنى من الاستهداف».
وأوضحت «عبير» أن فكرة الانتقام جاءت بسبب الهزيمة التى تعرضت لها إسرائيل فى 7 أكتوبر، وما تبع ذلك من تآكل قدرتها على الردع، وبالتوازى مع ذلك كان لسان حال الإسرائيليين يقول: «بما أننا فى حرب انتقام، فهناك فرصة لتصفية القضية الفلسطينية»، سواء لأسباب دينية يهودية تعتبر أن غزة جزءاً من أراضى إسرائيل.
وبالتالى يُفترض إعادة احتلالها وبناء مستوطنات بها، أو لأسباب أمنية، حسبما عبّر وزير المالية الإسرائيلى، سموتريتش، حين قال إن كل مكان لا نوجد به لا نستطيع ضمان الأمن فيه، وأخيراً لأسباب «ديموغرافية»، أو سكانية تعتبر أنه فى يوم من الأيام سيكون العرب أكثر من اليهود، وهو ما يهدد فكرة الدولة اليهودية، وبالتالى فإن الحل هو تقليل الوجود الفلسطينى.
على هذه الخلفية، كما تشير الخبيرة فى القضية الفلسطينية، جاء الخطاب المرتبط بالتهجير القسرى للفلسطينيين إلى دول الجوار، وبعدما رأينا الرفض المصرى والأردنى والفلسطينى لذلك، بدأ دفع الناس للهجرة تحت مزاعم أنه «تهجير إرادى»، وذلك بجعل القطاع غير قابل للحياة، وجعل أمنية الناس هناك هى مغادرته، على أمل أن يستقبل العالم مليونى فلسطينى كلاجئين ويتبقى 200 ألف فلسطينى فقط.
وللوصول لتحقيق هذا الهدف، وفقاً لـ«عبير»، تم هز الشعور بالأمان الغريزى لدى الإنسان، وحاجته لهذا الشعور، وهو ما يتم عبر أكثر من طريقة، بينها عدم وجود قيود على المناطق التى يمكن استهدافها، وبالتالى رأينا استهداف أماكن مدنية كشبكة المياه والكهرباء والصرف الصحى، والاتصالات وشبكات المواصلات، بالإضافة إلى تدمير المستشفيات والمدارس والجامعات والمراكز الطبية والمساجد والكنائس والمراكز الثقافية وآبار المياه، ومنع دخول الغذاء والمياه والوقود والمساعدة الإنسانية بزعم تفتيشها أمنياً، بالإضافة لمدارس «الأونروا» التابعة للأمم المتحدة، والتى يلجأ إليها أهالى غزة، وحتى الطرق الآمنة للنزوح من شمال القطاع لجنوبه التى كانت تُعلن عنها إسرائيل، كان يتم استهدافها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل غزة التهجير
إقرأ أيضاً:
لغز محير حتى في إسرائيل.. من يُموّل “مؤسسة غزة الإنسانية”؟
#سواليف
تتزايد في إسرائيل تساؤلات عن مصدر #تمويل ما تسمى “بمؤسسة غزة الإنسانية” المشبوهة والمدعومة أميركيا وإسرائيليا، والتي تأسست حديثا لإقصاء مؤسسات #الأمم_المتحدة من عمليات الإغاثة التي تستهدف #الفلسطينيين بقطاع #غزة المحاصر.
وفي حين يستبعد بعض قادة المعارضة الإسرائيلية أن تقوم إسرائيل أو الولايات المتحدة بتمويل المساعدات في غزة وكذلك تكاليف توزيعها، ترى صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الحكومة قد تقوم بتوزيع تلك المساعدات حاليا على نفقتها أو تسدد قيمتها لأجل لاحق ريثما يتم جمع تمويل لها.
ومنذ 20 شهرا ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وبدأت قبل 3 أشهر عملية تجويع ممنهج ومنعت جميع المؤسسات الدولية من إدخال إمدادات، وتحت ضغط دولي ومطالبات حثيثة ادعت تل أبيب توظيف ما تسمى “بمؤسسة غزة الإنسانية” لإدخال مساعدات.
مقالات ذات صلة عملية سطو تفرغ المستشفى الأمريكي في غزة من محتوياته.. حتى إطارات سيارات الإسعاف (صور) 2025/05/30وتقدر عمليات تلك المؤسسة بعشرات ملايين الدولارات، فيما تُظهر رزم المساعدات التي تم توزيعها على الفلسطينيين قبل أيام أن المنتجات قادمة من شركات إسرائيلية، وليست من المساعدات التي تأتي من دول العالم.
ووفق وكالة الأناضول ليس ثمة موقع لـ” #مؤسسة_غزة_الإنسانية ” المسجلة أساسا في سويسرا، على أي من المنصات في الشبكة الإلكترونية.
تبعية غامضة
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية -اليوم الجمعة- إن ” #شركات #التسويق #الإسرائيلية الكبرى تُكافح لحلّ لغز محير: من يُمول عملية المساعدات الإنسانية في غزة؟”.
وأضافت: “يُقال إن هذه المبادرة مدعومة من مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) وتُديرها شركة سيف ريتش سوليوشنز (SRS) الأميركية”.
ونقلت الصحيفة عن رئيس تنفيذي لشركة إسرائيلية كبرى (لم تسمّه) قوله: “نريد العمل مع SRS، لكننا لم نتمكن من الوصول إليهم”.
وأضاف: “تمكّنا من التواصل مع مؤسسة غزة الإنسانية، واجتمع معي ممثلوهم وأوضحوا لي أنهم يعتزمون تكليفنا بإدارة عملية توصيل الغذاء إلى غزة بالكامل، لكنهم ببساطة لا يملكون الأموال اللازمة”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن حجم العملية هائل بالفعل، إذ قدّرت مؤسسة غزة الإنسانية تكلفة الوجبة الواحدة بـ 1.30 دولار أميركي، وتخطط لإطعام 1.2 مليون فلسطيني في غزة، ومن المتوقع أن تدعم منظمات الإغاثة الدولية الباقي.
وقالت: “يبلغ إجمالي المبلغ الشهري نحو نصف مليار شيكل، أي ما يعادل نحو 143 مليون دولار أميركي. ومع ذلك، يبدو هذا التقدير أقل بكثير من الواقع”.
وأضافت: “وفقًا لمؤسسة غزة الإنسانية، لا يقتصر هذا المبلغ على تغطية الوجبات الجاهزة فحسب، بل يشمل أيضًا مستلزمات النظافة الشخصية وتوصيل الإمدادات الطبية”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مُشارك في توزيع الغذاء للفئات المُحتاجة بغزة قوله إنه قد يراوح سعر العلبة المُستخدمة لتعبئة الطعام بين 2 و5 شواكل (ما يصل إلى نحو 1.50 دولار أميركي)”.
وأضاف أنه كذلك يجب توظيف فرق تعبئة وتغليف، وتغطية تكاليف النقل، ودفع ثمن الوقود، وحتى تغطية ثمن الشريط اللاصق.
تكتم على التمويل
ورفضت وزارتا الدفاع والمالية الإسرائيليتان الإفصاح عما إذا كانت الحكومة تُموّل العملية، وكذلك التعليق على ما إذا كانت إسرائيل قد قدّمت ضمانات، تسمح بشراء السلع بالدين، على أمل أن تُغطّي جهات أخرى التكاليف لاحقًا، وبالمثل، رفضت الخارجية الأميركية الردّ على أسئلة حول الموضوع، حسب المصدر نفسه.
وقالت هآرتس إنه مع ذلك، فقد جادل قادة المعارضة الإسرائيلية، الثلاثاء، بأنّ إسرائيل تُقدّم التمويل، إذا حثّ زعيم المعارضة يائير لبيد الحكومة على الإعلان رسميًا عن تمويلها للمساعدات.
بدوره، قال وزير الدفاع الأسبق زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، بمنشور على منصة إكس “إن أموال المساعدات الإنسانية تأتي من الموساد ووزارة الدفاع، مئات الملايين من الدولارات على حساب المواطنين الإسرائيليين”.
وقال اليميني المعارض ليبرمان لصحيفة “هآرتس”، الأربعاء “ليس لدي أي دليل، ولكن بصفتي شخصًا مُلِمًّا بهذه الأنظمة جيدًا، يتضح لي أنها شركة تعمل دون أيّ خلفية أو خبرة”.
وأضاف: “يبدو الأمر جليا، حتى لو كانت جهات مسجلة في الولايات المتحدة، فإن الكيان الذي بادر بالعملية ودفع بها هو إسرائيل أو جهات تعمل نيابة عنها”.
وتابع ليبرمان: “يتم ذلك بطريقة سافرة وغير متقنة، ما حدث هنا هو أن المساعدات المقدمة لغزة، والتي كانت تُموّل دوليا سابقا، تُموّل الآن من إسرائيل”، وفق قوله.
واستدركت الصحيفة “إذا كانت إسرائيل تُموّل المشروع بالفعل، أو تُقدّم ضمانات، أو تُقدّم تمويلا مؤقتا ريثما يتم جمع التبرعات، فهذا يبرر رغبة الحكومة في إبقاء الأمر طي الكتمان”.
مخطط للتهجير
وبسياسة متعمدة تمهد لتهجير قسري، مارست إسرائيل تجويعا بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
واستبعدت تل أبيب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وكلفت “مؤسسة غزة الإنسانية” المرفوضة أمميا ومحليا، بتوزيع مساعدات شحيحة جدا جنوب قطاع غزة لذر الرماد في العيون، ولإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
لكن المخطط الإسرائيلي فشل تحت وطأة المجاعة، بعد أن اقتحمت حشود فلسطينية يائسة مركزا لتوزيع مساعدات جنوب القطاع، فأطلق عليها الجيش الإسرائيلي الرصاص وأصاب عددا منهم، وفق المكتب الإعلامي بغزة.
وما تسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” شركة أميركية يقع مقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا وتأسست في فبراير/شباط 2025 قائلة إنها تهدف إلى “تخفيف الجوع في قطاع غزة” عبر إيصال المساعدات للغزيين مع “ضمان عدم وقوعها بأيدي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)” وبدأت تنشط أواخر مايو/أيار من العام نفسه.
ووفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فإن أول من طرح فكرة تولي شركات مدنية مسؤولية توزيع المساعدات في غزة هو جهات إسرائيلية، بهدف تجاوز الأمم المتحدة والاعتماد على مؤسسات تفتقر للشفافية المالية.